ما هي الأدلة التاريخية التي تثبت حدوث صلب المسيح؟.. 45 دليلا وشهادة تاريخية عن صلب السيد المسيح؟

ما أكثر الأدلة التاريخية الصادقة القاطعة والموثوق بها، والتي تحدّثنا عن صلب المسيح وموته وقيامته، وعلى رأس هذه الأدلة شهادة رجال العهد الجديد، وشهادتهم لم تكن شهادة عابرة. إنما شهدوا لحقيقة صلب المسيح وموته وقيامته شهادة تفصيلية وجاءت شهادتهم طبيعية في سياق الكلام، فهي تمثّل خيوطًا من ذات النسيج، وليست رقعة ارتقت بالثوب. بل أنه لم ينل موضوع اهتمام هؤلاء مثلما نال هذا الموضوع، فمثلًا نلاحظ أن مرقس الإنجيلي ويوحنا الحبيب قد أغفلا قصة ميلاد السيد المسيح، وأغفل معلمنا متى ولوقا الإنجيلي قصة صعوده إلى السماء، وأغفل الأربعة مئات المعجزات التي صنعها رب المجد، وأيضًا أغفلوا عظاته على مدار ثلاث سنوات، ولكن واحدًا منهم لم يغفل قط قصة صلب المسيح وقيامته. إنما ذكروا كل شيء بالتفصيل، حتى استغرقت شهادتهم هذه أصحاحات كاملة، فآخِر ثلاثة أصحاحات من إنجيل متى البشير، وآخِر إصحاحين من إنجيل مرقس الإنجيلي، وآخِر ثلاثة أصحاحات من إنجيل معلمنا لوقا، ونحو نصف بشارة يوحنا، كل هذا يحدّثنا عن هذا الموضوع بالإضافة إلى ما جاء في الرسائل وسفر الرؤيا.

وبالرغم من أن الصليب كان حينذاك عار وفضيحة ولعنة، وبالرغم من محبة التلاميذ الشديدة لمعلمهم، فبالتأكيد لم يقصد أحد منهم الإساءة إليه أو التشهير به إلاَّ أنهم جميعًا أصرُّوا على ذكر أحداث الصلب بالتفصيل بالرغم من كراهية وحقد اليهود، وبالرغم من ازدراء الأمـم بالصليب.. فلماذا أصرَّ الرسل على هذا؟.. لأن الصليب هو إعلان محبة اللَّه للبشرية، ولذلك أصرَّ التلاميذ على أن يجعلوا الصليب هو محور كرازتهم، ولم تقوَ كل القيادات اليهودية، ولا الدولة الرومانية على تكذيب أقوال الرسل، ولا على تكميم أفواههم، وذلك بالرغم من أنهم نادوا بموت المسيح وقيامته في أورشليم مركز القيادات الدينية واليهودية، وهي المدينة التي شهدت تلك الأحداث العجيبة، وهذا يقضي بلا شك على أي شك في صدق شهادة التلاميذ، وقد تمسّك هؤلاء بشهادتهم حتى الدم، وضحّوا بحياتهم على مذبح الحب الإلهي دون أن يتخلوا عن الشهادة للمصلوب الذي حطّم جبروت الموت.

ولو اعتبرنا يا صديقي أن الإنجيليين الأربعة هم أول أربعة شهود للقيامة، فدعنا نستكمل شهادة التاريخ:

بطرس الرسول:

الذي خاف وأنكر المسيح أمام جارية، عندما سرت فيه قوة القيامة وقف أمام كل اليهود قائلًا: "أيها الرِّجَال الإسرائيليُّون اسمعوا هذه الأقوال: يسوع الناصري.. هذا أخَذتُموه مُسلَّمًا بمشورة اللَّه المحتومة وعِلْمِهِ السَّابق، وبأيدي أثمَةٍ صلَبتُمُوه وقتلتموه. الذي أقامَه اللَّه ناقضًا أوجاع الموت، إذ لم يكـن ممكنًا أن يُمسَك منه" (أع 2: 22 ـ 24) وعقب شفاء الأعرج قال لليهود: "يسوع الذي أسلمتُمُوه أنتم وأنكرتُمُوه أمام وجْهِ بيلاطس، وهو حَاكِمٌ بإطلاقِهِ. ولكن أنتم أنكرتُم القُدُّوس البارّ، وطلبتُم أن يوُهَب لكم رَجُل قاتلٌ. ورئيس الحَياة قَتَلتمُوه، الذي أقامه اللَّه من الأموات، ونحن شهودٌ لذلك" (أع 3: 13 ـ 15)، ووقف أمام رؤساء الكهنة وقد امتلأ من الروح القدس قائلًا: "فليَكُن معلومًا عند جميعكُم وجميع شعب إسرائيل، أنه بِاسم يسوع المسيح النَّاصري، الذي صَلَبتُموه أنتم، الذي أقامَهُ اللَّه من الأموات" (أع 4: 10).
1 of 2