ما هي الأدلة التاريخية التي تثبت حدوث صلب المسيح؟.. 45 دليلا وشهادة تاريخية عن صلب السيد المسيح؟

ولم يكفّ بطرس ومَن معه عن إعلان هذه الحقيقية حتى ضجر الرؤساء، فقال له رئيس الكهنة: "وها أنتم قد ملأتُم أورشليم بتعليمِكُم وتُريدُون أن تَجْلبوا علينا دم هذا الإنسان. فأجاب بطرس والرُّسـل وقالوا: ينبغي أن يُطاع اللَّه أكثر من الناس. إلـه آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتَلتُموه مُعلّقين إياه على خشبة" (أع 5: 28 ـ 30)، وشهد بطرس بهذه الحقيقة أمام الأمم، فقال في بيت كرنيليوس: "الذي أيضًا قتلـوه مُعلِّقين إياه على خشبةٍ. هذا أقامَهُ اللَّه في اليوم الثالث" (أع 10: 39، 40).

وفي رسالته الأولى تحدَّث مُعلمنا بطرس الرسول عن دم المسيح قائلًا: "عالِمِين أنكُم افتُديتُم لا بأشياء تفنى، بفضّةٍ أو ذَهبٍ.. بل بدَمٍ كَريم، كما من حَمَل بلا عَيبٍ ولا دَنَس، دَم المسيح" (1بط 1: 18، 19)، وذَكَر آلام وصلب المسيح قائلًا: "الذي إذ شُتِم لم يكن يَشتِمُ عوضًا، وإذ تألّم لم يَكُن يُهدّد بل كان يُسلّم لِمَن يقضي بعدل. الذي حَمَل هو نفسُهُ خطايانا في جَسَدِه على الخشبة، لكي نَموت عن الخطايا فنحيا للبرّ. الذي بجَلْدَتِهِ شُفيتم" (1بط 2: 23، 24).. "فإن المسيح أيضًا تألَّم مَرّة واحدة من أجل الخطايا، البارُّ من أجل الأثمة، لكي يُقرّبنا إلى اللَّه مُمَاتًا في الجسد ولكن مُحيي في الروح" (1بط 3: 18).

بولس الرسول:

الذي اضطهد الكنيسة بإفراط، وكان من ألد أعداء المسيحية عندما ظهر له السيد المسيح الذي صُلِب وقام شهد لهذه الحقيقة وجعلها محور حياته وكرازته، ففي مجمع أنطاكية بيسيدية قال: "لأن السَّاكنين في أورشليم ورؤساءهم لم يعرفوا هذا. وأقوال الأنبياء التي تُقرأ كل سَبت تمَّموها، إذ حكموا عليه. ومع أنهم لم يَجِدوا عِلَّةً واحدةً للموت طَلَبوا من بيلاطس أن يُقْتَل. ولمَّا تمَّموا كل ما كُتِب عنه، أنزلوه عن الخَشَبَةِ ووضَعُوه في قَبر. ولكن اللَّه أقامَهُ من الأموات" (أع 13: 27 ـ 30)، وقال للملك أغريباس: "أنا لا أقول شيئًا غير ما تكلَّم به الأنبياء وموسى أنه عتِيدٌ أن يكون: أن يُؤلَّم المسيح، يَكُن هو أوّل قيَامَةِ الأموات" (أع 26: 22، 23).

وقال لأهل رومية: "متبرِّرين مجَّانًا بنعمتِهِ بالفِدَاء الذي بيسوع المسيح، الذي قدَّمه اللَّه كفَّارة بالإيمان بدَمِهِ" (رو 3: 24، 25).

"ولكن اللَّه بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاةٌ. مات المسيح لأجلنا" (رو 5: 8).

"لأن الموت الذي ماتَه قد ماتَهُ للخطية مرَّةً واحدة" (رو 6: 10).

وقال لأهل كورنثوس: "فإن كَلمة الصَّليب عند الهَالكين جَهَالَةٌ، وأمَّا عندنا نحن المخلَّصين فهي قوَّة اللَّه.. نحن نُكْرز بالمسيح مصلوبًا: لليهود عثرةً، ولليونانيّين جهالة! وأمَّا للمدعُوّين: يهودًا ويونانيّين، فبالمسيح قوَّة اللَّه وحِكمَة اللَّه" (1كو 1: 18 ـ 24).

"لأنـي لـم أعْـزم أن أعْرف شيئًا بينَكُـم إلاَّ يسوع المسيح وإيَّاه مصلوبًا"(1كو 2: 2).

"لأن لو عرفوا لَمَا صَلَبوا رب المجد" (1كو 2: 8).

"لأن فِصْحنا أيضًا المسيح قد ذُبِح لأجلنا" (1كو 5: 7).

"أن المسيح مات من أجل خطايانا حَسَبَ الكُتُب، وأنه دُفِن، وأنه قام في اليوم الثالث حَسَب الكُتُب" (1كو 15: 3، 4).

"وهو مات لأجل الجَميع كي يَعيش الأحياء فيما بَعد لا لأنفُسِهم، بل للذي مات لأجلِهم وقام" (2كو 5: 15).

وقال لأهل غلاطية: "أيها الغلاطيُّون الأغبيَاء، من رقَاكُم حتى لا تُذعِنوا للحقّ؟ أنتم الذين أمام عُيونكم قد رُسِمَ يسوع المسيح بينكُم مصلوبًا" (غل 3: 1).

"وأمَّا من جِهتي، فحَاشا لي أن أفتَخِر إلاَّ بصليب ربنا يسوع المسيح، الذي به قَد صُلِب العالم لي وأنا للعالم" (غل 6: 14).

وقـال لأهل أفسس: "الذي فيـه لنا الفداء بدَمِـهِ، غُفران الخَطايا، حَسب غِنى نعمته" (أف 1: 7).

"ويُصالـح الاثنين فـي جَسـدٍ واحـدٍ مـع اللَّه بالصَّليب، قاتـلًا العدَاوة به" (أف 2: 16).

"كمـا أحبَّنـا المسيح أيضًا وأسلَم نفسَهُ لأجلنا، قُربانًا وذبيحَةً للَّه رائحة طيّبة" (أف 5: 2).

"أيها الرَّجَال، أحبُّوا نساءَكُم كما أحبَّ المَسِيح أيضًا الكنيسة وأسلَم نفسَهُ لأجلِها" (أف 5: 25).

وقال لأهل فيلبي: "وإذ وُجِد في الهيئَة كإنسان، وضَعَ نفسَهُ وأطاع حتى الموت موت الصّليب. لذلك رفَّعه اللَّه أيضًا، وأعطاهُ اسمًا فوق كل اسم" (في 2: 8، 9).

"لأعْرفَهُ، وقوَّة قيامته، وشركة آلامِهِ متشبهًا بموته" (في 3: 10).

وقال لأهل كولوسي: "لأنه فيه سُرَّ أن يَحِلّ كل المِلء، وأن يُصَالح بهِ الكُلّ لنفسِهِ، عامِلًا الصُّلح بدَم صلِيبه.. قد صالحكم الآن. في جسم بشريَّته بالمَوت" (كو 1: 19 ـ 22).

"إذ مَحَا الصَّكّ الذي عَلينا في الفرائض، الذي كان ضدًّا لنا، وقد رَفَعَهُ من الوَسَط مُسمّرًا إيَّاه بالصليب" (كو 2: 14).

وقال لأهل تسالونيكي عن اليهود: "الذين قتلوا الرب يسوع وأنبياءهم واضطهدونا نحن" (1تس 2: 15).

وقال لتلميذه تيموثاوس: "الذي بَذَل نفسَهُ فديَةً لأجل الجَميع" (1تي 2: 6).

"أوصِيكَ أمام اللَّه الذي يُحيي الكل، والمسيح يسوع الذي شَهد لدى بيلاطس البُنطِيّ بالاعتراف الحَسَن" (1تي 6: 13).

وقال لتلميذه تيطس: "منتظرين الرَّجاء المُبارَك وظهور مَجد اللَّه العظيم ومُخلِّصِنا يسوع المسيح، الذي بَذَل نفسَه لأجلنا، لكي يَفْدينا من كل إثمٍ، ويُطهِّر لنفسه شعبًا خاصًّا غَيورًا في أعمالٍ حسنةٍ" (تي 2: 13، 14).

وقال في الرسالة إلى العبرانيين: "أنه قد أُظهِر مرَّة عند انقضاء الدُّهور ليُبطِلَ الخطيَّة بذبيحَة نفسه" (عب 9: 26).

"ناظرين إلى رئيس الإيمان ومُكمِّلِهِ يسوع، الذي من أَجل السُّرور الموضوع أمَامه، احتَمَل الصَّليب مُستهينًا بالخِزْي، فجَلَس في يَمين عَرش اللَّه" (عب 12: 2).

"لذلك يَسـوع أيضًا، لكي يُقدِّس الشَّعب بـدَم نفسِـهِ تألَّـم خـارجَ البـاب" (عب 13: 12).

اسطفانوس رئيس الشمامسة:

قال لليهود أثناء محاكمته: "أي الأنبيَاء لم يضْطَهده آباؤكم؟ وقد قَتَلوا الذين سَبَقوا فأنبأوا بمَجيء البَارّ، الذي أنتم الآن صِرتُم مُسَلِّميه وقاتليه" (أع 7: 52).

بيلاطس البنطي:

وهـو الذي كـان واليًا على اليهودية خلال الفترة 26 ـ 36م، وهو الذي حكم على السيد المسيح بالصلب، وقد دُعيَ بالبنطي نسبة إلى بلاد بنطس مسقط رأسه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهو يعتبر الوالي الخامس على اليهودية، وقيل أنه نُفيَ إلى فيينا في بلاد الغال سنة 36م وانتحر هناك، وأن هناك نصبًا تذكاريًا ارتفاعه 52 قدمًا يدل على قبره (راجع "هذا إيماني" ص 80 ـ مطرانية البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية).

وقد أرسل بيلاطس البنطي خطابًا إلى طيباريوس قيصر، وقد اكتشفه أحد العلماء الألمان سنة 136م، ومـا زال محفوظًا للآن في مكتبة الفاتيكان، وجاء فيه "ألقى الأوباش الهائجون القبض على يسوع، ولمَّا انسوا عدم الخوف من الحكومة إذ ظنوا مع زعمائهم إني جزع فزع من ثورتهم تمادوا في الصياح اصلبه اصلبه.. ثم طلبت وغسلت يدي أمام الجمهور مشيرًا بذلك إلى استهجان عملهم، ولكن لم يأتِ ذلك بثمرة، فإن نفوس هؤلاء الأشقياء ظمآنة لقتله.. فقلت له (أي ليوسف الرامي) قد أجبت طلبك وفي الحال أمرتُ ماتليوس أن يأخذ بعض عساكر معه ليلاحظ ويباشر دفنه لئلا يتعرّض له أحد.. وبعد ذلك بأيام قليلة وُجِد القبر فارغًا وأذاع تلاميذ يسوع في أطراف البلاد وأكنافها أن يسوع قام من الموت كما كان قد تنبأ"(47).

وقد أشار لهذا الخطاب الشهيد الفيلسوف يوستين سنة 139م في دفاعه الذي كتبه للإمبراطور أنطونيوس بيوس فقال: ".. ثقبوا يديَّ ورجليَّ. وصف للمسامير التي تثبتت في يديه ورجليه على الصليب، وبعد صلبه اقترع صالبوه على ثيابه وقسموها بينهم. أما صدق هذا كله يمكن أن تجدها في (الأعمال) التي سجلها بيلاطس البنطي"(48).

كما قال يوستين أيضًا: "إن موت المسيح كان له تأثير عظيم في نفوس الذين صلبوه، حتى أن بيلاطس الوالي أشار إلى طيباريوس قيصر بحفظ قضية المسيح في سجلات روما"(49).

وفي سنة 196م أشار العلامة ترتليان في دفاعه عن الإنسان المسيحي أمام الحاكم الروماني في أفريقيا إلى خطاب بيلاطس هذا (برهان يتطلب قرارًا ص 160) وكذلك القديس يوحنا الذهبي الفم (الكتاب المقدَّس والآثار ص 8) كما جاء نص الخطاب في مجموعة آباء قبل نيقية مجلد 8 ص 462 ـ 463) وفي فبراير 1892م نشرت هذا الخطاب باللغة الإنجليزية مجلـةZion s Watch Tower.

أما في رسائل بيلاطس البنطي إلى سنيكا Seneca الفيلسوف الروماني فقد أفاض الوالي في الحديث عن يسوع ونهاية حياته بالصلب ففي الرسالة الحادية والعشرين التي حرَّرها بيلاطس يوم الجمعة أثناء المحاكمات، ولم يكن قد تحدَّد بعد موقف يسوع كتب يقول: "وفي الليلة الفائتة تم القبض على يسوع بمعرفة مندوبين عن السنهدريم تعززهم فرقة من جنودنا، واليوم انتشرت الأخبار بأنه قد تم الاتفاق بين الحاكم وبين مجلس السنهدريم ـ على حد قولهم ـ على أنه من الأفضل التخلُّص من يسوع، ولهذا الاتفاق وزنه وأثره حتى إذا كان اليهود الغيورون يكرهون السنهدريم.

ومرت حادثة القبض عليه بغير مضايقات، ويسوع نفسه لم يبد أقل مقاومة، أما أتباعه فقد هربوا. واعتقد أن معظمهم قد كرّوا عائدين إلى منازلهم.

بعد هذا مضوا بالسجين إلى بيت رئيس الكهنة حيث قام قيافا مع بعض كبار الكهنة بفحصه حتى الصباح.. لهذا تجدهم (الكهنة) يمضون في اتهامه بالعمل ضد الناموس بقصد ضمان تأييد الجماهير لهم في الوقوف ضده مستغلين مهاجمته لهم علنًا في الهيكل وعلى رؤوس الأشهاد، وأعتقد أنهم سيتهمونه بأنه قال أنه هو المسيا المنتظر مع أنهم لا يملكون الدليل على صدق ما يقولون ولكنهم لم يعجزوا عن الإتيان بالأدلة اللازمة..

أمرت بإرسال أنتيباس (هيرودس) باعتباره واحدًا من رعايا الجليل ليتصرّف معه كمخلّ بالأمن، بدأ نشاطه في ولايته، لكنه أعاده إليَّ بالتالي برد مهذّب يطلب مني أن أتصرّف في الأمر بمعرفتي لأن الرجل قد قُبِضَ عليه في أورشليم.

لا زال "كريتو" ينتظر أن أفرغ من كتابة هذه الرسالة لكي يحملها إليك.. "(50).

وفي الرسالة الثانية والعشرين كتب بيلاطس البنطي لسينيكا يقول: "أرى لزامًا عليَّ أن أكمل الرسالة التي بدأت في كتابتها إليك هذا الصباح. بعد أن مضى من عندي "كريتو" رسولك حاملًا ردي ومُحمَّلًا بتحياتي إليك تفاهمت مع ماركيوس على جميع الترتيبات العسكرية اللازمة الخاصة باحتفالات عيد الفصح والتي ستبدأ في الغد..

بعد أن تمّت محاكمة يسوع ومواجهته بالاتهام حَكَمت عليه بالموت صلبًا، وتم بالفعل تنفيذ الحكم فيه هو واثنين آخرين سَبَقت محاكمتهما والحُكم عليهما، وكانا في انتظار دورهما في التنفيذ، وأعتقد أن هذا درس لازم خصوصًا في الفصح ليكون عبرة لكل واحد من هذا الجمع المحتشد هنا.

وكالمعتاد تم دفن جسد يسوع في نفس اليوم وقبل حلول السبت الذي يبدأ بعد الغروب، وقد طلب السنهدريم الترخيص بدفنه بعد الظهر. وها هو الجو قد خلا لهم فليفعلوا ما يريدون، وكل شيء انتهى قبل أن يبدأوا احتفالهم بعيد الفصح، ومن جانبي اتخذت كل الإجراءات اللازمة لقمع أي حركة قد تحدث.

لم تستغرق المحاكمة وقتًا يُذكَر، وكان الاتهام الموجّه إلى يسوع هو إخلاله بالأمن وإعلانه نفسه ملكًا لليهود، وكان هناك شهود ضده بعضهم من رجالنا وآخرون من اليهود من كل من الجليل وأورشليم، كما شهد ضده كل من حنان وقيافا، وقادة الصدوقيين، وقلة من الفريسيين، لأن معظم هؤلاء لا تهمهم في شيء مقاومة القيصر مع أنهم يشاطرون الآخرين رغبتهم في موت يسوع.

فكل هذا لا شأن لنا به، ولكن إن حدث في الهيكل أي شغب فعندئذٍ يصبح الأمر من اختصاصنا وعلينا أن نتحرّك.

لم يستطع يسوع أن ينكر اتهامنا له بالإخلال بالأمن، ولما سألته ـعن طريق ألكساندرـ عما إذا كان فعلًا يدَّعي أنه المسيا المعيّن لخلاص الأمة أجاب "هم يقولون إني أنا" مشيرًا إلى رئيس الكهنة والذين معه، وعندما سألته عما إذا كان يعتبر نفسه ملك اليهود قالي لي: "أنت تقول".

وهذه اتهامات خطيرة وأخطر من الاتهام الذي اتخذه أنتيباس ذريعة لإعدام يوحنا المعمدان، لأنه كون المسيا يعني زوال سلطاننا نحن الرومان، وزوال سلطان الكهنة أيضًا، ولهذا فقد استندوا إلى ما كان ينادي به عن الملكوت الجديد وعن أشياء أخرى خاصة به لإثبات التهمة عليه، وقد تكفّل حنان وبعض من جلبهم لهذا الغرض بإبراز هذه الأقوال كما وعد من قبل.

وكانت إجابات يسوع المقتضبة تفيد أنه يعلم أننا راغبون في إلصاق التهمة به، وكان يتكلّم في جرأة بالغة ودون أدنى خوف أو اضطراب.. ورغم أنه كان يرى نفسه مُحاطًا بأعداء قد أعدّوا العدة لقتله، رغم هذا كان يقف صامدًا جامدًا كالصخر لا يلين..

في النهاية حكمت عليه بالموت، ولم يكن في استطاعتي أن أفعل غير هذا، فكل الطرق التي كانت أمامي كانت تؤدي إلى هذه النهاية برغم أن ألكساندر كان قد أخبرني أن يسوع منع الشعب من تنصيبه ملكًا عليهم مُستخدمًا في هذا كل قوته، كما أخبرني بأنهم اتهموه كذبًا لأنه لم يكن ينادي بأنه هو المسيا أو المُخلّص الذي ينتظرونه..

كما إن ألكساندر عرف من بعض أتباع يسوع أنه أوصاهم ألا يتحدثوا عنه باعتباره المخلص المنتظر الذي يتوقعه شعب اليهود..

ثم هنا شيء آخَر فاتني أن أذكره عن موضوع صَلب يسوع، لقد عُلِّقت على صليبه لافتة تحمل لقب: "ملك اليهود" وقد أثار هذا مشاعر الفريسيين الذين تمتلئ صدورهم برغبة جياشة في أن يوجد فعلًا ملك لليهود، إنه لمن دواعي سرورهم أن يروا حكم الرومان وقد إنزاح عن كواهلهم ليحل محله ملك اليهود، ملك من طراز آخر غير طراز هيرودس نصف اليهودي، ملك من دم يهودي خالص يحكم الولاية عن طريقهم ويسحق الصدوقيين.

لقد قابل هؤلاء الفريسيون اللافتة التي وضعتها على الصليب بغضب بالغ واستياء شديد، لأنها كانت تتضمن الإعلان بأننا أصحاب السلطان عليهم، كما أنهم اعتبروه تحقيرًا لهم وتصغيرًا من شأنهم أن يحمل مثل هذا المُجرم لقب "ملك اليهود" وعندما أعربوا عن اعتراضهم قابلت اعتراضهم بحزم وقلت لهم أن ما كتبتُ قد كتبتُ وأمرتهم بالانصراف.

وأنا متأكد أنهم بدأوا يعدون العدة للقضاء على يسوع منذ بدأ هو في مهاجمتهم وانتقاد تصرفاتهم. تبًا لهم هؤلاء الكهنة المستبدين، أنهم لا يطيقون أن يخدشهم أحد، وإن قام من يطالبهم بالحرص على المقدسات تحسسوا سكاكينهم، ولن يتورعوا عن قطع رقبته إذا ما تمادى في غيه وراح ينبئ الناس بسوء تصرفاتهم.

لقد مضى بي الاستطراد بعيدًا أيها العزيز سينيكا، ولهذا تجدني آسفًا وأكرر الاعتذار لك خشية أن أكون قد جلبت لك الملل بكل هذه التفاصيل التي ذكرتها لك عن يسـوع هـذا الشخص وهو ليس إلاَّ واحدًا من هؤلاء اليهود، لا أكثر ولا أقل"(51).

يوسيفوس المؤرخ اليهودي:

الذي وُلِد سنة 37م، وفي سن التاسعة عشر من عمره صار فريسيًّا، وفي سن التاسعة والعشرين أي سنة 66م تولى قيادة القوات اليهودية في الجليل، وقُبض عليه، فالتحق بالقيادة الرومانية حتى أنه صار قريبًا من الإمبراطور الروماني، وكرّس النصف الثاني من حياته لكتابة تاريخ الأمة اليهودية حتى فترة حكم نيرون في عشرين مجلدًا، فقال يوسيفوس: "عند إتهام مواطنينا (اليهود) الشرفاء (للسيد المسيح) حكم بيلاطس البنطي عليه بالموت صلبًا، وقد ظلت محبة الذين كرّسوا أنفسهم له دون نقصان".

وقال أيضًا في كتابه: "العاديات" أي الآثار: "كان نحو ذلك الوقت (أي في زمن هيرودس أنتيباس) رجل حكيم يدعى يسوع ـ إن جاز تسميته إنسانًا ـ لأنه قام بأعمال مدهشة جذب إليه عددًا كبيرًا من اليهود والأمم. وحكم عليه بيلاطس البنطي بالصلب بنـاء على إلحاح رؤساء شعبنا. أما الذين أحبوا المسيح فلم يتركوه، وها هم باقـون إلى الآن يُدعَون مسيحيين نسبة إليه" (كتاب 18: 3) (راجع جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ـ ص 108، 233، وروث كلفورد ـ محاكمة الإيمان المسيحي ـ ترجمة رأفت زكي ص 103، والقس حنا جرجس الخضري ـ تاريخ الفكر جـ 1 ص 149).

وقد استشهد بهذا النص كل من أوريجانوس ويوسابيوس في القرن الثالث والرابـع الميلادي، وأيضًا الأستاذ عباس محمود العقاد أشار لهذا النص في كتابه: "عبقرية المسيح".

وقال البعض أن هذا النص مدسوس على كلام يوسيفوس بأيدي مسيحية، لأن يوسيفوس لم يذكر شيئًا آخَر عن السيد المسيح رغم غزارة كتاباته ورغم عِظم شأن شخصية المسيح، ولكن الحقيقة أن يوسيفوس كان مؤرخًا مشهورًا، وأيضًا سياسيًا محنكًا، حتى أنه صار مستشارًا للإمبراطور الروماني بشأن الأمور السياسية الخاصة باليهود، ولذلك صَمَت عن عمد، فلم يود أن يذكر قصة السيد المسيح، حتى لا يثير غضب الكهنة ورؤسائهم، وأيضًا لا يغضب الرومان الذين عانوا من الحركات المسيانية في فلسطين من سنة 5 ق. م إلى سنة 70 ب. م. وقد ردَّ على هذا الادعاء القس "هورون" في كتابه: "مقدمة الدراسة النقدية والتعريف بالكتب المقدَّسة" سنة 1836م، وقال أن هذه الفقرة مدوَّنة في جميع النسخ المخطوطة والمطبوعة المحفوظة في مكتبة الفاتيكان من الترجمة العبرية، وموجودة أيضًا في النسخة العربية المحفوظة لدى الطائفة المارونية بلبنان، وأن كتَّاب القرن الرابع والخامس من السريان والإغريق والمصريين قد اطلعوا على هـذه الفقـرة واستشهدوا بهـا (راجـع د. فريز صموئيل ـ موت أم إغماء ص 112، 113) وعلاوة على هذا فإن يوسيفوس ذكر قصة استشهاد يعقوب أخو الرب فقال: "تسلّم حنان الصغير رئاسة الكهنة، وكان شجاعًا جدًا، واتبع طائفة الصدوقيين الذين كانوا سيفًا مسلّطًا على اليهود، كما سبق أن أشرنا، وقد انتهز حنان فرصة موت فستوس، وفرصة أن الحاكم الجديد ألينوس لم يكن قد وصل بعد، وجمع مجلس قضاة، جاء أمامه بيعقوب أخي يسوع الذي يُدعى المسيح، ومعه آخرين، ووجّه لهم تهمة كسر الناموس وسلمهم للرجم"(52).

تاسيتوس المؤرخ الروماني (56 120م):

وُلِد تاسيتوس ما بين 52 ـ 55م، وصار حاكمًا لأسيا سنة 112 م. ووصل إلى رتبة قاضي القضاة، وكتب تاريخ الإمبراطورية الرومانية فكتب "الحوليات" منذ موت أغسطس قيصر سنة 14م إلى موت نيرون سنة 68 م.، وكتاب "التواريخ" من موت نيرون إلى موت دوميديان سنة 69 م. في ستة عشر مجلدًا، وقال أن نيرون لكيما يُبعد عنه شبهة حريق روما سنة 64م اتهم المسيحيين وأذاقهم عذابات وحشية "إن كل العون الذي يمكن أن يجيء لإنسان، ولا كل الهبات التي يمنحها أمير، ولا كل الكفارات التي تمنحها الآلهة، يمكن أن تعفي نيرون من جريمة إحراق روما، ولكن لكي يقضي على كل هذه الإشاعة اتهم الذين يُدعَـون مسيحيين ظلمًا، بأنهم أحرقوا روما، وأوقع عليهم أشد العقوبات، وكان الأغلبية يكرهون المسيحيين. أما المسيح -مصدر هذا الاسم- فكان قد قُتِل في عهد الوالي بيلاطس البنطي حاكم اليهودية أثناء سلطنة طيباريوس قيصر، وقد أمكن السيطرة على خرافته، لكنها عادت وانتشرت، لا في اليهودية فقط، حيث نشاهد الشر، ولكن في كل روما أيضًا" (tacettus Annals X V: 44)(53).

وقال البعض أن تاسيتوس قد استقى هذه المعلومات من الإشاعات المنتشرة حينئذٍ، والحقيقة لو أخذنا بهذا المبدأ فإننا سنطعن في التاريخ كله، ونشك في كل حادثة سجّلها المؤرخون ونقول أنها قد تكون إشاعة، وقال البعض ربما تكون هذه العبارات قد أُضيفت بأيدي أحد المسيحيين، وهذا إتهام مردود عليه أيضًا، لأنها لو أُضيفت بيد أحد المسيحيين ما كان يدعو المسيحية بالخرافة، ويقول د. فريز صموئيل "إن هذه الشهادة تحوي في طياتها ما يؤكد صدقها، فهي تحتوي على إتهام نيرون للمسيحيين بحرق روما، وهذا ما تؤكده كل كتب التاريخ"(54).

لارنر المؤرخ الروماني:

يقول: "إن المسيح مُنشئ المسيحيين حُكِم عليه بالموت في مُلك طيباريوس والوالي بيلاطس البنطي، فهذه الخرافة المُهلكة بعد أن انطفأت مدة عادت فهاجمت اليهودية"(55).

التلمود:

جاء في طبعة التلمود المطبوعة في أمستردام سنة 1640م وفي الصفحة رقم 43 "وفي ليلة الفصح علَّقوا يسوع الناصري، وسار المنادي لمدة أربعين يومًا، يعلن كل يوم أنه سيُرجَم لأنه مارَس السحر وضلل إسرائيل، ودعا كل من يعرف دفاعًا عن أن يهب للدفاع، ولكنهم لم يجدوا مَن يدافع عنه، فعلَّقوه ليموت ليلة عيد الفصح"(56).

الحاخام يوحنا بن زكاي:

وهو تلميذ المعلّم اليهودي "هلل" (القرن الأول الميلادي) قال في كتابه: (سيرة المسيح): "إن الملك وحاخامات اليهود حكموا على يسوع بالموت، لأنه جدّف بقوله عن نفسه أنه ابن اللَّه"، ثم قال: "ولمّا كان المسيح في طريقه إلى الموت، كان اليهود يصرخون أمامه قائلين: فلتهلك كل أعدائك يارب"(57).

ديونيسيوس الأريوباغي:

وكان عالمًا في الفلك يعيش في أثينا، وعاين ظاهرة ظلمة الشمس يوم الجمعة العظيمة من الساعة الثانية عشر ظهرًا وحتى الساعة الثالثة بعد الظهر، فقال: "إما أن يكون خالق الطبيعة متألمًا، أو إن العالم أخذ في التمزّق"، وعندما كرز بولس الرسول في أثينا حدث أن "أُناسًا التصَقُوا به وآمنوا. منهم ديُونيسِيوس الأريُوباغيُّ" (أع 17: 34).

اكليمنضس الروماني (30 100م):

يقول في رسالته: "لنركّز أنظارنا على دم المسيح متحققين كم هو ثمين لدى أبيه، إذ سفكه لأجل خلاصنا، وقدّم نعمة التوبة للعالم كله"، كما قال: "لنكرم الرب يسوع الذي قدّم دمه لأجلنا"، وأيضًا قال: "وقد صار الرب يسوع باكورة القائمين من الموت" (راجع القس عبد المسيح بسيط ـ هل صُلِب المسيح حقًا وقام؟ ص 83).

وقال القديس اكليمنضس أيضًا: "لنتأمل دم المسيح، ولنعرف قيمته التي تفوق كل قيمة، فإنه ليس مثل دم الشهداء الذين يموتون من أجل الدفاع عن الحق (وإن كان دم هؤلاء غاليًا وثمينًا في أعيننا) بل أنه دم المحبة الإلهية المعروفة قبل إنشاء العالم للتكفير عن خطايانا"(58).

أغناطيوس الأنطاكي (50 ـ 115م):

وهو تلميذ بطرس الرسول عندما قبض عليه الإمبراطور تراجان وطلب منه أن ينكر المسيح، فرفض متمسكًا بإيمانه بالمسيح فقال له تراجان: "هل تُعني ذلك الذي صُلِب بأمر بيلاطس؟" فهذه شهادة غير مقصودة من الإمبراطور تراجان عما كان متعارف عليه حينذاك على مستوى العالم كله.

وفي رسائله التي أرسلها وهو في طريقه إلى روما قال: "لو لم يمت المسيح فعـلًا، لما كنت أحتمل القيود، وأُسلم نفسي للموت لأجل اسمه" (راجع د. فريز صموئيل ـ موت أم إغماء ص 107، 121).

وأيضًا جاء في رسائله وهو في طريقه إلى روما للاستشهاد: "صُلِب المسيح في حكم بيلاطس البنطي، ومات فعلًا تحت بصر السماء والأرض وما تحت الأرض، وقـام في اليوم الثالث. حُكِم عليه في الساعة الثالثة (أي 9 صباحًا) من يوم الاستعداد، ونُفّذ الحكم في الساعة السادسة (12 ظ) وفي الساعة التاسعة (3 ب. ظ) أسلم الروح، ودُفِن قبل غروب الشمس، وبقيَ يوم السبت في قبر يوسف الرامي.. ومع أنه الديان أدانه اليهود زورًا وحكم عليه بيلاطس ظلمًا، وجُلِد وضُرِب على خده، وتُفِل عليه، ولبس تاجًا من شوك وثوبًا أرجوانيًا، وصُلِب فعلًا، لا بالخيال ولا بالمظهر ولا بالخداع. لقد مات حقًا ودُفِن، وقام من بين الأموات"(59). وقال في رسالته إلى أفسس: "إن روحي هي ضحية الصليب، والصليب هو عثرة لغير المؤمنين، أمّا لنا نحـن فهو خلاص وحياة أبدية" (18: 1)(60).

وفي رسالته إلى سميرنا قال: "أنا أؤمن أنه بعد القيامة كان ما يزال له جسد، وأؤمن أنه هكذا الآن"(61).

وقال القديس أغناطيوس أيضًا: "نحن نؤمن أن المسيح مـات عوضًا عنا من جهة الناسوت، لكنه لم يمت من جهة اللاهوت، لأن اللاهوت غير قابل للموت"(62).. "يوم الرب هو الذي نهضت فيه حياتنا بواسطة قيامة المسيح من بين الأموات"(63).. "إن المسيح تألم لأجل خطايانا، وقام في اليوم الثالث لأجل تبريرنا"(64).

بوليكاربوس (65 155م):

وهو تلميذ يوحنا الحبيب، قال في رسالته إلى فيلبي: "يسوع المسيح سيدنا الذي تحمّل الموت من أجلنا وأقامه اللَّه، حالًا رباطات الجحيم" (1: 2).. "آمنوا بمن أقام سيدنا يسوع المسيح من بين الأموات وأعطاه مجدًا" (21: 1).. "فلنلتصق دائمًا برجائنا وعريس عدالتنا يسوع المسيح الذي حَمَل خطايانا في جسده على الخشبة" (7: 1) (راجع القس عبد المسيح بسيط ـ هل صُلِب المسيح حقًا وقام؟ ص 84) كما قال في نفس الرسالة: "احتمل حتـى الموت لأجل خطايانا، ولكن اللَّه أقامه ناقِضًا أوجاع الموت"(65). وقال أيضًا إن الذي "أقامه من الأموات سيُقيمنا نحن أيضًا إن كنا نفعل مشيئته ونسلك في وصاياه"(66).

وقال القديس بوليكاربوس: "مَن ينكر قيامة المسيح، فهو من أتباع الشيطان".

رسالة برنابا (100م):

جاء فيها "يا إخوتي إذا كان السيد المسيح قد احتمل أن يتألّم من أجل نفوسنا وهو رب المسكونة.. فكيف قَبِل أن يتألم على أيدي الناس" (5: 5).. " أنه هو الذي أراد أن يتألّم هكذا، وكان عليه أن يتألّم على الصليب" (5: 12).. "قد تألم ليحيينا بجراحه، فلتؤمن أن ابن اللَّه لم يتألم إلاَّ لأجلنا، وقد سُقيَ الخل والمرارة عندما صُلِب" (7: 2، 3) (راجع القس عبد المسيح بسيط ـ هل صُلِب المسيح حقًا وقام؟ ص84).

بليني الأصغر Pliny the Younger:

وهو الحاكم الروماني الذي أُرسِل إلى مقاطعة بثينيا ليعيد ضبط الأمور سنة 110م، وأُرسِل خطابًا إلى الإمبراطور تراجان يقول عن المسيحية: "إن هذا المذهب انتشر في كل مدينة وفي كل قرية، فقد هُجّرت هياكل آلهتنا مع مذابحها، ولهذا فقد ألقيتُ الشماسات في السجون لتعذيبهنَّ، وكان رد الفعل هو صلواتهن الحارّة.. وعادة يجتمع المسيحيون قبيل الفجر في يوم مُحدَّد لإكرام المسيح إلههم بالترانيم" (انظر كتاب الآب بولس إلياس اليسوعي ـ يسوع المسيح شخصيته، تعاليمه، ص 12، 13)(67).

يوستين الشهيد (100 165م):

في دفاعه دافع عن القيامة لأن المعاصرين له كانوا يرفضون فكرة القيامة بشدة باعتبار أن الجسد شر والقيامة مستحيلة، وقال أن اليونانيين يتهمون المسيحيين بالجنون "وهم يقولون أن جنون المسيحيين مصدره هو أنهم يضعون إنسانًا مصلوبًا في المقام التالي بعد اللَّه الأبدي وغير المتغير وخالق الكون" (الدفاع الأول فصل 13: 4)(68).

وفي حواره مـع تريفو يقـول "لأنه حقًا بقي المسيح على الشجرة (الصليب) حتى المساء تقريبًا ودفنوه في المساء وفي اليوم الثالث قام ثانية" (69) وفي كتابه عن القيامة قال: "لماذا قام (المسيح) في الجسد الذي تألم به إلاَّ لكي يبيّن قيامة الجسد؟ وتأكيدًا لهذا، فعندما لم يعرف تلاميذه إن كان قد قام بالجسد حقًا.. وكانوا ينظرون إليه بشك قال لهم: أليس لكم إيمان حتى الآن؟ انظروا إني أنا، وسمح لهم أن يجسُّوه ويروا آثار المسامير في يديه، وعندما اقتنعوا تمامًا أنه هو نفسه وفي الجسد، سألوه أن يأكل معهم كي ما يكونوا أكثر يقينًا، أنه قام في جسده الحقيقي، فأكل شهد عسل وسمك"(70).

كما قال أيضًا: "في يوم الأحد يجتمع الذين يعيشون في المُدن والمقاطعات سويًا في مكان واحد، لقراءة مذكرات الرسل وكتابات الأنبياء، لأنه اليوم الأول من الأسبوع الذي قام فيه مُخلصنا من الأموات"(71).

بابياس:

قال "إننا نحفظ الأحد بدلًا من السبت، لأنه يوم القيامة"(72).. "إن اللوغوس الذي خلقنا لم يتركنا وشأننا عندما أخطأنا، بل أتى إلى عالمنا وخلّصنا من خطايانا"(73).

لوسيان اليوناني:

وُلِد لوسيان سنة 100م وكان من مذهب الأبيقوريين، ومن أكثر فلاسفة اليونان البارزين الذين يؤمنون بحرية الرأي، وأسفاره العديدة منحته إطلاعًا واسعًا على الأخبار العالمية، وسخَر من إيمان المسيحيين بخلود النفس، وتقديم أنفسهم للاستشهاد، وقد سجّل لوسيان كتاباته على شكل محاورات باللغة اليونانية الفصحى، وقال في كتابه (موت بيريجرنيوس) "إن المسيحيين لا يزالون يعبدون ذلك الرجل العظيم الذي صُلِب في فلسطين، لأنه أدخل إلى العالم هذه الديانة الجديدة.. وأن هؤلاء المفتونين (يقصد المسيحيين) قد أقنعوا أنفسهم بأنهم لن يموتوا بل يخلدوا إلى الأبد، ولهذا السبب تراهم يستخفون بالموت، وكثيرون منهم يسلمون أنفسهم طواعية واختيارًا، وكذلك فإن مُشرِّعهم الأول قد علَّمهم بأنهم جميعًا إخوة الواحد للآخَر، طالما ينبذون آلهة اليونان ويعبدون ذلك الصوفي المصلوب ويعيشون حسب الشريعة"(74).

كَلسوس:

وُلِد سنة 140م وكان فيلسوفًا أبيقوريًا هاجم العقائد المسيحية، فذكر تجسّد المسيح من عذراء، وذهاب المجوس إليه، ومجيئه إلى مصر، وقتل هيرودس لأطفال بيت لحم، واعتماد المسيح بيد يوحنا، وحلول الروح القدس عليه في شبه حمامة، وشهادة السماء له بأنه ابن اللَّه، وذكر أيضًا صَلب المسيح وموته ودفنه وقيامته وصعوده إلى السموات، وإن التلاميذ حسبوه شخصًا إلهيًا (راجع القس يؤانس كمال ـ هل حقًا صُلِب المسيح؟ ص 28).

وقال كَلسوس في كتابه "البحث عن الحقيقة" مستهزءًا بالمسيح "إذا أحد أتباع المسيح أنكره، وآخَر خانه، وفي النهاية حُكِم عليه بالموت صلبًا "كما قال أيضًا" فليرجع المسيحيون إلى طرقهم القديمة، فيكفُّوا عن إتباع هذه السخافة، التي اُخترعت حديثًا، وهي عبادة اليهودي الذي صُلِب حديثًا في ظروف مشينة. ليرجعوا إلى العبادة القديمة، عبادة الآلهة الكثيرة، إلى عادات آبائهم، فالمسيحية بدعـة خطـرة حديثـة، وإن لـم توقف صارت نكبة على الإمبراطورية الرومانية"(75).

واستهزأ كَلسوس بقول السيد المسيح: "يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس"، فيقـول ساخرًا: "أولئك الذين صلبوا إلهكم"، كما هزأ بقول بولس الرسول: "صُلِب العالم لي وأنا للعالم" (راجع نيافة الأنبا يؤانس المتنيح ـ المسيحية والألم ص 27).

وقد ردّ العلاّمة أوريجانوس على كَلسوس في مؤلف ضخم، حيث فنَّد كل افتراءاته وادعاءاته.

إيريناؤس (120 220م):

أسقف ليون وقد كتب فصولًا طويلة في شرح آلام المسيح وصلبه وموته ودفنه وقيامته، وقال: "كما قام المسيح بجوهر الجسد، وكشف لتلاميذه آثار المسامير والفتحة في جنبه.. فقد قام بقوّته هو" (Against Her B 5. 7)(77) وقال أيضًا: "غاية الكفارة هي إيفاء مطالب العدل الإلهي نيابة عنا، والمسيح بموته على الصليب، وفىَ هذه المطالب، ومن ثمَّ كفَّر عن خطايانا إلى الأبد"(78) كما قـال عـن الاحتفال بقيامة المسيح: "إن سر قيامـة المسيح لا يمكن أن نحتفل به في أي يوم غير يوم الرب، الذي هو يوم الأحد"(79).

العلامة ترتليان (سنة 160 م.):

ذَكَر أن يوم الأحد كان يُحفظ بسرور تذكارًا لقيامـة مخلصنا، وأن يـوم الجمعة كـان يوم صوم وصلاة حتى الساعة التاسعة (3 ب. ظ) تذكارًا لآلام وموت المسيح (راجع د. طلعت عبده حنين ـ صليب الجلجثة ص 12) كما يحدّثنا ترتليان عن التقليد المتوازن في استخدام علامة الصليب فيقول: "في كل خطوة نقدم عليها أو أي حركة نقوم بها في دخولنا وخروجنا عندما نلبس ملابسنا، عندما نستحم، عندما نجلس لنأكل، عندما نوقد المصابيح، وعندما نخلد إلى الفراش، وفي كل أعمالنا اليومية علينا أن نرشم الصليب على أنفسنا، وبخصوص هذه القوانين إن كنتم تصممون على استشهادات من الأسفار المقدَّسة تُثبتها فلن تجدوا شيئًا. فالتقليد يقوم لكم بمثابة المصدر الوحيد الذي انحدرت منـه هذه الوصايا إليكم، كما تقوم العادة السارية كموثّق لهذه الشهادة، والإيمان كالشاهد"(80).

يوليوس أفريكانوس (160 240م):

يقول "وحينئذٍ نرفع أيدينا ونرشم جبهتنا بعلامة الصليب"(81).

الأنبا أنطونيوس:

جاء إليه بعض الحكماء اليونانيون وطلبوا منه أن يشرح لهم سبب الإيمان بالمسيح، وحاولوا أن يحاجوه بصدد الكرازة بالصليب قاصدين الاستهزاء، فوقف أنطونيوس وأشفق على جهلهم ثم خاطبهم بواسطة مترجم قائلًا: "إن ما اخترناه هو الاعتراف بالصليب علامة الشجاعة واحتقار الموت، أما أنتم فقد أخترتم شهوات الخلاعة. أيهما أفضل حمل الصليب وقت الجهاد.. دون مخافة المـوت مهما أتى في أي وضع من أوضاعه، أم الالتجاء إلى آلهة الأحجار، ما الذي وُجِد في الصليب حتى يستحق الهُزء؟ بل الصليب هو علامة الغلبة والنصرة على الأعداء، في كل وقت إذا حملناه بالإيمان" (من سيرة الأنبا أنطونيوس بقلم أثناسيوس الرسولي)(82).

وقد قدَّم الأنبا أنطونيوس بعض المرضى المعذبين من الأرواح النجسة إلى بعض الفلاسفة والهراطقة قائلًا لهم: "هل تستطيعون تطهيرهم بالحجج أو بأي سحر تختارون داعين أصنامكم؟ وإلاَّ فكفوا عن منازعتنا إن عجزتم، عندئذٍ ترون صليب المسيح" قال هـذا ودعا المسيح ورشم المرضى ثلاث مرات بعلامة الصليب، وفي الحال قام الرجال أصحاء وعقولهم سليمة وقدّموا الشكر للرب في نفس اللحظة (حياة الصلاة الأرثوذكسية طبعة ثانية سنة 1969 ص 675).

كما قال الأنبا أنطونيوس: "إن الشياطين توجّه هجماتها المنظورة إلى الجبناء، فأرسموا أنفسكم بعلامة الصليب بشجاعة، ودعوا هؤلاء يسخرون من ذواتهم. أما أنتم فتحصّنوا بعلامة الصليب، وحيث وُجِدت إشارة الصليب ضعف السحر وتلاشت قوة العِرافة".

أثناسيوس الرسولي (296 373م):

تحدّث باستفاضة عن موت المسيح المحيي على خشبة الصليب وقيامته من خلال رسائله، ومن خلال كتابه "تجسُّد الكلمة" وبقية كتبه الثمينة، فيرد على اليهود الذين يسخرون من الصليب موضحًا قوة الصليب التي حطّمت عبادة الأصنام فيقول: "يسخر اليهود بلسان مشحون شرًا وغشًا ويضحكون علينا جهرًا لأننا نؤمن ونعترف دائمًا ونعلن إيماننا بالصليب، إننا نحس بالأسف الكثير لحماقتهم لأن هؤلاء الذين يسخرون من الصليب هم حقًا عميان، لأنهم لا يرون قوة الصليب العظيم التي ملأت العالم كله.. بالأحرى يؤمنون به أنه بواسطته كان خلاص العالم، أنه لم يكن من أجل هلاك بل من أجل خلاص، وقوة الصليب واضحة إذ بدخوله إلى العالم تلاشت الوثنية وعبادة الأصنام وهربت كل شعوذة أمام علامة الصليب، ولم يبق سوى المسيح الذي نحن نمجده"(83).

وقال عن قوة الصليب: "أعطانا السيد المسيح إلهنا الصليب سلاحًا نافذًا ينفذ في النار والهواء والماء والأرض، ولا يحجبه شيء أو يعترض قوته عارض. فهو قوة اللَّه التي لا تقاوَم، تهرب من صورته الشياطين حينما يُرسَم به عليها. الصليب هو قوة المسيح للخلاص والملائكة يخضعون لقوته ويتبعونه حيثما شاهدوا رسمه ليعينوا الملتجئ إليه. ولا تحصل تخلية لمن حَمل الصليب إلاَّ للذي ضعفت أمانته فيه"(84).. "مَن يريد أن يختبر هذا عمليًا فليأت وينظر كيف تُبطَل خداع الشياطين والعرافة الكاذبة، وعجائب السحر، بمجرّد رشم الصليب، والشياطين تلوذ بالفرار"(85).

والآن هيا بنا يا صديقي لنتذوّق حلاوة كلام القديس أثناسيوس عن الصليب والقيامة من خلال مقتطفات بسيطة من كتابه تجسُّد الكلمة، فقد أوضح أن الموت غُلِب بصليب المسيح، حتى إن البشر الضعفاء بطبيعتهم أصبحوا لا يخشون هذا الموت بل يتهافتون عليه من أجل محبتهم في الملك المسيح، فقال: "فقديمًا قبل المجيء الإلهي للمُخلّص، كان الموت مرعبًا حتى بالنسبة للقديسين، وكان الجميع ينوحون على الأموات كأنهم هلكوا. أما الآن، بعد أن أقام المُخلِّص جسده، لم يعد الموت مخيفًا لأن جميع الذين يؤمنون بالمسيح يدوسونه كأنه لا شيء، بل بالحـري يُفضّلون أن يموتـوا على أن ينكروا إيمانهم بالمسيح" (تجسُّد الكلمة 27: 2)(86).

"فإن كان الموت يُداس بالإيمان بالمسيح وبعلامة الصليب، فلا بد أن يكون واضحًا أمام محكمة الحق، أنه ليس أحد آخَر سوى المسيح نفسه له الغلبة والنصرة على الموت وهو الذي أفقده كل قوته.

وإن كان الموت مرعبًا وقويًا فيما سبق، والآن بعد مجيء المُخلّص وموت جسده وقيامته فإن الموت يُحتَقر، فلا بد أن يكون واضحًا أن السيد المسيح نفسه الذي صعد على الصليب هو الذي أباد الموت وغلبه.

لأنه كما أن الشمس تشرق بعد الليل، وتستنير بها الأرض كلها فلا يكون هناك شك بالمرة في أن الشمس هي التي نشرت نورها في كل مكان، وهي التي بدَّدت الظلام وأنارت كل الأشياء، هكذا أيضًا إن كان الموت قد أُحتقر ووُطئ تحت الأقدام منذ الظهور الخلاصي للمُخلّص في الجسد وموته على الصليب، فيبقى أن يكون واضحًا تمامًا أن المُخلّص نفسه الذي ظهر في الجسد هو الذي أباد الموت، وهو الذي يُظهر علامات النصرة على الموت في تلاميذه كل يوم.

لأنه عندما يرى الإنسان أن البشر الضعفاء بطبيعتهم يسرعون إلى الموت ويتهافتون عليه ولا يخشون فساده ولا ينزعجون من مواراتهم في القبر، بل يتحدون الموت بحماس، ولا يجزعون من التعذيب، بل بالعكس فإنهم من أجل المسيح يندفعون نحو الموت بحماس مفضلينه على الحياة هنا، أو عندما يشاهد الإنسان بنفسه الرجال والنساء والأطفال يندفعون ويقفزون إلى الموت لأجل الإيمان بالمسيح، فمن يكون غبيًا بهذا القدر أو من يكون متشككًا أو عديم العقل حتى أنه لا يُدرك ولا يفهم أن المسيح الذي يشهد له هؤلاء الناس هو نفسه الذي يهب ويعطي كل واحد منهم النصرة على الموت؟ إذ أنه يجعل الموت ضعيفًا أمام كل مـن يتمسّك بإيمـان المسيح، ويحمل علامـة الصليب" (تجسد الكلمة 29: 1 ـ 4)(87).

"ومَن يُرد أن يمتحن أقوالنا السابقة بطريقة عملية فدعه ـ في وجود خداع الشياطين وضلالات المنجمين وأعاجيب السحر ـ يستعمل علامة الصليب التي يسخرون منهـا، وينطـق فقط بِاسم المسيح، فيرى كيف تهرب الشياطين من اسمـه، ويُبطَل التنجيـم، ويتلاشى كـل سحـر وعرافـة" (تجسد الكلمة 48: 3)(88).

أما الذين يعترفون بموت المسيح وينكرون قيامته فيرد عليهم القديس أثناسيوس قائلًا: "لأنه إن كان المُخلّص يعمل الآن بقوة بين البشر.. فهل لا يزال يوجد من يتطرّق الشك إلى ذهنه أن المُخلّص قد أتم القيامة وأن المسيح حيّ أو بالأحرى أنه هو نفسه الحياة؟

وهل يمكن لشخص ميت أن ينخس ضمائر الآخَرين حتى يجعلهم يرفضون نواميس آبائهم الموروثة، ويخضعون لتعاليم المسيح؟.. كيف استطاع أن يوقف أعمال الأحياء حتى يكفّ الزاني عن الزنا، والقاتل عن القتل، والظالم عن الظلم، ويصير الكافر تقيًّا؟ ولو أنه لم يقم بل لا يزال ميتًا، فكيف يستطيع أن يطرد ويطارد ويحطم تلك الآلهة الكاذبة التي يدَّعي غير المؤمنين أنها حيَّة؟ وأيضًا كيـف يستطيع أن يطرد الأرواح الشريرة التي يعبدونها" (تجسُّد الكلمة 30: 4، 5)(89).

كيرلس الأورشليمي (315 386م):

يقول في عظته سنة 346 داخل كنيسة القيامة: "لقد صُلِب المسيح حقًا ونحن إن كنا ننكر ذلك فها هي الجلجثة تناقضني، تلك التي نحن مجتمعون فيها الآن، وها هي خشبة الصليب أيضًا تناقضني، هذه هي التي تُوزع منها في كل أنحاء العالم"(90).

كما يقول: "فلا تخزى إذًا أن تعترف بالمسيح مصلوبًا، بل ليت إشارة الصليب تكون ختمًا نصنعه بشجاعة بأصابعنا على جبهتنا وعلى كل شيء، على الخبز وعلى كأس الشرب، وفي مجيئنا وذهابنا. قبل نومنا وعند يقظتنا، وفي الطريق إلى البيت"(91).

ويقول أيضًا: "فلنكرّم الصليب المقدَّس الذي أُعطينا أن نغلب به العدو اللئيم ونرشم به على جباهنا وقلوبنا وسائر أعضائنا لنطرد به الشيطان. الصليب علامة الرب وخاتمه الذي صار الخلاص لآدم وذريته من أسر أبليس عدونا.

الصليب هو موضوع فخرنا في هذه الحياة وهو علامة إيماننا.. بالصليب غلب قسطنطين الملك البار أعداءه وارتفع شأنه لما أظهر الرب له علامة الصليب مضيئة في السماء قائلًا له: "بهذه العلامة تغلب أعداءك"، فغلب، وصار الصليب قوة الملوك وعزاءهم ونصرتهم. يضعونه فوق تيجانهم لكي يباركهم ويؤيدهم وينصرهم"(92).

غريغوريوس أسقف نيصص (329 389م):

يقول "فالصليب عن طريق شكله الذي يمتد إلى الأربع جهات، ومن مركزه الذي يربط الكل معًا، حيث تخرج أربعة عوارض واضحة، ففي ذلك درسًا عن المسيح الذي في ساعة موته أحتمله باسطًا نفسه على الصليب حيث خطة اللَّه في الخلاص، لأنه هو نفسه الذي يجمع العالم كله ويربطه بتوافق إلى وحدة كاملة"(93).

أمبروسيوس (339 397م):

قال "وعلينا حينما نستيقظ أن نشكر المسيح ونبدأ بتتميم أعمالنا اليومية بقوة الصليب"(94).

الشهيد كبريانوس:

يقول "تحصّنوا وسلّموا أنفسكم بكل جرأة برشم علامة الصليب على جباهكم"(95).

إيرونيموس (341 ـ 420م):

يقول "إن الصليب هو تلمذة للمسيح المصلوب، عندما أتحدّث عن الصليب فأنا لا أفكّر في مجرّد الخشبة، بل أفكّر في المغزى الأعمق للصليب، فالصليب صار معروفًا للعالم كله من أقصى العالم في الغرب وحتى الهند، ويأتي بعد ذلك مفهوم الصليب في الإنجيل {ومَن لا يَحْمِلُ صليبَهُ ويأتي ورائي فلا يَقْدِر أن يكون لي تلميذًا} (لو 14: 27) والمسيح سبقنا وحمل الصليب وتألّم من أجلنا، فإذا كان إنسان لا يقبل حمل الصليب فكيف يقدر أن يكون تلميذًا للمسيح؟"(96).

باسيليوس الكبير:

تحدّث عن علامة الصليب كنوع من التقليد المتوارث فيقول: "بخصوص المعتقدات والممارسات المحفوظة في الكنيسة والمُسلَّمة عمومًا، بعضها استلمناه كتابة، وبعضها الآخَر تسلّمناه كما وصلنا، في سر حسب تقليد الرسل، وكلا هذين التسليمين لهما نفس القوة فيما يختص بالدين.. وعلى سبيل المثال للنوع الثاني فلنأخذ المَثل الأول والعام، فمن الذي علّمنا كتابةً أن نرسم بعلامـة الصليـب؟ أو ما هي الكتابة التي علّمتنا أن نتجه في الصلاة ناحية الشرق"(97).

القديس مكاريوس الكبير:

يقول "يجدر بك أن تحمل الصليب مع مَن حمله، وتتألم مع من تألم، حتى تتمجَّد أيضًا مع مَن تمجَّد.. لأنه لا بد للعروس أن تتألم مع العريس، لكي تصير شريكة للعريس ووارثة معه، فإنه لا يُسمَح لأحد أن يدخل مدينة القديسين ويستريح ويملك مع الملك نفسه إلى أبد الدهور ما لم يتألم ويسلك الطريق الوعر الضيق الكرب"(98).

مار أفرام السرياني:

يقول "بدلًا أن تحمل سلاحًا أو شيئًا يحميك أحمل الصليب وأطبع صورته على أعضائك وقلبك. وأرسم به ذاتك لا بتحريك اليد فقط بل ليكن برسم الذهن والفكر أيضًا. ارسمه في كل مناسبة. في دخولك وخروجك، في جلوسك وقيامتك، في نومك وعملك، ارسمه بِاسم الآب والابن والروح القدس"(99).

وقال أيضًا عن رسم علامة الصليب "إننا نرسمه على أبوابنا وجباهنا وصدورنا ونتسلّح به لأنه كالسيف القاطع به اُفتتح الفردوس"(100).

يوحنا الذهبي الفم (347 407م):

يقول للذين يخجلون من علامة الصليب: "لا تخجل يا أخي من علامة الصليب فهو ينبوع الشجاعة والبركات، وفيه نحيا مخلوقين خِلقة جديدة في المسيح.. البسه وافتخر به كتاج"(101).. "لا تخجل بهذه البركة العظيمة أي الصليب، حتى لا يخجل منك السيد المسيح حينما يأتي في مجده أو تظهر علامة الصليب أمامه، وضياؤه أقوى من أشعة الشمس ذاتها.. لقد خلَّص الصليب العالم وهداه للإيمان.. بدَّد الخطأ وأعاد الحق. حوَّل الأرض إلى سماء، وحوَّل البشر إلى ملائكة. بسببه لا نخشى الشياطين بل نحتقرهم، ولم يصبح الموت موتًا بل رقادًا"(102)..

"لا يخجل أي إنسان من علامة الصليب الجديرة بالاحترام، فبواسطته صار خلاصنا الذي يعتبر أعظم جميع الأعمال، والذي بواسطته نلنا حياتنا وما زلنا موجودين حتى الآن. فنحن نريد أن نحمل صليب المسيح بالأرجح مثل تاج، لأن بواسطة الصليب تحقّق سلامنا الكامل مع اللَّه. ففي كل مرة تتم ولادة جديدة للإنسان (بسر المعمودية) لا بد من وجـود الصليب، وكلمـا ننال غذاؤنا السري (فـي سـر الأفخارستيا) يكون ذلك بالصليب، وأيضًا عنـد تكريس شخص ما (بسر الكهنوت) يتـم بالصليب، وهكـذا بواسطـة الصليب تتـم كـل الأعمال (الأسرار الأخرى)"(103).

ويقول عن قوة الصليب: "إن كان الصليب هو الحكمة الحقيقية والقوة الحقيقية فلنبكِ على الذين صار الصليب عندهم جهالة لأنهم من الهالكين. فهم لم يتعرّفوا على قوة الصليب بعد ولا على عقاقيره التي تشفيهم، لأن هذه الأمور تحتاج أولًا إلى الإيمان. إن قوة الصليب لا يعبّر عنها.. المسيح بموته حل رباطات الموت.. لم يستطع العدو أن يمسكه في الموت. كيف يمكن لمسامير الصليب أن تقيّده؟ لقد شفى الرب البشرية بالصليب وأعادها إلى نفسه! فلو بدا أن الصليب أمرًا معثرًا فهو في الواقع قد صار للمؤمنين قوة جاذبة إلى الرب الذي أظهر منتهى حبه بصليبه لأجل خلاص الجميع"(104).

أما عن انتشار علامة الصليب، فيقول القديس يوحنا الذهبي الفم "وصارت علامة الصليب تُرسَم على ملابسهم وعلى تيجان الملوك، وتُرسَم في الصلوات، وعلى المائدة المقدَّسة يرتفع الصليب، وفي كل مكان في أرجاء العالم يضيء الصليب بأكثر مما تضيء الشمس" (105).. "إن علامة الصليب التي كان الناس يفزعون منها قبلًا صار كل واحد يتنافس عليها حتى صارت في كل مكان بين الحكام والعامة. بين الرجال والنساء. بين المتزوجين وغيـر المتزوجين. بين الأسرى والأحرار. الجميع يضعونها في كل موضع كريم ومكرَّم ويحملونها يوميًا وكأنها منقوشة على جباههم كما على عمود. نراها على المائدة المقدَّسة وفي رسامة الكهنة. ونراها متألقة فوق جسد المسيح في العشاء السري، وفي كل مكان يمكن للإنسان أن يلاحظه. يُحتفى به في البيوت وفي الأسواق، في الصحاري وفي الطرق العالية فوق الجبال، في شقوق الأرض، فوق التلال وفوق البحر، في السفن وفي الجزر، في العربات، في الثياب، فوق الآنية الذهب والفضة.. في الحرب والسلم، نهارًا وليلًا، في تجمعات النساك، وهكذا يتنافس الجميع في البحث عن هذه الهبة العجيبة والنعمة التي لا يُعبَر عنها"(106).

أُغسطينوس (354 430م):

يقول أُغسطينوس "وهؤلاء الذين يعظوا عن المسيح المصلوب عليه أن يختبروا أولًا المسيح المصلوب في حياتهم، لأن من يتبع المصلوب عليه أن يصلب جسد العالم ويقمعه عن كل الشهوات الرديئة"(107) وقال أيضًا: "من أجل هذا فالرب نفسه يُثبّت قوة الصليب على جبهتنا حتى إن العلامة التي كانت للخزي تصير للافتخار"(108).

يوحنا من كرونستادت (1829 1908م):

قال "إن الإهمال في تأدية رسم الصليب أمر ربما ندان عليه، فإن رسم الصليب اعتراف بيسوع المسيح مصلوبًا، وإيمان بالآلام التي عاناها فوق الصليب. أنه اعتراف وذكرى لعمل الرب ومكتوب في إرميا (48: 10) "مَلْعُون مَن يَعْمَل عمل الرّب برخاوة"(109).

وقال أيضًا: "إن في إشارة الصليب كل روح الإيمان المسيحي: فيه اعتراف بالثالوث الآب والابن والروح القدس. فيه اعتراف بوحدانية اللَّه كإله واحد. فيه اعتراف بتجسُّد الابن وحلوله في بطن العذراء. فيه اعتراف بقوة عملية الفداء التي تمّت على الصليب بانتقالنا من الشمال إلى اليمين. إذًا فيليق بنا أن يكون رسمنا للصليب فيه حرارة الإيمان"(110).

مارا ابن سيرابيون:

كتب مار وهو في السجن إلى ابنه سيرابيون يشجعه لطلب الحكمة موضحًا له إن الذين اضطهدوا الحكماء وقتلوهم نالوا جزاء عملهم، فقال: "أية فائدة جناها اليهود من قتل ملكهم الحكيم؟ لقد زالت مملكتهم بعد ذلك.. لم يمت الملك الحكيم للأبد فقد عاش في التعاليم التي أعطاها"(111).

هانز رودي وبر:

قال "لقد صُلِب يسوع الناصري زمن بيلاطس البنطي. هذه حقيقة لا يمكن أن يشكّ فيها أحد، إلاَّ إذا تجاهل عن عمد كل الروايات الكتابية وغير الكتابية التي وصلت إلينا"(112).

دال فورمان:

وكان محاميًا في ولاية واشنجتون، ومؤلّف كتاب "اصلبه.. نظرة محامي إلى محاكمة يسوع"، يقول: "إني أؤمن أن هذه الحقائق الممثلة في المحاكمة والصلب وموت يسوع واضحة وثابتة وأبعد ما تكون عن الشكوك.. إن تعاليم المسيح قد غيرَّت وجه العالم في 2000 سنة، لا يمر يوم واحد لم يظهر فيه نفوذ وتأثير هذا المعلم المُتجوّل الذي نشأ في الناصرة. وكمحامي في قضايا محاكمات قد تدرّبت أن أكون عقلانيًا. الشك في الأدلة والنقد دائمًا في تفكيري. إني أعتقد أن أي شخص مزيف أو نصّاب، أقصد مسيحًا مزيفًا فمن الصعوبة البالغة عليه أن يشكّل مثل عمق التأثير هذا من أجل خير المجتمع"(113).

سير لسلي هيرسون:

وكان رئيسًا للعدالة في ويلز الجنوبية الجديدة بأستراليا يقول: "دع أي قارئ موضوعي يضع جنبًا إلى جنب (روايات) الأناجيل الأربعة، ويضيف لها حكايات سفر الأعمال الخاصة بالرسل، فسيصعق إذ أن أي قاض إعتاد تقييم الأدلة والشواهد بدقة، سيرتطم بحقيقة بارزة واحدة وهي هذه، بينما يوجد تنوُّع في التفاصيل أو الصيغ أو التعبير أو القصص، ولكن يبرز أسفل كل هذا، فإن المادة ووزن القصص تُثبت بشكل قاطع صحتها"(114).

هربرت كاستيل:

الذي عمل كمحافظ لمدينة كرتاج ميسوري بالولايات المتحدة الأمريكية، وأحيل إلى التقاعد سنة 1989 كتب عن القيامة يقول: "لا يعوزنا أن نأخذ قفزة يعوزها التفكير السليم، إن اللَّه منحنا كل الأدلة والأحداث أن المسيحية صدق وحق"(115).

أحداث تاريخية مرتبطة بالصليب:

ظهر الصليب للملك قسطنطين نهارًا، وهو مزمع أن يواجه مكسيميانوس ومعه جيشًا يبلغ تعداده نحو مائتي ألف جندي، وتحت علامة الصليب ظهرت كتابة "بهذا تغلب" وعندما لم يفهم قسطنطين معنى هذه العبارة سأل الجندي "أوساغنيوس" فعرَّفه أنها علامة السيد المسيح، وفي حلم الليل رأى قسطنطين السيد المسيح له المجد، وقد أوصاه أن يضع هذه العلامة على أعلام جيشه، فصنع قسطنطين هكذا، وانتصر على مكسيميانوس الذي فرَّ هاربًا، وأثناء عبوره على نهر التيبر سَقط بـه وهلك هو وعدد كبير من جنوده. أما قسطنطين فدخل روما ظافرًا، وأصدر منشور التسامح الديني، واعتبر أهل روما أن الصليب هو مُخلّص مدينتهم، ومَدَح شعرائهم الصليب.

في سنة 351 أيام الملك قسطنديوس بن قسطنطين الكبير ونحو الساعة التاسعة صباحًا ظهر صليب كبير في سماء أورشليم بنور أقوى من نور الشمس، وممتد من جبل الجلجثة إلى جبل الزيتون، فآمن كثيرون بالمسيحية، وكتب القديس كيرلس الأورشليمي إلى الملك قسطنديوس يقول له إن فـي أيـام أبيك السعيد الذّكر ظهر صليب من نجوم وسط السماء، وفي أيامك ظهر الصليب أيضًا ملتحفًا بنور يفوق نور الشمس، ثم أوصاه أن لا يتبع بدعة أريوس (السنكسار يوم 12 بشنس).

في القرن الثامن طفت مياه البحر الأبيض على الدلتا فأغرقتها، فحزن الملك "حسان بن عتاهية" لأن هذا الإقليم كان يدر عليه أموالًا كثيرة، فطلب من البطريرك أن يرد الماء كما كان، فأقام البطريرك صلاة القداس في بيعـة سمنود فـي حضور الملك، وكان معه رجلًا قديسًا يُدعى "التفاحي"، وخرج البطريرك ومَن معه رافعين الصليب وهم يستمطرون مراحم السماء صارخين قائلين: "كيرياليسون" فأخذ الماء يهرب من أمامهم حتى وصلوا إلى الزعفرانة، فضربوا الخيام للملك بجوار كنيسة القديسة دميانه وبقية الشهيدات، فأمر الملك بناءً على طلب البطريرك بتجديد هذه البيعة (السنكسار ـ 12 بشنس) وهذه المعجزة تذكّرنا بمعجزة نقل جبل المقطّم أيام البابا ابرآم ابن زرعة والقديس سمعان الخراز.

كان الشاعر التعلبي أبو مالك غياث المسيحي محبوبًا من أمراء بني أمية، ومقربًا جدًا من الخليفة عبد الملك بن مروان حتى كـان يدخل إليه بدون استئذان منه، ودُعيَ التعلبي بـ "ذو الصليب" وذلك لأن الصليب الذهب كان يتدّلى من عنقه على صدره ولم يفارقه قط..

أيام الحاكم بأمر اللَّه أمر كل المسيحيين بأن يلبس كل منهم صليبًا ثقيلًا، وتخفَّى ودخل بيت إنسان مسيحي يعمل على النول، ورغم إن الباب كان مغلقًا إلاَّ أنه لم يشأ أن يخلع عنه هذا الصليب الثقيل محبة في الصليب، ولما اكتشف الحاكم بأمر اللَّه محبة المسيحيين للصليب رفع عنهم هذه العقوبة.

في أيام الولاة المسلمين المتسامحين مثل الأخشيد، والأفضل ابن أمير الجيوش، والمعز لدين اللَّه، كان المسيحيون يحملون الصلبان في أعياد الغطاس والنيروز والشعانين وخميس العهد، ويطوفون بها الشوارع بلا عائق، وقال المقريزي أن الحكومة كانت توزّع في عيد النيروز أربعة آلاف دينار، وخمسة عشر ألف درهم، وكانت دار السك تُخرج في خميس العهد خمسمائة دينارًا ذهبيًا وعشرة آلاف خروبة، بالإضافة إلى توزيع الحلل الفاخرة والمأكولات الشهية والفواكه الموسمية على الأهالي احتفالًا بهذه المناسبات السعيدة، وقيل عن ليلة عيد الغطاس أن مئات الألوف كانوا يخرجون هذه الليلة إلى النيل، وقد أضيئت الشوارع بالسرج والكثيرون يحملون الشموع والصلبان.

"وكان الأخشيد محمد بن طفح في داره المعروفة بالمختار في الجزيرة (الروضة) الراكبة على النيل، والنيل يطيف بها، وقد أمر فأسرج من جانب الجزيرة وجانب الفسطاط ألف مشعل غير ما أسرج أهل مصر من المشاعل والشمع. وقد حضر النيل في تلك الليلة مئات الألوف من الناس من المسلمين والنصارى منهم في الزوارق ومنهم في الدور الدائبة على النيل، ومنهم على الشطوط لا يتناكرون كل ما يمكنهم إظهاره من المأكل والمشرب وآلات الذهب والفضة والجواهر والملاهي والعَزف. وهي أحسن ليلة تكون بمصر وأكملها سرورًا"(116).

اجتاز الخليفة المأمون بالدير الأعلى في خروجه من دمشق فأقام أيامًا، جاء فيها عيد الشعانين فخرج الرهبان والقسوس بالمجامر والصلبان فاستحسن الخليفة ذلك ولم يستاء.

كان بقيرة الرشيدي الذي لُقّب بصاحب الصليب يتولى منصبًا حكوميًا أيام الحاكم بأمر اللَّه، وعندما اشتد الاضطهاد على المسيحيين، حمل بقيرة صليبًا ضخمًا وسار به إلى قصر الحاكم ووقف مقابل القصر، فأمر بسجنه، ولكنه بعد فترة أفرج عنه، وأوصى أن لا يتعرّض له أحد.

في سنة 1235م في عهد الملك الكامل وعند رسامة داود بن لقلق بطريركًا بِاسم البابا كيرلس الثالث خرج في موكب من كنيسة الملاك ميخائيل برأس الخلق إلى كنيسة المعلَّقة، وضم الموكب المسيحيين والمسلمين واليهود، ورفع المسيحيون فيه الصلبان، وكان الكهنة والشمامسة يسيرون في صفوف منتظمة ينشدون التسابيح، وركب الأراخنة الخيل، وسار أمامهم رجل من حاشية السلطان ينادي قائلًا: "يا داود إنا جعلناك خليفـة في الأرض فأحكم بين الناس بالعدل"(117).

في عهد الخليفة الفاطمي الحافظ لدين اللَّه كان في مصر أميرًا أرمنيًا يُدعى "بهرام" وهو شقيق بطريرك الأرمن، وعند موته خرج الأقباط يشيعونه في مشهد رهيب وهم يرفعون الصلبان وينشدون الألحان الجنائزيـة، وكـان الحاكـم يسير معهم وكثير مـن غير المسيحيين أيضًا"(118).

في 25 مارس سنة 1844م عند تشييع جنازة الشهيد سيدهم بشاي في دمياط رفع الأقباط الصلبان، وسار رجال الاكليروس في الموكب، وظل هذا التقليد معمولًا به في الأراضي المصرية إلى أن أصدر قداسة البابا كيرلس السادس في 20 برموده سنة 1677ش الموافق 28 أبريل 1961م بيانًا بابويًا منع فيه رجال الاكليروس من السير في الشوارع لتشييع الجنازات حفاظًا على أوقاتهم، وحماية لهم مما كانوا يتعرَّضون له أحيانًا من مضايقات، ويكتفي باستقبالهم الجثمان للصلاة عليه في الكنيسة.

في برية الأساس بنقادة توجد كنيسة الصليب من القرن الرابع الميلادي وتحوي أربعة مذاهب على شكل صليب.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(47) يسي منصور ـ الصليب في جميع الأديان ص 108.

(48) جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ص 107.

(49) أورده د. فريز صموئيل ـ موت أم إغماء ص 123.

(50) رسائل من بيلاطس البنطي إلى سينيكا ـ نقلها عن الإنجليزية جاد المنفلوطي ـ إصدار دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بمصر ص 100 ـ 102.

(51) رسائل من بيلاطس البنطي إلى سينيكا ـ نقلها عن الإنجليزية جاد المنفلوطي ـ إصدار دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بمصر ص 103 ـ 109.

(52) جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ص 109.

(53) أورده جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ص 107.

(54) موت أم إغماء ص 98.

(55) القس يؤانس كمال ـ هل حقًا صُلب المسيح؟ ص 28.

(56) جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ص 112.

(57) المرجع السابق ص 107، 108 .

(58) أورده عوض سمعان ـ كفارة المسيح ص 192.

(59) أورده جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ص 232.

(60) أورده القس عبد المسيح بسيط ـ هل صُلِب المسيح حقًا وقام ص 83.

(61) المرجع السابق ص 83.

(62) أورده عوض سمعان ـ كفارة المسيح ص 192.

(63) أورده عوض سمعان ـ قيامة المسيح والأدلة على صدقها ص 102.

(64) المرجع السابق ص 100.

(65) أورده جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ص 241.

(66) المرجع السابق ص 241.

(67) أورده القس حنا جرجس الخضري ـ تاريخ الفجر جـ 1 ص 54.

(68) الصليب والصليب حقيقة أم جهالة ص 47.

(69) أورده القس عبد المسيح بسيط ـ هل صُلِب المسيح حقًا وقام ص 84.

(70) المرجع السابق ص 84.

(71) أورده عوض سمعان ـ قيامة المسيح والأدلة على صدقها ص 102.

(72) المرجع السابق ص 102.

(73) أورده عوض سمعان ـ كفارة المسيح ص 192.

(74) نيافة الأنبا يؤانس المتنيح ـ المسيحية والصليب ص 26.

(75) أورده د. فريز صموئيل ـ موت أم إغماء ص 108، 109.

(77) أورده القس عبد المسيح بسيط ـ هل صُلب المسيح حقًا وقام ص 85.

(78) أورده عوض سمعان ـ كفارة المسيح ص 192.

(79) أورده عوض سمعان ـ قيامة المسيح والأدلة على صدقها ص 102.

(80) الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح ـ الصليب في المسيحية ص 132.

(81) المرجع السابق ص 83.

(82) أورده نيافة الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح ـ الصليب في المسيحية ص 13، 14.

(83) كنيسة العذراء محرم بك ـ عيد الصليب ص 42.

(84) القس شنوده حنا ـ الصليب ص 34.

(85) نيافة الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح ـ الصليب في المسيحية ص 138.

(86) تعريب د. جوزيف موريس فلتس ص 76، 77.

(87) تعريب د. جوزيف موريس فلتس ص 81، 82.

(88) تعريب د. جوزيف موريس فلتس ص 141، 142.

(89) المرجع السابق ص 85، 86.

(90) العذراء محرم بك ـ عيد الصليب ص 22.

(91) القس شنوده حنا ـ الصليب ص 84.

(92) القس يؤانس كمال ـ هل حقًا صُلِب المسيح؟ ص 88، 89.

(93) العذراء محرم بك ـ عيد الصليب ص 31.

(94) نيافة الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح ـ الصليب في المسيحية ص 83.

(95) بطريركية الأقباط الأرثوذكس ـ خدمة الدياكونية الريفية بالإسكندرية ـ الصليب في فكر الآباء ص 12.

(96) العذراء محرم بك ـ عيد الصليب ص 36.

(97) نيافة الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح ـ الصليب في المسيحية ص 131.

(98) بطريركية الأقباط الأرثوذكس ـ خدمة الدياكونية الريفية بالإسكندرية ـ الصليب في فكر الآباء ص 19.

(99) القس شنوده حنا ـ الصليب ص 34.

(100) كنيسة العذراء محرم بك ـ عيد الصليب ص 11.

(101) القس شنوده حنا ـ الصليب ص 35.

(102) القس يوحنا حنين ـ سرّ الصليب ص 19، 20.

(103) العذراء محرم بك ـ عيد الصليب ص 31.

(104) بطريركية الأقباط الأرثوذكس ـ خدمة الدياكونية الريفية ـ الصليب في فكر الآباء ص 10.

(105) نيافة الأنبا باكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح ـ الصليب في المسيحية ص 132.

(106) نيافة الأنبا يؤانس المتنيح ـ المسيحية والصليب ص 96.

(107) العذراء محرم بك ـ عيد الصليب ص 40.

(108) نيافة الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح ـ الصليب في المسيحية ص 85.

(109) المرجع السابق ص 87.

(110) المرجع السابق ص 87، 88.

(111) جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ص 111.

(112) نيافة الأنبا يؤانس المتنيح ـ المسيحية والألم ص 25.

(113) محاكمة الإيمان المسيحي ـ روث كلفورد. ترجمة رأفت ذكي ص 176.

(114) المرجع السابق ص 178.

(115) محاكمة الإيمان المسيحي ـ روث كلفورد. ترجمة رأفت زكي ص 182.

(116) أورده الأستاذ مجدي سلامة في كتابه الصليب وتساؤلات الأحفاد ص 103.

(117) أورده الأستاذ مجدي سلامة في كتابه الصليب وتساؤلات الأحفاد ص 104.

(118) المرجع السابق ص 105.
2 of 2