غارقًا في نومه على سرير صغير بأحد مستشفيات لندن، يضع يده اليسرى على وجهه الشاحب، والأخرى لا يستطيع جسده النحيل والمنهك أن يحملها، فكان سبيلها الاستناد على إحدى الوسادات الموضوعة بجانبه، فما إن تمر عليه حتى تجده وحيدًا بين متابعات الممرضين والدكاترة للاطمئنان على تطورات حالته الصحية.

صورة بـ 100 كلمة، كانت كفيلة أن تعبر عن حالة أمير محمد مسعود بعدما نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، مُنادين فيها بمحاولة الوصول لأحد من أسرته لإبلاغهم بمرضه وحالته
الصحية، فحاله كحال عديد من المصريين ببريطانيا والعالم أجمع، يهاجرون في سن صغيرة، يبتعدون عن ذويهم، البعد ليس فقط في المسافات، بل ابتعدت معهم مشاعر الحب والألفة،
فعاش وحيدًا في الغربة لا يعرفه أحد ولا هو يعرف أحدًا، حتى انتهى به المطاف هو ومريض السرطان الذي كان صاحبه في شهوره أو ربما سنواته الأخيرة، فكل منهما يتصارع على البقاء.
داخل حي شبرا، عاش أمير محمد صاحب الـ 65 عامًا طيلة فترة إقامته في مصر وحيدًا غريبًا، الحال الذي لم يختلف كثيرًا حينما سافر لبريطانيا، فلم يتعرف على أحد ولم يعرف أحدًا عنه شيئا، ومع
تأخر حالته الصحية ومحاولات البحث عن أهله لإبلاغهم بالحالة فوجئ الجميع بأنه على الرغم من سماع الاسم إلا أنها مجرد معرفة اسم دون أي معلومات إضافية، حتى أنه لم يره أحد قدرًا أو صدفة
لأنه سافر مرة واحدة ذهاب ودون عودة وعاش وحيدًا، وخلال تلك المدة تم هدم منزله بشبرا دون أن يعلم لأنه بلا أهل أو أصدقاء، كما يصرح مصطفى رجب، رئيس اتحاد الكيانات المصرية بأوروبا لـ القاهرة 24.
أيام من المعاناة يقضيها “أمير” في صراع مع شبح السرطان، بين رعاية الأطباء ومتابعة أصحاب الخير الذين يطمئنون عليه يوميًا حتى يتنسى لهم الإسراع من الإجراءات السليمة في حال وفاته، بعد فقد الأمل في إيجاد فرد من أهله أو أقاربه، فعاش وحيدًا وكان الصمت هو صوته الواضح بين الجميع.