في مشهد مأساوي جديد يعكس تصاعد العنف والتطرف في شرق القارة الإفريقية، شهدت منطقة كوماندا شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية هجومًا إرهابيًا بشعًا استهدف الكنيسة الكاثوليكية، وأسفر عن استشهاد أكثر من 21 شخصًا، فيما تم تفحيم الجثث وإحراق منازل ومحال تجارية مملوكة لمسيحيين في المنطقة.

وقد تبنّت هذا الهجوم الوحشي جماعة القوات الديمقراطية المتحالفة، وهي ميليشيا مسلحة متمردة ذات صلات وثيقة بتنظيم داعش الإرهابي، ما يؤكد اتساع رقعة الإرهاب في أفريقيا وتوغل فكر “داعش” في مناطق جديدة.
يُعد هذا الهجوم الجبان جريمة إرهابية جسيمة تنتهك أبسط حقوق الإنسان، وتمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.
إن استهداف دور العبادة والمصلين الأبرياء يعد عدوانًا صارخًا على حق الإنسان في ممارسة شعائره الدينية بأمان، ويكشف عن الوجه البشع للفكر المتطرف الذي يسعى لبث الرعب والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
• انتشار الأيديولوجية السلفية المتشددة في بعض المناطق الفقيرة والمهمشة، والتي توفر بيئة خصبة لتجنيد الشباب وتغذية مشاعر الكراهية والتطرف.
• الفراغ الأمني وضعف الحكومات المحلية في بسط نفوذها على كامل التراب الوطني، خصوصًا في المناطق الريفية والنائية.
• غياب التعليم والتوعية الدينية الصحيحة، مما يفتح الباب أمام الجماعات الإرهابية لنشر أفكارها المتطرفة بين الفئات الأكثر هشاشة.
• الفقر والبطالة والحرمان الاجتماعي، وهي عوامل تسهم في جعل بعض الشباب لقمة سائغة بين أيدي الجماعات الإرهابية.
• ضعف التعاون الإقليمي والدولي في مواجهة الإرهاب العابر للحدود.
إننا نؤكد على ضرورة التحرك العاجل من قبل السلطات الكونغولية للقبض على الجناة وتقديمهم لمحاكمة جنائية عاجلة، مع ضمان حقوق الضحايا وذويهم في العدالة والقصاص.
وفي ذات الوقت، فإن تعزيز الحوار بين الأديان، وبناء ثقافة التسامح والتفاهم بين المجتمعات المختلفة، يمثل خط الدفاع الأول ضد الفكر المتطرف، كما أن التعليم، والتوعية، وتحصين الشباب من الأفكار الهدامة، يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومات والمجتمع المدني.
ونري إنه ينبغي أن تكون استراتيجيات مكافحة التطرف والإرهاب شاملة ومتكاملة، تجمع بين:
• المواجهة الأمنية الصارمة ضد الجماعات المسلحة،
• وبرامج الوقاية الفكرية والمجتمعية،
• بالإضافة إلى التعاون الدولي في تبادل المعلومات الأمنية وتتبع مصادر تمويل الإرهاب.
كما أننا نناشد المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية في حماية الأقليات الدينية، خاصة المسيحيين في شرق أفريقيا، من الاستهداف والعنف والتمييز.
إن الهجوم على الكنيسة الكاثوليكية في كوماندا ليس مجرد حادث عابر، بل ناقوس خطر يستدعي يقظة ضمير العالم بأسره.
فالتطرف لا يعرف حدودًا، والإرهاب إذا تُرك بدون مواجهة حازمة ومتعددة الأبعاد، فإنه لن يتوقف عند حدود كوماندا، بل سيمتد ليحرق المزيد من القرى والمدن والضمائر.
إننا اليوم أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية… فإما أن ننتصر للتسامح والسلام والعدالة ، أو نترك النار تلتهم كل ما تبقى من قيم.