القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

إيران تتحرك لإغلاق مضيق هرمز: ماذا يعني ذلك للعالم؟

صوت البرلمان الإيراني على إغلاق مضيق هرمز، القناة الملاحية الحيوية التي يتدفق عبرها نحو 20% من النفط العالمي اليومي.

إيران تتحرك لإغلاق مضيق هرمز: ماذا يعني ذلك للعالم؟

ومن المرجح أن تؤدي هذه الخطوة، التي قد تعيق شحنات نفطية بقيمة مليار دولار يوميًا، إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير.

ويدخل القرار حيز التنفيذ في انتظار القرار النهائي للمجلس الأعلى في إيران. ومن المقرر أن يتخذ المجلس الأعلى قراره بحلول الليلة، بحسب قناة برس تي في الإيرانية الرسمية.

وقال قائد الحرس الثوري الإيراني إيميل كوساري، الأحد، إن التصعيد الإيراني الكبير ردا على الضربات الأمريكية على منشآتها النووية «سيتم متى كان ذلك ضروريا».

وأضاف أن إغلاق المضيق كان على جدول الأعمال و«سيتم تنفيذه كلما كان ذلك ضروريا».

لطالما كان المضيق بؤرة توتر جيوسياسية. وقد هددت إيران بإغلاقه سابقًا، لا سيما خلال فترات تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة. لكن رغم التهديدات المتعددة على مر السنين، لم تصل إلى حد إغلاقه، وهي خطوة ستُعتبر على نطاق واسع عملًا تصعيديًا ذا عواقب عالمية.

ورغم أن البرلمان الإيراني وافق على هذا الإجراء، فإن القرار النهائي يقع على عاتق المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يشرف عليه في نهاية المطاف المرشد الأعلى على خامنئي.

لماذا يعد مضيق هرمز حيويا للغاية؟

يقع مضيق هرمز بين إيران وسلطنة عُمان، ويربط الخليج العربي بخليج عُمان وبحر العرب. بعرض 21 ميلاً فقط عند أضيق نقطة، يُعدّ أحد أهم الشرايين البحرية الاستراتيجية في العالم.

وفقًا لتقديرات عام 2023، يمرّ عبر المضيق يوميًا أكثر من 17 مليون برميل من النفط، أي ما يُعادل حوالي 20% من الطلب العالمي اليومي.

يعتمد عليه مُصدّرون رئيسيون، مثل المملكة العربية السعودية والعراق والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر، وحتى إيران نفسها، لشحنات النفط الخام والغاز الطبيعي المُسال.

ورغم وجود خطوط أنابيب بديلة، إلا أنها لا تُحوّل سوى حوالي 2.6 مليون برميل يوميًا، وهو ما يُمثّل بالكاد جزءًا ضئيلًا من التدفق اليومي عبر مضيق هرمز.

كيف سيؤثر الإغلاق على العالم؟

ارتفاع أسعار النفط العالمية بشكل كبير

قد يؤدي الغلق الكامل، أو حتى الجزئي، إلى ارتفاع أسعار النفط إلى ما يزيد عن 120-150 دولارًا للبرميل، حسب مدة التعطيل. وقد تجاوز خام برنت بالفعل 90 دولارًا تحسبًا لذلك، وخام غرب تكساس الوسيط ليس ببعيد عنه، بحسب تقديرات مجلة فوربس.

أزمة الطاقة في آسيا وأوروبا

قد تواجه دولٌ مثل الهند والصين واليابان والعديد من الدول الأوروبية، التي تعتمد جميعها اعتمادًا كبيرًا على واردات الطاقة الخليجية، تضخمًا ونقصًا في الطاقة واضطراباتٍ اقتصادية. وقد تجد أوروبا، التي تعاني بالفعل من تداعيات حرب أوكرانيا، نفسها في أزمةٍ أعمق إذا مُنعت شحنات الغاز الطبيعي المسال القطرية.

وبحسب تحليل حديث أجرته وكالة الطاقة الدولية، فإن أي انقطاع قصير في المرور عبر مضيق هرمز سيكون له تأثيرًا كبيرًا على أسواق النفط.

وقالت الوكالة إنه «في ظل حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي التي تؤثر على منتجي النفط ومستهلكيه على حد سواء، فإن أمن إمدادات النفط يظل على رأس أجندة السياسة الدولية للطاقة».

وتتأثر الصين، أكبر مشتر للنفط الإيراني في العالم، بشكل خاص بأي إغلاق. ومن شأن هذه الخطوة أن تؤثر أيضا على الاقتصاد الإيراني.

تعطيل الشحن العالمي

إلى جانب النفط، يُعدّ المضيق طريقًا حيويًا لسفن الحاويات وسفن الشحن. سيؤدي إغلاقه إلى زيادة تكاليف الشحن، وتأخير الشحنات، وتحويل مسار السفن إلى مسارات أطول وأكثر تكلفة، ما يزيد من توتر سلاسل التوريد العالمية المثقلة أصلًا.

اضطرابات سوق الأوراق المالية ومخاوف الركود

قد تُثير تكاليف الطاقة المتزايدة، وتأخيرات الشحن، والضغوط التضخمية حالة من الذعر في أسواق الأسهم العالمية. وقد تُضطر البنوك المركزية إلى التدخل، وقد تواجه الاقتصادات النامية ذات فواتير استيراد الطاقة الباهظة تحديات ديون جديدة.

خطر اندلاع حرب أوسع نطاقا

تحتفظ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا بوجود بحري قوي في الخليج. ومن المرجح أن يؤدي إغلاقه إلى إطلاق مهام مرافقة عسكرية أو حتى تدخل مباشر لإعادة فتح الممر المائي، ما يزيد من تأجيج التوترات الإقليمية.

سيناريوهات إيران لغلق مضيق هرمز

ويقول جريج رومان، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط، لصحيفة «واشنطن بوست»: «من المرجح أن تسعى إيران إلى اتباع استراتيجية غير متكافئة متعددة الطبقات بدلاً من محاولة فرض حصار بحري مباشر».

وأضاف: «يتضمن نهجهم الأساسي نشر ألغام بحرية بسرعة عبر الممرات الملاحية، وهي أداتهم الأكثر فعالية للتعطيل الفوري. سيطلقون صواريخ مضادة للسفن في آن واحد من بطاريات ساحلية متنقلة، مثل منظومتي (غدير) و(ناصر)، مستهدفين ناقلات النفط من مسافات تصل إلى 300 كيلومتر».

لا تمتلك إيران السلطة القانونية لمنع حركة الملاحة البحرية عبر مضيق هرمز، ومن المرجح أن تقابل أي محاولات من جانب قواتها البحرية لمنع الدخول إلى المضيق برد قوي.

وتستمر سفن الأسطول الخامس الأمريكي، إلى جانب القوات البحرية الغربية الأخرى، في القيام بدوريات في المنطقة على مدار الساعة.

ويوضح رومان: «أي محاولة لإغلاق المضيق ستكون مؤقتة، وستؤدي في نهاية المطاف إلى عواقب وخيمة. تعتمد إيران على المضيق في وارداتها الحيوية، وتدرك أن مثل هذا الإجراء سيؤدي إلى رد فعل قوي من الأسطول الأمريكي الخامس، الذي يحتفظ بخطط عملياتية مفصلة لهذا السيناريو تحديدًا».

وأضاف: «سيكون ذلك بمثابة انتحار اقتصادي، مع إبعاد الصين، مشتريها الرئيسي للنفط. تُدرك طهران هذه الحسابات، ولذلك يبقى التهديد أكثر قيمةً كوسيلة ضغط منه كخيارٍ فعلي».

احتجاز سفن متبادل

كانت إيران قد عطلت حركة المرور في الخليج آخر مرة في أبريل من العام الماضي عندما استولت على سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل بالقرب من مضيق هرمز، متهمة السفينة «إم إس سي أريس» بانتهاك القواعد البحرية.

في أبريل 2023، احتجزت إيران ناقلة نفط متجهة إلى الولايات المتحدة، مدعية أن السفينة اصطدمت بسفينة أخرى. وفي مايو 2022، تم احتجاز ناقلتين يونانيتين لمدة 6 أشهر، فيما اعتبر على نطاق واسع ردا على مصادرة النفط الإيراني على متن سفينة أخرى من قبل السلطات اليونانية والأمريكية.

وفي السنوات السابقة، نجحت جماعة الحوثي في ​​اليمن في تعطيل حركة الملاحة عبر مضيق باب المندب المؤدي إلى البحر الأحمر على الجانب الآخر من شبه الجزيرة العربية.

وباستخدام إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار، تمكن الحوثيون من خفض حركة السفن عبر البحر الأحمر وخليج عدن بنحو 70% في يونيو مقارنة بالمستويات المتوسطة في عامي 2022 و2023، وفقا لشركة كلاركسون للأبحاث المحدودة، وهي وحدة تابعة لأكبر شركة سمسرة شحن في العالم.

واضطر مشغلو السفن بدلاً من ذلك إلى إعادة توجيه حركة المرور حول الطرف الجنوبي لإفريقيا بدلاً من استخدام قناة السويس، ما جعل رحلات السفن المسافرة بين أوروبا وآسيا أكثر تكلفة بكثير وأطول بكثير.

استخدام تكتيكات الحوثيين

وأضاف رومان أن البحرية الإيرانية من المرجح أن تستخدم نفس التكتيكات التي استخدمها الحوثيون في السابق، إلى جانب الهجمات الإلكترونية وعمليات التخريب الأخرى.

وتابع: «ستنفذ بحرية الحرس الثوري الإيراني تكتيكاتها المُجرّبة (الهجوم الجماعي)، باستخدام مئات الزوارق الصغيرة السريعة المُزوّدة بالصواريخ والمتفجرات لسحق الدفاعات. وسنشهد أيضًا استخدامًا مكثفًا للطائرات المُسيّرة الانتحارية والقوارب المُسيّرة المُحمّلة بالمتفجرات، وهي تكتيكات أتقنها الحرس الثوري الإيراني عبر وكلائه الحوثيين في البحر الأحمر».

وبين أن «إيران من المرجح أن تسعى إلى عدة سبل إضافية؛ الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية للموانئ وأنظمة الملاحة البحرية، وتفعيل الوكلاء الإقليميين لخلق نقاط أزمة متعددة وإرهاق القوات الأمريكية، وعمليات التخريب ضد المنشآت النفطية السعودية والإماراتية، وربما استهداف محطات تحلية المياه في دول الخليج للضغط عليها لمنعها من دعم العمليات الأمريكية».

المصرى اليوم
22 يونيو 2025 |