دخلت الحرب الإسرائيلية الإيرانية مرحلة جديدة وخطيرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجر اليوم الأحد عن تنفيذ ضربات جوية استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية، من بينها منشأة "فوردو" المحصنة تحت الأرض، إضافًة لمنشأتى نطنز وأصفهان النوويتين.

ورغم تأكيد ترامب بأن الهجمات الأمريكية استطاعت تدمير المواقع المستهدفة، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الهجوم لم يُلحق ضررًا كبيرًا بالمنشآت، إذ أنه تم نقل معظم كميات اليورانيوم المخصب في المنشآت إلى مناطق أخرى غير معلنة، وفق ما أعلنته وسائل إعلام إيرانية.
التطور الأخير في مجريات الحرب المشتعلة منذ قرابة 10 أيام، والتي بدأتها إسرائيل بهجمات مفاجئة على مواقع في طهران استهدفت مواقع بنى تحتية وعدد من القيادات العسكرية و علماء مختصين في الشأن النووي، دفع الكثيرين حول العالم للتساؤل: كيف سترد إيران على التصعيد خاصة بعد مشاركة أمريكا في الحرب؟
الهجوم الأميركي تجاوز للخطوط الحمراء
بحسب شبكة "بي بي سي"، فإن إيران أمامها الآن ثلاثة سيناريوهات رئيسية للرد، تختلف في طبيعتها ومدى التصعيد الذي تحمله، خاصة بعد مشاركة واشنطن في الأحداث بسبب فشل الضربات الإسرائيلية المنفردة، على مدى أكثر من أسبوع، في
تدمير المنشآت النووية الأكثر تحصينًا، إذ يرى مراقبون أن دخول واشنطن عسكريًا إلى المشهد يمثل تجاوزًا واضحًا للخطوط الحمراء ويعزز من فرص التصعيد الواسع في المنطقة، ما يجعل الرد الإيراني المرتقب حدثًا مفصليًا في مسار الأزمة.

السيناريوهات الإيرانية المحتملة للرد
السيناريو الأول: تجنب التصعيد
قد تختار إيران عدم الرد العسكري الفوري، وبدلاً من ذلك تتجه نحو مسار دبلوماسي لإعادة فتح قنوات التفاوض مع الولايات المتحدة، هذا الخيار قد يُجنب طهران موجة ضربات أميركية أوسع، لكنه يُهدد صورة النظام داخليًا،
خاصة بعد تحذيراته العلنية من "رد حاسم" في حال تعرض منشآته النووية لهجوم، إذ إن التراجع الآن قد يُفسر على أنه ضعف، مما قد يُقوّض قبضتها على الشارع الإيراني، ويعرضها لضغوط داخلية متزايدة، وفق تعبير الصحيفة.
السيناريو الثاني: الرد السريع والمباشر
الاحتمال الثاني هو أن تُقدم إيران على رد قوي وفوري، باستخدام ما تبقى من ترسانتها الصاروخية، وعلى الرغم من الضربات الإسرائيلية السابقة، ما زالت طهران تملك قدرًا كبيرًا من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى،
بالإضافة إلى القدرة على تنفيذ هجمات بطائرات مسيّرة وزوارق سريعة على السفن أو القواعد الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط، وبحسب "بي بي سي"، فإن لدى إيران ما لا يقل عن 20 قاعدة أميركية على قائمة الأهداف المحتملة.

هذا الرد، رغم كونه ردًا متوقعًا ومنسجمًا مع خطاب طهران السياسي، يحمل خطر توسيع الصراع بشكل حاد، خاصة إذا أدى إلى خسائر أميركية مباشرة.
السيناريو الثالث: الرد المؤجل
الخيار الثالث يتمثل في الرد المؤجل والمباغت، قد تنتظر إيران حتى يهدأ التوتر، ثم تشن هجومًا مفاجئًا على أهداف أميركية في وقت لا تكون فيه القوات الأميركية في حالة تأهب قصوى.
هجوم محدود أم بداية تصعيد شامل؟
وفي إطار السيناريوهات المحتملة أيضًا تناولت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية مجموعة من السيناريوهات الممكنة مع تصاعد الأحداث، إذ رجّحت المجلة أن إيران قد تلجأ إلى سيناريو مشابه لما حدث في 2020 بعد مقتل قاسم
سليماني، عبر ضرب قواعد أميركية بصواريخ محدودة العدد في العراق أو الخليج، ويمكن أن يكون الرد الإيراني محسوبًا بدقة، بحيث لا يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، مما يسمح لترامب بتجاهل التصعيد والاكتفاء بالردع.

ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن إيران قد تعتبر أن التصعيد هو السبيل الوحيد لإجبار واشنطن على التراجع، مستشهدًا بتجربة ترامب في اليمن هذا العام، حين تراجع بعد حملة جوية غير حاسمة ضد الحوثيين.
الخيارات غير التقليدية.. مضيق هرمز والعمليات الخارجية
أوضحت المجلة أنه في سياق أوسع للأحداث، قد تلجأ طهران إلى أدوات غير تقليدية للرد، مثل: تنفيذ هجمات إلكترونية أو اغتيالات مستهدفة ضد شخصيات أميركية أو إسرائيلية، كما قد يمكنها تحريك وكلائها الإقليميين لتنفيذ عمليات ضد المصالح الأميركية في المنطقة، وكذلك تمتلك خيار تهديد الملاحة الدولية عبر زرع ألغام أو شن هجمات بزوارق انتحارية في مضيق هرمز الذي يمر من خلاله 20% من التجارة العالمية.
لكن في الوقت ذاته الذي ترى فيه المجلة أن إيران بإمكانها إغلاق المضيق وإحداث كارثة اقتصادية عالمية كورقة ضغط استراتيجية لديها، إلا أنه حسابات طهران حذرة لأن إغلاق المضيق سيضر بالصين والخليج وهما طرفان تسعى إيران للحفاظ على علاقات جيدة معهما.

قرار في لحظة حاسمة
في النهاية، يبقى الرد الإيراني محط أنظار العالم بأسره، سيناريو التصعيد يبدو واردًا، لكن طهران مدركة لحجم المخاطر والنتائج المترتبة عليه، وفيما تستمر الاجتماعات الدبلوماسية خلف الكواليس، وأعلنت
روسيا والصين عن نيتهما تقديم مشروع قرار لوقف العدوان على إيران، فإن الساعات والأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت الضربة الأميركية ستُغلق باب الحرب أم تفتحه على مصراعيه، وفق قول المجلة الأمريكية.