القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

«روحوا وثقوا طلاقكم»

بقلم سحر الجعارة

"أى طلاق غير موثق لن يعتد به" .. هذه العبارة ، التى قالها الرئيس "عبد الفتاح السيسى" ، لا تنظم علاقة الزوج فحسب بل تنظم "إدارة الدولة" فلا يوجد دولة عصرية حديثة تدار بالفتاوى، وتغرق فى جدل لا ينتهى "حيثما وُجدت المصلحة فثم شرع الله" .

«روحوا وثقوا طلاقكم»

لقد غرقت أوطانا بفتوى مثل جواز "الخروج على الحاكم" ، وسقطت أخرى بمفهوم "الحاكمية" الذى تأسس عليه فكر "الإخوان المسلمين" ، بعدما أطلق "سيد قطب" فكرة الحكم والدولة الذي ولّد منه مفهوماً آخر هو الجاهلية، ومن هذين المصطلحين ترسخ العداء للدولة والمجتمع وحكم عليهما بالكفر والردّة إلى الجاهلية الأولى.

لقد إخترع تيار الإسلام السياسى " دينا موازى" ، دين يجعل من رخصة "تعدد الزوجات" سنة وأحيانا فرض، وينتزع ولاية المرأة على نفسها وعلى اطفالها (السيدة خديجة طلبت الرسول للزواج) .. دين ينسف الدستور والقانون و يهمش "السلطة الشرعية" لتحكم العمائم من الباطن !!. يريدون أن نحيا فى "دولة الفقيه" و أن يصبح النظام الحاكم شكليا .. فقط لأنه يبحث عن "مصلحة العباد" !.

الصراع ليس على الدين السماوى المنزل فى القرآن الكريم ، فهذا متفق عليه لا يملك أحد أن يخالفه ، الصراع على "أدوات الحكم" وبالتالى يصبح الإحتكام إلى حديث ضعيف فى قضية الحجاب لإضفاء التدين المظهرى على

الناس و نشر "الرمز السياسي" .. ويصبح "التكفير" سلاحا ماضيا فى إيديهم : من ينشر التسامح وقبول المختلف، من ينتصر لحرية المرأة ، من يكتب أو يعارض فتواهم، من يبشر بالدين المعتدل الذى غاب، من يكفر "داعش"

التى ترتكز فكريا على أدبياتهم .. كل هؤلاء وغيرهم كفار دمهم مهدر وسمعتهم فى الحضيض لأن أصحاب التوكيل الحصرى لدخول الجنة لم يرضوا عنهم ، وللأسف فى إيديهم قانون ازدراء الأديان ( المادة 89 و من قانون العقوبات)!.

نعم نحن نختلف ، ليس فى الطلاق الشفهى فحسب، نحن شعب يحارب الإرهاب ولا نغازل "داعش" فلا نرفض تكفيرهم لأن بينهم من ينطق الشهادة .. نحن نرفض الكهنوت الدينى وأن يحدد لنا أحد بأى قدم ندخل الحمام

أو نهب أملاكنا لبناتنا .. وقس على ذلك.الرئيس "السيسى" يدعو لإعادة فهم المعتقد لتجفيف منابع الإرهاب، وهم يصادرون حق الإجتهاد ويرهبوننا.. الرئيس يحث المجلس التشريعى على تغليظ عقوبة الضرب

للقضاء على "العنف الأسرى" وهم يلحون على الناس بضرب "البهيمة إذا شردت" !.. يبحث الرئيس عن قانون أحوال شخصية عادل يقضى على المشاكل الأسرية التى أنهكت منظومة القضاء وهم يريدون إحتكار حياة

الناس باللجوء إليهم فى كل صغيرة وكبيرة : ( الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية:على مدى 5 سنوات عملنا فتاوى طلاق على 3 مراحل ويعرض علينا شهريا 5000 فتوى أي 60 ألف فتوى سنويا و300 ألف فتوى طلاق

خلال 5 سنوات، وبالفعل الطلاق لا يقع إلا عندي أنا في النهاية، ومن خلال الـ5 سنوات الماضية نتيجة التسرع في الألفاظ وحالات الغضب وأسباب عديدة لا يقع من الطلاق إلا حالتان اللي قلت لهم روحوا وثقوا طلاقكم ).

ستون ألف فتوى سنويا تتعلق بالطلاق وحده فمابالك بفتاوى الميراث والهبة ومعاملات البيع والشراء وفوائد البنوك و السفر و زرع الأعضاء .. إلخ تفاصيل الحياة التى أصبحت فى قبضة

الكهنة !.هل يجب أن نلجأ إلى الدين فى كل شعرة أو تفصيلة فى حياتنا؟؟.. نعم ، لكن السؤال نلجأ لأى دين ؟ هل للفقهاء الذين أباحوا زواج الطفلة ( فى سن السادسة وأصغر ) ؟.. هل دين

الختان والنقاب وإغتصاب الزوجة فى الفراش؟ .. دين التنمر بغير المحجبة و التحرش بها بزعم أنها "أسقطت رخصتها الشرعية للخروج من المنزل) ؟.. قطعا الدين كرم المرأة لكن البعض يحاول وئدها .

للأسف الوجوه القبيحة التى إختفت من وسائل الإعلام تربعت على عرش السوشيال ميديا ، وهى الأكثر شعبية وجماهيرية لأنها تمنح الذكور كل ما يرغبون فيه من شهوتهم إلى حب إمتلاك كل شئ وأى شئ ، هؤلاء من حكموا على المرأة ألا ترث فى بعض قرى صعيد مصر ، هؤلاء من حولوا "النسوية" إلى رجس من عمل الشيطان ، من قالوا أن الشنطة الحمراء مثيرة وأن المرأة تقطع الصلاة مثل الحمير.

لم نعد نريد هؤلاء ولا من يدعون الوسطية وهم أكثر إغراقا فى "الجاهلية والتجهيل" .. نريد "قانونا عادل" يدير المعاملات الإنسانية التى عجزنا عن تنظيمها بدين الله الحق .

سحر الجعارة - الوطن
23 مارس 2023 |