
قرّرت أن أتبع هذا الراهب، ملامحه غير شرقيّة، صعدت في سيارتي حتى وصلت إليه، ألقيت عليه السلام حتى عرفت أنه يتحدّث الفرنسية. طلبت منه الصعود إلى السيارة، عرفت أنه متوجّه إلى كفيفان حيث ضريح القديس نعمة الله الحرديني.
دقائق معدودات، عرفت أنّ الراهب هو كاهن أرثوذكسي متزوّج يعيش في سويسرا، طلب إليه أسقفه أن يأتي إلى لبنان ويجمع ذخائر القديسين. قابل رئيس دير مار مارون عنايا، حصل على ذخيرة للقديس شربل، صعد إلى المحبسة، صلّى، تأمّل، وقرّر السير نحو كفيفان.
أخبرته أنّ الطريق طويل، لكني سأقدّم المساعدة في إيصاله إلى كفيفان، فوافق. هناك، حصل الكاهن على ذخائر القديسين نعمة الله الحرديني ورفقا ( جربتا)، وذخيرة للطوباوي الأخ اسطفان نعمه.
مساء، عرضت عليه الإقامة في منزلي، شاهد تمثال مريم في حديقة المنزل، أخبرته أني كنت أنتظر أحد الكهنة لمباركتها، فتكرّم برشّ الماء المقدس على التمثال على الرغم أنّ الأرثوذكس يؤمنون فقط بالأيقونات.
في صباح اليوم التالي، فقت في تمام السادسة حيث رأيت الراهب ينظّف المطبخ. شكرني على كلّ شيء، وعدت وأوصلته إلى بيروت حيث بات الليل في مكان ما، وعاد وسافر إلى سويسرا وانقطع التواصل بعد ذلك.
أبناء الله، أخوة يسوع، يعرفون بعضهم البعض، لا يميّزون بين كاثوليكي وأرثوذكسي، لا يجادلون ولا يكنّون سوى المحبة لبعضهم البعض.
ذاك الراهب جاء من سويسرا مؤمناً هو واسقفه أنّ الكنيسة الكاثوليكية هي كنيسة القديسين أيضاً، لم أسمع منه إلا كلام المحبة تجاه شربل ورفقا، أخبرته ما أعرفه عنهما، وأخبرني أنه قرأ كتابيهما قبل المجيء إلى لبنان.
ابناء الله، فاعلو خير، يبحثون عن القداسة، يبحثون عن الله في كلّ إنسان، لا يقيمون للخلافات اعتباراً، ولا يقاتلون الآخر لأنه من غير طائفة، إنما يبنون الجسور للوصول معاً إلى الله.
في عالم اليوم، كم نحن بحاجة إلى قديسن أحياء، إلى رهبان وعلمانيين يعملون من أجل الخير العام، من أجل وحدة الكنيسة في المحبة قبل الوحدة في الشكل.
كلّ مملكة تنقسم على ذاتها تخرب، اليس هذا ما قاله يسوع؟
إلى متى سنبقى على اختلافاتنا وانقساماتنا، حتى إنه في الكنيسة الواحدة نشهد صراعات بعيدة كل البعد عن يسوع، وما زال بعضنا يسأل لماذا يحصل كل هذا في العالم ولماذا المسيحيون يعانون أكثر من وساهم، والجواب بسيط، لأننا نحن المسيحيين وللأسف لا نحب بعضنا البعض.