تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الإثنين، بالذكرى السابعة والتسعون لميلاد البابا الراحل شنودة الثالث، والتى تصادف عودة فتح الكنائس مجددا.
ولد البابا باسم نظير جيد روفائيل، فى 3 أغسطس عام 1923 بقرية سلام بمحافظة أسيوط، ودرس التاريخ الفرعونى والإسلامى بجامعة فؤاد الأول، وتخرج عام 1947 بتقدير عام ممتاز.
التحق وهو بالسنة النهائية بالكلية الإكليركية، وعقب حصوله على الليسانس بـ3 أعوام، تخرج فى الكلية الإكليركية، ليعمل مدرسا للتاريخ، كما أنه كان يحضر فصولا مسائية فى كلية اللاهوت القبطى، أى أنه كان تلميذًا وأستاذًا فى الكلية نفسها فى الوقت نفسه.
وحظى البابا شنودة بمكانة كبيرة فى نفوس محبيه حول العالم، من خلال روحه الفكاهية التى لازمته
حتى الأيام الأخيرة قبل وفاته، وكذا اشتباكه مع القضايا السياسية والاجتماعية المختلفة، ما جعله صاحب "كاريزما" وحضور كبير.
انتخابه لمنصب البابوية
قال البابا شنودة ذات مرة إنه وجد فى الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء، ومنذ عام 1956 حتى عام 1962، عاش حياة الوحدة فى مغارة تبعد حوالى 7 أميال عن مبنى الدير، مكرسا وقته للتأمل والصلاة، قام الأنبا "ثاؤفيلس" بإسناد المكتبة الاستعارية والمخطوطات فى دير السريان إلى قداسته وهو راهب.
أجريت انتخابات البابا الجديد فى الأربعاء 13 أكتوبر، ثم جاء حفل تتويج البابا شنودة للجلوس على كرسى البابوية فى الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة، فى 14 نوفمبر 1971 وبذلك أصبح البابا رقم 117 فى تاريخ البطاركة.
بلغت الكتب التى قام بتأليفها أكثر من مائة كتاب فى العقيدة والتاريخ واللاهوت والروحانيات والمزامير، وفى درس الكتاب والقوانين الكنسية، ومقالاته فى الكرازة لا تعد ولا تحصى وكتب مقالات لجريدة وطنى، وفى الجمهورية وأخبار اليوم وغيرها.
عمل لسنوات محررا ثم رئيسا للتحرير فى مجلة مدارس الأحد، ثم ضابطاً برتبة ملازم بالجيش، ومنحت نقابة الصحفيين "الأنبا شنودة" عضوية النقابة عام 1966، وكان رقم عضويته "156"، أى قبل تنصيبه بطريرك للكنيسة الأرثوذكسية بـ 5 سنوات.
محب للشعر
لم تكن حياة البابا شنودة مقتصرة على الدراسة والصلاة فقط، لكنه كان يحب كتابة الشعر، حيث علم نفسه الشعر وكتابة القوافى من خلال كتاب "أهدى سبيل إلى عِلمى الخليل"، وساعده انعزاله عن العالم على التأمل وأخراج العديد من القصائد.
ومن أجمل ماكتب قداسة البابا شنودة قصيدة "سائح أنا فى البيداء وحدى"، وتعد هذه القصيدة من أشهر ماكتبه قداسة البابا شنودة، فتستعرض تلك القصيدة حياة البابا فى الصحراء وحده جاهلا ماقد يصيبه.
وتقول مقدمة القصيدة " أنا فى البيداء وحدى ليس لى شأن بغيرى... لى جحرُ فى شقوق التل قد أخفيت جحرى... وسأمضى منه يومًا ساكنا ما لست أدرى".
علاقة البابا شنودة بالشيخ الشعراوى
كانت علاقة البابا شنودة الثالث بالشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله، من علاقات الود النادرة والمثيرة للإعجاب، فقد جمعتهم لقاءات كثيرة تبادلا فيها الحكايات والضحكات والمناقشات الهادفة.
وتجلى ذلك الود عندما رقد الشيخ الشعراوى فى سرير المرض، فاحتفظ البابا شنودة بصورة له فى مكتبه الخاص ليصلى ويوقد الشموع من أجل شفائه وعودته لأرض الوطن بعد إجراء عملية جراحية فى لندن.
ومن أقوال الشيخ الشعراوى بعد عودته من رحلة العلاج: "من منح الله لى فى محنتى أنه جعلنى أجلس مع قداسة البابا شنودة"، والتى رد عليها البابا شنودة قائلًا: "الذين ارتبطوا بالسماء يجب أن يضعوا
أيديهم فى أيدى بعض دائما من أجل ما اتفقوا عليه ويتركوا ما اختلفوا فيه، خاصة أن الملحدين يأخذون من الخلاف حجة لكى يبتعدوا عن الإيمان، ونشكر الله لأن المساحة المشتركة بيننا واسعة لكى نعمل فيها معا".
أما عن أبرز مواقفه السياسية، فقد سجل البابا شنودة رفضه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وأكد ذلك بأنه قرر عدم الذهاب مع الرئيس "السادات" فى زيارته إلى إسرائيل عام 1977.
جوانب خفية فى شخصية البابا شنودة
وفيما يخص الجانب الإنسانى، كشف الأنبا أرميا، سكرتير البابا شنودة تفاصيل الجانب الخفى فى شخصية البابا شنودة، وهى حبه للعزلة والزهد، حيث كان قليل الأكل، وعشقه للأطفال، فقد التقطت العديد من الصور له وهو يلاطف الأطفال ويضحك معهم.
وقال الأنبا أرميا إن البابا شنودة لم يتوقف عن الكتابة حتى فى أيام مرضه الأخيرة، فعندما بدأ المرض يشتد عليه بسبب الغسيل الكلوى، كان يمليه المقالات حتى لا تتوقف دعوته للحب والسلام والإخاء بين المسيحيين والمسلمين.



