Our App on Google Play Twitter Home أبحث

تفسير الاصحاح السابع والعشرون من سفر اللاويين للقمص تادري يعقوب ملطى

النذور والبكور

إن كان سفر اللاويين هو سفر التقديس والمصالحة بين الله القدوس وشعبه خلال الذبيحة التي يقدمها الكاهن، وقد أعلن الله غايته من الإنسان أن يدخل به إلى فرح لا ينقطع خلال الأعياد المستمرة والمتنوعة، فإنه يختم السفر بإعلان شريعة النذور والبكور والعشور، وكأنه يعلن أن الحب بين الله والإنسان متبادل ومشترك، فيقابل الإنسان محبة الله الفائقة بنذر حياته وتكريسها له ونذر حيواناته وبيوته وحقوله بكامل حريته.

1. شريعة النذور [1-25].
2. شريعة الأبكار [26-27].
3. شريعة المحرمات [28-29].
4. شريعة العشور [30-34].

line

1. شريعة النذور:

النذر لكي يكون صحيحًا يلزمه تحقيق شرطين: الأول حرية الناذر كأن يكون إنسانًا ناضجًا في غير وصاية أحد، فإن كان الناذر عبدًا يتحرر من النذر إن سمع سيده بالنذر واعترض حال سماعه، وأيضًا إن كان الناذر زوجة فلا تلتزم بالنذر إن اعترض رجلها عند سماعه بالنذور وهكذا الفتاة التي في بيت أبيها.. أما الشرط الثاني فهو أن يكون موضوع النذر مقدسًا وليس نجسًا وإلاَّ دُفع عنه فدية، فلا يجوز تقديم حيوانات نجسة مثلاً في بيت الرب، ولا يجوز أيضًا تقديم النذر من ثمن خطية كأن تفي سيدة نذرها أجرة زناها.

إذن من هو هذا النذير الكامل الحرية الذي يقدم نذرًا مقدسًا يفرح قلب الآب إلاَّ كلمة الله المتجسد، الذي قدم حياته ذبيحة محرقة وطاعة للآب فاشتمها أبوه الصالح رائحة ذكية. ونحن أيضًا لكي نقدم نذرنا يلزمنا أن نختفي في النذير كأعضاء جسده فتفوح فينا رائحته السماوية قادرة أن تبهج قلب الآب.

أ. بدأت هنا الشريعة بنذر الأشخاص، كما نذرت حنه إبنها صموئيل للرب (1 صم 1: 11)، وكان يمكن للشخـص أو وليه أن يفي بمبلغ معين فدية عن النذير، وتقدر

line

الشريعة الفدية هكذا:


أولاً: يقوم موسى النبي نفسه بالتقويم للفدية [2]، وقد صار ذلك من حق الكاهن فيما بعد.

ثانيًا: تقدر الفدية على أساس "شاقل المقدس"، أي الشاقل المحفوظ في الهيكل، وتكون الفدية هكذا:

بالنسبة للذكر من سن20 إلى60 تقدر بخمسين شاقلاً،
بالنسة للأنثى في ذات السن تقدر بثلاثين شاقلاً،
بالنسبة للذكر (من سن 5-20) تقدر بعشرين شاقلاً،
بالنسبة للأنثى (من سن 5-20) تقدر بعشرة شواقل،
بالنسبة للذكر (من شهر- 5 سنوات) تقدر بخمسة شواقل،
بالنسبة للأنثى في ذات السن تقدر بثلاث شواقل.

ثالثًا: إن كان الشخص فقيرًا يقومه الكاهن حسب قدرة ما تنال يّد الناذر [8].. إذ يترفق الله بالإنسان!

ب. بالنسبة لنذر الحيوانات [9-13]، فإن كان النذر حيوانًا طاهرًا يمكن تقديمه ذبيحة لا يجوز إستبداله بما هو أردأ منه أو حتى بما هو أفضل منه، فإن أبدله الناذر يلتزم بتقديم الإثنين الحيوان الأصلي وبديله. أما إن كان الحيوان نجسًا أو به عيب فيقدم أمام الكاهن ويقدر الثمن ليباع ويدخل ثمنه في صندوق بيت الرب. إن أراد الشخص أن يقتني الحيوان فيقدر الثمن ليدفعه مضافًا إليه الخمس.

في هذه الشريعة الخاصة بنذر الحيوانات يؤكد الله مبدأين: الأول بعدم استبدال الحيوان الطاهر لأنه يطلب الإنسان الطاهر له دون استبدال، يحبه لنفسه. والثاني عدم استلام الحيوان الدنس لأنه لا يقبل في مقدساته شيئًا دنسًا. بمعنى آخر إن كان الله يحبنا ويطلبنا بأسمائنا كأولاد له، لكنه لا يقبل دنسين معه في أحضانه.

ج. بالنسبة لنذر البيوت [14-15]، إذا اشتاق إنسان أن يكرس بيتًا للرب يقيم الكاهن ثمنه ليباع ويضم الثمن إلى خزينة بيت الرب، أما إذا أراد صاحبه أن يقتنيه فيدفع الثمن مضافًا إليه الخمس.

د. بالنسبة لنذر الحقول [16-25]، يميز بين الحقل الذي ملك لصاحبه يتمتع به خلال الميراث، والآخر يكون قد اقتناه خلال الشراء. بالنسبة للحقل الموروث إذ يرجع إلى صاحبه في سنة اليوبيل لذا إن أراد صاحبه أن يفك بقدر ثمنه حسب عدد السنوات الباقية إلى اليوبيل مضافًا إليه الخمس إن لم يهتم صاحب الحقل أو وليه بفك الحقل لا يرجع إليه الحقل حتى في سنة اليوبيل بل يصير للكاهن الذي يزرعه على الدوام.

كانت هذه الشريعة حافزة لكل إنسان أن يسترد حقله ولا يستهين بميراثه. أما بالنسبة للحقل المشترى فإن أراد استرداده تحسب قيمته حتى اليوبيل دون أن يضيف الخمس لأنه في اليوبيل يرجع الحقل إلى صاحبه الأصلي، وإن لم يسترده ففي اليوبيل تئول ملكيته لصاحبه الأول أي للبائع.

يمكننا أن نلخص الشرائع الخاصة بالنذور متطلعين إليها كشرائع تمس حياتنا وعلاقتنا بالله، فنذر الأشخاص يُشير إلى تكريس القلب الداخلي الذي افتداه ربنا يسوع لا بشواقل ذهب أو فضة وإنما بدمه الثمين. ونذر الحيوانات يُشير إلي تقديس الجسد ليكون مقدسًا للرب وآلات برّ تعمل لحساب ملكوته. أما نذر البيوت فيُشير إلى تقديم حياتنا كلها كمسكن لله، ونذر الحقول المثمرة تُشير إلى تقديس طاقاتنا وأعمالنا اليومية.

line

2. شريعة الأبكار:

في الحديث السابق أوضح النذور الإختيارية، أما بالنسبة للأبكار فهي قدس للرب، نلتزم بتقديمها للرب دون أن ننذرها. فإن كان الحيوان طاهرًا يفرزه للرب دون أن يستبدله، أما إن كان دنسًا إما أن يباع ويدفع ثمنه للخزينة أو يفديه صاحبه بدفع ثمنه مضافًا إليه الخمس.

البكر الطاهر هو ربنا يسوع المسيح الذي قبله الآب ذبيحة حب، خارجه لا يمكن أن يكون لنا موضع في بيت الرب بل نحسب دنسين ومطرودين من المقدسات الإلهية.

line

3. شريعة المحرمات:

يبدو أن المحرم هو الشخص أو الشيء الذي لا يجوز إستخدامه أو التعامل معه. فالشخص المحرم هو الإنسان الخطير الذي أفسد حياته بالعبادات الوثنية والرجاسات لذا أمرت الشريعة بقتله، الأمر الذي يبدو لنا فيه قسوة، لكننا إن عدنا إلى ذلك العصر لنجد بعض الشعوب الوثنية المحيطة يلذ لها تقديم أولادها البكور ذبائح بشرية للآلهة، مع ممارسة الزنا والرجاسات كجزء لا يتجزأ من العبادة لأدركنا لماذا حرم الله هذه الشعوب حتى لا تفسد الخميرة التي كان يجب أن تكون مقدسة.

أما المحرم من الحيوانات والحقول فكانت تستخدم في خدمة بيت الرب، يستخدمها الكهنة دون سواهم، أما المحرم من الذهب والفضة فيدخل خزينة بيت الرب.

line

4. شريعة العشور:

كان الشعب يقدم عشر المحاصيل الزراعية سواء من الحبوب أو الفاكهة قدسًا للرب، فإن أراد الأحتفاظ بالعشر يدفع ثمنه مضافًا إليه الخمس. أما بالنسبة للحيوانات فكانت العشور تقدم هكذا: يخرجون الأمهات خارجًا ثم يعبرون بالصغار من باب ضيق لا يسع إلاَّ واحدًا منها، فيكون عند مرورها يرفع الشخص عصا ليعد تسعة ويكون العاشر للرب فيضع عليه علامة تميزه، وبهذا لا يكون لصاحبها دخل في الإختيار، وليس من حقه إبدال حيوان بآخر حتى إن أراد أن يقدم ما هو أفضل، فإن أبدل حيوانًا يكون الإثنان للرب.

يحدثنا الأب ثيوناس عن العشور فيقول: [عندما نقدم لله العشور نكون لا نزال منحدرين إلى أسفل نحو الأرضيات تحت عبء الناموس، عاجزين عن الإرتفاع إلى علو الإنجيل الذي من يعمل بموجبه يُكافأ ليس فقط ببركات الحياة الحاضرة بل بالخيرات العتيدة.. إذ يقول الرب لتلاميذه: "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات" (مت 5: 3)، "كل من ترك بيوتًا أو إخوة أو أخوات أو أبًا أو أمًا أو إمرأة أو أولادًا أو حقولاً من أجل إسمي يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية (مت 19: 29)[324]].

line
المراجع:
[324] Cassian: Conf. 21:5.