القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

يوسف ندا.. لغز الملياردير الإخواني الذي لا يراه أحد

يحظى يوسف ندا القيادى الإخوانى الكبير بثقة كبيرة لدى الأوساط الإيرانية، خاصة لما لعبه من أدوار وساطة سابقة بين إيران ودول الخليج خلال عدة أزمات فى السابق منها أزمة الحجاج الإيرانيين عام 1994،

يوسف ندا.. لغز الملياردير الإخواني الذي لا يراه أحد

فضلًا عن علاقاته الوطيدة مع الإيرانيين وفى مقدمتهم مرشد الجمهورية الإيرانية على خامنئى وكثير من رجالات النظام هناك. وفى كتابه الذى نشرته دارالشروق بمصر، (من داخل الإخوان المسلمين) صورة كبيرة

له وهو يفتتح مشروعًا سكنيًا ضخمًا قام بإنشائه فى العاصمة الإيرانية طهران، فقد أوكلوا إليه بناء الجانب الغربى من مدينة طهران الجديدة، وقام بالفعل بالتنفيذ.. فلا يهم لدى الإخوان شىء سوى المصلحة.

كعادة الإخوان فهو حاول فى كتابه أن يثبت أن للجماعة دورا كبيرا فى إدارة شئون العالم وليس مصر وحدها، يقول فى كتابه: (أثناء حكم الملك فهد، نجحت صلاتى به فى إيقاف الحرب بين المملكة العربية واليمن، وأصلحت الوضع بين السعودية وإيران، كما عملت مع اليمنيين أثناء حربهم ولإنهاء نزاعهم مع إريتريا، حول جزر حنيش وسقر، كما تحركت فى مهام فى إندونيسيا وماليزيا وتركيا). (ص 153).

كما قال: (قبل بداية موسم الحج التالى لتلك الأحداث، أراد قادة الشرق الأوسط تلافى المشكلات فى المدينة المقدسة فى المستقبل، وتم الاتصال بى لأتوسط، وهذه المرة استطعت أن أغير أحداث العالم دون أن أغادر بيتى فى كمبيوني). (ص 133).

كما تحدث أيضًا عن مسألة تكفيره للشيعة، وقال: إن الشيعة مثل السنة مع بعض الاختلافات فى ممارسة العبادات. (ص 234).

قال ندا: (المذاهب الخمسة جميعها تؤمن بنفس الإله ونفس النبى وتؤتى الزكاة وتؤمن بالقرآن، وتصلى نفس الصلوات وتصوم نفس الصيام، والذين خانوا أجيال المسلمين وفرقوهم على مدى خمسة عشر قرنًا ينبغى ألا يحلموا بدخول الجنة) (ص 120).

وقبل سنوات قليلة - وعبر قناة الجزيرة - فسَّر يوسف ندا، صمود العلاقة بين إيران والإخوان مستشهدًا بمقولة حسن البنا الشهيرة: هناك مبدأ عام فى التعاون بين الإسلاميين: نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.

اسمه بالكامل يوسف مصطفى على ندا ولد فى الإسكندرية عام 1931م، وتخرج فى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية، ثم بدأ نشاطه العملى بتأسيس معمل للألبان فى الإسكندرية، وانضم لجماعة الإخوان المسلمين عام 1947، قضى

فترة ما قبل ثورة يوليو يؤسس لبعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية الممولة لجماعة الإخوان فى داخل مصر، وقد أظهر نجاحًا لافتًا فى هذا المضمار، وظل يمارس هذا النشاط حتى تم القبض عليه فى قضية محاولة اغتيال

جمال عبدالناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية فى أكتوبر عام 1954م، حيث قضى ما يقرب من عامين فى السجن ثم أفرج عنه فى إبريل عام 1956م ليغادر مصر سريعًا بعد ذلك مباشرة، ليصبح فيما بعد (مفوض علاقات الإخوان الخارجية).

حمل يوسف ندا الجنسية الإيطالية، ومنها بدأ حياته التجارية وثروته الضخمة، وفيها أيضا عين كمفوض للعلاقات الدولية فى جماعة الإخوان المسلمين، فهو يحظى بشبكة هائلة من العلاقات الدولية استطاع خلال عشرات السنوات من إقامته بعواصم أوروبية أن ينسجها مع عدد كبير من قادة وزعماء العالم.

بداية الظهور العلنى ليوسف ندا كانت بالتعاون مع أحد شركائه يدعى غالب همت وهو أحد قيادات إخوان سوريا، حيث ظهرا فى الأوساط التجارية العالمية يمتلكان مؤسسة ندا للإدارة التى تم تأسيسها فى

أواخر 1980، ثم فى خطوتهما التالية وهى الأكبر والأخطر كانت (بنك التقوى - الباهاما) وهو بنك تأسس فى العام 1988م كأول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، وبالفعل استطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة

فى سنواته الأولى ليصبح يوسف ندا شخصية مرموقة فى عالم الاقتصاد والمال فى أوروبا ودول العالم الإسلامى، ويقع مركز البنك الرئيسى فى جزيرة ناسو بجزر الباهاما المجاورة للولايات المتحدة

الأمريكية، وهى جزر متاح بها العمل على نظام الأوفشور فى العمليات المصرفية والاستثمارية دون مراقبة ضريبية من الحكومات، وعرف عن هذا البنك فى فترته الأولى تسمية أخرى شائعة بنك جماعة الإخوان المسلمين.

كانت الميزانية المعلنة لـبنك التقوى قد أشهرت فى 31 ديسمبر 1994 بـ 258.667 مليون دولار أمريكى، ثم فى لعبة مالية غامضة لها علاقة بخطط التنظيم الدولى آنذاك أفلس البنك فى العام 1998م، واتهم عددا من أعضاء جماعة الإخوان رئيس

مجلس إدارة البنك المليونير يوسف ندا بقيامه متعمدًا بإفلاس البنك، ثم بعدها بفترة وجيزة أعلن الرئيس الأمريكى جورج بوش عقب عملية 11 سبتمبر 2001م بتفجير برجى التجارة بنيويورك تجميد أموال مجموعة التقوى بتهمة دعم الإرهاب.

كان من كبار المودعين فى بنك التقوى كل من يوسف القرضاوى، وزغلول النجار، وخيرت الشاطر، وفى هذا الوقت وجهت اتهامات للبنك بوجود صلات بعدة منظمات وشخصيات إرهابية دولية مثل أسامة بن

لادن وتنظيم القاعدة، إذ كان اثنان من أقرباء أسامة بن لادن من بين حملة الأسهم فى البنك، وخلال التحقيقات بشأن تفجيرات سفارتى الولايات المتحدة الأمريكية بشرق أفريقيا تفجيرات نيروبى

ودارالسلام فى العام 1998م، اكتشف أن أحد مؤسسى البنك وهو أحمد إدريس نصر الدين وهو ثرى من أصول إثيوبية عمل ذات مرة قنصلًا فخريًا للكويت فى ميلانو، هو أحد الموظفين السابقين فى مجموعة بن

لادن، وقد كان نصر الدين الممول الرئيسى للمركز الإسلامى فى ميلانو، الذى ذكرت الأجهزة الأمنية الأمريكية أن المركز اعتبر محطة لإرسال المتدربين إلى معسكر تدريب تنظيم القاعدة فى أفغانستان.

من مؤسسات ندا مؤسسة ندا للإدارة، التى كان مقرها مدينة لوجانو السويسرية، وكانت تدير بنك التقوى من ضمن أنشطتها المتعددة والمتشعبة، تم تغيير اسمها فى العام 2000 لتصبح مؤسسة التقوى للإدارة، واعتبارًا من

أغسطس 2002 أصبح ليوسف ندا كيانان، الأول شركة التقوى للتجارة والعقارات، والثانية مؤسسة ندا الدولية، ورغم كل هذه المؤسسات لم يستطع أى من التقارير الرسمية المالية أو الضريبية أن تحصر ثروة الرجل حتى الآن.

سبق أن أصدر الرئيس المعزول محمد مرسى فى يوليو 2012 عفوًا عامًا عن يوسف ندا فى خطوة كانت غير مفهومة حينئذ، ولكنها كانت فى إطار ضمان فتح قنوات جديدة لتمويل الجماعة، لكن الرجل رفض المجىء لمصر رغم إنهاء الحظر المفروض عليه، وهى خطوة تزامنت مع عفو الإدارة الأمريكية عن أمواله فى البنوك حيث استرد ثروة ضخمة قدرتها بعض المصادر بحوالى 12 مليار دولار.

لندا علاقات واسعة مع حمد بن جاسم وزير خارجية قطر السابق، والمحرك الرئيسى لكل الساسة القطريين، حيث التقيا أكثر من مرة، وتشير تلك العلاقة بين القطريين وندا، إلى دعم الإخوان وقطر معًا لكل الجماعات الإرهابية، حيث

تجدر الإشارة إلى تقرير مجلس الأمن رقم 12671989 بشأن تنظيم القاعدة والكيانات والأشخاص المرتبطين به، وتم نشره فى 9 أبريل من العام 2002، وهو التقرير الذى من خلاله تم إدراج يوسف ندا فى 9 نوفمبر عام 2001 فى الفقرة الثامنة منه

كونه مساهما فى تنظيم القاعدة، وذلك وفق نص التقرير كونه مشاركًا بالتمويل والتخطيط والإعداد وتسهيل الدعم للأنشطة المقترنة والداعمة أو التى تعمل باسم تنظيم القاعدة، بعد أن رصد التقرير أن يوسف ندا مول عمليات إرهابية

قام بها تنظيم القاعدة من خلال الشبكة المصرفية الواسعة والمنتشرة من خلال فروع شركاته، التى قادها أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، وبالرغم من قيام الأمم المتحدة فى مارس من العام 2010 برفع اسم يوسف ندا من قوائم المطلوبين دوليًا.

إن الإمبراطورية المالية الضخمة للإخوان لم تلعب دورًا فقط فى دعم الإرهاب، بل لعبت دورًا أكبر بكثير فى كل المشكلات والسياسات التى انتهجتها الدوحة مع مصر، أو مع جيرانها الخليجيين، وكل ما حصل هو بتوقيع يوسف ندا.

الدستور
08 يونيو 2017 |