داخل منزلها المتواضع بحي الشرق، تحتضن الدكتورة كريستين زاهر حنا، أستاذة مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة بورسعيد، بين جنباته كنوزًا

من كتب الدين الإسلامي، ويزين ثغرها ابتسامة عريضة تروي قصة فريدة من نوعها، فبفخر واعتزاز، تحدثت كريستين لـ "مصراوي" عن رحلتها الأكاديمية التي بدأت في
تسعينيات القرن الماضي، لتصبح أول أستاذة مسيحية تتخصص في الدراسات الإسلامية بالجامعات المصرية، بفضل دعم وتوصية حاسمة من فضيلة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي عام 2002.
"بدايتي مع الدراسات الإسلامية كانت شغفًا خالصًا".. هكذا استهلت الدكتورة كريستين حديثها، مسترجعة سنوات الدراسة بقسم مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والدراسات الإسلامية، لم تكن الطريق ممهدة بالورود، فواجهت بعض العقبات في بداية دخولها القسم، لكن إصرارها ودعم أسرتها وزملائها وأصدقاء والدها كان أقوى من كل التحديات، لتتوج تلك المرحلة بتفوقها وحصولها على المرتبة الأولى على دفعتها.
ولعل اللحظة الأبرز في مسيرتها الأكاديمية كانت سعيها لتعيينها معيدة بالقسم عام 2002، هنا، كان لفضيلة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي دور محوري، حيث وقفت كلماته بمثابة تأشيرة العبور نحو تحقيق حلمها.
وتكشف كريستين عن تلك اللحظة قائلة: "لكي أُعين معيدة في القسم، احتجت لدعم شيخ الأزهر الذي وقف بجانبي وساندني، وقال في تأشيرته على خطابي: حقا وعدلا تتخذوا تجاه كريستين ما ترونه لازما".
بتلك التوصية القيّمة، عُينت كريستين معيدة عام 2002، لتواصل رحلتها العلمية بحصولها على درجتي الماجستير والدكتوراه، ثم ترقيتها في ذات القسم إلى أستاذ مساعد، وصولًا إلى قمة الهرم الأكاديمي بحصولها على درجة الأستاذية عام 2023 في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وتؤكد أن علاقتها بطلابها وزملائها طوال هذه الفترة كانت إنسانية خالصة، قائمة على الاحترام والمودة.
وتسترجع الدكتورة كريستين سنوات دراستها الأولى في التسعينيات، حيث كانت تدرس بتعمق التخصص الإسلامي وتحفظ سورًا قرآنية وأحاديث نبوية، ورغم صعوبة البدايات، إلا أن دعم أسرتها ورفاقها سهّل عليها تلك المشقة.
وتضيف بفخر: "عندما كنت طالبة، كنت أنا الطالبة المسيحية الوحيدة وسط 92 طالبًا مسلمًا، وحققت المرتبة الأولى بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف، لأنني كنت أحفظ ما يُطلب مني، ورغم أن أساتذتي أعفوني من حفظ السور القرآنية مثل الإسراء والنور والنبأ، إلا أنني كنت أرفض الإعفاء وأحرص على الحفظ والتلاوة والتجويد".
وتوضح أن دراستها للدين الإسلامي عمّقت لديها احترام الآخر والتعامل مع الناس بمحبة وصدق، وهي القيم التي تربي عليها بناتها حاليًا، وتحرص على غرسها في نفوسهن، تمامًا كما تربت هي في أسرتها. وتؤكد أن الداعم الأكبر لها في كل مراحل حياتها كان والدها وزوجها "سامح"، اللذين ساندها في تجاوز أي صعوبات.
وفي ختام حديثها، وجهت الدكتورة كريستين رسالة مؤثرة للجميع، قائلة: "المحبة والاحترام هما أساس التعامل، فالدين المعاملة، ابحثوا عن كل ما يجمع بين الأديان ستجدون قيمًا كثيرة، وابتعدوا عن الاختلافات لتقدير العيش في مجتمعكم، واحترموا ذواتكم وبالتالي ستحترمون الآخر".








