القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

تجنبوا شرب المنبهات من الليلة.. الصحة توجه نداء عاجلا للمواطنين

تفسير الكتاب المقدس العهد الجديد تفسير رسالة رومية الاصحاح الثانى


للقمص انطونيوس فكرى

تفسير رسالة رومية الأصحاح 2

الإصحاح الثاني

إدانة الآخرين:- هذا الإصحاح يحدثنا عن أن اليهود كانوا يدينون الأمم ولكن حتى نستفيد من الإصحاح لأنفسنا، فعلينا أن نفهم أن هذا الإصحاح موجه لنا قبل أن يوجه لليهود. ولنفهم أن هناك خطأ شائع

يغضب الله أن الناس اعتادوا أن يتجاهلوا أخطاءهم معتمدين علي أن الناس لا تعرفها، ولكنهم لا يرون عذراً لغيرهم فيما يرتكبونه من أخطاء. لأنه من السهل أن أدين الآخرين ومن الصعب أن أدين نفسي.

بينما أن الله يريدنا أن لا ننشغل بخطايا الآخرين إنما نقدّم توبة عن خطايانا (مت1:7-5). وعلينا أن نفهم أننا إن كنا لا نخطئ بنفس خطايا الآخرين فذلك ليس راجعاً لقداستنا بل لأن الله يستر علينا،

أما من يهزأ بمن يخطئ فالله يرفع ستره عنه من أجل كبريائه، حينئذ سيخطئ نفس الخطأ، وذلك ليكتشف أنه له نفس الضعف، إنما من كان يستر عليه هو حماية الله. أيضاً لتنكسر كبريائه فيشفي من أعظم خطية ويتضع.

وليس معني هذا أن نحكم علي الخطأ بأنه صحيح أو العكس، فهذا أيضاً لا يرضي الله (أم15:17 + أش20:5). ولكن هذا لمن يُسأل عن رأيه في قضية ما. ولكن النصيحة العامة أن ندين الموقف ولكن لا ندين الشخص، بل نحاول أن نجد له عذراً (ظروفه/ مرضه/ مشاكل أسرية..) فنحن لا نعرف ظروف الآخرين.

ولكي نتجنب الإدانة علينا أن نكون مثل قائد سيارة، فهذا عليه أن ينشغل بالطريق وليس بالراكبين معه. هكذا نحن علينا أن ننشغل بالمسيح وبالسماء، (نتأمل في مزمور ونردد تسابيح أو صلاة يسوع)، ومن يفعل: يري قداسة الله يدرك مدي نجاسته هو شخصياً فيبكت نفسه سيزداد حباً في المسيح الذي غفر له كل هذا لا يعود ينشغل بخطايا الآخرين، فهو مشغول بالأهم أي حب المسيح.

ونري في هذا الإصحاح مواصفات دينونة الله، وهذه لا يملكها البشر فكيف يدينون الآخرين وليس لهم صلاحيات هذا العمل.

1. دينونة الله هي حسب الحق أما الإنسان فيدين حسب الظاهر ولا يعرف أعماق الآخرين .. (آية 2).

2. الله يطيل أناته فهو يود لو قَدَّمَ الإنسان توبة.. (أية4). فلو قدم الخاطئ توبة لغفر له الله فكيف أدين من غفر له الله، أو كيف أعلم هل قدم هذا الخاطئ توبة أو لم يقدم، والله لا يفرح بعقوبة الخاطئ بل بتوبته (حز23:18).

3. دينونة الله عادلة.. (أية5) وبدون محاباة ..(11).

4. دينونة الله ليس بحسب ما يعلمه الإنسان بل بحسب أعماله… (آيات6،13) أما الإنسان فسينخدع بمن يعلم كثيراً ويتكلم كثيراً… (آيات17-29).

5. الله يدين الأعماق الداخلية للضمير والفكر وسرائر الناس… (آيات15،16) ولنفهم أن إدانة الآخرين هي إعلان عن التعب الداخلي. ونري في قصة داود وناثان، أن داود أخطأ في موضوع أوريا ثم حكم بموت

الخاطئ أمام ناثان النبي، فهو بهذا أدان نفسه. فعندما ندين الآخرين نحكم علي أنفسنا بأنفسنا. وفي موقف المسيح من الزانية دَرْسْ لنا، فهو بمحبته سامحها ولكن طلب منها أن لا تخطئ ثانية، فالله

يطيل أناته، أما الإنسان فهو يريد أن يتشفى. والمسيح وجه كلامه لليهود "من منكم بلا خطية فليرمها بحجر"… ولذلك إستقالوا كقضاة. ولنلاحظ أن المسيح وحده هو الذي بلا خطية (يو46:8) لذلك فمن حقه أن يدين.

هذا الإصحاح موجه حقاً لليهودي، ولكنه موجه أولاً للمسيحي، فالمسيحي الذي بلا حياة هو أشر من الأممي واليهودي (عب1:2-3 + عب26:10-32). وعلي الخدام أن لا يسحبهم المجد الزمني وتلهيهم الكرامات عن الحياة الداخلية الملتهبة بالروح والحق.

وبولس بدأ بالأمم حتى لا يتهمه اليهود بالخيانة لشعبه، لكنه في هذا الإصحاح والإصحاح الثالث أظهر فساد اليهود، بل كل البشر، وإحتياج الكل للمسيح.

آية (1): "لذلك أنت بلا عذر أيها الإنسان كل من يدين لأنك في ما تدين غيرك تحكم على نفسك لأنك أنت الذي تدين تفعل تلك الأمور بعينها."

لذلك: عائدة علي ما فات. فبولس هنا يكلم اليهود الذين يدينون الأمم علي أعمالهم، بينما هم يعملون نفس الأعمال، بالرغم من معرفتهم بالناموس. فالناموس مرآة تكشف ضعف اليهودي، ولكنه بدلاً من أن يري فيها

ضعفاته ويتوب تقسى قلبه وإغتصب مكان الديان، وحاكم الآخرين وإحتقرهم. لقد ظن اليهود أن معرفتهم بالناموس، وكون أن الله ميزهم بإعطائهم الناموس فهذا سيجعل لهم وضعاً خاصاً يوم الدينونة، ويتغاضي الله

عن أخطائهم لذلك يقول الرسول هنا أن الله ليس عنده محاباة (آية11). وكيف لا يدينهم الله، وهم عرفوا من الناموس غضب الله علي الخطية والخطاة. بلا عذر= قال الرسول عن الأمم أنهم بلا عذر (20:1) إذ لهم العقل

والضمير (الناموس الطبيعي). وهنا نري أن اليهود هم أيضاً بلا عذر إذ لهم ناموس موسى بالإضافة للناموس الطبيعي. والناموس يعطي إستنارة أكثر، وإن كان الأممي أخطأ ضد ناموس الضمير غير المكتوب فاليهودي قد

أخطأ وتعدي علي ناموس الله المكتوب فمسئوليته أعظم وعقابه أشد فالناموس لا يبرر من يسمعه بل من يعمل به (13:2). أمّا المسيحي فهو بلا عذر أيضاً ودينونته أشد من الكل إذ له فوق الناموس الطبيعي وناموس موسى

ناموس روح الحياة (2:8) أي النعمة التي تعطي قوة التغيير. علي المسيحي أن لا يحتج بأنه كإنسان ضعيف له الحق أن يخطئ، وإلاّ ما فائدة الفداء وما فائدة حلول الروح القدس، وما هو عمل النعمة التي تعطي خلقة جديدة.

آية (2): "ونحن نعلم أن دينونة الله هي حسب الحق على الذين يفعلون مثل هذه."

الله حق ويدين بحسب الحق (يو16:8). أمّا الأسس التي يدين الإنسان عليها فهي ليست بحسب الحق، بل باطلة. فالله وحده هو الحق. فالحق مشوش عند الإنسان إذاً مقاييسه أيضاً غير صحيحة، أما الله فهو وحده الذي يعرف الحق المطلق. أمّا الإنسان فمعرفته بالحق نسبية وذلك لأن خطايانا تعمي عيوننا، وهذا معني يحجزون الحق بالإثم (18:1).

آية (3): "أفتظن هذا أيها الإنسان الذي تدين الذين يفعلون مثل هذه وأنت تفعلها أنك تنجو من دينونة الله."

إذا ظن اليهودي أن الله لن يدينه علي أعماله الشريرة بسبب كونه يهودي وإبناً لإبراهيم، وأنه من الشعب المختار، فهذا خطأ. ونلاحظ أننا ندين الآخرين أمام الناس لنظهر نحن أبراراً، إذ لسنا نعمل هذه الأعمال. لكن هل لو تبررت أمام الناس سوف أتبرر أمام الله بالرغم من أن نفس الخطأ فيَّ.

آية (4): "أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة."

أم أنك أيها اليهودي.. (أو أيها المسيحي) تستغل غني رحمة الله وصلاحه وعظيم صبره وطول أناته، دون أن تعلم أن كون الله يعاملك بلطف أي بشفقة بدلاً من أن يصب غضبه عليك بسبب أعمالك الرديئة، إنما هو يقصد أن يقودك ويدفعك للتوبة عن أعمالك الرديئة. أما من يستغل طول أناة الله ويستهتر، فالله يعلن غضبه عليه لأن الله قدوس لا يحتمل الخطية.

آية (5): "ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضباً في يوم الغضب وإستعلان دينونة الله العادلة."

الله يطيل أناته، ولكن إستهتارنا يزيد غضبه، والرسول لم يقل الله يذخر لك بل تذخر لنفسك= إذاً الدينونة هي نتيجة العمل الخاطئ. (تذخر من تدخر). يوم الغضب= يوم تظهر دينونة الله العادلة علي جميع الناس، أمّا الآن فهو

وقت اللطف وطول الأناة والتوبة. لو قال الرسول أن الله يذخر لنا، فهذا يعني أن الله يعاقب نتيجة إنفعال، أمّا قوله أننا نذخر لأنفسنا فهذا إشارة لأن العقاب هو العدالة. وهو إستعلان= حيث ينال كل إنسان ما يستحقه علناً.

آية (6): "الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله."

هنا رد علي الإخوة البروتستانت فالمجازاة حسب الأعمال وليس الإيمان.

آية (7): "أما الذين بصبر في العمل الصالح يطلبون المجد والكرامة والبقاء فبالحياة الأبدية."

الرسول في هذه الآية والآيات التالية يركز علي حرية الإرادة الأنسانية، ويبدأ في هذه الآية بمن لهم النصيب الصالح، فالله يود لو كان هذا نصيب الجميع، أمّا الإنسان فيود أن يدين كل أحد.

وبالنسبة لمن يعمل الأعمال الصالحة في صبر= أي بإستمرار ضد المشقات والإغراءات وفي تأن ومثابرة، طالباً من الله المجد والكرامة والبقاء فإن هؤلاء سينالون الحياة الأبدية = هم جاهدوا ضد الخطية لإيمانهم وثقتهم بأمجاد الحياة الأبدية لذلك سينالوا الحياة الأبدية. ونلاحظ أنه لا يعمل الأعمال الصالحة إلا من له إيمان بلغ لمستوي الشركة مع المسيح ليتبرر.

آية (8): "وأما الذين هم من أهل التحزب ولا يطاوعون للحق بل يطاوعون للإثم فسخط وغضب "

أما الذين هم من أهل التحزب= أي التعصب والخصام. هؤلاء هم الذين رفضوا الإيمان ورفضوا المسيح فأسِلموا إلي شهواتهم وغرائزهم ليفعلوا ما لا يليق. ويقصد بأهل التحزب هنا اليهود المتعصبون لجنسهم محتقرين الأمم، مفضلين هذا علي إنتصار الحق أي دخول الأمم للإيمان. يطاوعون الإثم= رفضهم لحق المسيح يجعلهم يسقطون مباشرة في الإثم.

آية (9): "شدة وضيق على كل نفس إنسان يفعل الشر اليهودي أولاً ثم اليوناني "

كل من يفعل الشر فسيواجه شدة وألام. وضيقات. لليهودي أولاً ثم اليوناني= لأن اليهود حصلوا علي عهود الله أولاً قبل الأمم وأخذوا إمتيازات أكثر ومعرفة أكثر، ثم علي اليوناني وسائر البشر.

آية (10): "ومجد وكرامة وسلام لكل من يفعل الصلاح اليهودي أولاً ثم اليوناني "

وعلي عكس هذا فإن الله يهب مجداً وكرامة وسلام. لكل من يفعل الصلاح لليهودي أولاً= لأن اليهود أصحاب فضل، فالخلاص جاء منهم آباءهم إبراهيم وأسحق ويعقوب كانوا أفضل البشر، والشعب اليهودي بمعرفته السابقة بالله كانوا الشعب الوحيد الذي يعرف الله وله علاقة بالله فخبراتهم الروحية أكثر. لهذا فهم لهم إمكانيات التفوق والعمق الروحي ومن يُرضِي الله منهم يكون أولاً. ثم لليوناني= فالكل له نفس البركات.

آية (11): "لأن ليس عند الله محاباة "

الله سيعامل كل الشعوب بالعدالة، اليهود كالأمم، دون تفريق لأن الله لا يقبل الوجوه. بل إن الله سيدين بالأكثر من نال معرفة أوفر أما المحاباة فهي صفة للإنسان لأنه يحابي لمنفعته.

آية (12): "لأن كل من أخطأ بدون الناموس فبدون الناموس يهلك وكل من أخطأ في الناموس فبالناموس يدان "

من أخطأ بدون الناموس= الله وهب كل إنسان نور الطبيعة أي الضمير وبه يميز الإنسان الطبيعي بين الخير والشر. لذلك وجدنا وسط الوثنيين مبادئ فيها فكرة عن العدل والشفقة والطهارة ومنع القتل والسرقة

والكذب والضمير سيشهد ضد كل واحد حتى لو حاولنا أن نسكته. وأضيف لليهود نور الناموس، وأضيف لنا كمسيحيين فوق كل هذا نور الإنجيل. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد. وكلما إزدادت الإمكانيات إزدادت

المسئولية، وبالنسبة لليهود فالناموس ليس مجالاً للإفتخار بل للعمل به، ولكشف النفس والتوبة. وهذا هو الفرق بين أن يكون الإنجيل للمعرفة والإفتخار أو يكون حياة معاشة. ولقد صار الناموس حملاً

زائداً علي اليهود بسبب زيادة المسئولية، لكن كان غرض هذا الحمل المضاعف أن يكتشفوا عجزهم عن أن يقوموا وحدهم بتنفيذ متطلبات الناموس، وأن يشعروا بإحتياجهم لمخلص. لكن للأسف تحول الناموس عند

اليهود إلي أداة إفتخار. بدون الناموس يهلك= فالخطية قاتلة، وسبباً كافياً للموت حتى بدون الناموس. فالسرطان كمرض كان يميت قبل أن يكتشفه الأطباء ويشخصونه. وسدوم وعمورة هلكوا دون أن يكون هناك ناموس مكتوب.

يدان= أي مع وجود ناموس تصبح الخطية تعدّي علي حق الله وبالتالي تزداد عقوبة المتعدي فهو يموت بسبب الخطية يحاسب علي تعديه. لذلك قال السيد المسيح يكون لسدوم وعمورة حالة أكثر احتمالاً يوم الدين من هؤلاء الذين رفضوا دعوة المسيح (مت15:10).

آية (13): "لأن ليس الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون."

هناك من يحفظ الناموس ويعظ به ولكن لا يعمل به فدينونته ستكون أشد، مثل هذا قد يتبرر عند الناس بسبب معرفته ولكن ليس لدي الله. لكن من سيتبرر هو من يعمل بحسب الناموس. يسمعون= كان

اليهود يقرأون الناموس كل سبت. الذين يعملون بالناموس= لذلك فالله سيبرر الأممي الذي يعمل أعمالاً صالحة (أهل نينوي/ كرنيليوس). وبنفس المفهوم فأنا لن أخلص لمجرد أنني أدعي

مسيحي، أو لأنني دارس الكتاب المقدس، بل لأنني أعيش بحسب الإنجيل، ولا يعرف قوة الإنجيل إلاّ من يعيشه. فمن يعمل يختبر المسيح ويعرفه، فلا ينهار من تشكيك الشيطان في محبة الله (مت24:7-27).

آية (14): "لأنه الأمم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس هم ناموس لأنفسهم "

كما أن من يخطئ بدون ناموس يهلك (بحسب ناموس الطبيعة أي الضمير) هكذا من يفعل ما في الناموس بدون ناموس يحيا بعمله الصالح (كرنيليوس) (أع34:10،35). وهكذا رأينا في آبائنا البطاركة إبراهيم وإسحق

ويعقوب ويوسف وأيوب أنهم بدون ناموس مكتوب، كان الناموس مكتوباً علي قلوبهم، كان هذا عمل الضمير. وهذا معني هم ناموس لأنفسهم= أي علي الرغم من أن ليس لهم ناموس مكتوب فهم لهم ناموس الضمير.

وبهذا الناموس عمل الأمم الذين ليس لهم ناموس، عملوا أعمالاً صالحة مقودين بناموسهم الفطري، ولكن كما أن ناموس موسى بدون المسيح لا يخلِّص، هكذا هذا الناموس الفطري (الضمير) لا يخلِّص بدون

المسيح. فكلاهما مرشد ويؤدب لكن لا يخلِّص. والمقصود من الآية "أنتم أيها اليهود ليس لكم فضل أن عندكم الناموس، فالأممي الذي التزم بوصايا الله التي يمليها عليه ضميره يتساوى باليهودي الملتزم بالناموس".

آية (15): "الذين يظهرون عمل الناموس مكتوباً في قلوبهم شاهداً أيضاً ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة."

مكتوباً في قلوبهم= مثل إبراهيم ويوسف.. شاهداً أيضا ضميرهم= كل أممي له ما يدينه من قبل الله أي ضميره. إذاً دينونة الله العادلة ستكون علي الكل أمماً ويهود. محتجة= مدافعة بالحجة

والبرهان. مشتكية= ضمائرهم تحتج داخلهم ان أخطأوا. هنا الضمير بدل الناموس المكتوب. ويوم الدينونة سيقف ضمير كل إنسان شاهداً ضده حينما يدينه الله. فلقد سبق ضميره وإحتج عليه، ولذلك

سيتقبل حكم الله عليه. ولنلاحظ أن الناموس عمله أنه ينير بصائر الناس ليميزوا بين الحق والباطل، لكن هذا العمل مكتوب في ضمائر الجميع ويظهره الأمميون بتصرفاتهم الأخلاقية وبإحتجاج ضمائرهم داخلهم.

آية (16): "في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح."

يدين الله سرائر= الناس تدين ما يُعمَل في العلن، أما الله فيدين السرائر أي الأعمال الخفية والأفكار والأسرار. والذين يحافظون علي الناموس سوف يحكم الله ببرهم في اليوم الذي يدين فيه الأعمال العلنية بل والخفية للبشر، بحسب الإنجيل الذي كرز به بولس، والذي فيه كرز بيسوع المسيح كديان لكل العالم والقاضي الأعلى للشعوب، وهو يدين بالحق= إنجيلي.

آية (17): "هوذا أنت تسمى يهوديا وتتكل على الناموس وتفتخر بالله "

هوذا أنت تسمي يهودياً= كان إسم يهودي يثير عند صاحبه الكبرياء فهم يظنون في أنفسهم أنهم أفضل من باقي الناس، محبوبين عند الله، مكرمين لذلك كانوا يصلون "اللهم أشكرك أنك لم تخلقني أممياً ولا امرأة ولا عبداً" فهو يشعر أنه فوق

العالم. هنا يوبخ الرسول إستعلائهم وشهوتهم للعظمة. ولاحظ إستخفافهم بالمسيح والناس. ولاحظ قولهم للأعمي "ولدت في الخطية أنت بجملتك وأنت تعلمنا" (يو34:9). وكان الناموس للإفتخار دون أن ينفذوه. ويفتخرون بالله كما لو كان إلههم

وحدهم، فهم تكبروا علي الأمم وأسموهم كلاب. ولكن الناموس للتنفيذ وليس للإفتخار. وراجع (لا26 + تث28) لتري عقوبة من لا ينفذ الناموس. قيل عن اليهود الذين يفتخرون بالناموس، أنهم كمجرم محكوم عليه بالإعدام ويفتخر بقانون الجنايات.

آية (18): "وتعرف مشيئته وتميز الأمور المتخالفة متعلماً من الناموس."

تعرف مشيئته= الخبرة النظرية في معرفة مشيئة الله. تميز الأمور المتخالفة أي تميز بين الخير والشر. إذ تثقفوا بثقافة الناموس.

آية (19): "وتثق انك قائد للعميان ونور للذين في الظلمة."

وتثق= تنتفخ. أنك قائد للعميان= هذه كلماتهم عن أنفسهم وهي تدينهم بالأكثر. فكانوا يسمون أنفسهم قائد للعميان/ نور للذين في الظلمة/ مهذب للأغبياء/ معلم للأطفال. وهذه لابد أن تكون صفات

المعلمين فعلاً. لكن علي المعلم أن لا يفتخر بل يَعْلَمْ أن الله يعمل من خلاله (العميان والأغبياء والذين في الظلمة كان يقصد بهم الأممين). وكان اليهود يستهويهم الألقاب لذلك حين قال

الشاب للسيد المسيح أيها المعلم الصالح، كانت إجابة المسيح تحمل معني "يا أبني أنا لست مثل هؤلاء الذين يعجبون بالألقاب" (لو18:18،19) والمسيح بكت من يقبل مجداً من الآخرين ولا يعطي المجد لله (يو44:5).

آية (20): "ومهذب للأغبياء ومعلم للأطفال ولك صورة العلم والحق في الناموس."

معلم للأطفال= الذين في طفولة الحياة الروحية.

الآيات (21،22): "فأنت إذا الذي تعلم غيرك الست تعلم نفسك الذي تكرز أن لا يسرق أتسرق. الذي تقول أن لا يزنى اتزني الذي تستكره الأوثان أتسرق الهياكل."

الرسول يوبخهم إذ أنهم إهتموا بالوعظ دون الحياة ففقدت الكلمة قوتها (1تي12:4،13،16). أتسرق الهياكل= أباح اليهود سرقة هياكل الأوثان. ولنلاحظ أنه علي من يعلِّم غيره أن يعلِّم نفسه أولاً ليكون قدوة.

آية (23): "الذي تفتخر بالناموس ابتعدي الناموس تهين الله."

هم يفتخرون بأن الله أعطاهم الناموس. ولكنهم لم يدركوا أنهم حينما يخالفونه فهم بهذا يهينون الله الذي أعطاه.

آية (24): "لأن اسم الله يجدف عليه بسببكم بين الأمم كما هو مكتوب."

هم بعصيانهم يتسببون في أن إسم الله يهان بين الأمم (أش5:52 + حز20:36-23 + 2 صم24:12). لذلك نصلي ليتقدس إسمك. فإنه لا يوجد حل وسط، إما أن يتقدس إسم الله فينا أو يجدف عليه بسببنا.

وإسم الله يتقدس فينا عندما نتقدس نحن ونعمل ما يليق بالقداسة. ليري الناس أعمالنا الصالحة فيقدسوا إسم الله. والعكس يجدفوا علي إسم الله بسبب أعمالنا الشريرة أي توجه له الإهانة.

ملحوظة: الله كان يتمني أن يفيض من خيراته علي شعبه الملتزم بناموسه وتكون هذه علامة علي أن الله خَيِّرْ. وتكون هذه كرازة بالله الطيب الخيِّر. وهذا ما حدث لأبيمالك إذ رأي خيرات الله لإسحق فخاف من إله إسحق فإسحق أظهر لأبيمالك محبة الله ومجد الله لأبنائه (تك26:26-31).

فالله أعطاهم الناموس ليلتزموا به فيفيض عليهم من خيراته أمام الأمم، وبهذا يتمجد اسم الله وسط الأمم، ويكون هذا كرازة وسط الأمم. وهنا الرسول يوبخ اليهود لأنهم فشلوا فيما خلقهم الله لأجله وأعطاهم الناموس لأجله أي في أنهم يكونوا سبباً لمجد إسم الله.

آية (25): "فإن الختان ينفع إن عملت بالناموس ولكن أن كنت متعدياً الناموس فقد صار ختانك غرلة."

فإن الختان ينفع إن عملت بالناموس، ولكن إن كنت متعدياً علي الناموس، فسيفقد الختان كل قيمة له أمام الله، ويصير كما لو كان غرلة= المقصود أنه يصير كمن هو غير مختتن، فإن الختان هو علامة الإنتماء لله كذلك العمل

بالناموس هو علامة إنتماء لله، فكسر الختان أي الإبقاء علي الغرلة يتساوي بالإمتناع عن عمل الأعمال الصالحة، فكلاهما يعني عدم الإنتماء لله. والمقصود هو أن المهم تكميل أعمال الناموس لا الإهتمام بمظاهره فقط كالختان.

آية (26): "إذا أن كان الأغرل يحفظ أحكام الناموس أفما تحسب غرلته ختاناً."

وبنفس المفهوم السابق، إن كان الأمم غير المختونين يحفظون بالتمام وصايا الناموس، فما لا شك فيه أن غرلتهم ستحسب لهم كما لو كانت ختاناً. فالله يطلب أن يكون الإنسان ملتزماً بالعمل الفاضل حتى يصير في علاقة مع الله، والعمل الفاضل يجعله منتمياً لله (نينوي/ كرنيليوس).

آية (27): "وتكون الغرلة التي من الطبيعة وهي تكمل الناموس تدينك أنت الذي في الكتاب والختان تتعدى الناموس."

وهذا ما حدث مع كرنيليوس. فالأممي الذي حفظ الناموس الطبيعي أفضل من اليهودي غير الحافظ للناموس. فكرنيليوس بغرلته أفضل من قيافا المختون ورئيس الكهنة.

آية (28): "لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهودياً ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختاناً."

اليهودي في الظاهر= هو يهودي أعمال الناموس أي طقوسه، فهو في الظاهر مختون، ويتطهر بالماء… الخ. ولكنه يتعدي علي الناموس، إذ لا يحفظ وصاياه. وبسببه يجدف علي اسم الله في الأمم. ولنفهم أن الله لا يهتم بالمظاهر، بل بالقلب التقي الذي يخاف الله ويحفظ وصاياه. إذاً القصد من قوله اليهودي في الظاهر هو هذا اليهودي المكتفي بالأعمال الظاهرية.

آية (29): "بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان الذي مدحه ليس من الناس بل من الله."

اليهودي في الخفاء= أي الذي يعمل ويحفظ وصايا الناموس لا ليراه الناس، بل ليراه الله، هذا يهتم بقلبه بمجد الله. وهذا ما يمدحه الله. أما اليهودي في الظاهر فهو يأخذ مديحه من الناس لأنه يهتم بأن يظهر أمام الناس ليرضي الناس. إذاً لنسعي ان يمدحنا الله عوضاً عن أن نسعي للمجد الباطل من الناس.

هو اليهودي= اليهودي الكامل، أو إسرائيلي حقيقي (يو47:1). وهذا ما تعمله النعمة الآن في المسيحي، فالإيمان حَلَّ محل الناموس الذي أخفق اليهود في أن يستخدموه للحصول علي علاقة مع الله.

ختان القلب= عَّرفه الرسول في (كو11:2، 12) بأنه خلع جسم خطايا البشرية بالروح= قارن مع (رو13:8) فهذا يتم بالروح لمن يميت أعضائه التي علي الأرض (كو5:3) ويكون ميتاً أمام الخطايا (رو11:6). وهذا يتم بالروح وليس بالناموس الذي ليس له قوة علي التغيير.

أمّا النعمة فتقطع حب الخطية من القلب وتميتها كما يقطع الختان جزء من الجسم ويتركه ليموت. لكن هذا لمن يصلب الجسد مع الأهواء والشهوات (غل24:5). لا بالكتاب= بحسب طقوس الناموس فالختان هو وصية بالناموس. الروح يعطينا ان نكون خليقة جديدة (2كو17:5).

بعد أحداث قرية الفواخر.. شيخ الأزهر: ما يحدث من مضايقات عند بناء أي كنيسة ليس له أصل في الإسلام

تنويه : المواضيع والمقالات في هذا القسم تمت إضافتها بواسطة الاعضاء وليس إدارة الموقع .. اذا لاحظت موضوع او مقال لايليق او يتعارض مع إحترام الحريات والأديان.. من فضلك إخبرنا بذلك و إتصل بنا لعمل اللازم.