القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

ثورة في علاج السمنة .. بقلم خالد منتصر

أكثر من 80 مُركَّباً قيد التطوير لعلاج السمنة، باستخدام آليات مختلفة تشمل هرمونات جديدة ومزيجات متعددة الاستهداف. عالم جديد سيدخله علاج البدانة والسمنة التى صارت وباء عالمياً، متهماً بأمراض القلب

ثورة في علاج السمنة .. بقلم خالد منتصر

والمفاصل وحتى السرطان، هناك أسماء كثيرة ستدخل السوق وتقلب الموازين، دواء ريتاتروتايد، ودواء CagriSema ودواء Orforglipron، وأسماء أخرى كثيرة هى مقدمات ثورة علاجية، لكن ما هى فلسفة تلك الثورة القادمة فى الطريق؟

إنها لم تعد كبح شهية أو تجويعاً أو فرملة الرمرمة، لكنها إعادة برمجة الأيض والتمثيل الغذائى، لم تعد السمنة تُفهم اليوم على أنها مجرد خلل فى الإرادة أو إفراط فى الطعام، بل باتت تُصنَّف كمرض أيضى-

هرمونى معقَّد، تشترك فيه الجينات، والدماغ، والهرمونات، ونمط الحياة. هذا التحول فى الفهم العلمى غيَّر جذرياً مسار علاج السمنة، وفتح الباب أمام ثورة علاجية حقيقية يُتوقع أن تتسارع خلال العقدين القادمين.

فى الماضى، اعتمد علاج السمنة على الحميات القاسية، والنشاط البدنى، ثم الجراحات. أما الأدوية فكانت محدودة الفاعلية أو محفوفة بالمخاطر. اليوم، نشهد انتقالاً من فكرة كُل أقل إلى مفهوم أعمق وهو إعادة ضبط منظومة الطاقة فى

الجسم، الأدوية الحديثة لا تعمل فقط على تقليل الشهية، بل تؤثر على مراكز الجوع فى الدماغ، وتُحسِّن حساسية الإنسولين، وتقلل تخزين الدهون، بل وتزيد من معدل الحرق، المستقبل القريب يشير إلى أدوية متعددة الأهداف، تعمل على

أكثر من مسار هرمونى فى آنٍ واحد. هذا الاتجاه يَعِدُ بفقدان وزن أكبر وأكثر استدامة، مع تحسينات واضحة فى السكرى، وضغط الدم، والكبد الدهنى، وأمراض القلب، كما يُتوقَّع أن تتحسن قابلية التحمل، وأن تُصمَّم جرعات أكثر دقة حسب كل مريض.

إلى جانب الأدوية، يتجه البحث العلمى نحو الطب الشخصى فى علاج السمنة، فبدلاً من وصف علاج واحد للجميع، سيتم اختيار الدواء بناءً على التركيب الجينى، ونمط الأيض، وسلوك الأكل، وحتى بكتيريا

الأمعاء. هذا النهج قد يفسِّر لماذا ينجح علاج مع شخص ويفشل مع آخر، ويمهِّد لعلاجات مصمََّمة خصيصاً لكل فرد. كذلك، يُتوقَّع أن تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً. الذكاء الاصطناعى، وأجهزة

التتبع الحيوى، والتطبيقات الذكية ستساعد فى مراقبة الوزن، والسلوك الغذائى، والاستجابة الدوائية لحظة بلحظة، مما يزيد من فاعلية العلاج ويقلل من الانتكاس. رغم هذا التفاؤل، تبقى التحديات

قائمة، وعلى رأسها ارتفاع تكلفة العلاجات الجديدة، والحاجة إلى بيانات أمان طويلة المدى، وخطر تحويل السمنة إلى سوق دوائى بدل التعامل معها كقضية صحة عامة. المستقبل الناجح لعلاج السمنة لن

يكون دوائياً فقط، بل مزيجاً من العلم، والتكنولوجيا، والتوعية، والسياسات الصحية العادلة، نحن أمام تحول تاريخى، السمنة لم تعد قدراً محتوماً، بل مرض قابل للعلاج بوسائل أكثر علمية وإنسانية من أى وقت مضى.

خالد منتصر - الوطن
22 ديسمبر 2025 |