لم نطلب منهم الكثير، وليست لدينا مطالب ولا مطامع، ولم نهدد ولم نتوعد، وليست لدينا إشكالية واحدة معهم، فقط حصتنا المقررة من مياه النيل وفق اتفاق قانونى ملزم بتشغيل السد الإثيوبى.. وهذا ليس بالكثير وتحقيقه ليس بالعسير.
أعلاه شرح مبسط لما أجمله الرئيس السيسى فيما يتعلق بالعلاقات مع إثيوبيا خلال استقباله الوفود الأفريقية المشاركين فى أعمال المؤتمر الوزارى الثانى لمنتدى الشراكة (روسيا- أفريقيا)، نصا قال مصر لا تواجه أى إشكالية مع الأشقاء هناك، وإن مطلبها الوحيد هو عدم المساس بحقوقها فى مياه النيل، والتوصل إلى اتفاق قانونى وملزم بشأن سد النهضة الإثيوبى.
الرسالة الرئاسية بعلم الوصول: مصر، رغم خلافها مع إثيوبيا، لم توجه أبدا أى تهديد لها، إيمانًا منها بأن الخلافات تُحل عبر الحوار والحلول السياسية.
وضوح الرسالة المصرية يمحق السردية الإثيوبية التى تتمنطق بخطاب عدائى زاعق مستفز لمشاعر المصريين، وتستنفر عدائيات منكورة بين الأشقاء.
الخطاب المصرى العقلانى فى مواجهة خطاب عدائى، وكأن مصر تناهض السد، أو لديها مطامع فى مياه وكهرباء السد، أو تطلب ما ليس حقها، أو تناهض التنمية فى الهضبة.
الآلة الإعلامية الإثيوبية التى تغذيها مصادر دبلوماسية أعلى الهضبة، تصور مصر دولة عدائية وفق خطاب استعلائى تروجه (حكومة آبى أحمد) لاختلاق ذرائع عدائية مع القاهرة التى لم تكن يوما عدوا ولن تكون عدوا لدولة أفريقية شقيقة يجرى بيننا ونشرب جميعا من نيل واحد (النيل الأزرق).
مطلب مصر عادل وفق معاهدات دولية مستقرة، ولم تطلب مصر يوما المزيد، ولا تقاسم فى المياه، ولا تجادل فى حقوق مائية، ولم تعارض بناء السد، ولا سعته التخزينية، ولم تبتدر أديس أبابا العداء، ولم ترسمها فى أعين الشعب المصرى عدوا.
مصر حريصة على ود الأشقاء، لم تحرض على الحكومة الإثيوبية فى المحافل الدولية، ولم تقصر فى إبداء حسن النوايا، وانخرطت لعقد كامل فى مفاوضات ثبت عدم جدواها.
مصر لم تصخ السمع لتحريضات عدوانية أو عزت بها عواصم عالمية، فضلت حسن الجوار.
ورغم أن باب الأذى واسع ومفتوح على كل الاحتمالات، لجأت مصر إلى مجلس الأمن الدولى بعد أن فاض بها الكيل، ونفاد الصبر، ولم تمارِ فى المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقى، وأطلقت شعارها لا ضرر ولا ضرار والتنمية حق للجميع.
ورغم زيادة عدد السكان، والحاجة الماسة لمزيد من المياه لتلبية مطالب مائة مليون ويزيد من المصريين، لم تطلب مصر المزيد، حصّة مصر الثابتة من مياه النيل هى 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، وفقا لاتفاقية 1959، وهذا أقل القليل من كثير يهطل على الهضبة.
فى أقل التقديرات يسقط على الهضبة نحو 950 مليار متر مكعب من المياه سنويا، حصة مصر لا تنقص الغلة الإثيوبية، ولا تشكل غرما، والوعود الإثيوبية المتكررة لن ينقص كوب مياه يذهب إلى مصر تكذبها الممارسات العدائية التى كلفت مصر والسودان ما لا تحتمله جراء التشغيل التجريبى الأحادى للسد.
إذن، لا توجد إشكاليات مستعصية على الحوار، ومصر لا تضمر نوايا عدوانية، وتتسلح بالصبر، وترجو تفاهما على أسس واقعية لا تغير المستقر، ولا تقلقل ما هو ثابت، وتذهب إلى التعاون، والمياه فى حوض النيل تكفى وتزيد، الإشكالية ليست فى المصب، هناك أعلى الهضبة الإثيوبية.



