العلاج بالطاقة المنتشر هذه الأيام على الفضائيات والمواقع، هو علمياً وهمٌ، لأنه يفشل فى أبسط اختبارات العلم؛ فلا يوجد له تعريف قابل للقياس، ولا آلية بيولوجية معروفة، ولا يقدم نتائج تتجاوز تأثير الإيحاء (Placebo).
أول سؤال يجب طرحه هو: ما المقصود بالطاقة؟
العلم يعرف الطاقة بدقة ويقيسها بوحدات واضحة، مثل الطاقة الحرارية والكهربائية والكيميائية. أما فى خطاب العلاج بالطاقة فنسمع مصطلحات فضفاضة مثل الذبذبات، والوعى الكونى، والطاقة الحيوية، وترددات الشفاء. المشكلة الجوهرية هنا أنه لا توجد وحدة قياس، ولا جهاز، ولا رقم يمكن اختباره؛ وما لا يُقاس لا يُختبر، وما لا يُختبر لا يُعد علماً.
السؤال الثانى يتعلق بالآلية: كيف يعمل هذا العلاج؟
العلم لا يقبل النتائج دون شرح الطريق المؤدى إليها؛ فالدواء يرتبط بمستقبل ثم يفعّل مساراً حيوياً ينتهى بنتيجة، والجراحة تزيل سبب المرض فيتحسن المريض. فى المقابل، يقفز العلاج بالطاقة مباشرة من النية الطيبة إلى الشفاء، دون خلية أو مستقبل أو مسار واضح، وهى قفزة بلا جسر علمى.
عندما خضعت هذه الممارسات لدراسات مُحكمة، لم تظهر فروق حقيقية بين وجود المعالج أو غيابه، كما أن التحسن نفسه يحدث عندما لا يعرف المريض إن كان يتلقى علاجاً أم لا، التفسير الوحيد
المتبقى هو تأثير الإيحاء، حيث ينتج التحسن عن التوقع والطمأنة والانتباه والعلاقة الإنسانية، لا عن طاقة غير مرئية، قد يشعر بعض الناس بتحسن حقيقى، وهذا مفهوم لأن الدماغ قادر على
تخفيف الإحساس بالألم وتهدئة القلق وتحسين الأعراض الوظيفية. لكن هذا التحسن لا يصغر ورماً، ولا يقتل فيروساً، ولا يصلح خللاً جينياً؛ فالشعور بالتحسن ليس علاجاً لسبب المرض، ولو كانت
الطاقة كياناً أو علاجاً حقيقياً، لكان يفترض أن تعمل حتى لو كان المريض نائماً أو غير واعٍ بتلقيها، لكن الواقع أن النتائج تختفى عندما يُزال الوعى والتوقع، وهو ما يكشف توقيع الإيحاء لا توقيع العلاج.
وأخيراً، يمكن تمييز هذا الوهم من نمطه التجارى المتكرر: وعود شاملة بالشفاء من كل شىء، غياب كامل للآثار الجانبية، هجوم على الطب العلمى باعتباره مادياً، ثم فى النهاية دعوة للدفع مقابل جلسة أو دورة. العلم لا يُقدَّم ولا يُباع بهذه الطريقة.
إذن العلاج بالطاقة لا يفشل، لأنه مرفوض أو مضطهد، بل لأنه عندما خضع للاختبار لم يكن هناك شىء يعمل أصلاً. ما يعمل فعلاً هو العلاقة الإنسانية والإيحاء والأمل، وهى أدوات نفسية محترمة، لكن تسويقها كقوة فيزيائية شفائية هو تضليل.



