القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

فى ذكرى تجليسهما.. البابا شنودة الثالث إرث روحى ووطنية متجذرة.. واجه الأزمات الوطنية ورعى الكنيسة لـ40 عاما.. والبابا تواضروس الثانى حافظ على الوحدة الوطنية وقاد الكنيسة بحكمة.. وأعماله ترسم خارطة روحية حديثة

يُحتفل شهر نوفمبر من كل عام بذكرى تجليس اثنين من أعظم بابوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في العصر الحديث: البابا شنودة الثالث، الذي ترأس الكرسى البابوي منذ عام 1971 حتى عام 2012، والبابا تواضروس الثاني، الذي جُلِس على السدة المرقسية عام 2012 ومازال يقود الكنيسة بخبرة وحكمة. هذه الذكرى تأتي لتسليط الضوء على مسيرتين راسختين في خدمة الإيمان والكنيسة والوطن.

فى ذكرى تجليسهما.. البابا شنودة الثالث إرث روحى ووطنية متجذرة.. واجه الأزمات الوطنية ورعى الكنيسة لـ40 عاما.. والبابا تواضروس الثانى حافظ على الوحدة الوطنية وقاد الكنيسة بحكمة.. وأعماله ترسم خارطة روحية حديثة

البابا شنودة الثالث.. حياة مكرسة للتعليم والخدمة الروحية

وُلِد البابا شنودة الثالث في 3 أغسطس 1923 بقرية سلام بمحافظة أسيوط باسم نظير جيد روفائيل، وامتدت مسيرته التعليمية من دمنهور والإسكندرية وأسيوط وصولاً إلى القاهرة حيث أتم دراسته الثانوية في مدرسة الإيمان الثانوية بجزيرة

بدران بشبرا مصر. منذ شبابه، التزم بخدمة الكنيسة؛ فقد بدأ عمله في مدارس التربية الكنسية عام 1939، وتدرج في المناصب حتى أصبح رئيسًا لتحرير مجلة مدارس الأحد في أكتوبر 1949، قبل أن يختاره البابا كيرلس السادس سكرتيرًا له عام 1959.

تولى البابا شنودة الثالث رئاسة الكنيسة بعد نياحة البابا كيرلس السادس في مارس 1971، وتم انتخابه للكرسى البابوي في 26 أكتوبر 1971، وجُلِس رسميًا في 14 نوفمبر 1971. خلال 40 سنة من

القيادة، قاد البابا شنودة الكنيسة في مجالات روحية وتعليمية وثقافية واجتماعية واسعة. أسس عدة مؤسسات تعليمية وروحية مثل معهد الرعاية والتربية ومعهد الكتاب المقدس، وأسس

أسقفيات لخدمة الشباب وشئون أفريقيا والكرازة. كما أطلق عدة قنوات فضائية قبطية، منها قناة آغابى (2005) وقناة CTV (2007) وقناة لوجوس (2010)، لتعزيز التواصل الروحي مع المؤمنين في الداخل والخارج.

على المستوى الوطني، كان للبابا شنودة مواقف شجاعة ووطنية، مساندًا القضية الفلسطينية وحقوق القدس، وشارك في جهود الحفاظ على استقرار الكنيسة خلال فترة صعبة بعد اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981. كما دعمت الكنيسة بقيادته أحداث ثورة 25 يناير 2011، مؤكدًا دعمها للجيش المصري والمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

البابا تواضروس الثاني.. استمرار مسيرة القيادة بحكمة وروح وطنية

بعد رحيل البابا شنودة الثالث في مارس 2012، اختارت الكنيسة البابا تواضروس الثاني، الذي وُلد في 4 نوفمبر 1952 بالمنصورة، ليكون البطريرك رقم 118. يحمل البابا تواضروس الثاني الاسم الروحي "عطية الله"، وقد جاء تجليسه في 18 نوفمبر 2012، في احتفال كنسي مهيب بحضور آلاف الأساقفة والكهنة والشمامسة وممثلي الكنائس العالمية والشخصيات العامة والحكومة المصرية.

قبل حياته الكهنوتية، عمل تواضروس في مجال الصيدلة لمدة عشر سنوات تقريبًا، ثم التحق بالرهبنة في دير الأنبا بيشوي بصحراء وادي النطرون، وسُيم باسم الراهب ثيؤدور الأنبا بيشوي عام 1988. خدم في إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، وتدرج حتى أصبح أسقفًا عامًا لخدمة الشباب ومساعدًا للمطران الأنبا باخوميوس.

تتميز قيادة البابا تواضروس الثاني بحرصه على الوحدة الوطنية، ومشاركته الفاعلة في الثورة المصرية عام 2013، ودعمه للحفاظ على استقرار الدولة أثناء الأزمات. كما له مساهمات روحية وتعليمية متعددة، من خلال أكثر من 34 مؤلفًا حول الكتاب المقدس والحياة الروحية والخدمة الكنسية.

إرث روحي ووطنية متجذرة

تمثل حياة البابا شنودة الثالث والبابا تواضروس الثاني مثالًا للقيادة الروحية الملتزمة بخدمة الكنيسة والمجتمع. فقد أقاما العديد من البرامج التعليمية والثقافية، أسسا مؤسسات تعليمية وروحية، وأطلقا قنوات إعلامية

لتعزيز الوعي الديني، كما شاركا في دعم القضايا الوطنية والاجتماعية. تجسد قيادتهما روح الوحدة الوطنية والالتزام الدائم بخدمة الإيمان، مؤكدين أن الكنيسة ليست مجرد مؤسسة دينية، بل قوة مؤثرة في المجتمع المصري والعالمي.

يظل شهر نوفمبر مناسبة لتذكير الأجيال الحالية والقادمة بمسيرة البابا شنودة الثالث والبابا تواضروس الثاني، بما حملته من التزام روحي، ومسؤولية وطنية، وإرث ثقافي وتعليمي واسع، يجعل منهما رمزين خالدين في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والعالم المسيحي كله.

اليوم السابع
16 نوفمبر 2025 |