القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

وقف بناء كنيسة "ميت عفيف" بالمنوفية.. اختبار حقيقي لروح المواطنة

بقلم نادر شكري

في قرية "ميت عفيف" التابعة لمركز الباجور بمحافظة المنوفية، تتجسد أزمة صغيرة في ظاهرها، لكنها تمسّ في جوهرها واحدًا من أهم أسس الجمهورية الجديدة التي دعا إليها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي: مبدأ المواطنة الكاملة دون تمييز.

وقف بناء كنيسة "ميت عفيف" بالمنوفية.. اختبار حقيقي لروح المواطنة

رغم أن كنيسة "مارجرجس" بميت عفيف حصلت على كافة التراخيص القانونية، ووافق المحافظ شخصيًا على البناء، وتقدمت الإيبارشية بكل المستندات والرسومات المعمارية وفق القانون، فوجئ الجميع بقرار من جهة أمنية بوقف أعمال البناء بحجة تجاوز الارتفاعات المسموح بها، رغم أن نفس القرية تزخر بمبانٍ أعلى من ذلك الارتفاع بكثير.

هذه الخطوة غير المفهومة أثارت استياء نيافة الأنبا بنيامين مطران المنوفية، الذي عبّر عن حزنه في مقالته "صعوبة الغربة في وطني"، موضحًا أن التأخيرات غير المبررة في استكمال الكنيسة، بعد استيفاء كل الشروط القانونية، تمثل معاناة حقيقية لأبناء المنطقة الذين ينتظرون بيتًا للصلاة منذ أكثر من أربعة عشر شهرًا.

الجمهورية الجديدة التي تحدث عنها الرئيس ليست مجرد مشروعات بنية تحتية أو مدن ذكية، بل رؤية فكرية وثقافية وإنسانية تقوم على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص لكل المصريين دون تفرقة.وحين تُعطّل جهة ما قرارًا قانونيًا لبناء كنيسة، فإنها لا تُخالف فقط نص القانون، بل تُسيء إلى الروح الوطنية الجامعة التي تعمل القيادة السياسية جاهدة لترسيخها في ضمير الأمة.

المواطنة ليست شعارًا

المواطنة الحقة لا تُقاس بالخطب ولا بالتصريحات، بل بالممارسة اليومية للعدالة. لا يمكن أن نبني وطنًا حديثًا بينما يواجه بعض أبنائه عراقيل في ممارسة حقهم الطبيعي في العبادة.

إن دعم بناء الكنائس لا ينتقص من أحد، بل يعزز من مكانة مصر كدولة تتسع للجميع، ويعكس الصورة الحقيقية التي يقدمها الرئيس في كل مناسبة عندما يقول: "كل دور العبادة بيت من بيوت الله".

القضية ليست مبنى... بل ثقة

وقف بناء كنيسة مرخصة يرسل رسالة سلبية للمجتمع: أن القانون يمكن تجاوزه أو تعطيله، وأن الإجراءات قد تُفرَّغ من مضمونها، مثل هذه الممارسات تهزّ الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وتفتح باب الشك في مدى قدرة الأجهزة على تنفيذ توجيهات القيادة السياسية. الثقة تُبنى بالشفافية، وتُحفظ بالعدل.

صوت الأنبا بنيامين

إن موقف نيافة الأنبا بنيامين ليس صرخة غضب، بل نداء وطني من قلب رجل دين محب لوطنه، طالب فقط بتطبيق القانون ورفع الظلم عن أبنائه.

لقد قدّم نيافته نموذجًا مشرفًا للمسؤولية والحكمة، فلم يلجأ إلى التصعيد، بل إلى الحوار والرجاء، وناشد الجهات المعنية أن تُنهي هذه "المهزلة" كما وصفها وأن تضع حدًا لمعاناة استمرت طويلاً.

البحث عن حل

إن ما يحدث في ميت عفيف لا يجب أن يُترك دون مراجعة. القضية أكبر من مبنى، إنها قضية ثقة ومبدأ. فإذا كانت مصر الجديدة تسير بخطى ثابتة نحو التحديث والعدالة، فإن أبسط اختبار لذلك هو: كيف نعامل أبناءها جميعًا.

نصرة الأنبا بنيامين في هذا الموقف ليست دعمًا لطائفة، بل انحيازًا لوطن عادل يؤمن أن الله يُعبد في كل بيت يرفرف فوقه السلام.

نادر شكري - أقباط متحدون
04 نوفمبر 2025 |