القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

بيت الأشباح برج للعائلات.. نهاية لغز "عمارة العفاريت" بالإسكندرية

في قلب مدينة الإسكندرية، كانت هناك بناية لا يسكنها أحد، لكنها تسكن الجميع، وعلى مدار عقود طويلة ظلت "عمارة رشدي" الواقعة بطريق الحرية واحدة من أكثر المباني إثارة للجدل والغموض في المدينة الساحلية.

بيت الأشباح برج للعائلات.. نهاية لغز "عمارة العفاريت" بالإسكندرية

ارتبطت البناية رقم 412، بروايات شعبية عن العفاريت واللعنات، وتحوّلت إلى رمز للرعب في الذاكرة الجمعية، قبل أن تنقلب صورتها تمامًا بعد سنوات من التجديد والتسكين، لتصبح عنوانًا سكنيًا مأهولًا يحمل طابعًا معماريًا عصريًا.

التأسيس.. بداية عادية لقصة غير عادية

تعود قصة عمارة رشدي إلى عام 1961، حين حصل مالكها الأصلي، عادل الصبوري، على ترخيص لبناء عقار سكني مكون من طابق أرضي و11 طابقًا علويًا، ورغم اكتمال الهيكل، ظل المبنى مهجورًا لفترة طويلة دون تفسير واضح، ما فتح الباب أمام تأويلات شعبية متضاربة، بعضها ربطه بحوادث غرق مأساوية، وأخرى تحدثت عن لعنة أصابت المبنى بسبب تغيير نية صاحبه من بناء مسجد إلى عمارة سكنية.

روايات العفاريت.. بين اللعنات والتعويذات

الفراغ الذي تركه المبنى المهجور غذّى خيال الناس، فظهرت روايات عن أشباح تظهر ليلاً، وجدران ملطخة بالدماء، وسكان سابقين ماتوا في ظروف غامضة.

إحدى القصص تحدثت عن رجل يوناني امتلك العقار ثم غرق مع أبنائه، ما دفع زوجته إلى مغادرته وبيعه، رواية أخرى ذكرت أن صاحب العمارة دفن مصحفًا في أساساتها طلبًا للبركة، لكن ذلك جلب عليه لعنة، وهناك من قال إن شريكًا مغربيًا ألقى تعويذة سحرية على المبنى بعد خلاف مع المالك.

حكايات السكان.. دماء على الجدران

في الثمانينات والتسعينات، انتشرت قصص عن سكان حاولوا الإقامة في العمارة، وانتهى الأمر بمآسٍ غريبة، إحدى الروايات تحدثت عن زوجين عُثر عليهما مقتولين أمام العقار، وأخرى عن زوجين فرّا من شقتهما بعد أن شاهدا الدماء على الجدران. هذه الحكايات عززت من سمعة العمارة كـ"مسكونة"، وأصبحت جزءًا من وجدان المدينة.

مغامرة شبابية لكشف الحقيقة

في سبتمبر 2012، قرر عدد من الشباب اقتحام العمارة في محاولة لكشف حقيقة ما يُشاع عنها، أطلقوا دعوة عبر "فيسبوك" للمبيت داخل المبنى، متحدّين الأساطير المتداولة، وبعد تسلق الحواجز الخرسانية، دخلوا العقار ليكتشفوا أن الشقق غير مكتملة التشطيب، وأنه من غير الممكن أن يكون أحد قد سكنها فعلاً، ووجدوا بقايا طعام ومستلزمات حديثة، ما أثار شكوكاً حول وجود أطراف مستفيدة من ترويج تلك الشائعات.

كشف الخدعة.. حين تتحول الشائعة إلى أداة عقارية

بحسب روايات الملاك الحاليين، فإن صاحب العقار الأصلي هو من أطلق شائعة "العفاريت" بهدف الضغط لتغيير ترخيص المبنى من سكني إلى فندقي، وهو ما رفضته الجهات التنفيذية آنذاك.

ومع تراكم الديون، لجأ إلى هذه الحيلة لمنع بيع العقار أو الحجز عليه، فظل مهجوراً لسنوات، بينما ترسخت الأسطورة في وجدان المدينة.

التصميم الجديد يطوي صفحة الأسطورة

المهندس عمرو حبيب، صاحب التصميم الجديد، أكد في تصريح سابق أن العمارة خضعت لتعديلات هندسية ومعمارية على الطراز العالمي، مع الحفاظ على الترخيص الأصلي.

وبعد استكمال البناء، تم تسكينها بالكامل، لتتحول من رمز للرعب إلى نموذج عمراني راقٍ، وتبقى قصتها شاهدًا على كيف يمكن لأسطورة شعبية أن تُعيد تشكيل مصير عقار بأكمله، ثم تنطفئ حين يُعاد تعريف المكان.

واليوم، تمرّ من أمام عمارة رشدي فلا تشعر بشيء، لا رهبة، لا أسطورة، فقط مبنى مأهول، لكن من يعرف القصة، يعرف أن هذه الجدران كانت يومًا مرآة لمدينة تخاف الفراغ، فتملأه بالحكايات.

أين ذهبت عفاريت عمارة رشدي؟.. لغز أشهر بناية غامضة في الإسكندرية- صور

مصراوى
10 سبتمبر 2025 |