الاعتداء على البعثة المصرية في نيويورك حيث تجمّع محتجون مصريون وعرب أمام مبنى البعثة المصرية، محاولين الاعتداء على البعثة والتأثير على سير المهام الرسمية ، إلا أن أمن البعثة المصرية تعامل مع الموقف بسرعة، وطلب الشرطة الأمريكية وسلّمهم المعتدين.

تأتي هذه الاعتداءات في ظل محاولات عناصر تنتمي إلى جماعة الإخوان الإرهابية الهاربة في الخارج، الاعتداء على السفارات والقنصليات المصرية، استمرارًا في محاولاتهم البائسة للنيّل من الدولة المصرية وبعثاتها في الخارج، حيث أقدم شاب ينتمي إلى جماعة الإخوان الإرهابية على إغلاق أبواب السفارة المصرية في هولندا بالأقفال الحديدية.
يزعموا أن ما يقوموا به يأتي احتجاجاً على حصار غزة؟!
رغم ما تمر به القضية الفلسطينية من آلام وجراح، إلا أن مثل هذا السلوك الإجرامي لا يمكن تبريره أو التسامح معه. بل إنه محاولة استعراضية رخيصة تهدف إلى النيل من الدولة المصرية ودورها المركزي في دعم القضية الفلسطينية، وليس لها أي صلة بنضال مشروع أو موقف إنساني.
إن البعثات الدبلوماسية تحظى بحماية خاصة يقرّها القانون الدولي، وهي حماية تُحترم عبر أنظمة العالم كافة. وتنص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 على أن لمقار البعثات حرمة مصونة لا يجوز المساس بها، كما تلزم الدول المضيفة باتخاذ التدابير الكافية لمنع أي اقتحام أو إضرار بها، أو المساس بأمنها وهيبتها.
وتؤكد المادة (22) من الاتفاقية أن: "لأماكن البعثة حرمة مصونة. ولا يجوز لرجال السلطة العامة دخولها إلا بموافقة رئيس البعثة. ويجب على الدولة المضيفة اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لحماية المقر من أي اقتحام أو ضرر.”
كما تنص المادة (29) من ذات الاتفاقية على أن المبعوثين الدبلوماسيين يتمتعون بحصانة شخصية مطلقة، ولا يجوز القبض عليهم أو حجزهم بأي شكل، وعلى الدولة المضيفة واجب حماية شخصهم وحريتهم.
وبالإضافة إلى اتفاقية فيينا، فإن اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 تعزز الحماية القانونية المقررة للمبعوثين والمنشآت الدبلوماسية، بوصفها جزءاً من الأعيان المدنية المحمية دولياً.
في تقديري، فإن ما قام به المتهمين يُشكل جريمة دولية مكتملة الأركان. وخرق جسيم للقانون الدولي الإنساني، وجريمة عمدية ضد منشأة دبلوماسية ذات سيادة، تهدف للمساس بالمصلحة الدولية، وتستوجب المساءلة الجنائية.
“فعل أو امتناع غير مشروع يصدر عن صاحبه بقصد المساس بمصلحة دولية محمية وتستوجب الجزاء الجنائي.”
ولذلك، فإن التصرف الإجرامي الذي أقدم عليه المتهمين يُخضعهم للمساءلة تحت مظلة القانون الدولي، والقانون الأمريكي، وكذلك القانون المصري. ومخالف ايضاً للأعراف الدبلوماسية التي تكفل حماية المقرات الأجنبية.
ما هي العقوبة وفق القانون الأمريكي ؟
إن القوانين الأمريكية تُجرم الاعتداء على البعثات الدبلوماسية .
- قانون حماية البعثات الدبلوماسية والقنصلية (22 U.S.C. § 2709): يُجرم الاعتداء على البعثات الدبلوماسية والقنصلية، ويُعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات وغرامة تصل إلى 250,000 دولار.
- قانون مكافحة الإرهاب (18 U.S.C. § 2332b): يُجرم الأعمال الإرهابية التي تستهدف البعثات الدبلوماسية والقنصلية، ويُعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 20 سنة وغرامة تصل إلى 250,000 دولار.
- قانون حماية الأشخاص الدبلوماسيين (18 U.S.C. § 112): يُجرم الاعتداء على الأشخاص الدبلوماسيين والقنصليين، ويُعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات وغرامة تصل إلى 250,000 دولار.
أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية لمكافحة الإرهاب وحماية السفارات والقنصليات. وذلك لتعزيز حماية البعثات الدبلوماسية والقنصلية.
- السجن: لمدة تصل إلى 20 سنة.
- الغرامات: تصل إلى 250,000 دولار.
- الترحيل: في حالة الأجانب الذين يرتكبون هذه الجرائم.
وبناءً عليه، فإنني أناشد السلطات الأمريكية التحقيق مع المتهمين، وتقديمهم لمحاكمة جنائية عاجلة وتوقيع أقصي عقوبة مقررة في القوانين الامريكية على المتهمين.
وماذا عن الدور المصري؟
لا يستطيع أحد المزايدة على الدور المصري التاريخي في القضية الفلسطينية، حيث قدمت مصر الغالي والنفيس من أجل فلسطين. إن هذه الأفعال الصبيانية لا يمكن أن تنتقص من الدور المصري أو تمس بمكانته. ولن تُغيّر من ثوابت سياستها القومية تجاه القضية الفلسطينية.
وإننا نناشد الحكومة المصرية باتخاذ موقف قانوني ودبلوماسي، عبر:
1 - تقديم شكوى رسمية إلى السلطات الأمريكية بشأن الحادث.
2 - طلب حماية دائمة للسفارات المصرية حول العالم، وضمان عدم تكرار هذا الاعتداء.
3 - السعي لترحيل المتهمين إلى مصر لمحاكمتهم بموجب القانون المصري الواجب التطبيق، خاصة أن الجريمة تمس أمن وسلامة منشأة سيادية مصرية.
لقد كانت مصر – ولا تزال – المدافع الأول عن الحقوق الفلسطينية، وراعية جهود التهدئة والدعم الإنساني. لقد قدمت دماء أبنائها، ومساعداتها الإنسانية، ومبادراتها السياسية دعماً للشعب الفلسطيني، يقوم هذا الحل على أساس حل دولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، دون مزايدة أو استعراض إعلامي.
يجب على المجتمع الدولي التصدي بقوة للاعتداء على الحصانة الدبلوماسية، وضمان حماية البعثات الدبلوماسية ومقرراتها. باعتبارها ركنًا أساسيًا في العلاقات الدولية، حيث تتيح للبعثات الدبلوماسية أداء مهامها وفق القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
وندعو المجتمع الدولي إلى دعم الجهود المصرية الرامية إلى تحقيق حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع الذي طال أمده، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية.