لم أندهش مطلقاً من الموقف الصلب الذى اتخذه وزير الخارجية المصرى د. بدر عبدالعاطى، عندما تصاعدت اقتحامات سفاراتنا فى الخارج فى أوروبا وكندا وغيرها، هذه السفارات فى العرف

الدبلوماسى والسياسى هى أراض مصرية، ولا بد أن تحترم الدول التى تستضيف سفاراتنا أمن تلك السفارات وسلامة طاقمها، بداية من السفير حتى السائق، لكن أن تُترك سفاراتنا نهبا لبعض
عملاء الإخوان الذين يرددون نفس الأسطوانة المشروخة، نحن لا ننام مما يحدث لأطفال غزة، والسبب مصر!! افتحوا المعبر، وتتوالى شتائم المؤمنين المسلمين التقاة الورعين، بأسفل
الألفاظ وأكثرها وقاحة ووضاعة كما سمعتم وشاهدتم، عندما لاحظ بدر عبدالعاطى بفراسته المعهودة وذكائه الحاد الذى لمسته عن قرب بحكم لقاءاتى المتعددة به فى القاهرة وبرلين وبروكسل.
عندما لاحظ تكرار الاقتحام بنفس أساليب قطاع الطرق، ولاحظ التراخى الأمنى من تلك الدول، بدأ بالشرح الوافى لمسألة المعبر وأفحم الإخوان وأذنابهم ومن يحركهم، وأوضح حجم المساعدات التى ننفرد
تقريباً بمنحها لأهلنا فى غزة، وأوضح أيضاً أن المعبر مغلق من ناحية إسرائيل وعلى الأشاوس الحنجوريين أن يعبروا ليشاهدوا الدبابات والتحصينات التى ستجعل أى عابر منهم أو مقتحم جثة فى خبر كان،
وكشفهم أمام الرأى العام العالمى، إنكم تريدون توريط مصر فى حرب ستأكل الأخضر واليابس، ليست القضية عند الإخوان فلسطين إطلاقاً، إنما هى تقويض وتفكيك مصر، تلك الدولة التى وقفت حائط صد أمامهم،
لم يستطيعوا ابتلاعها، ثم انتفض بدر عبدالعاطى بصعيديته كابن أسيوط الذى لا يرضى الإهانة، وقرر تخفيض الحراسة الأمنية على سفارة البلد الذى سيحس منه بالتراخى أمام هؤلاء الخونة، وكانت لكلماته
وقع السحر على المصريين فى الخارج، فرأيناهم بأنفسهم ينزلون ليحموا سفاراتنا وينذرون أى مقتحم يريد الإخلال بأمن السفارة ونشر الفوضى فيها، بالويل والثبور وعظائم الأمور، وقالوا نحن ندافع عن سمعة مصر.
منح وزير الخارجية سفراءنا الثقة بعد أن شاهدنا البعض منهم مرتبكاً أمام تلك الخطة الشيطانية القذرة، فلم يتعود السفير التعامل من قبل مع بلطجى، لكنها الظروف التى جعلتنا نتصدى لقطاع
الطرق خارج حدودنا، كما تصدينا لهم داخل حدودنا، من الممكن أن يندهش البعض من أين أتى بدر عبدالعاطى بكل هذه الحكمة، وهذه القدرة على المناورة مع فئة هى أحط جماعة سياسية ظهرت فى تاريخ
المنطقة بأكملها، باختصار تشكل بدر عبدالعاطى بداية من أرضية أكاديمية قوية، مركز الدراسات السياسية بعد تخرجه، ثم وهو فى مقتبل الشباب كان فى سفارتنا فى تل أبيب، هنا فهم كل أبعاد
القضية الفلسطينية فلا يستطيع أحد المزايدة عليه، ثم تنقل ما بين طوكيو وأمريكا، فاكتسب رؤية أشمل وأوسع، وكانت خاتمة الرحلة قبل الوزارة، ألمانيا زعيمة الاتحاد الأوروبى فى زمن
العملاقة ميركل، ثم بروكسل مركز البرلمان الأوروبى فى عز وقمة هجوم اليسار الأوروبى على مصر، استطاع بدر عبدالعاطى استيعاب واحتواء كل تلك التناقضات والضغوطات بكل حنكة ومهارة،
والوصول بسفينة الدبلوماسية المصرية لبر الأمان، مدرسة الخارجية المصرية مدرسة وطنية تتميز بالنبل والهدوء والحكمة، ولن تجف بئر عطائها أبداً، وبدر عبدالعاطى هو أحد أنجب خريجى تلك المدرسة الوطنية الرائعة.