أصعب أنواع الدراما هى التى تتعامل مع شخصيات طبيعية من لحم ودم، فيها الخير والشر، الأنانية والعطاء، الخوف والحماقة، أما دراما الشخصيات ذات البعد الواحد، شرير على طول الخط، أو طيب على الدوام، فهذه دراما باردة كرتونية سرعان ما تُنسى وتموت.

مسلسل فات الميعاد، الذى للأسف لم أتابعه فى وقته من النوعية الأولى، دراما الشخصيات متعدّدة الأبعاد، كقطعة الكريستال التى لها وجوه كثيرة. أبدع المخرج سعد هنداوى الذى غاب عن الشاشة فترة طويلة وحرمنا من إبداعه وفنه المتفرّد
والمتميز، غزل لنا قطعة سجاد فارسية درامية اهتم فيها بكل التفاصيل مع ورشة الكتابة التى كان دوره كمايسترو لربط خيوطها فى منتهى الأهمية، وظاهراً فى العمل، صيغة توم وجيرى صيغة جذابة، خاصة إذا كانت بين طليق وطليقته على حضانة بنتهما.
كشف المسلسل عن ثغرات قانونية وفقهية تخنق حياتنا وتدمّر العلاقة الإنسانية التى من المفروض أن تكون قائمة على السكن والمودة، التفاصيل التى صدمتنا فى صراع الديكة ما بين
المحامين حول من هى الحاضنة؟، وترتيب الحاضنات طبقاً للشرع والقانون؟ ذكورية القوانين المصرية التى أجبرت أماً على طلاق صورى من زوجها الثانى لكى تحتفظ بالحضانة، أفضل
ما فى المسلسل توضيح أن تلك الصراعات ترفع الغطاء عن أسوأ ما لدينا من مشاعر، كشفت مسعد، وكشفت بسمة أيضاً. تحول كل منهما إلى أنانى، لا يفكر إلا فى انتصاره فى حلبة الملاكمة.
ذكرتنى الحلقات بجولات الملاكمة أيام محمد على كلاى، وكيف كنا ننتظر نتيجة كل جولة ونلهث خلفها. أحمد مجدى ممثل مضبوط المشاعر، لا تفلت منه لحظة أوڤر، دموعه من قلبه وأيضاً ابتسامته. أسماء أبواليزيد عينان مغناطيسيتان،
وجمال مصرى هادئ. أحمد صفوت هو مفاجأة المسلسل، هذا الطيب الصبور المتحمّل الجدع، أدى الدور بامتياز. سلوى محمد على ذكّرتنا بسناء جميل. محمد على رزق غول تمثيل، من أنجب تلاميذ خالد جلال. البزاوى وحنان سليمان وكل
الفريق، عشنا معهم 30 حلقة من الدراما الممتعة المتعوب عليها، تبدأ كل حلقة برائعة أم كلثوم فات الميعاد، رائعة بليغ حمدى ومرسى جميل عزيز، الشىء الذى يأتى بعد فوات الميعاد لا طعم له ولا لون ولا رائحة، الشىء جماله فى
ذاته وفى توقيته أيضاً، توقيت العطاء مهم، فلو منحتنى اهتماماً ليس فى ميعاده، أو جاء بعد إهانة فهو قد فقد طعمه ومذاقه، وهذا ما حدث بين مسعد وبسمة، إهانة وضرب فى البيت، ثم محاولة لمنح هدية!! بماذا ستُجدى الهدية بعد جرح الكرامة؟.