القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

هجوم على كنيسة شرق الكونغو: استشهاد 21 مسيحيًا في هجوم نفذه مسلحون وإحراق منازل ومحالّ مجاورة

استشهد ما لا يقل عن 21 شخصًا في هجوم دموي نفذه مسلحون تابعون لجماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة" (ADF) المرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي، وذلك أثناء قداس صباحي داخل كنيسة في مدينة كوماندا بمقاطعة إيتوري شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية.

هجوم على كنيسة شرق الكونغو: استشهاد 21 مسيحيًا في هجوم نفذه مسلحون وإحراق منازل ومحالّ مجاورة

تفاصيل الهجوم

وقع الهجوم في الساعات الأولى من صباح الأحد، عندما اقتحم مسلحون الكنيسة الكاثوليكية الرئيسية في كوماندا، وفتحوا النار عشوائيًا على المصلين أثناء تجمعهم للصلاة. وأكد مسؤولون محليون أن بعض الضحايا قُتلوا داخل الكنيسة، فيما استُهدف آخرون في محيطها أو أثناء محاولتهم الفرار.

وقال بيير أوروسيمانا، مسؤول المجتمع المدني المحلي، إن "عدد الشهداء المؤكد حتى الآن بلغ 21 شهيدا، بينهم ثلاث جثث عُثر عليها متفحمة بعد إحراق منازل ومحلات تجارية في محيط الكنيسة. ولا تزال عمليات الإنقاذ والبحث جارية، ما يُنذر بارتفاع عدد الضحايا خلال الساعات المقبلة.

منفذو الهجوم: جماعة متطرفة بايعت داعش

اتهمت السلطات المحلية مسلحي القوات الديمقراطية المتحالفة (ADF) بتنفيذ الهجوم. وتُعرف هذه الجماعة بنشاطها الإرهابي العنيف في شرق الكونغو، وقد أعلنت ولاءها لتنظيم "داعش" منذ عام 2019، وغيّرت اسمها إلى "ولاية وسط إفريقيا تنظيم الدولة الإسلامية".

الجماعة التي انطلقت في الأصل من أوغندا، أصبحت اليوم من أكثر التنظيمات دموية في المنطقة، حيث نفذت عشرات الهجمات على المدنيين، خصوصًا في مقاطعتي شمال كيفو وإيتوري، ضمن حملة عنف منظمة تستهدف السكان المسيحيين والقرى النائية.

دمار وتهجير

إلى جانب الشهداءو، أُحرقت عدة منازل ومتاجر في كوماندا، ما أدى إلى فرار جماعي للأهالي نحو الأدغال والمناطق المجاورة طلبًا للنجاة. وقال سكان محليون إن المهاجمين تجوّلوا بحرية في البلدة لساعات قبل انسحابهم، ما أثار تساؤلات حول قدرة الجيش على التصدي لمثل هذه الهجمات.

من جهته، قال المتحدث باسم الجيش الكونغولي في إيتوري، الكابتن أنطوني موالوشاي، إن الهجوم أسفر عن "مقتل 10 أشخاص على الأقل بحسب الإحصاء الأولي"، مؤكدًا استمرار التحقيقات وانتشار وحدات عسكرية لتعقب المسلحين.

خلفية متكررة للعنف في شرق الكونغو

لم يكن هذا الهجوم معزولًا؛ إذ شهدت منطقة إيتوري ومحيطها عشرات الهجمات الدموية خلال السنوات الأخيرة. في يوليو الجاري فقط، قُتل 66 مدنيًا في منطقة إرومو على يد نفس الجماعة الإرهابية. وفي فبراير 2025، وقعت مجزرة في منطقة كاسانغا، حيث تم إعدام أكثر من 70 شخصًا داخل كنيسة، معظمهم باستخدام الأسلحة البيضاء.

تقدر الأمم المتحدة أن الهجمات التي تنفذها الجماعات المرتبطة بداعش في شرق الكونغو منذ عام 2020 قد أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 2500 مدني، إلى جانب تهجير مئات الآلاف، في أزمة إنسانية وصفت بأنها منسية عالميًا.

دعوات محلية ودولية للتدخل

أعربت منظمات حقوقية وأوساط دينية عن صدمتها من "الهجوم البربري"، داعيةً الحكومة الكونغولية والمجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف دوامة العنف التي تطال الأبرياء.

وقال القس جان بيير إيتيندي، وهو أحد الناجين من المجزرة، إن "الناس ذُبحوا لأنهم يصلون. هذا ليس مجرد هجوم، إنها رسالة رعب من الظلاميين الذين يريدون فرض أيديولوجيتهم بالقوة".

استمرار استهداف المسيحيين في إفريقيا والشرق الأوسط

تأتي هذه المجزرة في كوماندا ضمن سلسلة طويلة من الهجمات التي تستهدف المجتمعات المسيحية في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث تشهد هذه المناطق تصاعدًا ملحوظًا في أعمال العنف الديني على يد جماعات متطرفة تسعى لفرض أجندات عقائدية متشددة.

فمن نيجيريا إلى السودان، ومن الكونغو إلى العراق وسوريا، يتكرر المشهد الدموي ذاته: كنائس تُحرق، مؤمنون يُقتلون أثناء الصلوات، وأسرٌ تُهجّر من منازلها تحت تهديد السلاح.

وكان آخر تلك الهجمات ما وقع قبل أيام في كنيسة مار إلياس، حيث تعرضت الكنيسة لاعتداء عنيف أثناء القداس، ما أسفر عن سقوط ضحايا وإصابات، في هجوم يعكس مدى هشاشة أمن الأقليات الدينية، حتى في بيوت العبادة.

إن تكرار هذه الجرائم يؤكد أن استهداف المسيحيين لم يعد مجرد أحداث متفرقة، بل جزء من نمط ممنهج يُهدد الوجود المسيحي التاريخي في مناطق واسعة من العالم، وسط صمت دولي مقلق وتقصير في توفير الحماية المجتمعية والقانونية للأقليات.

نادر شكري - أقباط متحدون
27 يوليو 2025 |