القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

مأساة «مايكل».. دافع عن «رزقه حتى الموت»

كان رايح يشتغل على التوك توك الجديد اللى لسه شاريه بالتقسيط، بدل القديم اللى باعه... بس ما رجعش، يقول والد مايكل أمير موريس، الشاب الذى لم يتجاوز عامه الـ25، مضيفًا أن ابنه اتقتل وهو فى طريقه

مأساة «مايكل».. دافع عن «رزقه حتى الموت»

للشغل، ضربوه بالنار وذبحوه بطريقة بشعة، فى منطقة الصفا قدّام مدرسة التجارة فى أبوزعبل، بعد ما استدرجوه تلاتة لمكان مقطوع، ويشير الأب إلى أن آثار الاعتداء كانت مروّعة: ضربوه بطلق خرطوش فى دماغه

وعينه، وسنجة، وكان فيه طعنات كتير فى جنبه الشمال، فيما تُكثف الشرطة من جهودها لضبط مرتكبى الجريمة. يؤكد والده، أمير موريس، أن ابنه كان شابًا بسيطًا وغلبانًا كما وصفه، حصل على دبلوم، وكان يحاول

أن يؤسس لنفسه مستقبلًا بسيطًا من خلال العمل على توك توك اشتراه بالتقسيط. لم يمر سوى شهرين على امتلاكه له، قبل أن يُقتل بسببه، ويقول إن مايكل كان دائمًا يردد أمامه: يا بابا، يوم ما حد ياخد منى

التوك توك هموت عليه. ويبدو أن ما ردده مايكل لم يكن مجرد كلام، إذ أنه، بحسب والده، قاوم المهاجمين الـ3 الذين استدرجوه، فكان ردهم أن أطلقوا النار عليه من الخرطوش، وأصابوه فى رأسه وعينه، ثم ذبحوه وطعنوه دون رحمة.

فى استرجاعه لمشهد الجريمة، يتحدث الأب عن تمزق جسد ابنه: كان مذبوحًا، ومطعونًا فى كل موضع تقريبًا، بحسب وصفه، ويضيف بصوت مشبع بالحسرة إن ابنه لم يكن مجرمًا ولا صاحب مشكلة، بل كان مجرد شاب يعمل على رزقه.

فى قداس مايكل الذى أقيم فى كنيسة العذراء بالعكرشة، رأى والده حشودًا لم يكن يتخيلها، ويقول إن حب الناس لابنه ظهر فى وداعه، إذ يتذكر كيف كان مايكل دائمًا يعامله بحنية، يعطيه من ماله القليل، وكان يقول له: خد الـ100 جنيه دى، خليها معاك. ويتحدث

الأب عن تفاصيل دقيقة تُظهر العلاقة التى كانت تربطهما: كان يبوس إيدى كل يوم، بيساعدنى على طلوع السلم درجة درجة، خاصة بعد خضوعى لعملية فى القلب، ويرى والد المجنى عليه، أن مايكل لم يكن مجرد ابن، بل كان كل شيىء بالنسبة له، السند والمعين والرفيق.

أما إخوة مايكل، أبانوب وجون، فقد كانوا يكنّون له محبة شديدة، بحسب وصف الأب، الذى لا يزال يتساءل بمرارة: ليه الجناة عملوا فيه كده؟، ليه ابنى مسبش ليهم التوك توك ورجعى لى حىّ؟، ويختم جملته المتكررة بكلمة واحدة يرددها منذ الجريمة: عايز حق

ابنى. والدة مايكل لا تزال تحت وقع الصدمة، تتذكر مساء ذلك اليوم جيدًا، حين خرج ابنها على رزقه، كما كان يفعل كل يوم، تتحدث عن الألم الذى اجتاحها عندما علمت بأن 3 بلطجية أوقفوه فى طريقه للعمل، وحاولوا سرقة التوك توك، فقاومهم، فكان مصيره الذبح.

اتعودنا منه يطمنّا أول ما يوصل، حتى لو نزل بدرى، تقول الأم المكلومة، وهى تجلس فى ركن الغرفة، تحتضن صورة له بيديها المرتجفتين، وتضيف: بس فى اليوم ده، مرّت الساعات ومافيش حس، الساعة كانت قربت 11 الصبح، والتليفون بيرن ومفيش رد، قلبى كان بيضرب، وإحساس ما يتوصفش خلانى أقول لوالده: مايكل فى حاجة.

ما إن انتهت من جملتها حتى بدأت الاتصالات تصل من سائقين يعملون على خط التكاتك فى أطراف المنطقة، يقولون إن أحدهم سمع عن جثة شاب ملقاة فى أرض زراعية، ملامحه قريبة من ملامح مايكل. ذهبت الأسرة إلى هناك، نفس الأرض التى عبر منها

الشاب العشرينى مرات كثيرة فى طريقه إلى عمله: لقيناه مرمى فى الطين، وسط بركة دماء، تقول الأم، وتتابع بعد لحظة صمت ثقيل: اللى لقى الجثة كان راجل خفير فى الأرض، وبلغ الشرطة فورًا، جم على طول، ورفعوه بهدوء، ونقلوه على المشرحة.

داخل ثلاجة حفظ الموتى، كانت تنتظر الأسرة التصريح بالدفن بعد قرار النيابة العامة بتشريح الجثمان للوقوف على أسباب الوفاة، قالت الأم: محدش يستاهل يموت كده.. ابنى اتقتل من غير ذنب. تصف تلك اللحظة

بكلمات موجعة، وتقول روحنا المقابر وقلبى مكسور عليه، وتشير إلى أن ابنها صعد إلى السماء، لكن موته كان قاسيًا على كل من عرفه، ولم تكن تعلم أن مقاومته ستنهى حياته بهذه الطريقة. مايكل فى نظرها لم

يكن مجرد شاب بسيط، كان شابًا زى الفل، كما تصفه، خرج يطلب الرزق بالحلال، فانقض عليه من وصفتهم بـالحرامية، وأوقفوه، وذبحوه، وسرقوا مركبته، لم تتمالك الأم نفسها وهى تروى كيف أن من قتلوه فتّكوا

به بلا شفقة. أُقيم قداس على مايكل أمس الأول فى كنيسة العذراء والملاك ميخائيل فى عزبة الأبيض التابعة لمطرانية شبين القناطر، برئاسة الأنبا نوفير، الذى شارك المشيعين الدعاء بأن تتحقق العدالة.

لا تزال العائلة غارقة فى الحزن، بين صورته المعلّقة على الجدران، وصوته العالق فى ذاكرتهم، ودموع لا تتوقف. كل ما يطلبونه، كما يقول والد مايكل، أن يُؤخذ لهم بحق ابنهم، وأن لا تمر هذه الجريمة كغيرها.

فى كل مشهد، تتكرر الجملة التى لم تغب عن لسان الأب: (كان بيقولى يا بويا خد الـ100 جنيه دى، خليها معاك... كنت أشيله فى عينى، دلوقتى هشيله فى قلبى بس. مايكل كان كل حاجة). بينما تواصل الشرطة جهودها لجمع الأدلة، ومراجعة كاميرات المراقبة، واستجواب الشهود، وتكثف من جهودها لضبط المتهمين بارتكاب الجريمة.

المصرى اليوم
27 يوليو 2025 |