في تطور لافت على الساحة الدولية، حذّرت منظمة مراقبة التراث العالمي (World Heritage Watch) من "خطر داهم" يتهدد دير القديسة كاترين في جبل سيناء، أحد أقدس وأقدم المواقع الدينية والثقافية في العالم، داعية منظمة اليونسكو إلى إدراجه على قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر.

وفي رسالة مفتوحة وجّهتها المنظمة إلى لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو، أعربت عن قلقها إزاء المشروعات السياحية والتنموية الجارية في محيط الدير، معتبرة أنها "تحوّل المشهد المقدّس إلى منطقة تجارية وسياحية صاخبة"، وسط تقاعس واضح من الحكومة المصرية عن الالتزام بتوصيات الاتفاقيات الدولية.
وأشارت المنظمة في تقرير موسّع مدعّم بوثائق وصور، إلى أن مصر لم تلتزم بإيقاف الأنشطة الإنشائية كما طلبت اليونسكو سابقًا، ما أدى إلى "أضرار جسيمة بالقيم العالمية الاستثنائية للموقع".
رئيس المنظمة، شتيفان دومبكه، صرّح قائلًا: "مصر ما تزال تقدّم لليونسكو معلومات مضلّلة أو غير مكتملة. وقد آن الأوان لأن تكون اليونسكو واضحة: لقد أوشكت على فقدان صبرها. عزلة المنطقة وسكينتها هما من القيم الجوهرية التي يجب حمايتها بكل الوسائل."
طالبت منظمة مراقبة التراث العالمي بأن تتضمّن قرارات لجنة التراث العالمي، في دورتها السنوية الجارية، البنود التالية: تأكيد ملكية الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية لدير سانت كاترين وممتلكاته.، والاعتراف
بالمخاطر الفعلية الناجمة عن مشروعات التنمية والنقل والتغيرات المؤسسية.، إيفاد بعثة رصد مشتركة من اليونسكو وICOMOS خلال 3 أشهر.، النظر في إدراج الموقع على قائمة "التراث المعرّض للخطر" إذا لم تُنفَّذ البعثة في الموعد.
مشروع قانون يوناني يكرّس الهوية الأرثوذكسية للدير
في أثينا، قدّمت وزارة التربية والتعليم والشؤون الدينية والرياضة مشروع قانون جديد يعيد الاعتبار القانوني لدير سانت كاترين ضمن نطاق الجمهورية اليونانية، من خلال إنشاء كيان قانوني مستقل يُدعى:
"الدير الملكي المقدس الأرثوذكسي اليوناني المستقل في جبل سيناء المقدّس الموطئ لقدمي الله داخل اليونان".
وقد رحّبت الأوساط الكنسية بهذا التطور، واعتبرته خطوة قانونية حاسمة تهدف إلى حماية التراث الأرثوذكسي الروحي، وتعزيز الحضور الكنسي في الشرق الأوسط، خاصة في ظل التحديات الإقليمية الراهنة.
كما يشمل القانون المقترح بنودًا تخص دعم الأكاديميات الكنسية، وحماية أماكن العبادة، وضمان الحرية الدينية والسلامة داخل المؤسسات التعليمية.
الجدير بالذكر أنه 8 يوليو 2025، زار رئيس الوزراء اليوناني الأسبق، السيد جورج أ. باباندريو، دير القديسة كاترين، حيث التقى نيافة المطران داميانوس، رئيس أساقفة سيناء.
اللقاء تناول الأوضاع الراهنة، والتحديات التي تواجه الدير، وأكّد خلاله باباندريو على: "أهمية حماية قدسية الدير، واحترام ملكيته، ودوره التاريخي كرمز روحي فريد في العالم الأرثوذكسي، وجسر حوار بين الأديان."وقد شدد الطرفان على ضرورة استمرار الدعم الدولي للحفاظ على الموقع من التهديدات البيئية والعمرانية والثقافية.
العالم يترقّب موقف اليونسكو
ومع تصاعد النداءات الدولية، يترقّب المراقبون نتائج اجتماع لجنة التراث العالمي الجاري، وما إذا كانت اليونسكو ستستجيب لدعوات الكنيسة الأرثوذكسية والمجتمع المدني، باتخاذ خطوات ملموسة لإنقاذ دير القديسة كاترين من مخاطر تهدد كيانه الروحي والثقافي.