كلمة “إسكيم” (Σχήμα – schema) باليونانية تعني “الهيئة” أو “الوجه”، لكنها في التقليد الرهباني الأرثوذكسي تشير إلى قطعة اللباس الخاصة التي يرتديها الراهب كعلامة على تفرّغه الكامل لله ودخوله حياة الزهد والتكرّس. الإسكيم ليس مجرد رداء خارجي، بل تعبير عن التزام داخلي عميق بالجهاد الروحي.

ثلاث درجات في الحياة الرهبانية
1. مرحلة الابتداء – لبس الجبة
بعد فترة اختبار أولية، يُمنح طالب الرهبنة، ويُسمّى حينها مُبتدئًا (novice)، بركة ارتداء الجبة الرهبانية (Ράσον – rasson). يُطلق عليه لقب “راسوفوروس” (rassophoros)، أي حامل الجبة، لكنه لا ينذر نذورًا رسمية في هذه المرحلة. الهدف منها التهيئة لحياة النسك والطاعة.
2. الإسكيم الصغير – بداية الرهبنة الفعلية
في هذه الدرجة يُصبح المبتدئ راهبًا فعليًا، بعد أن يؤدي النذور الثلاثة: الفقر، العفة، والطاعة.
خلال “خدمة التصيير”، يُسأل أربعة أسئلة أساسية تتمحور حول الثبات في الدير، وحفظ العفة، والطاعة حتى الموت، والصبر في الضيقات من أجل الملكوت. هي نقطة التحوّل الجدي نحو حياة الرهبنة الكاملة.
3. الإسكيم الكبير – بلوغ الكمال الرهباني
الدرجة الأسمى في الحياة الرهبانية، يُعرف حاملها بالروسيّة بـ Skhimnik. فيها يُجدّد الراهب نذوره بطريقة أعمق وأكثر تجردًا، ويُسأل خمسة أسئلة في خدمة التصيير، تتمحور حول: التخلي الكامل عن العالم والثبات في الدير حتى الموت والطاعة التامة والصبر على الشدائد وحفظ الطهارة والتقوى
ويُجيب الراهب دائمًا: “نعم، بمعونة الله.”
التشديد هنا على التجرّد الكامل وعيش حياة “ملائكية”.
اختلاف التقاليد: الروسي، اليوناني، والأنطاكي ففي التقليد الروسي، يُفرَّق بوضوح بين الإسكيم الصغير والكبير، ويُتوقع من راهب الإسكيم الكبير ممارسة الزهد بشكل صارم
يشمل الصمت والخلوة والصلاة المستمرة والصوم. وفي التقليد اليوناني، يوجد عادة نوع واحد من الإسكيم يُعرف بـ”الإسكيم الكبير” أو “الملائكي”، وهو يشمل الدرجة
الرهبانية العليا دون المرور بإسكيم صغير اما في الكنيسة الأنطاكية، فيُعتمد التمييز بين الإسكيمين في بعض الأديرة، بينما تتّبع أديرة أخرى التقليد اليوناني باعتماد درجة واحدة.
الإسكيم “الملائكي”: دعوة للقداسة
الراهب بالإسكيم الكبير يُدعى إلى عيش حياة “ملائكية”، لا بمعنى الانفصال عن الجسد، بل في نقاوة الفكر وطهارة القلب والاتحاد بالله بالصلاة والاتضاع. هو صورة حيّة للجهاد الصامت في البرية، “للذين اختاروا طريق الضيق المؤدي إلى الحياة”.
راهب وكاهن: “Hieromonk”
إن سِيم الراهب كاهنًا، يُطلق عليه لقب “Hieromonk” (Ἱερομόναχος – Hiéromoine)، أي “راهب كاهن”، ويُمنح سلطة خدمة الأسرار الكنسية، مع الاستمرار في التزامه النسكي.
خدمة الإسكيم في “الأفخولوجي الكبير”
تُدرج طقوس منح الإسكيم ضمن كتاب “الأفخولوجي الكبير”، الذي يحتوي على خدمات الأسرار المقدسة والصلوات الخاصة بالرتب الكهنوتية. وتشمل خدمة التصيير الرهباني صلوات وأفاشين تُقرأ قبل وبعد نذر الرهبان، في جو روحي مهيب.