القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

النادبات المستأجرات!! .. بقلم حمدي رزق

بقلم حمدي رزق

فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، مرض الشك، والتشكيك، والشبهات، والنفاق، ما تقع مصيبة أو تلم بالوطن نائبة، حتى كانوا (هم) وقودها سريع الاشتعال، يلقون مما فى نفوسهم المترعة بالثأر، ينفخون بغل وحقد فى النار المشتعلة لتحرق الوجوه الطيبة المؤمنة بوطن عظيم اسمه مصر يستحق حياة كريمة.

النادبات المستأجرات!! .. بقلم حمدي رزق

ما إن اندلع الحريق فى سنترال رمسيس، والناس فى هلع وخشية، تضع أيديها على قلوبها حذر الحريق، وتتمتم بدعاء اللطف، استرها يارب، ورجال الإنقاذ الشجعان يسابقون الزمن لاحتواء الحريق الرهيب، برز إخوان الشيطان بوجوههم الصفراء شامتين، يغردون فرحين مغتبطين، وكلما ارتفعت ألسنة اللهب وأعمدة الدخان رقصت قلوبهم بين ضلوعهم من أثر الغل والحقد والثأر الدفين.

عادة ما يفرحون فى مصائب الوطن ويشمتون، ويتبعهم الغاوون والمؤلفة قلوبهم، معلوم الشماتة لؤم، وكل المصائب قد تمر على الوطن فتهون، غير شماتة الأعداء، وهؤلاء ألدّ الأعداء، أشد الأعداء خصومة وعداوة.

للإمام على بن أبى طالب قول مأثور، أشدُ من البلاء شماتة الأعداء، وللشاعر العربى الفرزدق، قول حكيم: (إذا ما الدهر جر على اناس/ كلا كله أناخ بآخرينا.. فقل للشامتين بنا أفيقوا/ سيلقى الشامتون كما لقينا).

معلوم، شماتة الأعداء لا تدوم، وصاحبها مذموم، والشَّمَاتَةُ بِالنَّاسِ أَيِ الْفَرَحُ وَالاغْتِبَاطُ بِبَلِيَّةِ الآخَرِينَ أَوْ حتى بِالأَعْدَاءِ شَماتة..

تسوءنى الشَماتة، تنطوى على السُّوءِ، على القَبيح، وفى باب النهى عن إظهار الشماتة ، قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَة لأَخِيكَ فَيرْحمْهُ اللَّهُ وَيبتَلِيكَ.

ما بالك فى الشماتة فى الوطن، ومن الكبائر الوطنية، من القبح البغيض المكروه أن تشمت فى وطنك، تشمت فى أهلك وناسك، فى لحمك ودمك، تشمت مبتسما كاشفا عن أسنانك الصفراء، وبابتسامة لزجة تسيل على الشفاه، وترتسم مفكرا وفى التحليل الأخير حاقدا أو ناقما..

أن تشمت فى لؤم، وتغرد فى غبطة، وتتحزم وترقص فى الفضاء الإلكترونى، أهلك وناسك يرونك عاريا من كل خلق، وكلما تعريت وبانت عورتك تأسفوا لحالك، تتبضع لايكات وإعجابات ووسوم، تترجم دولارات تشتهيها، تبيع وطنك فى المنافى بثمن بخس دراهم معدودة، يفكرك بوالى عكا) الخائن) فى فيلم الناصر صلاح الدين.

ربنا ابتلانا بنفر شامتين، يغردون شماتة، وينقرون الرؤوس كالغربان بحكى بغيض، ويلوكون سيرة الوطن فى منافيهم البعيدة، ويطلون بوجوههم القبيحة عبر الفضاء الإلكترونى على الطيبين، يتأبطون شرا، ويستبطنون خبثا، ويكايدون من الكيد، رد الله كيدهم فى نحورهم.

مثل هؤلاء كالنادبات المستأجرات، يندبون بلقمتهم، ويلطمون الخدود، ويشقون الثياب، وكأنهم من الأهل والخلان، وهم ألد الخصام.

يقول المولى سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ. (البقرة / 204).

وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ، هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ، مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ، عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ (القلم/ 10-13)، هذا قول الله سبحانه فيهم، المنافقون، فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (المنافقون/ 4).

نار الشماتة تشوى قلوبهم وتحرق أكبادهم، وكلما أوغلوا فى الشماتة مكايدة، كلما جبر الله بخاطر الطيبين، فأشرقت وجوههم بنعمته، لا يلقون بالا بشماتة هؤلاء، ويشيحون بوجههم عن وجوههم القبيحة، ويثقون فى كرم الله، وسعته، ورزقه، لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ. (إبراهيم /7).

حمدي رزق - المصرى اليوم
09 يوليو 2025 |