«من الرائع حقًا أن ترى عملك يُعرض على شاشة كبيرة ضمن برنامج تلفزيوني شهير في مصر، بلد يبلغ عدد سكانه 140 مليون نسمة، وسيكون الأمر أروع لو تم ذكر اسمك فعليًا! لكن مها الصغير، وهي مؤثرة مشهورة ومقدمة برامج ومصممة، نسيت أن

تفعل هذا. وبدلاً من ذلك، ادّعت أنها هي من رسمت اللوحة «صنعتُ لنفسي أجنحة» التي أنجزتها أنا في عام 2019 – إلى جانب أعمال لثلاثة فنانين آخرين – وذلك خلال ظهورها في برنامج منى الشاذلي».. بهذه الكلمات عبّرت الفنانة التشكيلية
الدنماركية ليزا لاش نيلسون عن تعرضها لعملية سطو على حقوق الملكية الفكرية الخاصة بلوحتها لتشتعل أزمة طالت فريق إعداد برنامج الإعلامية منى الشاذلي التي اضطرت إلى الاعتراف بحقها الأصيل في اللوحة عبر حسابها الرسمي على «انستجرام».
منشور على فيسبوك يعلن الأزمة
بدأت الحكاية بمنشور عبر صفحتها الشخصية على «فيسبوك» بتاريخ 12 يونيو الماضي، ذكرت فيه ليزا لاش نيلسون أنها تلقت رسالة من شخص يقول إن مها الصغير تدّعي أنها هي من رسمت لوحة المرأة التي على ذراعيها طيور، لذلك تسائلت
الفنانة الدنماركية عما إذا كان لديها من ضمن أصدقائها البالغ عددهم 924 شخصًا، «يفهم القليل من اللغة العربية» كي يخبرها بما تقوله السيدة عن لوحتها، محددة دقيقة معينة من مقطع فيديو لحلقة برنامج «معكم منى الشاذلي» المثيرة للجدل.
بعد حوالي 24 يومًا من تاريخ هذا المنشور، عادت نيلسون لتصعد قضيتها مجددًا، بقولها: «نسخ أعمال الآخرين أمرٌ معروف، لكن أن تقوم بأخذ صورة للوحة حقيقية رسمها شخص آخر، وتعلن على الملأ أنها لك.. فهذه جديدة عليّ. ومع
ذلك، اخترت أن أتعامل مع الأمر كمجاملة كبيرة من مها الصغير، التي يبدو أنها أحبت عملي إلى درجة أنها مستعدة لارتكاب جريمة وفقًا للقانون المصري والدولي واتفاقية برن، باستخدامه للترويج لنفسها وبناء علامتها الشخصية».
وأضافت نيلسون أن مها الصغير وفريق القناة التلفزيونية التي تبث البرنامج رفضوا الرد على محاولاتها للتواصل معهم من أجل التعبير عن «امتنانها»، وبالتالي قررت اغتنام الفرصة لإعادة
نشر اللوحة، التي قالت إنها رأتها تُستخدم مرارًا على وسائل التواصل الاجتماعي كرمز للنضال من أجل الحرية حول العالم، ولا تجد في ذلك سرقة بل فخرًا لها لأن أحدًا لم يجرؤ على إدعاء
أنه من رسمها مثلما فعلت مها الصغير لتحقيق مكاسب مالية، دون دفع مقابل أو حتى ذكر اسم الفنان الأصلي، الأمر الذي يعتبر انتهاكًا لإنسان كرّس روحه ووقته لخلق هذا العمل، على حد قولها.

رد رسمي من منى الشاذلي يوضح الحقيقة
لم تتأخر الإعلامية منى الشاذلي في ردها، إذ قررت توضيح الأمور عبر حسابها الرسمي على «إنستجرام»، حيث نشرت صورة للوحة المعنية، مؤكدة أن الفنانة ليزا لاش نيلسون هي المالكة الحقيقية للعمل الفني، مضيفةً في تعليقها: «نحن نحترم المبدعين الحقيقيين ونقدّر إبداعاتهم الأصلية في كل المجالات».
وبهذا الرد، أوضحت منى الشاذلي موقفها من الأزمة، مؤكدة التزام برنامجها بقيم احترام حقوق الملكية الفنية، وتقدير الجهد والإبداع الأصيل، وجاء منشورها ليغلق بابًا من الشكوك حول موقف البرنامج من الواقعة، وليمنح الفنانة الدنماركية اعترافًا علنيًا بملكيتها الفنية، بعد أيام من التفاعل الغاضب على مواقع التواصل.
من هي ليزا لاش نيلسون؟
يمكن تلخيص ابرز المعلومات حول الفنانة التشكيلية، استنادًا إلى موقع «hifructose»، فيما يلي:
من مواليد العاصمة الدينماركية كوبنهاجن عام 1974.
تحمل ماجستير في تصميم الأزياء من الأكاديمية الملكية الدنماركية للتصميم.
بدأت مسيرتها المهنية كحرفة في تصميم المجوهرات ثم انتقلت إلى الفنون البصرية، حيث احتضنت الرسم بداية من عام 2012.
لم تبدأ الرسم إلا في أوائل الثلاثينيات من عمرها، حين شعرت بأن لديها ما تقوله من منظور ذاتي ومعنوي، وبعد مراحل من البحث عن معنى في حياتها
تتمحور أعمالها حول الهوية وتجارب الفتيات الصغيرات أو النساء في مواجهة تحديات النمو والتساؤل الداخلي، وتتنوع لوحاتها بين مشاهد حالمة وظلال نفسية عميقة .
تستخدم زيوت الرسم لأنها تمنحها وقتًا للعمل على الطبقات والتفاصيل بإيقاع أبطأ مقارنة بالأكريليك.
تعبر لوحاتها عن صراع داخلي، وتأملات، وأسئلة حول الذات والواقع.
تعتمد في عملها على مؤثرات يومية وأفكار تترسخ في ملاحظاتها وإلهاماتها اليومية.
تصوّر مشاعر مشتركة مثل الحيرة، البحث عن التوازن، مواجهة المجهول، والتأقلم مع ما حولنا، هذه المواطنة العاطفية تجعل جمهورها قادرًا على التواصل معها عالميًا.
ردود الفعل المصرية تفاجئ نيلسون
بعد انتشار تفاصيل الأزمة وتداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي، خرجت ليزا لاش نيلسون مجددًا بمنشور قالت فيه إنها لم تكن مُستعدة أبدًا لحجم التفاعل الذي حصلت عليه بعد المنشور الذي كتبته أمس عن مها الصغير وادعائها الكاذب بأنها هي من رسمت لوحتها، مؤكدةً أن ما فاجأها حقًا هو عدد الرسائل والتعليقات الداعمة من مصريين يعتذرون نيابةً عن بلدهم.
وأضافت: «أرى أن هذا أمر رائع جدًا، ويجب أن أؤكد لكم أنني لم أعتقد أبدًا أن تصرف مها الصغير يُمثّل الشعب المصري.. شكرًا جزيلًا على كلماتكم اللطيفة ورسائلكم الخاصة، أعتذر لأنني لا أستطيع الرد على الجميع، فقد وصلتني آلاف الرسائل، كما تواصل معي عدد من الصحفيين المصريين لإجراء مقابلات، ومحامون يريدون تحريك دعوى قضائية.. لست متأكدة بعد ماذا سأفعل حيال هذا الشأن».
كما أشادت الفنانة الدينماركية بموقف منى الشاذلي التي قدمت اعتذارًا علنيًا على حساباتها في فيسبوك وإنستجرام، قائلةً: «شكرًا لكِ يا منى على ذلك.. هل من الممكن أن تفعلي الشيء نفسه بشأن الفنانين الثلاثة الآخرين أيضًا؟».
واختتمت منشورها بأنه تمت إزالة الفيديوهات الخاصة بالحلقة من يوتيوب ومنصات التواصل الاجتماعي، مشيرةً إلى أنها احتفظت بنسخ مُسجلة منها، ووجهت الشكر للمصريين على الدعم.
رسالة واضحة حول احترام الفن وحقوق الملكية
قضية نسب العمل الفني فتحت نقاشًا واسعًا حول أهمية احترام حقوق الفنانين، خصوصًا في ظل الانتشار الواسع للمحتوى البصري على الشاشات ومنصات السوشيال ميديا، فيما لا يزال المتابعون ينتظرون توضيحًا أو تعليقًا مباشرًا من مها الصغير بعد هذا التطور الجديد في القضية.
يذكر أن الإعلامية منى الشاذلي، كانت استضافت الإعلامية مها الصغير، وكشفت عن شغفها بالفن التشكيلي، حيث عرضت مجموعة من لوحاتها خلال الحلقة، ومن أبرز اللوحات التي عرضتها كانت امرأة بشعر مضفّر ومكبّلة بالقيود، وعلّقت مها بأنها تعبر عن مشاعر «سيدات كثيرات يرغبن في الحرية والتعبير، لكنهن مكبّلات»، مؤكدة أن الرسم هو وسيلة للتعبير العميق عن الذات.
كما صرّحت الصغير: «بحاول ألاقي فكرة تجمع لوحات كتير وأعملها في معرضٍ خاص»، مشيرة إلى أنها تخطط لعرض فني مستقبلاً.