في ظل التحديات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، وفي إطار التحوط من تقلبات أسعار النفط، لا تدخر الحكومة المصرية جهدا لتحقيق أمن الطاقة في مصر، من خلال تنويع مصادرها، وهو ما عكسته جولة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم السبت، التفقدية لسفينة «التغويز» في إطار متابعة الدولة لسير المشروعات الاستراتيجية.

واستهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، جولته اليوم، بميناء العين السخنة، بتفقد سفينة تغويز الغاز الطبيعي المسال «Energos Eskimo»، ورافقه المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، وقيادات قطاع البترول.
تعزيز مواجهة فترات الذروة خلال الصيف
شدد الدكتور مصطفى مدبولى، خلال جولته التفقدية لسفينة تغويز الغاز الطبيعي المسال «Energos Eskimo» على أن هذه المشروعات تؤكد التزام الدولة بتأمين إمدادات الغاز طبيعيا وتعزيز مواجهة فترات الذروة في الاستهلاك خلال
فصل الصيف، مشيرًا إلى أن هذه السفينة تعد الثانية من نوعها بميناء العين السخنة بعد السفينة الأولى «Hoegh Galleon» التي دخلت الخدمة العام الماضي، ضمن خطة الدولة لتشغيل 4 سفن لزيادة قدرات استيراد الغاز الطبيعي المسال.
وزير البترول لـ«المصري اليوم»: 4 سفن «تغويز» جاهزة لسد فجوة الغاز أغسطس المقبل
كما اطلع الدكتور مصطفى مدبولي على الأعمال الفنية المتقدمة الجاري الانتهاء منها خلال أيام، والتي تنفذها شركة بتروجت التابعة لقطاع البترول؛ تمهيدًا لتشغيل السفينة، ثم نقلها إلى رصيف ميناء سوميد بالسخنة؛ حيث تبلغ طاقتها التصميمية 750 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا.
متابعة ميدانية مستمرة
بدوره، أوضح المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، أن فرق قطاع البترول انتهى من تجهيز رصيف ثانٍ بميناء سوميد لاستقبال السفينة، مع تركيب ذراعي تحميل وخطوط لنقل الغاز إلى الشبكة
القومية، مشيرًا إلى أن فرق قطاع البترول تواصل حاليًا العمل بكفاءة عالية وسرعة لإنجاز الأعمال الفنية الخاصة بالسفينة، مع إجراء جولات متابعة ميدانية مستمرة للوقوف على تقدم العمل وضمان سرعة الانتهاء منه.
تأمين وتنويع مصادر الإمداد
وأشار «بدوي» إلى الخطوات الاستباقية التي اتخذتها الوزارة منذ العام الماضي لتأمين إمدادات الغاز الطبيعي وتنويع مصادر الإمداد ومواجهة التحديات الطارئة، حيث قامت الوزارة بتنويع مصادر الاستيراد بتوفير 3 سفن تغييز للغاز المسال المستورد بعد مرحلة من التفاوض السياسي والتجاري مع عدد من الحكومات، استثمارًا للعلاقات السياسية المتميزة مع دول مثل: الأردن وألمانيا.
تحقيق أمن الطاقة
وتابع أن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية تعاقدت عليها في ظل زيادة الطلب العالمي على هذا النوع من السفن لتحقيق أمن الطاقة وسط التحديات الجيوسياسية وعدم
الاستقرار، وذلك بطاقة إجمالية تصل إلى 2250 مليون قدم مكعب غاز يوميًا، ما يمثل إضافة مهمة لمنظومة إمدادات الغاز محليًا لتوفير متطلبات الغاز الطبيعي لكافة القطاعات
المستهلكة، حيث تعمل واحدة منها فعليًا بميناء سوميد، فيما يجري حاليًا الانتهاء من الأعمال الفنية لتشغيل السفينتين الأخريين قريبًا بميناءي سوميد وسونكر بالسخنة.
نجاح السيطرة على تناقص الإنتاج
وشدد الوزير على أنه بالتوازي مع الخطة العاجلة لتلبية احتياجات السوق المحلية، يجري تكثيف أعمال تنمية وإنتاج الغاز الطبيعي محليًا، مشيرًا إلى نجاح القطاع في السيطرة على التناقص الطبيعي في الإنتاج، وذلك عقب
تطبيق حزم تحفيزية للاستثمار في هذا المجال، والانتظام في سداد مستحقات الشركاء، موضحا أنه من المخطط أن تبدأ معدلات الإنتاج في الارتفاع تدريجيًا، في ظل عودة عجلة الاستثمار في أنشطة الاستكشاف والإنتاج إلى الدوران بقوة.
4 سفن ستكون جاهزة بحلول أغسطس
كان المهندس كريم بدوى كشف في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» أن 4 سفن للتغويز ستكون جاهزة في مصر للعمل بحلول أغسطس المقبل، عبر برنامج زمنى يوفر الاحتياجات المحلية في إطار خطة الطوارئ الوطنية للتعامل مع تقلبات سوق الطاقة والأحداث الحالية في المنطقة.
إجراءات استباقية لإدارة المخاطر
وقال بدوى خلال لقاء حضره بعض كبار الصحفيين وخبراء في الاقتصاد وقيادات سابقة وحالية في قطاع البترول إن مصر ستعود كذلك إلى عقود التحوط من تقلبات أسعار النفط التي توقفت عنها، نهاية مارس الماضى، بسبب التراجعات الحادة التي شهدتها الأسواق العالمية في الفترة السابقة، قبل اندلاع الصراع العسكرى بين إسرائيل وإيران وعودة التقلبات السعرية.
وأضاف أن الحكومة قامت بإجراءات استباقية منذ أزمة الطاقة العام الماضى، والتى أثرت على قطاع الكهرباء، ولهذا تتعامل مع سيناريو لإدارة المخاطر عبر توفير عدة سفن للتغويز لضمان تلبية الاحتياجات المحلية المتزايدة، خاصة في فصل الصيف، والمؤثرة على شبكة الكهرباء الوطنية.
وتابع: «بعد أن كانت لدينا سفينة واحدة فقط للتغويز، ستنضم إليها 3 سفن خلال الفترة المقبلة، لكى تكون لدينا 4 سفن، في أغسطس المقبل، قادرة على تلبية الاحتياجات المحلية، وسد الفجوة التي تسبب فيها انقطاع الغاز من الشرق. يذكر أن إسرائيل أغلقت خط الغاز من حقل ليفياثان الذي يمد شبكة الغاز في مصر بحوالى مليار متر مكعب، بعد اندلاع الصراع بينها وبين إيران».
رئيس الوزراء يتفقد سفينة تغويز الغاز الطبيعي المسال «Energos Eskimo»

أهمية سفن التغويز
استطرد الوزير: «منذ الصيف الماضى بدأنا هذه الإجراءات الاستباقية حتى نواجه أي سيناريوهات تتعلق بنقص إمدادات الغاز، ولكى لا نعتمد على مصدر واحد للإمدادات، فضلا عن سد الفجوة التي تصل أحيانا إلى أكثر من 2.6 مليار متر مكعب يوميًا وتقفز في فترة الذروة الصيفية إلى 3 مليارات متر مكعب».
وإجابة على سؤال لـ«المصرى اليوم» حول إمدادات الغاز المرسلة إلى الأردن، قال وزير البترول إن الحصة المرسلة إلى الأردن تقدر بـ100 مليون متر مكعب يوميًا، وتعادل حصة مصنع حديد يوميًا، حيث يحصل المصنع على 135 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز، وإن سفينة التغويز في ميناء العقبة هي إحدى السفن التي ستنضم للتغويز في مصر، وهناك اتفاق لدعم الأردن في حالة الطوارئ.
وعن توقف إمدادات الغاز لبعض المصانع قال بدوى: «إذا انتهت الأزمة ستعود الأمور إلى ما كانت عليه، ولكننا بدأنا في تفعيل خطة الطوارئ، وسيكون لسفن التغويز دور في دعم الإمدادات».
وذكر الوزير أن خطة مصر تهدف إلى ربط مصادر أخرى للغاز بالبنية التحتية القوية المنجزة في هذا المجال للاستفادة من الأصل المنشئ للغاز، ولهذا نسعى لربط دول أخرى في المنطقة بمحطات الإسالة الوطنية، مشددا على أنه يجب ألا يكون لدينا مصدر واحد فقط للغاز، والاستفادة من إمكانياتنا لكى نصبح مركزًا إقليميًا للطاقة والغاز.

ما هي عملية «التغويز»؟
«التغويز» هو عملية كيميائية أو عملية تسخين تستخدم لتحويل مادة ما إلى غاز، وإنتاج أنواع الوقود الغازي بالتفاعل بين مواد ساخنة ذات محتوى كربوني وبين الهواء أو البخار أو الأكسجين.
كيف تعمل «سفن التغويز»؟
«سفن التغويز» هي سفن تتميز بالتطور التكنولوجي، تعمل على تحويل الغاز الطبيعي المسال (LNG) من حالته السائلة إلى الغازية (الغاز الطبيعي).
يُنقل الغاز الطبيعي بين الدول وهو في حالة سائلة، لذا يُنقل على متن سفن خاصة مزودة بتوربينات عملاقة لتبريده والوصول به إلى درجة 160 تحت الصفر، وهى الدرجة التي يتحول عندها إلى صورته السائلة.
ويظل الغاز على صورته السائلة حتى يصل إلى الدولة المتجه إليها، وهنا يأتي دور «سفن التغويز» التي تكون عبارة عن محطات عائمة يتلخص دورها في تسلم شحنات الغاز المستوردة وإعادتها من الصورة السائلة إلى صورتها الطبيعية الصالحة للاستهلاك المباشر (الغاز الطبيعي).