مجددا، أكتب عن الأضاحى الإفريقية الأكثر إلحاحا على المصريين عبر وسائل التواصل الاجتماعى.

الإلحاح من جانبنا مؤداه تقصى الجهات والجمعيات التى تلح إلحاحا على اقتناص مخصصات الأضاحى من جيوب المصريين.
مراجعة الجهات المصدرة لإعلانات التبرع بالأضاحى لفقراء إفريقيا، لا يفسر أبدا على القول مناع للخير، بلى ولكن ليطمئن قلبى فحسب إلى وصول الأضاحى إلى المستحقين من المصريين.
سوء الظن من حسن الفِطَنِ، بمعنى الحذر والاحتراز والاحتراس، وقد شاعت بين الطيبين عبر مواقع التواصل الاجتماعى دعوات مجهولة النسب تحث المسلمين (مصريين وغيرهم) على تأدية شعيرة الأُضحية خلال عيد الأضحى المقبل من خلال التبرع لـجمعيات خيرية تقوم بالذبح بوكالة عن المضحى فى بعض الدول الإفريقية التى تنخفض فيها أسعار اللحوم بصورة كبيرة.
الإعلانات (الموجهة) لسلب أموال المصريين وأضاحيهم مصنوعة باحترافية، وتلعب على وتر سعر الأضحية (الرخيص) ما يقع ضحيتها الطيبون، سيما وأن أسعار الأضاحى فى مصر بلغت مبلغا يعجز عنه كثير من المضحين عادة.
سيما وأن شراء خروف كبير الحجم بمبلغ لا يزيد على الألفى جنيه (حوالى 40 دولارًا)، بينما يبلغ سعره فى مصر حاليًا عشرة آلاف جنيه وأكثر (حوالى 200 دولار).
لا أجد لهذا مبررًا عقليًا، وأزعجنى كثيرًا هذا الحكى الذى يصاحب عادة عيد الأضحى، إذا كانت العلة ارتفاع الأسعار، فالأضحية سُنَّة مؤكَّدة على المُفتَى به فى دار الإفتاء المصرية، وشرطها الاستطاعة.
وفى فتوى رسمية حديثة (24 مايو 2024) على صفحة دار الإفتاء (اسألوا أهل الذكر) ما نصه: الأضحية سُنة مؤكدة، والاستطاعة والقدرة شرط فى التكليف على العموم، وشرط فى الأضحية خصوصًا، بحيث إنه لا يُطلب من المكلف تحصيلها ما دام ليس قادرًا عليها.
دار الإفتاء وقفت مليا على الظاهرة وانتهت إلى أنَّ انتشار مثل هذه الجمعيات المجهولة أصبح يمثل ظاهرة خطيرة فى ظل غياب الرقابة عليها، بما يجعلها مثار شبهات، خاصةً مع وصول العديد من الشكاوى للدار عن عمليات نَصَب تمت تحت اسم ذبح الأضاحى.
دار الإفتاء تشدد على أن الأضحية سُنَّة مؤكَّدة فى حقِّ مَن يستطيع، وأمَّا مَن لا يستطيع القيام بها فإنها تسقط عنه بالعجز عنها وعدم القدرة، فلم يعد الأمر فى حقِّه سُنَّة، ومن ثَمَّ فلا يلزم مَن لا يستطيع الأضحية فى بلده أن يوكِّل مَن يذبح عنه فى بعض الدول الإفريقية التى ترخص فيها أسعار الماشية، لأن أداء شعيرة الأضحية مرتبط بالقدرة والاستطاعة.
بيَّنتِ الدارُ أنَّ مثل هذه الجمعيات قد يشوبها عدم الالتزام بالمعايير الشرعية التى يجب توافرها فى الأضحية وعملية الذبح أو التوزيع غير العادل؛ ممَّا لا يتم معه تحقيق الكفاية للفقراء والمساكين والمحتاجين، فضلًا عن نقص عمليات الرصد والتقييم لمعرفة الاحتياجات الحقيقية للمناطق المستفيدة، وبالتالى توجيه المساعدات للأماكن غير الصحيحة.
وأهابت دار الإفتاء بالمصريين عدم الانسياق وراء هذه الدعوات التى تعد فرصة لنهب أموال من يرغبون فى أداء شعيرة الأضحية وفعل الخيرات، مؤكدة أن من يستطيع الأضحية فى بلاده هو من عليه أداؤها، والأقربون أَولى بالمعروف، وهناك العديد من الفقراء والمحتاجين فى مصر، مما يجعلها فرصة عظيمة للتكافل الاجتماعى بين أبناء الوطن.
وراء الأكمة ما وراءها، ووراء الجمعيات مصدرة الإعلانات ما وراءها، مجهولة المصدر، أخشى لهم فيها مآرب أخرى، وبالسوابق فى جمع التبرعات إلى جهات مجهولة يُعرفون!.