القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

المماليك والأيوبيون. بقلم الأنبا إرميا

بقلم الأنبا إرميا

بدأ الحديث عن المماليك بالمقالة السابقة، وكيف أن الخلفاء والأمراء وكبار قادة الدولة قد أقبلوا على شرائهم من أسواق النخاسة البيضاء، ليصيروا القوة العسكرية التى تقوى نفوذهم؛ ما أدى إلى زيادة قوة المماليك الأتراك وتعاظم نفوذهم فى عصر الدولة العباسية، فكانوا دعامة للدولتين الطولونية ثم الإخشيدية فى مصر، وأخذوا يشغلون المناصب القيادية والوظائف العامة مع الفاطميين.

المماليك والأيوبيون. بقلم  الأنبا إرميا

وحين قامت الدولة الأيوبية اعتمدت بدرجة كبيرة على الأكراد والمماليك الأسدية، والمماليك الصالحية الناصرية، ولجأ الأمراء الأيوبيون إلى تأليف قوى خاصة بهم من المماليك؛ فازداد نفوذ الأتراك جدًّا فى

البلاد، وكانت لهم القدرة على مساندة السلطان الصالح نجم الدين أيوب ليصبح حاكم مصر، فبنى قلعة سكنوا بها، وعرفوا بـالمماليك البحرية الصالحية. وهكذا سمى عصر المماليك الأول بـالمماليك التركية لكون

معظمهم من البيض ولتحدثهم بالتركية؛ كذلك أُطلق عليهم أيضًا المماليك البحرية حيث سكنوا قلعة الروضة المطلة على النيل؛ إلا أن رأيًا آخر يقول: وأغلب الظن أنهم سموا بحرية لأنهم جاءوا من وراء البحار، إذ

جاء فى چوانفيل أنهم يسمّون بحرية أو رجال ما وراء البحر. وچوانفيل الذى حارب المماليك البحرية الصالحية فى حملة لويس التاسع، وأُسر عندهم وتحدث إليهم، روايته لها قيمتها بصفته رجلًا معاصرًا وشاهد عيان.

دولة المماليك البحرية

(12501382م) (648784هـ)

يرى بعض المؤرخين أن الملكة شجرة الدر أول سلاطين الدولة المملوكية لكونها كانت جارية؛ فى الوقت الذى يرى آخرون أنها آخر من حكم مصر من السلاطين الأيوبيين بحكم أنها زوجة السلطان الصالح نجم

الدين أيوب الذى حكم مصر سنة 1240 حتى 1249م (638647هـ). ثم حكم تورانشاه الذى كره المماليك البحرية وتوعد بقتلهم، فحنقوا عليه وقتلوه سنة 1250م (648هـ)؛ وبنهايته انتهى عصر الدولة الأيوبية. قرر المماليك

إقامة شجرة الدر فى السلطنة سنة 1250م (648هـ)؛ فى حين عُين عز الدين أيبك التركماني فى منصب الأتابكية (قائدًا أو حاكمًا عسكريًّا)، حتى تزوجته شجرة الدر وتنازلت له عن العرش بعد أن حكمت مصر قرابة ثلاثة أشهر.

السلطان أيبك التركماني

(648655هـ) (12501257م)

لُقب بـالسلطان الملك المعز؛ ويُذكر فى شأنه: لم يكن أيبك فى الواقع أكبر أمراء المماليك سنًّا، أو أقدمهم خدمةً، أو أقواهم مكانةً ونفوذًا... وهذه الحالة الاستثنائية فى نظام التدرج المملوكى جعلت بعض المؤرخين، مثل

أبى المحاسن فى كتابه النجوم الزاهرة (فى ملوك مصر والقاهرة)، يتهمون أيبك بضعف النفوذ والشوكة، وبأن الأمراء لم ينتخبوه إلا لكى يتمكنوا من عزله متى شاءوا. لكن بعضًا يرى فى أيبك سلطانًا امتاز بالسياسة والحزم والشجاعة.

وقد تعرض أيبك لعدد من الصعوبات كالخطر الأيوبى المتمثل فى الأمراء الأيوبيين بـالشام الراغبين التحالف مع الفرنجة مقابل تسليم بيت المقدس لهم؛ وعندما علم أيبك أرسل تهديدًا بقتل أسرى الفرنجة فى

مصر حال مشاركتهم فى أيّ حروب عليه. كذلك أبدى أيبك استعداده لتعديل معاهدة دمياط والتنازل عن نصف الفدية المقررة إن سانده ملك الفرنج لويس التاسع فى حربه مع الأيوبيين، لكن لويس التاسع فضل أن يقف

على الحياد بين الفريقين. وهكذا كانت مواجهة الجيش الأيوبى والمماليك بمدينتى بلبيس والصالحية؛ جاء النصر أولًا للأيوبيين، لكن فرقة من مماليك أيبك انضمت إلى المماليك؛ ما أدى إلى هزيمة الأيوبيين

وعودتهم إلى الشام. وظل الصراع بين الفريقين حتى تدخل الخليفة العباسى المستعصم، وعُقد الصلح بينهما سنة 1253م (651هـ) على أن تكون مصر وجنوب فلسطين تحت سلطان المماليك، فى حين تظل بلاد الشام تحت حكم الأيوبيين.

وفى تلك الأثناء، بدأ الخطر المغولى فى اجتياح البلاد بقيادة جنكيز خان.

أيضًا واجه السلطان أيبك ثورة شعبية أشعلها الأعراب فى مصر سنة 1253م (651هـ) لأسباب سياسية واجتماعية.

و... وما زال الحديث فى مصر الحلوة لا ينتهى!.

الأنبا إرميا - المصرى اليوم
14 مايو 2025 |