فى ظل أزمات المنطقة يبرز الوجود الأمريكى العسكرى الثقيل فى الشرق الأوسط، ولهذا حاورنا المتحدث باسم البنتاجون، الجنرال بات رايدر، الذى أشار إلى ما وصفه بالتهديدات الإقليمية والدعم لإسرائيل.
رايدر لفت إلى تزويد الاحتلال بنظام الدفاع الصاروخى ثاد، مبررا الأمر بـتعزيز قدرات الدفاع الجوى التى يمتلكونها بالفعل فى المنطقة، رافضا التكهن بخصوص سيناريوهات افتراضية أو خطوط حمراء محددة، فى شأن
التصعيد بين إيران وإسرائيل، مؤكدا أن الولايات المتحدة تتمركز فى الشرق الأوسط لحماية مواطنيها وقواتها، والدفاع عن إسرائيل، والعمل على تهدئة الوضع من خلال الردع والدبلوماسية، على حد قوله.. وإلى نص الحوار:
■ بداية كيف تنظر البنتاجون إلى التعاون العسكرى مع مصر فى ضوء التوترات الحالية بالمنطقة.. وهل هناك خطط لتعزيز هذا التعاون لمواجهة التهديدات المشتركة؟
- الولايات المتحدة ومصر تربطهما شراكة استراتيجية دائمة مع روابط دفاعية قوية، وتشتركان فى التزام مشترك بالأمن والاستقرار الإقليمى؛ فعلى مدار السنوات، كان التعاون بين البلدين فى المجالات العسكرية والأمنية من الأولويات المهمة للطرفين، ويمثل هذا التعاون حجر الزاوية فى مواجهة التحديات الأمنية بمنطقة الشرق الأوسط.
تعتبر هذه العلاقة جزءًا من استراتيجية أوسع تركز على تعزيز الاستقرار الإقليمى من خلال بناء تحالفات قوية، ومع التوترات المتزايدة فى المنطقة؛ فإن التعاون مع مصر يعتبر أمرًا بالغ الأهمية لضمان الأمن فى البحر الأحمر، ومنطقة قناة السويس.
■ ما دور البنتاجون فى الضربة الإسرائيلية الأخيرة على إيران.. وما نوع التنسيق العسكرى القائم بين الولايات المتحدة وإسرائيل فى هذا الصدد؟
- لم تشارك الولايات المتحدة فى الضربات التى نفذتها إسرائيل على إيران فى السادس والعشرين من أكتوبر الماضى، وبالنسبة للعمليات التى تقوم بها إسرائيل، يُفضِل توجيه الاستفسار إلى السلطات الإسرائيلية نفسها للتعليق وتقديم التفاصيل حول سياساتها وإجراءاتها الخاصة.
ومع ذلك، تلتزم البنتاجون بتعزيز الشراكة الدفاعية مع إسرائيل من خلال التعاون الأمنى القوى، والذى يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية ودعم إسرائيل فى جهودها للدفاع عن نفسها ضد التهديدات الإقليمية، إذ يتمحور التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول دعم استقرار المنطقة وحماية مصالح الأمن القومى لكلتا الدولتين.
وهذا التعاون الأمنى لا يتطلب بالضرورة مشاركة أمريكية مباشرة فى العمليات الإسرائيلية، لكنه يُعزز من خلال تنسيق استراتيجى مستمر؛ يتيح للولايات المتحدة أن تكون على دراية بالتطورات مع الحفاظ على سياسة مستقلة فى التعامل مع الأحداث الإقليمية.
■ هناك مخاوف من التصعيد بين إيران وإسرائيل فى المنطقة.. كيف ترى المخاطر المحتملة؟
- وزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، على تواصل مستمر مع شركائنا وحلفائنا فى منطقة الشرق الأوسط، ويعمل بشكل مكثف لخفض حدة التوترات فى المنطقة، إضافة إلى الدفع نحو حلول دبلوماسية فى كل من قطاع غزة
وعلى طول الحدود بين كل من إسرائيل ولبنان، وبالتالى تظل أولوياتنا فى هذا الإطار التركيز على الأمن والاستقرار الإقليميين، مع اتخاذ خطوات تستهدف حماية المصالح الأمريكية كأولوية وكذلك حلفائنا فى المنطقة.
كما أؤكد أن البنتاجون تواصل تقييم وتحديث قواتها المنتشرة فى الشرق الأوسط لضمان قدرتنا على حماية حلفائنا من أى تهديدات محتملة، ويمكنكم الرجوع إلى البيان الصادر عنى فى الأول من نوفمبر الجارى، للاطلاع على المزيد من التفاصيل حول موقف الولايات المتحدة العسكرى فى المنطقة، حيث نواصل تعزيز التعاون الأمنى واتخاذ إجراءات وقائية لضمان حماية حلفائنا الأمريكيين فى ظل أى تطورات طارئة.
■ وما أبرز النقاط التى يتمحور حولها البيان؟
- نص البيان على تعزيز الوجود العسكرى الأمريكى بمنطقة الشرق الأوسط فى إطار الالتزام بحماية المواطنين الأمريكيين والقوات الأمريكية، والدفاع عن إسرائيل، والعمل على التهدئة من خلال الردع والدبلوماسية.
ووفقاً للبيان، أصدر وزير الدفاع الأمريكى تعليماته بنقل مدمرات للدفاع الصاروخى الباليستى، وأسراب من الطائرات المقاتلة، وطائرات ناقلة بعيدة المدى إلى المنطقة، ومن المتوقع أن تصل بى-52 ستراتوفورتريس، وهى قاذقة قنابل استراتيجية بعيدة المدى وذات ثمانى محركات، بالإضافة إلى قاذفات، خلال الأشهر المقبلة، مع استعداد مجموعة حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لنكولن للمغادرة.
كما يشير البيان إلى أن هذه التحركات تضاف إلى قرار نشر منظومة الدفاع الصاروخى THAAD فى إسرائيل، فضلاً عن تعزيز الوجود العسكرى البحرى الأمريكى فى البحر الأبيض المتوسط الشرقى من
خلال وحدة الإنزال البحرى الجاهزة.. هذه التحركات العسكرية تبرز قدرة الدفاع الأمريكية على الانتشار العالمى بشكل مرن وسريع لمواجهة التهديدات الأمنية المتغيرة، أمّا فيما
يتعلق بالتوترات مع إيران، فأكد الوزير أوستن أن الولايات المتحدة ستتخذ كل التدابير اللازمة للدفاع عن المواطنين الأمريكيين فى المنطقة؛ حال تعرّضهم لأى تهديدات من إيران أو وكلائها.
■ وماذا عن نشركم نظام الدفاع الصاروخى ثاد الذى تم إرساله إلى إسرائيل؟
- فى 13 أكتوبر الماضى، وبتوجيه من الرئيس الأمريكى، وافق وزير الدفاع على نشر وحدة من نظام الدفاع الصاروخى ثاد فى إسرائيل، كما أشرنا سابقاً، إذ يعمل نظام ثاد على تعزيز قدرات الدفاع الجوى التى نمتلكها بالفعل فى المنطقة، ما يساهم فى تقوية مظلة الحماية لمواجهة التهديدات الجوية المحتملة.
وبالنسبة لتفاصيل القدرات والمواعيد، لا يمكننى التطرق إلى معلومات دقيقة بسبب اعتبارات أمن العمليات، أمّا فيما يتعلق بدول أخرى فى المنطقة، فأحيلكم إليهم للحديث عن احتياجاتهم الأمنية وما إذا كانوا قد طلبوا نشر هذا النظام فى إطار تعزيز أمنهم.
■ تداولت جماعات مسلحة مقاطع فيديو تهدد فيها باستهداف خطوط الغاز العربية؛ حال تعرضت إيران لهجوم.. كيف ترى هذه التهديدات؟
- لا يمكننى تأكيد صحة هذه التقارير بشكل فردى، لكن وزير الدفاع وقيادات من الوزارة على تواصل منتظم مع شركائنا وحلفائنا فى الشرق الأوسط بهدف تهدئة التوترات فى المنطقة، والسعى إلى إيجاد حلول دبلوماسية فى قطاع غزة وعبر الحدود بين إسرائيل ولبنان.
■ هل تفكر الولايات المتحدة فى التدخل العسكرى المباشر؛ إذا تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب شاملة؟
- لا يمكننى التكهن بخصوص سيناريوهات افتراضية أو خطوط حمراء محددة؛ فالولايات المتحدة تتمركز فى الشرق الأوسط لحماية مواطنيها وقواتها، ولدعم الدفاع عن إسرائيل، والعمل على تهدئة الوضع من خلال الردع والدبلوماسية.
■ وإلى أى مدى تتعاونون مع إسرائيل فى شأن أزمة الرهائن؟
- لا يمكننى الخوض فى تفاصيل الاستخبارات الأمريكية، لكن أؤكد أن الولايات المتحدة تقدم المشورة والدعم اللازمين لمساندة الجهود الإسرائيلية فى استعادة الرهائن، وتظل أولويتنا القصوى هى تأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين فى غزة، بما فى ذلك المواطنين الأمريكيين.
■ وماذا عن استراتيجية الولايات المتحدة لإيقاف عمليات استهداف السفن فى البحر الأحمر.. خاصةً فى ظل تأثيرها البالغ على حركة المرور فى قناة السويس؟
- الولايات المتحدة تعمل على تعزيز الاستقرار والأمن فى منطقة البحر الأحمر من خلال التعاون الوثيق مع شركائها وحلفائها فى الشرق الأوسط، ففى 16 أكتوبر الماضى، وبناءً على توجيه من وزير الدفاع، تم تنفيذ ضربات
دقيقة تستهدف تقليص قدرات الحوثيين على مواصلة أنشطتهم المزعزعة للاستقرار؛ وهذه الضربات تستهدف بشكل أساسى حماية القوات والمصالح الأمريكية فى المنطقة، بالإضافة إلى ردع أى تهديدات قد تطرأ على الأمن الإقليمى.
الولايات المتحدة تُظهر التزامًا قويًا بالدفاع عن حرية الملاحة فى الممرات البحرية الدولية، وهو أمر بالغ الأهمية لحركة التجارة العالمية، ونحن على استعداد تام لاتخاذ إجراءات فورية لحماية أرواح الأمريكيين ومصالحهم،
والحد من أى تهديدات قد تطال المدنيين أو شركاءنا فى المنطقة، وفى خضم ذلك، كانت الضربات الأخيرة جزءًا من استراتيجية أوسع تستهدف ضمان السلامة فى المياه الإقليمية وحماية السفن التجارية وسفن التحالف من أى تهديدات حوثية.
■ وبشأن عملية حارس الازدهار؟
- تلك العملية تمثل مبادرة متعددة الجنسيات تضم مجموعة من الدول، بما فى ذلك المملكة المتحدة، والبحرين، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، والنرويج، وسيشل، وإسبانيا، وهذه العملية تُركز على معالجة التحديات الأمنية فى المنطقة البحرية التى تشمل جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، بهدف ضمان حرية الملاحة لجميع الدول وتعزيز الأمن الإقليمى.
نعمل جنبًا إلى جنب مع هذه الدول لتوفير حماية شاملة للطرق البحرية الحيوية التى تربط بين المحيط الهندى والبحر الأحمر، بما يضمن تدفق التجارة بشكل آمن، ويعتبر هذا التعاون بين الدول الشريكة خطوة مهمة فى حماية الممرات البحرية
الرئيسية مثل قناة السويس، التى تشكل جزءًا أساسيًا من الاقتصاد العالمى، وهذه الجهود المشتركة تؤكد التزامنا بالعمل متعدد الأطراف لضمان الأمن الإقليمى والاستقرار الاقتصادى، وهو ما يعزز من أمن وسلامة الملاحة البحرية لجميع الدول.
■ وكيف تقيّم البنتاجون تأثير الحرب الحالية فى لبنان على الأمن الإقليمى؟
- نؤيد حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها ضد حزب الله وجميع الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، كما نستمر فى التواصل مع شركائنا الإسرائيليين بشأن حجم ونطاق عملياتهم، حيث نؤكد أهمية الدفاع عن إسرائيل وأيضًا ضرورة اتخاذ إسرائيل خطوات هامة لتقليل الخسائر المدنية.
فى النهاية، نرى أن الحل الدبلوماسى هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار والأمن الدائمين على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، وفى هذا السياق، نعمل على تعزيز التنسيق مع شركائنا فى المنطقة، بما فى ذلك ضمان حماية المصالح الأمريكية والإسرائيلية وحلفائنا فى مواجهة أى تهديدات قد تتصاعد نتيجة للصراع القائم.
■ وكيف تنسّق الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين فى التعامل مع التصعيد بالشرق الأوسط؟
- يقوم وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن وكبار القادة الأمريكيين بالتواصل المنتظم مع شركائنا وحلفائنا فى أوروبا بهدف تهدئة التوترات فى المنطقة ودفع الجهود الدبلوماسية من أجل حل النزاع فى غزة وعبر الحدود الإسرائيلية-اللبنانية.
ونركز على الحفاظ على استقرار المنطقة من خلال التنسيق الوثيق مع الحلفاء الأوروبيين لضمان الاستعداد للتعامل مع أى تداعيات بشكل منسق وبالتعاون مع شركائنا الدوليين؛ إذا تصاعدت الأوضاع مع إيران..
■ يثار الحديث حول القواعد العسكرية الأمريكية فى المنطقة فى ظل التصعيد الحاصل.. ماذا تقول؟
- أشير إلى بيانى فى الأول من نوفمبر الجارى، بشأن وضع القوات الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، والذى أكدنا فيه التزام وزارة الدفاع الأمريكية بمراقبة الوضع فى المنطقة وإجراء التعديلات اللازمة لضمان حماية الجنود الأمريكيين والمصالح الأمريكية.
أوضح البيان أن الولايات المتحدة تواصل تعزيز وجودها العسكرى فى الخليج فى إطار التأهب لمواجهة أى تهديدات، بما فى ذلك زيادة جاهزية القوات الأمريكية، وكذلك مجموعة الهجوم البرمائى وَسْب فى البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب تعزيز القدرات الدفاعية الجوية للولايات المتحدة عبر نشر طائرات مقاتلة مثل F-22
وF-15E وF-16، بالإضافة إلى أنظمة دفاع جوى لحماية الأصول الأمريكية من الهجمات المحتملة من قبل إيران أو وكلائها فى المنطقة.
■ حال حدوث تصعيد مع إيران.. كيف يرى البنتاجون مسألة حماية إمدادات النفط والممرات البحرية الحيوية؟
- لن أتحدث عن سيناريوهات افتراضية.