القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

القصة الكاملة لعودة رفات مارمرقس لمصر من البداية حتى افتتاح الكاتدرائية

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بذكرى عودة رُفات مارمرقس الرسول إلى مصر، وقال ماجد كامل الباحث في التراث الكنسي، وعضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي، في دراسة له: إنه في عام 1968، وتحديدًا في 22 يونيو 1968، استلمت الكنيسة القبطية جُزء من رُفات القديس مارمرقس الرسول، في طائرة خاصة يوم 24 يونيو.

القصة الكاملة لعودة رفات مارمرقس لمصر من البداية حتى افتتاح الكاتدرائية

وتم افتتاح الكاتدرائية المرقسية الكبرى، بحي العباسية بالقاهرة، يوم 25 يونيو في احتفال عالمي مهيب حضره الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بحضور الإمبراطور هيلاسلاسي،

إمبراطور إثيوبيا، وعدد كبير من كبار القيادات الكنيسة من جميع أنحاء العالم، ولكن هذه العودة لم تتم في يوم وليلة، وإنما كان وراءها جهود مُضنية كبيرة جدًا، فبدء الأمر

بتقديم البابا كيرلس طلبًا رسميًا إلى قداسة البابا بولس السادس، بابا الفاتيكان، بضرورة عودة جزء من رفات القديس مارمرقس الرسول إلي أرض مصر، بصفته مؤسس الكنيسة المصرية، وكاروز ديارها.

ورفع البابا بولس الأمر، إلى كاردينال فينسيا، الذي رفض بشدة، مُعللصا ذلك بأن مجد فينسيا كله قائم على بركة وجود رفات القديس مارمرقس، بها حتى أنها جعلته شعارها

القائم على علمها، والمرسوم عليه أسد القديس مُرقس المجنح، وإزاء إلحاح البابا كيرلس السادس، بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية؛ للمتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات

الراحل (1920- 1981)، تدخل البابا بولس في الأمر شخصيًا، واقترح حلًا وسطًا هو أن يهديه الكاردينال جزءًا من الرُفات، وليس كله بحيث يحتفظ بجزء، وتحصل الكنيسة القبطية على جزء آخر.

لم يستطيع كاردينال فينسيا، أن يرفض طلب البابا بولس، فوافق على ذلك الحل، وفعلًا تقدم كاردينال فينسيا، بإهداء البابا بولس جزء من الرفات؛ فقام بدوره البابا بولس برد هذا الجزء إلى قداسة البابا كيرلس والكنيسة القبطية،

فكانت هذه الهدية علامة وصل ومحبة بين الكنيستين، ولقد سجلت الصحف المصرية الحدث، بتاريخ 12 مايو 1967، تحت عنوان البابا كيرلس يُكرر مطالبته بجسد القديس مرقس الرسول، وكتبت في اليوم التالي بتاريخ 13 مايو 1967 صمت الفاتيكان علي

طلب جسد القديس مرقس، وتوالت الصحف المُختلفة في تسجيل خط سير المفاوضات؛ فكتبت جريدة الجمهورية تحقيقًا صحفيًا بتاريخ 14 مايو 1967 بعنوان قصة أغرب سرقة في التاريخ البحارة الإيطالبون سرقوا جسد القديس مرقس، وتركوا رأسه بالاسكندرية.

وبعد موافقة البابا بولس علي طلب الكنيسة القبطية بعودة جزء من رفات القديس مامرقس الرسول إليها، وجه البابا كيرلس الدعوة رسميًا إلى البابا بولس السادس؛ لحضور احتفالات الكاتدرائية المرقسية الجديدة بالعباسية، وبالفعل رد قداسته بالموافقة علي الدعوة بتاريخ 31 مايو 1968، ةكون قداسة البابا كيرلس لجنة مكونة من (عشرة مطارنة وأساقفة، وسبعة كهنة، وتسعون من أراخنة الأقباط)؛ لاستقبال الرُفات.

وكان المطارنة والأساقفة هم:

1- الأنبا مرقس مطران أبو تيج وطهطا رئيسا للوفد.

2- الأنبا ميخائيل مطران كرسي أسيوط وتوابعها.

3- الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج والمنشأة.

4- الأنبا بطرس مطران أخميم وساقلتة وتوابعها.

5- الأنبا يوأنس مطران كرسي تيجري بأثيوبيا.

6- الأنبا لوكاس مطران كرسي أروسي وتوابعها بأثيوبيا.

7- الأنبا بطرس مطران كرسي جوندار وتوابعها بأثييوبيا.

8- الأنبا دومادويوس أسقف الجيزة وتوابعها.

9- الأنبا غريغوريوس أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي.

10- الأنبا بولس أسقف كرسي حلوان والمعصرة وتوابعها.

أما الكهنة فهم:

1- القمص أيوب مسيحة وكيل مطرانية أسيوط.

2- القمص باسيليوس إبراهيم وكيل مطرانية الجيزة.

3- القمص بولس باسيلي أستاذ الوعظ بالكلية الإكليريكية.

4- القمص حزقيال وهبة سكرتير البطريركية لشئون الأسرة.

5- القمص متياس السرياني ( المتنيح الأنبا رويس فيما بعد) أمين مكتبة البطريركية بالقاهرة.

6- القمص مرقس جرجس كاهن كنيسة مارمينا بالترعة البولاقية بشبرا مصر.

7- القمص يوحنا عبد المسيح صليب صليب سكرتير اللجنة البابوية لشؤون الكنائس.

وتحرك الوفد بطائرة خاصة متجهة إلي رومًا بتاريخ 20 يونيو 1968؛ وبعد وصولهم إلى روما؛ تحرك الوفد في عربات خاصة متوجهًا إلى الفاتيكان، حيث أعد فندق مايكل أنجلو برنامجًا خاصًا؛ لاستقبالهم وزيارة بعض المعالم التاريخية والآثرية بالمدينة، وركب جميع أعضاء الوفد القبطي من مطار القاهرة في تمام الساعة الثانية والنصف من ظهر يوم الخميس الموافق 20 يونية 1968، في طائرة خاصة أقلتهم إلى مطار روما.

وفي يوم تاريخي ساطع، وهو يوم السبت 22 يونيو 1968، وفي تمام الساعة الثانية عشر ظهرًا، تحدد اليوم والساعة التي يُقابل فيها الوفد القبطي بابا روما، وبالفعل وصل الوفد القصر البابوي في الموعد المُحدد تمامًا، وتقدم أعضاء الوفد واحدًا بعد واحد؛ لمصافحة البابا بولس السادس.

وبدأ البابا بولس بإلقاء كلمة ترحيب قصيرة، رد عليها الأنبا مرقس بكلمة شكر، وحمل البابا بولس السادس الصندوق الذي يحوي رفات القديس مارمرقس الرسول، وانحنى وقبله، وتبعه الأنبا مرقس وبقية أعضاء الوفد القبطي واحدًا تلو الآخر بترتيب أقدمية الرسامة، وسط ألحان الفرح والتمجيد؛ للقديس مارمرقس من بقية أعضاء الوفد من الكهنة والأراخنة.

وبعد ذلك نهض الأنبا غريغوريوس وألقى خطابًا باللغة الإنجليزية شكر فيها البابا بولس السادس؛ ونقل إليه تحيات البابا كيرلس السادس، مُعبرًا عن سعادة مسيحيي مصر

وأثيوبيا، بهذا الحدث الكبير بعودة رفات مارمرقس الرسول إلي أرض مصر بعد غياب أحد عشر قرنًا، ورد البابا بولس بخطاب رسمي باللغة الفرنسية حيَّا فيها كنيسة الإسكندرية،

ومجدها وتاريخها، ممثلًا في رجالها العظام أثناسيوس الرسولي، وكيرلس عمود الإيمان، وبنتينوس، وإكليمندس، وطلب من أعضاء الوفد أن يحملوا تحياته ومحبته إلي قداسة البابا كيرلس السادس.

وبعدها تقدم الأنبا مرقس بتقديم هدايا تذكارية للبابا كيرلس جاءت عبارة عن:

1- صندوق فاخر ومبطن بالقطيفة الحمراء، ويحمل كتاب العهد الجديد باللغة القبطية البحيرية، وهو مجلد بجلد فاخر، وكُتب عليه الإهداء باللغتين القبطية والإنجليزية.

2- صندوق فاخر مُبطن بالقطيفة الحمراء، ويشتمل علي قطعة نسيج أثرية ثمينة من القرنين الخامس والسادس الميلادي؛ عُثر عليها في بلدة الشيخ عبادة بمحافظة المنيا.

3- صندوق فاخر مُبطن بالقطيفة الحمراء، ويحمل أسطوانات القداس الباسيلي كاملة، أصدرها قسم الموسيقي والألحان بمعهد الدراسات القبطية.

4- صندوق فاخر مُغطي ومُبطن بالقطيفة الحمراء، ويحمل سجادة ممتازة من صنع فلاحي قرية الحرانية بمصر، تحت إشراف الفنان الدكتور رمسيس ويصا واصف، وقد سجل على السجادة رسومًا عدة تمثل قصة يوسف الصديق كاملة.

ولقد أعجب البابا بولس السادس بالهدايا جدا، وذكر أنه سوف يحتفظ بها في الفاتيكان حتي تكون ذخيرة لكل الأجيال، ثم وزع هدايا تذكارية بيده، على جميع أعضاء الوفد القبطي، عبارة عن صليب رسم عليه السيد المسيح مصلوبًا، ويقف على جانب الصليب القديس بطرس الرسول على يمين المسيح، والقديس بولس على يساره، ومن خلف الصليب نقش بإسم بولس السادس.

كما أهدى البابا بولس السادس لجميع الكهنة والمرافقين ميدالية تذكارية، نُقشت عليها صورتا مار بطرس ومار بولس الرسولين من جهة، وعلى الجهة الأخرى صورة البابا بولس، ثم قدم البابا الروماني للأنبا مرقس رئيس الوفد القبطي، وثيقة رسمية بتاريخ 28 مايو 1968 تشهد بصحة الرفات، وأنها بالحقيقة رفات القديس مارمرقس، وأنها استخرجت من مكانها الأصلي بكل وقار.

ثم جاءت رحلة العودة بالرفات المقدسة؛ فلقد استقل أعضاء الوفد طائرة خاصة من مطار روما يوم الاثنين 24 يونيو 1968، وكان البابا كيرلس السادس قد انتظرها في المطار، وكان من المُقرر وصول الرفات مطار

القاهرة في الساعة الخامسة والنصف عصرًا، ولكن حدث عطل مفاجئ في الطائرة أدى إلى تأخر وصولها حوالي خمس ساعات، حيث وصلت مطار القاهرة في الساعة الحادية عشر ليلًا، وأرادت السماء أن تعوض وتكافئ كل

جميع الحاضرين المنتظرين كل هذه الساعات، فرأوا ثلاث حمامات ناصعة البياض تحلق في السماء، شاهدها جميع الحاضرون من شرفة المطار، ثم صعد البابا كيرلس السادس سُلم الطائرة وتسلم الرفات من يد رئيس الوفد.

وفي صباح اليوم التالي، أقيم حفل افتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة بحضور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والإمبراطور هيلاسلاسي، والبطريرك مار اغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية للسريان الأرثوذكس.

الدستور
23 يونيو 2022 |