القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

نيويورك : مليون جثة منسية في "جزيرة الأموات" بين أطفال ومشردين

يجهل معظم أبناء نيويورك وجودها، لكن جزيرة هارت آيلند هي أحد أكبر المدافن في الولايات المتحدة. كما تحظى بأقل عدد زيارات لأن الوصول إليها ممنوع. ولا يمكن تصوير المكان.

تقع الجزيرة شرق حي برونكس حيث يتولى دفن الجثث معتقلون في سجن رايكرز آيلند بعيداً عن الأنظار في مقابر جماعية موجودة على عمق عشرة أمتار تحت الأرض.

بداية، كانت هارت آيلند مدفناً خلال حرب الانفصال، من ثم أصبحت معسكراً تدريبياً، سجناً للسجناء الجنوبيين، مصنعاً، مستشفى للأمراض العقلية، أو منصة للصواريخ خلال الحرب الباردة.

حالياً، الجزيرة مغلقة بأسلاك شائكة وحواجز معدنية. ولا تظهر الجزيرة على معظم خرائط الطرق، كما لا يمكن لطائرة ليلية آتية من الغرب أن تميزها... باختصار، إنها جزيرة شبح...

المقابر الجماعية مجهولة وتحوي على حوالي 150 نعشاً لراشدين في كل حفرة يبلغ طولها 21 متراً وتحدها أعمدة بيضاء، وحوالي ألف طفل في نعوش صغيرة تحمل علامة صفر في مدافن منفصلة. فُقدت بعض الجثث وأحرقت أخرى. وأحياناً، من المستحيل أن تعرف العائلات إذا كان قد تم دفن أقربائها.

ميليندا هانت، الفنانة التي لديها شغف بجزيرة هارت آيلند منذ التسعينيات، نشرت كتاباً وأنتجت فيلماً عن المسألة سنة 2008. هانت التي رغبت في تقديم المساعدة لعائلات العالم أجمع التي تبحث عن أقرباء لها اختفوا في نيويورك

ويُحتمل أن يكونوا موجودين في هذه المقبرة، أسست مشروع هارت آيلند سنة 2011. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: "يحق لكم أن تعرفوا مكان وجود شخص ما. من المهم جداً عدم إخفاء الناس. إنه أمر غير مقبول بالنسبة إلى الثقافات كلها".

وروت ميليندا هانت لمجلة أميركية أخرى مخصصة لقصص غير عادية أنه في حالة الأطفال، تقترح الممرضات أو العاملون الاجتماعيون على الأهل أن يتركوا المدينة تتولى الأمر

للتخفيف عنهم، لا بل أيضاً لتسريع العملية. بشكل عام، يتم التأكيد للأهل بأن المقبرة ستحمل اسم الطفل (يحصل ذلك أحياناً وإنما ليس دائماً)، وبأنهم يملكون الحرية للذهاب

إليها (الأمر الذي ليس صحيحاً أبداً تقريباً). أضافت: "لا يوضّح أنها مدافن جماعية وأنه لا يمكن زيارة المقبرة. لو كانت العائلات على علم بذلك، لكان معظمها فضل الجنازة الخاصة".

من جهتها، أعلمت إدارة السجون أنها لا تملك البنى التحتية الضرورية لاستقبال الزوار في الجزيرة التي لا توجد فيها سوى مبان مهدمة ومهجورة. مع ذلك، قررت السلطات السماح لبعض الزيارات منذ سنة 2007 بعد أن خضعت لعدة ضغوطات من الأهل.

لوري غرانت، الطبيبة البالغة 61 عاماً، هي أحد الأشخاص الذين ينتظرون أن يُمنحوا حق الزيارة الطبيعي. فقد أنجبت لوري غرانت فتاة ولدت ميتة سنة 1993، وكان يُفترض السماح لها بزيارة مقبرة طفلتها في 28 مارس الأخير. لكنها انتظرت

عبثاً قرب الرصيف تحت المطر لأن المكلفين باصطحابها لم يحضروا إلى اللقاء. ليس معروفاً إذا كان هذا التخلف معزواً إلى غياب النية أو ببساطة إلى خطأ في التواصل. سوف يتعين على لوري غرانت من جديد أن تتحمل ألمها بصبر وتؤجل حدادها.

أما الذين توفرت لهم فرصة زيارة قريبهم المفقود، فلا يزالون يرجون أن يتمكنوا يوماً من زيارته قدر ما يشاؤون. خلال السنوات الأخيرة، ساعدت ميليندا هانت حوالي 500 عائلة على إيجاد أثر فقيد لها، وتتذكر بخاصة إيرلندياً كان يبحث عن جده. وحتى الآن، نجح مشروع هارت آيلند في تسجيل أكثر من 60000 مقبرة في قاعدة بياناته.

نيويورك / أليتيا

21 ابريل 2014 |