القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

كنيسة مار جرجس بالعريش.. الصلاة بين جدران محترقة

باب حديدى مطلى بالصدأ، وأطلال كنيسة لطخها السواد فلم يبق من لونها ناصع البياض سوى بقع صغيرة، وخلف الباب تظهر أعمدة «حوش» الكنيسة، أركان حل عليها السواد، الأخشاب التالفة فى كل مكان، وفوق الجدران المحترقة تقبع صورة المسيح تحمله السيدة العذراء صغيراً.

كنيسة مار جرجس بالعريش.. الصلاة بين جدران محترقة

على أبواب الكنيسة يقف الأطفال الشمامسة، يحملون المباخر، بجلابيبهم البيضاء، ينفخون فى نيرانها، وقتما تعلو أصوات المصلين بالترانيم والأدعية، وبين السواد المدقع الذى يسود المكان، تظهر كلمة كتبت على سواد التفحم: «الرب يحمينى».

على الأبواب تجلس النساء، جئن فى التو متأخرات عن الصلاة، يغطين جزءاً من رؤوسهن بالحرير، وفى مقدمة الصلاة يقف الأب فى المسبح، ومن خلفه الشماسون ينشدون الترانيم على سجاد يغطى جزءاً من الدمار الذى طال أرضية «الخورص»، والصغار

يدورون حولهم بالمباخر، فى اليمين تقف النساء، وفى اليسار يقف الرجال، حين يجدون غريباً بينهم تظهر علامات التوجس على المصلين الذين لم يمنعهم حريق الكنيسة بعد 30 يونيو من أداء الصلاة، بل صلوا بين الجدران المحترقة، وتحت الأسقف المتفحمة.

فى الطابق العلوى لم تُبق النيران التى أشعلها المتطرفون شيئاً، كل شىء طالته النيران ودمرته، الحوائط والأعمدة والأرضية، وقبة الكنيسة، ولم يخلف الإرهابيون إلا عبارة «سنحرق الكفار»، لكن

حاول البعض من أبناء الكنيسة محوها ورسموا مكانها علامات الصليب. وبجوار باب الكنيسة الحديد، ركن «فرج عبدالنبى» عربته الكارو ودخل الكنيسة، وقف إلى جواره حارسها منتظراً انتهاء الصلاة حتى

يلتقى الأب، الرجل الذى يعمل على تلك العربة، واعتاد التوجه للكنيسة فهى ملاذه الدائم يومياً، يقول إن المسيحيين عادوا للصلاة فيها بعد حرقها بـ6 أشهر، فى انتظار قيام قوات الجيش بإعادتها كما وعدت.

«الرب الحافظ.. محدش يقدر يضر عبيده» يقولها الرجل صاحب الستين عاماً، وسط قناعة تامة بأن وجوده داخل الكنيسة يحفظه من هجمات الإرهابيين، ويرفض الرجل العجوز ترك سيناء والرحيل: «لا أملك حتى تكلفة السفر.. وهصرف على عيالى منين».

«الواحد ميت كده كده.. هخاف من إيه» يقولها الرجل العجوز بجلبابه الرث وملامحه العابثة، مؤكداً أنه لا يخاف من مصير من سقطوا من المسيحيين على أيدى الإرهابيين: «هما بيضربوا الكل مش مخليين أقباط ولا غيره»، ويشير إلى أن المسيحيين لن يتركوا الكنيسة، وسيستمرون فى الصلاة رغماً عن الإرهابيين: «محدش فينا خايف والرب معانا».
الوطن
08 فبراير 2015 |