من هو النبي المثيل بموسى؟.. أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك

تنبأ الكتاب المقدس في سفر التثنية قائلاً يقيم لك الرب إلهك نبيا من وسطك من إخوتك مثلي. له تسمعون. حسب كل ما طلبت من الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع قائلا لا أعود أسمع صوت الرب إلهي ولا أرى هذه النار العظيمة أيضا لئلا أموت. قال لي الرب قد أحسنوا فيما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه (تث15:18-19) .

ويرى بعض الكتاب من الإخوة الأحباء المسلمين، بعد أن حذفوا الآيتين الأولى والثانية من النبوة واكتفوا فقط بالآية التي تبدأ بقوله أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك، أن النبي المقصود في هذه النبوّة هو نبي المسلمين وليس الرب يسوع المسيح.

وقبل أن نبدأ في دراسة هذه النبوة يجب أن ندرسها بمفهوم ومنطق وأسلوب الكتاب المقدس وطريقة تطبيقه لها وليس بأي مفهوم أو منطق لكتاب آخر أو فكر آخر.

وبدراس النبوة مع بقية الآيات المرتبطة بها، نجد الآتي :

(1) أن الآيات السابقة لها هي وصايا الله لبني إسرائيل.

(2) وأن الآيات التالية لها تتكلم عن صفات كل من النبي الصادق والنبي الكاذب والعلامات التي يعرفه بها بنو إسرائيل .

(3) كان لموسى النبي صفات وخصائص مرتبطة بجوهر النبوة لا بد أن تتحقق في النبي الموعود بصورة أساسية .

1 ماذا تقول النبوة ومن هو المخاطب فيها؟ وما معنى إخوتك؟

أ تقول النبوّة يقيم لك الرب إلهك والمخاطب هنا في قوله لك هو بنو إسرائيل ، أي يقيم لك يا إسرائيل.

ب نبياً من وسطك وعبارة من وسطك هنا تعني من وسطك يا إسرائيل أي من الأسباط الاثنى عشر وليس من خارجهم (ليس من خارج بني إسرائيل).

ج وقوله من إخوتك بحسب ما جاء في سفر التثنية الذي وردت به النبوّة يقصد به أسباط إسرائيل باعتبارهم إخوة بعضهم لبعض، فقد وردت الكلمة في السفر عشرين مرة واستخدمت بخمس طرق:

(1) استخدمت 14 مرة للأسباط الاثنى عشر باعتبارهم إخوة بعضهم لبعض.

(2) ومرة واحدة عن اللاويين(سبط لاوي) باعتبارهم، أيضاً، إخوة.

(3) ومرتين عن الآدوميين، نسل (عيسو). (4) ومرة واحدة عن الإخوة بمعناها الحرفي إذا سكن إخوة معاً (تث5:25).

(5) ومرتين في هذه النبوة.

ولم تستخدم ولا مرة واحدة لا في هذا السفر ولا في غيره، عن أبناء إسماعيل كإخوة لبني إسرائيل. ومن ثم يكون معنى الإخوة- بحسب مفهوم الكتاب المقدس- والذي وردت به هذه النبوّة، والذي يعني من بقية الأسباط. فالأسباط بني إسرائيل ) هم الأخوة الأقرب بعضهم لبعض، حيث قال الله لهم إذا بيع لك أخوك العبراني أو أختك العبرانية وخدمك ست سنين ففي السنة السابعة تطلقه حرا من عندك (تث12:15). كما قال لهم أيضا من وسط إخوتك تجعل عليك ملكا. لا يحل لك أن تجعل عليك رجلا أجنبيا ليس هو أخاك (تث14:17و15). فهل كان المقصود في قوله هنا من إخوتك أن يملك عليهم أحد أبناء إسماعيل، بحسب منطق هؤلاء الكتّاب؟! كلا! لأنه يقول بكل تأكيد لا يحل لك أن تجعل عليك رجلا أجنبيا ليس هو أخاك. وكان أبناء إسماعيل في ذلك الوقت أجانب بالنسبة لبني إسرائيل.

وكان أول ملك جلس على عرش إسرائيل هو شاول البنياميني، من سبط بنيامين، وتلاه داود النبي والملك، الذي من سبط يهوذا، وابنه سليمان، وكل من جلس على عرش يهوذا بعد ذلك وحتى السبي البابلي كان من نسل داود النبي، وحتى في أيام السبي البابلي والاحتلال الفارسي واليوناني ثم الروماني لكل فلسطين لم يحكم على اليهود أحد من نسل إسماعيل، بل كان يحكم عليهم أحد الولاة اليهود، من نسل داود، من قبل الإمبراطورية المحتلة إلى أن أغتصب الحكم هيرودس اليهودي الآدومي الذي من بني آدوم، عيسو، شقيق يعقوب التوأم، محققا بذلك نبوة يعقوب لأبنه يهوذا أن المسيح المنتظر والنسل الموعود سيأتي عند زوال الحكم والتشريع من سبط يهوذا لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب . كما قال لهم أيضا قد أعطاكم (الرب) هذه الأرض لتمتلكوها. متجردين تعبرون أمام إخوتكم بني إسرائيل (تث18:3)، أي أمام بقية أسباط إسرائيل.

تأكيد الكتاب المقدس صراحة أن النبي الموعود هنا هو المسيح والكتاب المقدس يؤكد أن النبوة هنا المقصود بها المسيح المنتظر الذي هو الرب يسوع المسيح ، الذي أكد ذلك بنفسه الذي قال لليهود لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني (يو46:5). وكما أكده تلاميذه، ففي خطاب القديس بطرس الرسول في الهيكل وأمام علماء ورجال الدين اليهود والجموع الحاشدة أكد لهم أن كل ما تنبأ به جميع أنبياء العهد القديم وتكلم به الله على أفواههم تممه في أيامهم في شخص المسيح يسوع وأما الله فما سبق وأنبأ به بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تممه هكذا. فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب. ويرسل يسوع المسيح المبشر به لكم قبل. الذي ينبغي أن السماء تقبله إلى أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر. فان موسى قال للآباء أن نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم. له تسمعون في كل ما يكلمكم به. ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تباد من الشعب. وجميع الأنبياء أيضا من صموئيل فما بعده جميع الذين تكلموا سبقوا وأنبأوا بهذه الأيام. انتم أبناء الأنبياء والعهد الذي عاهد به الله آباءنا قائلا لإبراهيم وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض. إليكم أولا إذ أقام الله فتاه يسوع أرسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره (أع18:3-26).

وهذا تأكيد مطلق على أن المقصود في هذه النبوة هو الرب يسوع المسيح وليس أحد غيره.

ولكن يقول البعض أن موسى نبي وأنتم تؤمنون أن المسيح إله نزل من السماء ومن ثم لا يكون مثل موسى. وللإجابة على هذا التساؤل نؤكد أننا نؤمن بحسب ما جاء في الكتاب المقدس أن الرب يسوع المسيح هو كلمة الله وصورة الله الذي من ذات الله الآب نور من نور إله حق من إله حق ولكنه أيضا تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس و يقول الكتاب: الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب (في6:2-8).

فهو كلمه الله بطبيعته ولكنه كان أيضا إنساناً بتجسده، وكإنسان حل عليه الروح القدس ومسحه كاهناً وملكاً ونبياً، فقام بمهام وعمل ودور ووظيفة النبي في حمل رسالة الله الآب للعالم وكان كاهناً على الصليب وملكاً لملكوت السموات، ولذا قيل عنه يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل (مت11:21) ، ورأى فيه اليهود نبياً عظيماً وقالوا عنه قد قام فينا نبي عظيم (لو11:7)، بل والنبي الذي تنبأ عنه موسى هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم (يو14:6).

ونخاطب هؤلاء الكتاب أيضا بمنطقهم ونقول لهم وأنتم لا تؤمنون أن المسيح إله بل نبي.

وبهذا المنطق فالمسيح مثل موسى.

القمص عبد المسيح بسيط