ماهو عمر أخزيا الملك؟ هل 22 سنة ام 42 سنة ؟

سؤال:ذكر في (2مل8: 26) أن أخزيا الملك كان ابن 22 سنة حين ملك.

بينما ذكر في (2أخ 22: 2) أنه كان ابن 42 سنة حين ملك

أليس في ذلك تناقض؟

الرد:

الواقع أن هذا الاعتراض قد أثاره الشيخ أحمد ديدات الداعية الإسلامي، نقلا عن الاعتراضات التي وجهها الملحدون إلى الكتاب المقدس في القرن 19 في أوربا، وقد تم الرد عليها في حينها، من رجال الدين المسيحي بما لا يدع مجالا للشك.

ومن الأمانة العلمية، كان لزاما على الشيخ أحمد ديدات، كرجل دين يفترض فيه النزاهة والأمانة، أن يورد لقرائه الردود المفحمة على هذه الاعتراضات الواهية. ولكن دعنا نوضح للسائل وللجميع الحقيقة الجوهرية، رغم هذا التناقض الظاهرى، إذ أنه لا خلاف بين رواية سفر الملوك وسفر أخبار الأيام، بعكس ما يبدو للمعترض.

أولاً: توضيح الحقيقة:

(1) ذكر في سفر الملوك أن عمر أخزيا 22 سنة، وهذا هو عمره الحقيقي وليس 42 سنة. لأن أباه يهورام كان عمره حين ملك 32 سنة، وملك 8 سنوات (الملوك الثاني 8: 17) فيكون مجمل عمر أبيه 40 سنة. فليس من المعقول أن يكون عمر ابنه أخزيا 42 سنة عند موت أبيه.

(2) وأما عن ذكر سفر أخبار الأيام أنه كان ابن 42 سنة حين ملك [لاحظ أنه لم يقل كان عمره، بل قال أنه ابن 42 سنة]، ورغم أنه مكتوب في حاشية الكتاب المقدس عبارة [ق عشرون، التي تعني أنها قُرِأَت عشرون بدلا من أربعين] إلا أن المفسرين يقولون عن ذكر الكتاب المقدس أنه كان ابن 42 سنة، هو إشارة إلى عمر أمه البالغة من العمر 42 سنة، التي كانت تحكم البلاد فعليا، لصغر سنه. ويفهم هذا من القرينة المذكورة مباشرة لأن أمه كانت تشير عليه وكانت مالكة على الأرض (2أخ 22: 2ـ12)

نقطة ثانية: هذا الاختلاف في التعبير هو دليل أكيد على عدم تحريف الكتاب المقدس:

لأنه لو كان الكتاب المقدس قد لعبت به يد التحريف، لقاموا بتغيير هذه الاختلافات اللفظية. إذن فوجود هذه الاختلافات الظاهرية، وبقاؤها على ما هي عليه، لهو أكبر دليل على أن الكتاب المقدس لم يحرف، وإلا كان من باب أولى أن تُغيَّر مثل هذه الاختلافات، أو تحرق تلك النسخ التي تحمل الاختلافات، كما حرق عثمان ابن عفان القرآنات الستة المختلفة مع نسخة القرآن الذي أقره!!!

نقطة ثالثة: خلفية الشيخ أحمد ديدات:

ربما ظن الشيخ ديدات بحسب خلفيته الإسلامية، أن في الكتاب المقدس اختلافات، كالإختلافات التي في القرآن الكريم، التي قيل عنها أن الإمام عبد الله ابن مسعود [وهو من كبار الصحابة، ومن المفسرين والفقهاء الأول، المتشدد في الرواية والضبط، والذي كتب بيده مصحفا يسمى مصحف ابن مسعود] قد أحصى أكثر من 1700 اختلافاً في القراءات المختلفة للقرآن: منها على سبيل المثال:

1ـ بخصوص مدة يوم القيامة:

+ سورة (السجدة 5) يُعرج إليه في يوم كان مقدارُه ألف سنة مما تعدون.

+ ويفسر الإمام النسفي ذلك اليوم في (الجزء الثالث ص 417) بأنه يوم القيامة.

+ وفي (سورة المعارج 4) في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة

+ ويفسر الإمام النسفي هذا اليوم أيضا في (الجزء الرابع ص 426): بأنه يوم القيامة.

والاختلاف واضح هنا في طول يوم القيامة، أهو 1000 سنة أم 50,000 سنة؟؟

مثال آخر للاختلافات:

2ـ بخصوص أيام الخلقة:

حيث يُذُْكِرفي سبع آيات قرآنية أن الأرض والسماء خلقت في ستة أيام كما في:

+ (سورة يونس3) إن ربكم خلق السموات والأرض في ستة أيام

+ وقد ورد ذلك أيضا في كل من (سورة الأعراف 54) (سورة هود 7) و(سورة الفرقان 59) و(سورة السجدة4) و(سورة ق 38) و(سورة الحديد 4)

+ ولكن جاء في (سورة فُصِّلَتْ 9ـ12) أن الأرض والسموات خلقت في ثمانية أيام:

قل أئنكم لَتَكْفُرون بالذي خلق الأرض في يومين وقدر فيها أوقاتها في أربعة أيام ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائـتيا طوعا أوكرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين فيكون مجمل أيام الخلقة 8 أيام.

+ ويعلق على ذلك الإمام النسفي في (الجزء 4 ص 130) بقوله: خلق الله الأرض في يومين، ثم قال: وقدر فيها أوقاتها في أربعة أيام، ثم قال: فقضاهن سبع سماوات في يومين، فيكون خلافقوله: في ستة أيام في موضع آخر (الأعراف، يونس .)

وغير ذلك من الاختلافات التي أراد الشيخ ديدات أن يداريها ويدافع عنها بأسلوب مباريات كرة القدم: أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم!!!.

ونحن نقول للشيخ ديدات، مع احترامنا لشخصه في مثواه، لا يا شيخ الإسلام، إن الكتاب المقدس لا تشوبه تلك الشبهات الوهمية، والحقيقة أنه كان ينقص فضيلته وأمثاله، الدراية بأسلوب الكتاب المقدس، هذا ما وضحه بطرس الرسول بخصوص رسائل بولس الرسول وبقية اسفار الكتاب المقدس بقوله: فيها أشياء عسرة الفهم، يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضا لهلاك أنفسهم (2بط3: 15و16).

وأعجب أن فضيلة الشيخ ديدات لم يعمل بأمر القرآن الكريم الذي أوصى المسلمين قائلا: اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (سورة النحل 43 وسورة الأنبياء 7).

وها المسيحية مستعدة لمجاوبة كل من يسألها، حتى لا يهلك أحد، بل تكون له الحياة الأبدية، من خلال معرفته بكتاب الحياة، أي الكتاب المقدس، الذي هو كلمة الله الحي، المحفوظ من أي خطأ أو تحريف. كما قال السيد المسيح نفسُه: السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول (مت24: 35). وقد شهد القرآن الكريم، لحفظ الكتاب المقدس، توراةً وإنجيلا، من التغيير أو التبديل أو التحريف، كذكرٍ منزلٍ من عند الله بقوله: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (سورة الحِجْر 9).

ختاما أقول: لعل السائل قد اطمأن قلبه على صحة الكتاب المقدس، وأرجو أن يُقْبِل على قراءته، طالبا من الرب أن يشرق بنور معرفته في قلبه، لينال نعمة من الرب، الذي يحبه ويحب خلاص نفسه.