كيف يموت الله؟ .. إذا كان المسيح هو الله فكيف يموت؟.. ماهو سبب موت المسيح؟

يخطر في بال بعضهم سؤال يبدو منطقياً يتعلق بإمكانية موت السيد المسيح وهو الله ، فهل يموت الله ؟ ومن ذا الذي حفظ الكون والحياة في الأيام الثلاثة التي كان فيها السيد المسيح ميتاً ؟

هل الموت هو الملاشاة ؟

ينطوى هذا السؤال على سوء فهم للموت وطبيعته وما يترتب عليه ، فالإنسان يميل أن يقرن الموت بالملاشاة ، فكأن الشخص الذي يدخل دائرة الموت يتلاشى ولا يعود موجوداً ، ويفقد بالتالي كل قوة وتأثير في هذه الحياة ، وعلى الرغم من العقيدة التي يعتنقها المرء قد تُعلّم غير ذلك ، فإن حقيقة غياب الشخص الذي مات وعدم إمكانية الاتصال به والتواصل معه في هذه الحياة تفرض نفسها بطريقة مرعبة وتجعل وجدان المرء يساوى بين الموت والعدم .

حقيقة الموت

غير أن هذا الأمر مجانب للصواب ، فما الموت إلا إنفصال الروح عن الجسد ، فروح الإنسان هي الكائن الحقيقي وهى تسكن جسده الذي يُشكل بيتاً لهذه الروح ، فليس الإنسان جسداً يمتلك روحاً ، وإنما هو روح تملك جسداً ، وبينما يتحلل هذا الجسد ألفاني بعد الموت ويتعرض للفناء ، فإن الروح تستمر في الوجود إما في جهنم أو في حضرة الله في حالة وعى وإحساس كاملين ، فإذا مات المرء دون أن يقبل فداء المسيح وخلاصه ، فسينتهي به الأمر إلى حيث البكاء وصرير الأسنان يقول السيد المسيح ولكن أقول لكم يا أحبائي : لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر ، بل أريكم ممن تخافون : خافوا من الذي بعدما يقتل له سلطان أن يُلقى في جهنم ، نعم أقول لكم من هذا خافوا ( لوقا 12 : 4،5 ) ولا مفر من هذه الدينونة لغير المؤمنين بالمسيح ، تقول كلمة الله وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة ( عبرانيين 9 : 27 ) .

مصير الأموات

أما الذين يموتون في المسيح ،فإن أرواحهم تنتقل فوراً لتكون في حضرة الله ، قال الرسول بولس لي اشتهاء أن أنطلق ( أموت ، تفارق روحي جسدي ) وأكون مع المسيح ( فيلبى 1 : 23 ) ويحدثنا سليمان عن مصير الإنسان بعد الموت فيقـــول فيرجع التراب إلى الأرض كما كان ، وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها ( جامعة 12 : 7 ) ويُسجل لنا لوقا رواية المسيح لحديث إبراهيم مع الغنى المُستغنى عن الله بعد موته ، وتطرقه لمصير لعازر البار بعد موته أيضاً أذكر أنك أستوفيت خيرتك في حياتك وكذلك لعازر ( أستوفى ) البلايا والآن هو يتعزى وأنت تتعذب ( لوقا 16 : 25 ) .

الروح لا تفنى

وما يهمنا من هذا كله هو الوصول إلى نتيجة هي أن الروح لا تفنى ، فكم بالحرى إذا كانت روح الله ، ونحن نعلم مما علّمنا السيد المسيح أن الله روح ( يوحنا 4 : 24 ) .

موت المسيح

حين جاء المسيح ، كلمة الله ، إلى أرضنا أتخذ جسداً وأكتسب الطبيعة البشرية إلى جانب طبيعته الإلهية ، لم يكن يحتاج كإله إلى جسد ، ولكنه صار لحماً ودماً ليشاركنا طبيعتنا ويستطيع أن ينوب عنا في عملية الفداء ، وعندما مات على الصليب من أجل خطايانا ، سكتت الحياة في جسده وبقيت روحه حيةً دون أن تفقد شيئاً من طبيعتها وقدرتها ، وهذا يعنى بكل بساطة أن المسيح كان حياً حتى وهو ميت .

مثال توضيحي

ولقد حاول أحدهم أن يُقّرب ما حصل للمسيح في موته إلى أذهاننا ، فشبه الروح بالهواء الذي يتخذ شكل الإناء الذي يحل فيه ، فمع أن الهواء يملأ الجو ويتحرك فيه بحرية ، إلا أنه حدد نفسه شكلاً بصورة الإناء الذي حل فيه ، فإذا كسرنا هذا الإناء الذي يتمتع الهواء داخله بنفس خصائص الهواء الموجود في الجو ، فإن الهواء يرجع ليختلط فوراً بالهواء الموجود بالجو دون أن يضيع منه شئ ، وهذا يقودنا إلى فكرة أن موت المسيح لم يؤثر على طبيعته الإلهية .

سبب موت المسيح

ولابد لنا من أن نتبين أن المسيح لم يمت بسبب الصليب ، ولكنه مات على الصليب ، لم يمت بسبب المسامير والحراب التي اخترقت جسده وجعلته ينزف ولكنه مات بسبب خطايانا التي حملها ومات على الصليب من اجلها ، إن خطايانا وآثامنا هي التي قتلته ، وما كان للموت أن ينال منه لو لم يكن صلبه مرتبطاً بهذه الخطايا والآثام ، فلا موت بدون خطية ، ولم يكن أدم نفسه ليمـوت لو لم يخطـــئ تقول كلمة الله كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم ، وبالخطية الموت ،وهكذا إجهاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع ( رومية 5 : 12 ) .

قيامة المسيح

كما يختلف موت المسيح عن غيره في أن جسده لم يعرف التعفن والنتانة ، وذلك لأن المسيح نفسه لم يعرف الخطية كبقية البشر مع أنه حمل خطاياهم ، لهذا كان وعد الله الآب له بحفظ جسده من التعفن وقيامته من بين الأموات ، يقول النبي داود على لسان المسيح قبل مجيئه وموته بمئات السنين لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي ، جسدي أيضاً يسكن مطمئناً ، لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ، لن تدع تقيك يرى فساداً ( مزمور 22 : 9،10 ) وهكذا فإن روح المسيح عاد إلى جسده فأحياه في اليوم الثالث ، فكانت القيامة المجيدة المحتمة .

ويسجل الكتاب المقدس أحداثاً كثيرة تشهد لقيامة السيد المسيح من الموت ، يقول . المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب ، وأنه دُفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب ، وأنه ظهر لصفا ثم للأثنى عشر ، وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمس مئة أخ أكثرهم باقٍ إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا ، وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين ( 1كورنثوس 15 : 3-7 ) . أبعاد القيامة

ولقد أثبتت هذه القيامة فيما أثبتت أن المسيح هو إبن الله حقاً كما قال ،وأن الروح لا تموت ، وأن هناك رجاءً أكيداً لكل من يؤمن بالمسيح أين شوكتك يا موت ؟ أين غلبتك يا هاوية ؟ ( 1 كورنثوس 15 : 55 ) ، وما دام المسيح يتمتع بالجوهر الإلهي ، فليس غريباً أن يكون مختلفاً عن موت كل إنسان ، وأن تكون له نتائج عظيمة مباركة .

يقول السيد المسيح أنا هو القيامة والحياة ، من أمن بي ولو مات فسيحا ، وكل من كان حياً وأمن بي فلن يموت إلى الأبد ( يوحنا 11 : 25،26 ) . خلاصة

وهكذا فإن موت السيد المسيح لا ينفى ألوهيته ، بل يؤكد محبته العظيمة لنا تلك المحبة التي جعلته يموت من أجلنا ، لنتذكر أنه ذاق عنا الموت وأخذ عقابنا ، فهل نفهم موته حق الفهم ونقبله ؟ هل نعيش غالبين الحياة ونموت إذا كان لابد من الموت .