كيف يقول المسيح انه جاء ليفرق الإنسان عن أبيه وأمه؟ كيف يكون رئيسا للسلام وهو يقول "ما جئت لألقى سلاماً، بل سيفاً"؟

يقصد السيف الذى يقع على المؤمنين به، بسبب إيمانهم. وفعلاً، ما أن قامت المسيحية، حتى قام ضدها السيف من الدولة الرومانية، ومن اليهود، ومن الفلاسفة الوثنيين

وتحقق قول الرب تأتى ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله (يو16 : 2). وعصر الإستشهاد الذى استمر إلى بداية حكم قسطنطين، دليل على ذلك. كذلك حدث إنقسام حتى فى البيوت بسبب إيمان بعض أعضاء الأسرة مع بقاء أعضاء الأسرة الآخرين غير مؤمنين. فمثلاً يؤمن الابن بالمسيحية، فيقف ضده أبوه، أو تؤمن البنت بالمسيحية فتقف ضدها أمها، وهكذا يحدث انقسام داخل الأسرة بين من يقبل الإيمان المسيحى من أعضائها ومن يعارضها، حسبما قال ينقسم الأب على الإبن، والإبن على الأب.

والأم على البنت، والبنت على الأم. والحماة على كنتها، والكنة على حماتها (لو12 : 53). وكثيراً ما كان المؤمن يجد محاربة شديدة من أهل بيته ليرتد عن إيمانه. ولذلك قال الرب متابعاً حديثه وأعداء الإنسان أهل بيته. من أحب أباً أو أماً أكثر منى فلا يستحقنى .. (مت10 :36 ، 37). كان يتكلم عن السيف ضد الإيمان. وليس السيف فى المعاملات العامة.. ولهذا فإن قوله ما جئت لألقى سلاما بل سيفاً (مت 10 : 34)، سبقه مباشرة بقوله من ينكرنى قدام الناس، أنكره أنا أيضاً قدام أبى الذى فى السموات (مت10 : 33).

وقد يدخل الأمر فى تطبيق المبادىء الروحية المسيحية .. فقد يحدث إنقسام بين البنت المسيحية المتدينة وأمها فى موضوع الحشمة فى الملابس والزينة. وقد يحدث نفس الإصطدام بين الإبن وأبيه فى موضوع خدمة الكنيسة والتكريس، أو فى موضوع الصحة والصوم، أو فيما لا يُحصى من بنود السلوك المسيحى، ويكون أعداء الإنسان أهل بيته.. أما من جهة المعاملات العادية بين الناس، فيقول السيد فى عظته عل الجبل: 2- طوبى لصانعى السلام، فإنهم أبناء الله يدعون (مت 5 : 9). وقد دعى السيد المسيح رئيس السلام (اش9 :6). ولما بشر الملائكة بميلاده قالوا وعلى الأرض السلام (لو2 : 14). وهو قال لتلاميذه سلامى أترك لكم ، سلامى أنا أعطيكم (يو14 : 27). وقال الكتاب ثمر البر يزرع فى السلام، من الذين يصنعون السلام (يع3 :18). وقيل من ثمار الروح محبة وفرح وسلام (غل 5 : 22)