أتان بلعام.. هل يوجد حمار يتكلم.. لماذا غضب الرب علي بلعام رغم انه سمح له بالذهاب ؟

الشبهةيعترض البعض في قصة بلعام علي نقطتين

1 هل يوجد حمار يتكلم واذا كان هذا حقيقي لماذا نعترض علي بعض القصص الاسطوريه في الديانات الاخري اذا كان هذا ايضا مكتوب في الانجيل ؟

2 ولو كانت القصه صحيحه لماذا غضب الرب علي بلعام لذهابه الي بلاق رغم ان الرب هو الذي سمح له بالذهاب ؟

للرد علي النقطه الاولي

في البدايه لا اعتراض عندي للرائ القائل انه الاتان تكلم بالفعل

ولكني اتسائل هل الاتان تكلم بالطريقه المعروفه ؟

العدد يقول

22: 28 ففتح الرب فم الاتان فقالت لبلعام ماذا صنعت بك حتى ضربتني الان ثلاث دفعات

وبالطبع هذه معجزه فريده من نوعها بان يستخدم الله هذا الحيوان في توبيخ بلعام ليريه كم عينه اصبحت مظلمه

والعدد يقول ففتح الرب فم الاتان اي ان الاتان قال شيئ او اخرج اصوات معينه بسبب امر الرب

فقالت : وهذه الكلمه التي ستكون محوريه

ولكن اولا ادرسها من ناحيه علميه

الحوار يحتاج الي متكلم ومستمع والمتكلم يحتاج الي اعضاء جسديه مناسبه للتكلم ومقدره وهنا يبرز السؤال كيف ينطق اتان وهو غير معد لذلك

ولكن لو نظرنا الي تركيب الفم من الفك واللسان وسقف الحلق وغيره وهو بالفعل غير مناسب الي حد ما لاصدار كلام ولكن مناسب الي اصدار اصوات ذات طبقات مختلفه وهذا بالفعل متوفر في صوت الاتان والاتان يعبر عن احتايجاته من التعبير عن الالم واشياء كثيره بهذه الاصوات ولكن الطرف الاخر المهم هو المستقبل الذي يدرك ويفهم المتكلم وهو يحتاج فقط الي اذان وقدره علي الادراك وبالفعل رعات الاتان تستطيع ان تميز بين هذه الاصوات المختلفه لتعرف احتياج الاتان من تعبير عن جوع او خوف او رغبه او تعب او الم او غيره

فلو حللنا الموقف نجد ان الاتان تكلم بمعني انه اصدر اصوات في وقت معين ادركها بلعام بقدرته وفهم المقصود تماما

ومن هذا نري عليما ان الاعجاز ليس في نطق الاتان فهو نطق بالفعل وهو قادر عن التعبير باصوات ولكن الاعجاز هو في قدرة بلعام علي فهمه فيما قال تفصيلا والسبب ان صوت انسان صاحب صوت الاتان سمعه بلعام وفهمه جيدا

وهذا الصوت كان خاص جدا ببلعام وليس نطق الاتان بطريقه مسموعه لكل البشر

فلو كان اخر حضر هذا الموقف اني اتوقع لكان وقف ولم يفهم شي مما يحدث ولم يفهم شئ من اصوات الاتان وهذا حدث من قبل مع موسي وايضا مع الملك بيلشاصر الذي راي اليد والكتابه ولكن الذين معه راوا الكتابه فقط وايضا مع شاول في طريقه الي دمشق عندما سمع صوت المسيح وراه من البرق والرعد ولكن الذين معه سمعوا صوت الرعد فقط وابصروا ضوء البرق فقط ولكن لم يسمعوا صوت المسيح ولم يروه

فالاعجاز ليس في نطق الاتان فهو نطق باصوات ولكن في سماع و فهم بلعام له فبلعام سمع صوته كصوت انسان يتكلم بكلام مفهوم رغم انه نطق بصوته الطبيعي لا يفهمه اي بشر ولا يسمعه الا بلعام فقط لمقدرة اعطاه الرب له في هذا الوقت وهذا في رائي وقد اكون مخطئ

ثانيا الجزء اللغوي

فم

H6310

פּה

peh

peh

From H6284; the mouth (as the means of blowing), whether literally or figuratively (particularly speech); specifically edge, portion or side; adverbially (with preposition) according to: - accord (-ing as, -ing to), after, appointment, assent, collar, command (-ment), X eat, edge, end, entry, + file, hole, X in, mind, mouth, part, portion, X (should) say (-ing), sentence, skirt, sound, speech, X spoken, talk, tenor, X to, + two-edged, wish, word.

وتعني فم وحافه وتعيين وقول وصوت

واتت الكلمه بهذه المعاني كلها

مثل عاموس 6: 5

(SVD) الْهَاذِرُونَ مَعَ صَوْتِ الرَّبَابِ الْمُخْتَرِعُونَ لأَنْفُسِهِمْ آلاَتِ الْغِنَاءِ كَدَاوُدَ

كلمة فقالت

22: 28 ففتح الرب فم الاتان فقالت لبلعام ماذا صنعت بك حتى ضربتني الان ثلاث دفعات

وهي عبريا عامار

من قاموس سترونج

H559

אמר

âmar

aw-mar

A primitive root; to say (used with great latitude): - answer, appoint, avouch, bid, boast self, call, certify, challenge, charge, + (at the, give) command (ment), commune, consider, declare, demand, X desire, determine, X expressly, X indeed, X intend, name, X plainly, promise, publish, report, require, say, speak (against, of), X still, X suppose, talk, tell, term, X that is, X think, use [speech], utter, X verily, X yet.

يقول يجيب ويدعي ويتحدي ويشحن ويامر ويعتبر ويعلن ويطلب ويرغب ويعتبر ويعبر ويريد ويوعد وينشر وقرر ويستلذم ويقول ويتكلم ويفترض ويخبر ويفكر

من قاموس برون

H559

אמר

âmar

BDB Definition:

1) to say, speak, utter

1a) (Qal) to say, to answer, to say in ones heart, to think, to command, to promise, to intend

1b) (Niphal) to be told, to be said, to be called

1c) (Hithpael) to boast, to act proudly

1d) (Hiphil) to avow, to avouch

يقول يتكلم يصدر صوت يجيب يقول حتي لو في قلبه يفكر يامر يوعد ويريد يخبر يدعي ويصدر صوت

وهذه الكلمه استخدمت مرات عديده بمعني غير الكلام المفهوم فقط

فعلي سبيل المثال قال في قلبه او تفكر هذا ليس كلام مسموع بالاذن

Exo_2:14

(SVD) : مَنْ جَعَلَكَ رَئِيسا وَقَاضِيا عَلَيْنَا؟ امُفْتَكِرٌ انْتَ بِقَتْلِي كَمَا قَتَلْتَ الْمِصْرِيَّ؟ فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: حَقّا قَدْ عُرِفَ الامْرُ!

2 صم 13: 33

(SVD) وَالآنَ لاَ يَضَعَنَّ سَيِّدِي الْمَلِكُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً قَائِلاً إِنَّ جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ قَدْ مَاتُوا. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ.

1Ki_11:18,

(SVD) وَقَامُوا مِنْ مِدْيَانَ وَأَتُوا إِلَى فَارَانَ وَأَخَذُوا مَعَهُمْ رِجَالاً مِنْ فَارَانَ وَأَتُوا إِلَى مِصْرَ إِلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَعْطَاهُ بَيْتاً وَعَيَّنَ لَهُ طَعَاماً وَأَعْطَاهُ أَرْضاً.

Jos_22:33

(SVD) فَحَسُنَ الأَمْرُ فِي أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ, وَبَارَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ اللّهَ, وَلَمْ يَفْتَكِرُوا بِالصُّعُودِ إِلَيْهِمْ لِلْحَرْبِ وَتَخْرِيبِ الأَرْضِ الَّتِي كَانَ بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ سَاكِنِينَ بِهَا.

2Ch_28:10

(SVD) وَالآنَ أَنْتُمْ عَازِمُونَ عَلَى إِخْضَاعِ بَنِي يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ عَبِيداً وَإِمَاءً لَكُمْ. أَمَا عِنْدَكُمْ أَنْتُمْ آثَامٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكُمْ؟

Hos_7:2

(SVD) وَلاَ يَفْتَكِرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنِّي قَدْ تَذَكَّرْتُ كُلَّ شَرِّهِمْ. الآنَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ أَفْعَالُهُمْ. صَارَتْ أَمَامَ وَجْهِي.

فهي بالفعل رغم انها تستخدم عاده للكلام ولكن ايضا تعبر عن التفكر والتعبير باي طريقه

ولهذا اعتقد ان الكلمه تعبر عن ان الاتان فتحة فاها بالفعل وعبرت بصوت غير مفهوم لنا سماعا اي صوت اعجمي ولكن الله اعطي لبلعام قدره علي الفهم

والان اريد ان اقدم ادله علي ما قدمت

يقول معلمنا بطرس الرسول

رسالة بطرس الثانية 2

15 قد تركوا الطريق المستقيم فضلّوا تابعين طريق بلعام بن بصور الذي احب اجرة الاثم.

16 ولكنه حصل على توبيخ تعديه اذ منع حماقة النبي حمار اعجم ناطقا بصوت انسان.

حمار اعجم ناطقا بصوت انسان

اعجم

G880

̓́

aphōnos

Thayer Definition:

1) voiceless, dumb

2) without faculty of speech

2a) of idols

اي انه بدون صوت انسان وبدون مقدره علي الكلام

وهذا صحيح لانه لا يستطيع ان يتكلم مثل البشر

ناطقا

G5350

́

phtheggomai

Thayer Definition:

1) to give out a sound, noise or cry

1a) of any sort of sound or voice, whether of man or of animal or inanimate object as thunder, musical instruments, etc.

يعطي صوت او دوشه او صراخ فهو نوع من انواع الاصوات كانسان او حيوان او رعد او اداه موسيقيه

فهذا بالفعل يعبر عن صوت الاتان

وهي استخدمت ثلاث مرات فقط في العهد الجديد وهي اتت من كلمه اخري هي التي تعبر عن الكلام ولي اصوات وهي

G5346

́

phēmi

fay-mee

Properly the same as the base of G5457 and G5316; to show or make known ones thoughts, that is, speak or say: - affirm, say. Compare G3004.

يعلن عن افكار بكلام يقول ويتكلم

ب ( بصوت )

G1722

̓

en

en

A primary preposition denoting (fixed) position (in place, time or state), and (by implication) instrumentality (medially or constructively), that is, a relation of rest (intermediate between G1519 and G1537); in, at, (up-) on, by, etc.: - about, after, against, + almost, X altogether, among, X as, at, before, between, (here-) by (+ all means), for (. . . sake of), + give self wholly to, (here-) in (-to, -wardly), X mightily, (because) of, (up-) on, [open-] ly, X outwardly, one, X quickly, X shortly, [speedi-] ly, X that, X there (-in, -on), through (-out), (un-) to(-ward), under, when, where (-with), while, with (-in). Often used in compounds, with substantially the same import; rarely with verbs of motion, and then not to indicate direction, except (elliptically) by a separate (and different) prep.

في مقابله معه مصاحبه عليه معه به معا قبله في خلاله عليه في نفس الوقت في نفس المكان اثناء مع في اثناء

فهي تعني شئ مصاحب شئ اخر

صوت انسان معروفه

فنفهم لفظيا من العدد انه يقول ان الاتان تكلم بصوته وصاحب صوته صوت انسان يفهمه بلعام فالاعجاز ليس فق نطق الاتان ولكن في الصوت المصاحب له الذي سمعه بلعام وفهمه

فهذا ايضا يرجح الفكره التي قدمتها وهي ان الاتان نطق بصوته المعتاد معبرا عن الالم بسبب ضرب بلعام له وعن الملاك وعن انه لم يتذكر طول خدمة الاتان لبلعام وصاحب صوته صوت انسان مسموع ومفهوم لبلعام

الدليل الثاني

ان بلعام لم يتعجب مما حدث فهو متعود علي الصوت الذي يكلمه من اي شئ او من دون شئ

22: 9 فاتى الله الى بلعام و قال من هم هؤلاء الرجال الذين عندك

22: 10 فقال بلعام لله بالاق بن صفور ملك مواب قد ارسل الي يقول

22: 12 فقال الله لبلعام لا تذهب معهم و لا تلعن الشعب لانه مبارك

فهذا يؤكد انه متعود علي سماع صوت يكلمه في النهار او حتي في ظلمة الليل رغم ان هذا لو حدث مع اخر لكان تعجب مثلما ما حدث مع صموئيل في بداية حياته فلم يعرف صوت الرب

الدليل الثالث من سياق الكلام

ان عمل الرب واضح فهو كشف عن عيني بلعام

22: 31 ثم كشف الرب عن عيني بلعام فابصر ملاك الرب واقفا في الطريق و سيفه مسلول في يده فخر ساجدا على وجهه

فبلعام لم يسمع ولم يري ثم بدا يسمع ثم بدا يسمع ويري

واضيف شيئ صغير وهو ان الشهود هلي هذه المعجزه ليس بلعام فقط ولكن موسي الذي بارشاد الوحي الالهي كتب قصة بلعام رغم انه لم يلتقي ببلعام

بطرس الرسول ايضا بارشاد الوحي الالهي وايضا معلمنا يهوذا ومعلمنا يوحنا في الرؤيا

مقارنه سريعه بالفكر الاخر

دون الدخول في تفاصيل الفكر الاخر لا يوجد شهود غير التصديق في قصة الذئب

عن أبي سعيد الخدري قال : عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه قال : ألا تتقي الله ؟ تنزع مني رزقا ساقه الله إلي فقال : يا عجبي ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس فقال الذئب ألا أخبرك بأعجب من ذلك ؟ محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق قال : فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي بالصلاة جامعة ثم خرج فقال للراعي : أخبرهم فأخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ويكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده

الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 1/241

خلاصة الدرجة: إسناده صحيح رجاله ثقات

في قصة البقره كل الناس سمعوها فهل تحول الجهاز التنفسي للبقره مناسب للتكلم في العلن امام الكل ( علي عكس قصة اتان بلعام التي اوضحت ان المعجزه كانت في ادراك بلعام )

بينما رجل يسوق بقرة له ، قد حمل عليها ، التفتت إليه البقرة فقالت : إني لم أخلق لهذا . ولكني إنما خلقت للحرث . فقال الناس : سبحان الله ! تعجبا وفزعا . أبقرة تكلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإني أومن به وأبو بكر وعمر . قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينا راع في غنمه ، عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة . فطلبه الراعي حتى استنقذها منه . فالتفت إليه الذئب فقال له : من لها يوم السبع ، يوم ليس لها راع غيري ؟ فقال الناس : سبحان الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإني أومن بذلك . أنا وأبو بكر وعمر . وفي رواية : بهذا الإسناد ، قصة الشاة والذئب . ولم يذكر قصة البقرة . وفي رواية : ذكر البقرة والشاة معا . وقالا في حديثهما : فإني أومن به وأبو بكر وعمر وما هما ثم .

الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: مقدمة الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2388

خلاصة الدرجة: صحيح

وقصة الغزاله ايضا تلكت في العام

وقال ابن عمر - رضي الله عنه - : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فأقبل أعرابي ، فلما دنا قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، قال : ومن يشهد على ما تقول ؟ قال : هذه السلمة ، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو بشاطئ الوادي ، فأقبلت تخد الأرض حتى قامت بين يديه ، فاستشهدها ثلاثا ، فشهدت ثلاثا أنه كما قال ، ثم رجعت إلى منبتها .

الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - لصفحة أو الرقم: 5868

خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

هذا بالاضافه الي الديك الاخضر الذي هو تحت العرش والوزغ الذي ينفض النار علي ابراهيم ونملة سليمان وهدهد سليمان وناقة صالح والفار الذي هو مسخ اليهود والقرده الزانيه والقرده والخنازير المسوخ والدعاميص وغيره الكثير جدا من الذي اعتقد انه تخاريف في تخاريف

فالذي اقصده في النقطه الاولي

الاتان نطق بصوته المعتاد ولكن الله اعطي بلعام ان يسمع صوت انسان مصاحب لصوت الاتان وهو صوت مفهوم لبلعام متعود عليه ولم يتعجب منه وهو شئ خاص له وفهم تعبيرات الاتان والمقصود والتوبيخ

النقطه الثانيه

لماذا غضب الرب علي بلعام رغم انه سمح له بالذهاب ؟

وهذا الامر اعتقد سهل جدا توضيحه اولا بمعرفة من هو بلعام و بقراءة الاعداد بترتيب

بلعام

معني كلمة بلعام ليس من الشعب

H1109

בּלעם

bil‛âm

BDB Definition:

Balaam = not of the people

وهو ابن بعور من فتور وهي قرية فيما بين النهرين. وكان نبياً مشهوراً في جيله. والظاهر أنه كان موحّداً يعبد الله, وليس ذلك بعجيب لأنه من وطن ابراهيم الخليل حيث يظن أن أصول تلك العبادة كانت لم تزل معروفة عند أهل تلك البلاد, ما بين النهرين في أيام هذا الرجل.

وقد ذاع صيت هذا النبي بين أهل ذلك الزمان فعلا شأنه وصارت تقصده الناس من جميع أنحاء البلاد ليتنبأ لهم عن أمور متعلقة بهم، أو ليباركهم ويبارك مقتنياتهم وما أشبه. ومما هو جدير بالذكر أن بالاق ملك موآب استدعاه إليه ليلعن شعب اسرائيل, وأما هو فسأل ربه ليلة قدمت عليه رسل موآب, فلم يأذن له. فلما كان الصباح رفض طلب بالاق وإن كان قد ذهب وبارك بني إسرائيل (عد 22: 9- 24: 25). ولكنه دبر وسيلة للإيقاع بهم في شرك عبادة الأصنام. وقد حارب بنو إسرائيل المديانيين وقتل بلعام عدد 31: 8 و16 ويهوذا عدد 31: 8 و16 ويهوذا 11).

ولكن يقول لنا الكتاب انه برغم انه كان نبي بدا يقبل العرافه

سفر يشوع 13: 22

وَبَلْعَامُ بْنُ بَعُورَ الْعَرَّافُ قَتَلَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ مَعَ قَتْلاَهُمْ.

فهو رغم انه كان يعتقد انه نبي الله ولكنه اكمل في ظريق العرافه اي بدا بالروح واكمل بالجسد

رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 3: 3

أَهكَذَا أَنْتُمْ أَغْبِيَاءُ! أَبَعْدَمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمَّلُونَ الآنَ بِالْجَسَدِ؟

وسبب ذلك انه احب المال الذي هو اصل كل شرور

رسالة بطرس الرسول الثانية 2: 15

قَدْ تَرَكُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ بْنِ بَصُورَ الَّذِي أَحَبَّ أُجْرَةَ الإِثْمِ.

رسالة يهوذا 1: 11

وَيْلٌ لَهُمْ! لأَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ قَايِينَ، وَانْصَبُّوا إِلَى ضَلاَلَةِ بَلْعَامَ لأَجْلِ أُجْرَةٍ، وَهَلَكُوا فِي مُشَاجَرَةِ قُورَحَ.

فهم بدؤا يعطوه هذا النوع من المال

22: 7 فانطلق شيوخ مواب و شيوخ مديان و حلوان العرافة في ايديهم و اتوا الى بلعام و كلموه بكلام بالاق

وهو قبله

فهو بسبب بحثه عن المال بدا يعمل اعمال عرافه ويتماشي مع من يتبعون البعل ويذبحون للبعل

سفر العدد

22: 41 و في الصباح اخذ بالاق بلعام و اصعده الى مرتفعات بعل فراى من هناك اقصى الشعب

23: 1 فقال بلعام لبالاق ابن لي ههنا سبعة مذابح و هيئ لي ههنا سبعة ثيران و سبعة كباش

23: 2 ففعل بالاق كما تكلم بلعام و اصعد بالاق و بلعام ثورا و كبشا على كل مذبح

وهذا خلفيه عن بلعام فهو رغم انه عرف الرب جيدا وصوته احب المال وبدا في اعمال العرافه الشريره طلبا للمال

ثانيا سياق الكلام

22: 4 فقال مواب لشيوخ مديان الان يلحس الجمهور كل ما حولنا كما يلحس الثور خضرة الحقل و كان بالاق بن صفور ملكا لمواب في ذلك الزمان

22: 5 فارسل رسلا الى بلعام بن بعور الى فتور التي على النهر في ارض بني شعبه ليدعوه قائلا هوذا شعب قد خرج من مصر هوذا قد غشى وجه الارض و هو مقيم مقابلي

22: 6 فالان تعال و العن لي هذا الشعب لانه اعظم مني لعله يمكننا ان نكسره فاطرده من الارض لاني عرفت ان الذي تباركه مبارك و الذي تلعنه ملعون

22: 7 فانطلق شيوخ مواب و شيوخ مديان و حلوان العرافة في ايديهم و اتوا الى بلعام و كلموه بكلام بالاق

22: 8 فقال لهم بيتوا هنا الليلة فارد عليكم جوابا كما يكلمني الرب فمكث رؤساء مواب عند بلعام

وهو في هذا الامر تصرف جيدا في الظاهر وقد يكون لكي يثبت انه يتعامل مع الرب فتكثر له العطايا لانه يكون مكرم اكثر

22: 9 فاتى الله الى بلعام و قال من هم هؤلاء الرجال الذين عندك

22: 10 فقال بلعام لله بالاق بن صفور ملك مواب قد ارسل الي يقول

22: 11 هوذا الشعب الخارج من مصر قد غشى وجه الارض تعال الان العن لي اياه لعلي اقدر ان احاربه و اطرده

22: 12 فقال الله لبلعام لا تذهب معهم و لا تلعن الشعب لانه مبارك

ولكن بالفعل الله اتي اليه واخبره بان لا يذهب مع هؤلاء الرجال ووضح الرب بانه ذهابه مرفوض ولعن الشعب مرفوض والشعب مبارك

22: 13 فقام بلعام صباحا و قال لرؤساء بالاق انطلقوا الى ارضكم لان الرب ابى ان يسمح لي بالذهاب معكم

واطاع بلعام الرب لانه يعرف ان بسبب الرب هو بدا يتربح من النبوات ولكن في قلبه ليس طاعه كامله فهو اطاع الرب لاجل امور اخري وليس بسبب محبة الرب

22: 14 فقام رؤساء مواب و اتوا الى بالاق و قالوا ابى بلعام ان ياتي معنا

22: 15 فعاد بالاق و ارسل ايضا رؤساء اكثر و اعظم من اولئك

22: 16 فاتوا الى بلعام و قالوا له هكذا قال بالاق بن صفور لا تمتنع من الاتيان الي

22: 17 لاني اكرمك اكراما عظيما و كل ما تقول لي افعله فتعال الان العن لي هذا الشعب

22: 18 فاجاب بلعام و قال لعبيد بالاق و لو اعطاني بالاق ملء بيته فضة و ذهبا لا اقدر ان اتجاوز قول الرب الهي لاعمل صغيرا او كبيرا

ورغم ان كلامه ايضا في ظاهره جيد ولكنه طلب منهم ان يبقوا رغم انه يعرف موقف الرب جيدا فقال

22: 19 فالان امكثوا هنا انتم ايضا هذه الليلة لاعلم ماذا يعود الرب يكلمني به

22: 20 فاتى الله الى بلعام ليلا و قال له ان اتى الرجال ليدعوك فقم اذهب معهم انما تعمل الامر الذي اكلمك به فقط

وهنا الرب اراد ان يكشف شر بلعام ولكنه سيستغل هذا الشر ويحوله الي خير لان رغم ان الرب اعطاه اعلان واضح وامر واضح بعدم الذهاب ولكن بلعام ذادت شهوته بسماع الرساله الاتيه من بالاق بانه سيعطيه ما يريد واكثر

ولهذا سمح الرب لبلعام ان يذهب ولكنه بدا يحيط ذهابه بشروط وهي ان لايتكلم الا بما يقوله الرب له فقط وهنا فرح بلعام جدا لان هدفه قد يتحقق

22: 21 فقام بلعام صباحا و شد على اتانه و انطلق مع رؤساء مواب

وكلمة انطلق اي انه كان متعجل للذهاب الي بالاق لكي ياخذ هذه الثروه

22: 22 فحمي غضب الله لانه منطلق و وقف ملاك الرب في الطريق ليقاومه و هو راكب على اتانه و غلاماه معه

وهنا يوضح العدد سبب حموا غضب الرب هو انطلاق بلعام مسرعا والحافز هو تصورات قلبه بان يذهب ويلعن الشعب وياخذ المال الكثير والهدايا العظيمه فهذا هو استحق عليه العقاب ولكن الرب اجل عقابه جيدا فهو فقط يريد ان يحد من انطلاقه وشهوة قلبه لكي يستخدمه فقط في الهدف الرائع وهو ذكر النبوات المطلوبه فقط والبركه وليس اللعن

وتبدا الاعداد تقول لنا قصة الملاك والاتان

22: 23 فابصرت الاتان ملاك الرب واقفا في الطريق و سيفه مسلول في يده فمالت الاتان عن الطريق و مشت في الحقل فضرب بلعام الاتان ليردها الى الطريق

ونري ان الاتان خرجت من الطريق الذين هم منطلقين فيه ودخلت ببلعام الي الحقل وقد يكونوا هم تركوه لانهم ظنوا انه يريد ان يقضي حاجه او شئ اخر لذلك لا نجد الغلامين ولا رؤساء بالاق معه فهو الان لوحده

فالرب كان يريد تحزيره لوحده وهو يريد ان يعود الي الجمع المنطلق

22: 24 ثم وقف ملاك الرب في خندق للكروم له حائط من هنا و حائط من هناك

وفي محاولته للرجوع الي الطريق وقف له الملاك في خندق

22: 25 فلما ابصرت الاتان ملاك الرب زحمت الحائط و ضغطت رجل بلعام بالحائط فضربها ايضا

22: 26 ثم اجتاز ملاك الرب ايضا و وقف في مكان ضيق حيث ليس سبيل للنكوب يمينا او شمالا

22: 27 فلما ابصرت الاتان ملاك الرب ربضت تحت بلعام فحمي غضب بلعام و ضرب الاتان بالقضيب

22: 28 ففتح الرب فم الاتان فقالت لبلعام ماذا صنعت بك حتى ضربتني الان ثلاث دفعات

وهنا حدث الامر الاعجازي ونطقت الاتان وفهم بلعام كلامها وعاتبته علي ضربه لها ثلاث مرات

22: 29 فقال بلعام للاتان لانك ازدريت بي لو كان في يدي سيف لكنت الان قد قتلتك

وهنا يكشف بلعام ان من استعجاله للذهاب كان علي استعداد ان يضحي باتانه وبالطبع الرؤساء سيعطوه افضل منها ليذهب الي بالاق وهني نري شهوته للمال مشتعله جدا حتي انه لا يبصر شئ

22: 30 فقالت الاتان لبلعام الست انا اتانك التي ركبت عليها منذ وجودك الى هذا اليوم هل تعودت ان افعل بك هكذا فقال لا

22: 31 ثم كشف الرب عن عيني بلعام فابصر ملاك الرب واقفا في الطريق و سيفه مسلول في يده فخر ساجدا على وجهه

وهنا فتح الرب عينه بعد ان فتح اذانه فرائ الملاك وسيفه فخاف وخر وسجد

22: 32 فقال له ملاك الرب لماذا ضربت اتانك الان ثلاث دفعات هانذا قد خرجت للمقاومة لان الطريق ورطة امامي

اي ان الطريق غير مسموح لبلعام ان يعبر فيه بدون ان يتكلم مع الملاك اولا وهو من شهوته للمال اعميت عينه عن رؤية الملاك

22: 33 فابصرتني الاتان و مالت من قدامي الان ثلاث دفعات و لو لم تمل من قدامي لكنت الان قد قتلتك و استبقيتها

22: 34 فقال بلعام لملاك الرب اخطات اني لم اعلم انك واقف تلقائي في الطريق و الان ان قبح في عينيك فاني ارجع

وهنا ادرك بلعام ان شهوت قلبه للمال قد تقوده الي الهلاك فبدا يعقل في قلبه وبالفعل اظهر استعداده للرجوع رغم ان الملاك لم يقل له هذا فهو يعلم ان الرب لا يريده ان يذهب وطالما هو قرر الذهاب فالرب سمح له بشرط ان لا يتكلم الا بما يقوله له الرب فقط

22: 35 فقال ملاك الرب لبلعام اذهب مع الرجال و انما تتكلم بالكلام الذي اكلمك به فقط فانطلق بلعام مع رؤساء بالاق

وهنا نري تحزير نهائي له بان يقاوم هذه الشهوه ويتكلم بكلام الرب فقط ولكن التحزير هذه المره كان بطريقه مخيفه بها تهديد بقتله لو خالف ولهذا هو ذهب وبالفعل سمع الي كلام الرب وقال النبوات الرائعه بقوه ورفض ان ياخذ شئ في الاول من بالاق وكان يتكلم مع بالاق بغضب ولكنه اخطا في النهاية بانه اخبر بالاق بان يلقي معثره اما شعب اسرائيل لكي يفارقه الرب فينتصر عليهم بالاق

سفر العدد 31: 16

إِنَّ هؤُلاَءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، حَسَبَ كَلاَمِ بَلْعَامَ، سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ، فَكَانَ الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.

سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 14

وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ: أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا.

ونلاحظ ان الاعداد تصفه بالخائن الي الرب فهو بدا اولا بسبب شهوة المال واكمل بخطية الاعتراض علي كلام الرب وكرهه لشعب اسرائيل لان الرب احب اسرائيل فخان الرب وشعب اسرائيل وهو يشبه بهذا يهوذا الخائن

فهو قال النبوات ولكنه اخطا بعد كل هذه التحزيرات فكان عقابه ان قتل في الحرب

سفر العدد 31: 8

وَمُلُوكُ مِدْيَانَ قَتَلُوهُمْ فَوْقَ قَتْلاَهُمْ: أَوِيَ وَرَاقِمَ وَصُورَ وَحُورَ وَرَابعَ. خَمْسَةَ مُلُوكِ مِدْيَانَ. وَبَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ قَتَلُوهُ بِالسَّيْفِ.

فايضا ملخص النقطه الثانيه ان بلعام يعرف ارادة الله بان لا يذهب ولكن اصراره علي الذهاب فسمح له الله بالذهاب علي ان لا يتكلم الا بكلام الرب ولكنه انطلق مسرعا ليقول ما يرضي بالاق فلهذا ظهر الملاك ليمنعه من الانطلاق بسرعه ولكن يذهب بعد ان حذره بالقتل لو خالف كلام الرب ولهذا فهو من خوفه من الرب قال النبوات ولم يخفها

ولتاكيد ان لا ارفض الراي القائل بان الاتان هو الذي نطق بكلمات البشر وليس بصوت والرب جعله مصحوب بصوت البشر اضع الرد الذي قدم في

مشكاة الطلاب لحل مشاكل الكتابواخيرا المعني الروحي

ونلاحظ ان القصه مليئه بالرموز الرائعه جدا ولكن ساكون مختصرا

فبلعام رمز الكتبه والفريسيين الذين يعرفوا النبوات ولكنهم احبوا المال اكثر من الله ولذلك رفضوه وصلبوه ويرمز ايضا ليهوذا

الاتان رمز للاممين الذين تعودوا علي الاحمال الثقيله وعبودية ابليس و لم يعرفوا الله ولم يسمعوا صوته كثيرا ولكنهم في النهاية ابصروه

بالاق بالشيطان الذي يستخدم المال مره في الاغراء ومره الزني ويغير اسلوبه ولا ييئس

من تفسير ابونا تادرس يعقوب

ظهور الله لبلعام:

إذ وصل الرسل طلب منهم بلعام أن يبيتوا عنده حتى يستشير الرب ويجاوبهم "فأتى الله إلى بلعام... فقال الله لبلعام لا تذهب معهم ولا تلعن الشعب لأنه مبارك" [9، 12].

هنا يقف الكثيرون في حيرة من الذي جاء لبلعام وتحدَّث معه بكلمة الحق، هل الله حقًا أم ألزم الله آلهة بلعام أن تنطق بالحق حتى ولو بغير إرادتها؟

قبل أن ندخل في المناقشات أود أن أوضح أنما قد أعلن لبلعام هو كلمة حق، سواء كان المتحدث الله نفسه مباشرة أو عن طريق الروح الذي يتصل به بلعام. فإن الله أراد أن يعلن ويكشف رعايته، لهذا فإن الأمر صدر من قِبَل الله، دون اعتبار للوسيلة. لقد رأى كثير من الآباء أن المتحدث غالبًا ما كان إله بلعام نفسه وليس الله الحق، لكن الله استخدمه، من هولاء العلامة أوريجينوس والقدِّيسين باسيليوس وإمبروسيوس وإغريغوريوس أسقف نيصص.

يقول القدِّيس إغريغوريوس النيصي: [أيضًا بلعام بكونه عرافًا وراءٍ يشتغل في العِرافة جلب تعليم الشياطين وعِرافة السحر، فقيل عنه في الكتاب أنه نال مشورة من الله[204]]، إذ هو حسب هذا إلهه. ويقول القدِّيس إمبروسيوس: [اذكر ماذا حمل بلعام ضدك طالبًا معونة فن السحر ولكنني ألزمته ألاَّ يضرك[205]]. ويقول القدِّيس باسيليوس: [بلعام أيضًا عراف وراءٍ، إذ صارت الأقوال بين يديه عندما أخذ تعاليم من الشياطين بفنون العِرافة وصفه الكتاب المقدس أنه أخذ مشورة من الله[206]]. ويكمل القدِّيس موضحًا أن الكتاب المقدس يتحدث عن الناس بسبب الألفاظ الدارجة لهذا يسمي الأصنام آلهة. أما العلامة أوريجينوس فتحدَّث في هذا الأمر بشيء من التوسع أحاول إيجازه هنا في الأسطر التالية:

يرى العلامة أوريجينوس[207] أنه حينما يكتب اسم الرب أو الله في العبريّة "يهوه" فإنه يقصد به الله الحق ذاته، أما إذا كتبت بغير هذا التعبير فتأخذ الاحتمالين. فقد قال الرسول بولس: "لأنه وإن وجد ما يسمى آلهة سواء كان في السماء أو على الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون، لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له، ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به" (1 كو 8: 5-6)... لهذا يتشكك أوريجينوس في ظهور الله نفسه لبلعام بكونه لم يذكر "يهوه". هذا وفي الكلمات: "لا تذهب معهم ولا تلعن الشعب لأنه مبارك" [12]، لماذا لم يقل لا تلعن شعبي؟ في كل الأحاديث الطويلة التي تحدَّث بها الرب مع بلعام لم يذكر قط هذا التعبير "شعبي"!!!

على أي الأحوال، فإن الأمر صدر من قِبَل الله نفسه ألاَّ يلعن بلعام شعب الله، سواء جاء عن طريقه مباشرة أو ألزم آلهته أن تنطق بذلك، إنها رعاية الله الفائقة بأولاده.

تكرار الدعوة له:

إذ رفض بلعام أن يذهب مع رسل بالاق، عاد فأرسل إليه أناسًا أعظم "رؤساء موآب" [14]، وأغراه بالمال قائلاً له: "لأني أكرمك إكرامًا عظيمًا وكل ما تقول لي أفعله. فتعال إلعن لي هذا الشعب" [18]. لقد أجاب في حزم "ولو أعطاني بالاق ملء بيته فضة وذهبًا لا أقدر أن أتجاوز قول الرب إلهي لأعمل صغيرًا أو كبيرًا" [18]. إنها إجابة قاطعة وقويّة توبخ المؤمنين، وكما يقول السيد المسيح أن أبناء هذا الدهر صاروا أحكم من أبناء الملكوت لقد سجلها الوحي الإلهي لتوبيخنا، كما وبخ الله يونان النبي بواسطة رجل وثني، إذ قال له: "مالك نائمًا. قم اصرخ إلى إلهك عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك" (يون 1: 6).

مع هذه الإجابة القويّة مال قلبه نحو المكافأة الأرضيّة فعِوَض أن يرد عليهم بما أخبره الرب أولاً سألهم ان يمكثوا ليلة ليسمع صوت الرب ثانية، وكأنه كان يأمل أن يغيِّر رأيه، لهذا سمح له الرب بالنزول حسب سؤل قلبه. كثيرًا ما يستجيب الله لنا حسب انحراف قلبنا إن أصررنا على طلبتنا. يعلق العلامة أوريجينوس على تصرف بلعام هذا قائلاً: [إنه يريد أن يسمع، فإن الإنسان الجشع لا يستطيع أن يرفض المنفعة بسهولة. فإنه ماذا يسمع من الله في هذه المرة؟ "إن أتى الرجال ليدعوك فقم اذهب معهم" [20]. لقد تركه الرب لرغبته الخاصة لكي ما يستفيد، فيتحقق فيه ما كتب: "سلمتهم إلى قساوة قلوبهم ليسلكوا في مؤامرات أنفسهم" (مز 81: 12). وفي نفس الوقت تكمل خطة الإرادة الإلهيّة... إذ كانت شهوة المنفعة الماديّة تسود على قلبه لهذا لم توضع كلمة الله في قلبه إنما في فمه. عجيبة هي كلمة الله وعظيمة، فإنه إذ لا يمكن أن تصل إلى الأمم النبوات الخاصة داخل إطار إسرائيل، لهذا استخدم الله بلعام الذي كان الأمم يثقون فيه، لكي يعرفوا أسرار المسيح المخفيّة ويقدم لهم كنزًا ثمينًا، لا خلال القلب والروح بل بالأكثر خلال الفم والكلام[208]].

بلعام في الطريق:

تكلَّم الرب مع بلعام حسب اشتياق قلبه المنحرف نحو المادة، أو كما قال على لسان حزقيال النبي: "الذي يصعد أصنامه إلى قلبه ويضع معثرة إثمه تلقاء وجهه ثم يأتي إلى النبي فأنا الرب أجيبه حسب كثرة أصنامه" (حز 14: 4). لقد أمره بالذهاب مع الرجال "رؤساء موآب"، وإذ تمم بلعام الأمر "حمي غضب الله لأنه منطلق، ووقف ملاك الرب في الطريق ليقاومه وهو راكب أتانه وغلاماه معه، فأبصرت الأتان ملاك الرب واقفًا في الطريق وسيفه مسلول في يده، فمالت الأتان عن الطريق ومشت في الحقل، فضرب بلعام الأتان ليردها إلى الطريق" [22-23].

حادثة بلعام وحماره الذي نطق موبخًا إياه فريدة وعجيبة، أما سرّ استخدام الله هذا الحيوان الأعجم لتوبيخ بلعام فله معانٍ كثيرة:

أولاً: يقول العلامة أوريجينوس: [فتح الرب فم الأتان (28) حتى تصير الأتان ديانًا له، بصوت الحيوان الأعجم يخزى من كان يظن في نفسه أنه إله وحكيم[209]].

ثانيًا: لما فتح الرب فم الأتان فقالت لبلعام: "ماذا صنعت بك حتى ضربتني الآن ثلاث دفعات؟" [28]. لم يظهر بلعام أي علامة اندهاش بل أجاب: "لأنك ازدريت بي، لو كان في يدي سيف لكنت الآن قد قتلتك" [29]. ودخل معها في حوار ذلك لأن بلعام كعرَّاف اعتاد أن يتحدث مع الطيور والحيوانات العجماوات، لهذا وبخه الرب بذات الوسيلة التي اعتادها في سحره وعِرافته. يقول القدِّيس إغريغوريوس أسقف نيصص: [يقدم لنا التاريخ شهادة عن العِرافة بملاحظة الطيور حينما تقول عن الشخص المشار إليه أنه يملك قوة العِرافة ويتقبل مشورة من الطير... مثل هذا يتعلم أمورًا خلال ما اعتاد عليه، وذلك بواسطة نهيق حماره. فقد اعتاد أن يقبل المشورة بأصوات حيوانات غير عاقلة تحت تأثير شيطاني، لذا وصف الكتاب المقدس بوضوح ما نطق به الحمار. بهذا الطريق أظهر الكتاب أنهم عِوَض التعقل قبلوا التعليم خلال الحيوانات غير العاقلة. بانتباهه إلى الحمار تعلم عن الأمور التي خدعته وعرف أن قوة الذين استؤجر ضدهم لن تقهر[210]].

ثالثًا: حملت القصة مفاهيم رمزيّة، فإن الملاك الذي ظهر للأتان يشير إلى ملاك الرب الذي كان يسير أمام شعبه (خر 32: 34)، هذا الذي رأته الأتان ولم يقدر بلعام أن يراه. أما الأتان- فكما يرى العلامة أوريجينوس[211]- تشير إلى الكنيسة البسيطة التي كانت قبلاً حاملة بلعام الذي يعني "شعب باطل". لقد حملت قبلاً كل ما هو باطل، لكن السيد المسيح أرسل إليها تلميذيه يحلانها ويأتيان إليه بها فيركبها (مر 11: 2). لقد حلها التلاميذ من الرباطات لكي يصعد الرب عليها ويدخل بها إلى المدينة المقدسة، أورشليم السمائيّة (عب 12: 22). بهذا تحقق قول النبي: "ابتهجي جدًا يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك، هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان" (زك 9: 9).

ماذا فعلت الأتان؟ "فلما أبصرت الأتان ملاك الرب زحمت الحائط وضغطت رجل بلعام بالحائط فضربها أيضًا" [25]. إذ يظهر لها الحق لا تطيق بلعام بل تدخل به في الطريق الضيق وتضغط على رجليه فلا يقدر بعد أن يمشي ولا أن يمتطيها بل يتركها لكي يصعد السيد ويملك في كنيسته.

والمجد لله دائما - د غالى