أشعل سحب الجنسية الكويتية من الداعية طارق السويدان حالة كبيرة من الجدل، إذ يعد السويدان أحد أبرز الوجوه الإسلامية التي لعبت أدوارًا مؤثرة في الخطاب الحركي والدعوي خلال العقدين الماضيين.
والسؤال الأكثر تداولًا حتى الآن: هل يكتب القرار نهاية نفوذ الإسلاميين في الخليج؟
موقف العرب من الإسلاميين في الوقت الحالي
يقول سامح عسكر، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية: إن الدول العربية باستثناء قطر تتجه نحو إعادة هيكلة حضور الإسلاميين في المشهد العام، سواء كانوا رموزًا دعوية أو قيادات فكرية لعبت دورًا تحريضيًا في لحظات سياسية حرجة.
وأشار إلى أن السويدان كان من الأصوات التي ساهمت في تعميق الانقسام الطائفي خلال الأزمة السورية، إلى جانب مواقفه الحادة تجاه الدولة المصرية.
واختتم عسكر مؤكدًا أن السنوات الماضية كشفت حجم التأثير السلبي لتيارات الإسلام السياسي على التماسك الاجتماعي، وهو ما دفع عددًا من الدول إلى تبني ما وصفه بـ مرحلة الإفاقة الجزئية من إرث الجماعات بهدف بناء بيئة سياسية تقوم على التسامح وتبتعد عن التوظيف السياسي للدين.
تداعيات سحب الجنسية الكويتية من طارق السويدان
ويأتي قرار سحب الجنسية من طارق السويدان في وقت تتعرض فيه التيارات الإسلامية عمومًا إلى إعادة فرز تاريخي، يمتد من مصر إلى تونس والمغرب والسودان نهاية بالخليج، وحتى الدول التي سمحت بهوامش واسعة للحركات الدينية خلال العقد الأول من القرن الحالي، باتت اليوم تتعامل مع هذه الجماعات بكثير من الحذر، مدفوعة بتجارب انتهت إلى صدامات أهلية وتراجع اقتصادي وتفكك مجتمعي.
ويرى مراقبون أن الخطوة الكويتية هي جزء من موجة أوسع تنظر فيها الحكومات إلى الإسلاميين باعتبارهم ملفًا مؤجلًا، آن أوان حسمه عبر التشريعات والقيود القانونية وإعادة تشكيل المجال الديني الرسمي.
وحسب خبراء،فإن طارق السويدان، لم يكن مجرد داعية إعلامي؛ بل كان لاعبًا محوريًا في هندسة الخطاب الإسلامي، عبر الدورات التدريبية التي استهدفت الشباب، ومنصاته الإعلامية التي شكلت قاعدة واسعة داخل الخليج وخارجه، وارتبط اسمه بقوة بمشروع الإسلام السياسي بعد 2011، ثم عاد ليتراجع عن دعمه نتيجة تبدل المشهد الإقليمي والضغوط الأمنية.
وسحب الجنسية منه الآن يعكس قناعة رسمية بأن رموز الإسلاميين ـ حتى المعتدلين منهم ـ لم يعودوا يمثلون امتدادًا يتوافق مع متطلبات المرحلة، لا في الكويت ولا في كثير من الدول العربية التي لجأت إلى تقييد نفوذهم أو إقصائهم من ساحات التأثير
ويرى البعض أن الخطوة الكويتية قد تكون مؤشرًا على مرحلة جديدة من العلاقة بين الدولة العربية والتيارات الدينية، عنوانها الرئيسي فصل المجال السياسي عن التأثير الدعوي، وهي المرحلة التي بدأت تدريجيًا منذ 2014 لكنها تبلغ اليوم مستويات أوضح وأكثر صرامة.
ويرجح محللون أن تواصل دول الخليج بدرجات متفاوتة إعادة تقييم حضور الإسلاميين في الجمعيات، والمؤسسات الدعوية، والمنابر الإعلامية، في إطار سياسة تستهدف تثبيت نموذج الاستقرار السياسي وتعزيز خطاب المواطنة والتسامح.



