تحدَّثت فى المقالة السابقة عن أندراوس الرسول تلميذ السيد المسيح الذى بشَّر فى منطقة شمال العراق، والقسطنطينية، وروسيا، واليونان حيث استُشهِد هناك مصلوبًا. كما ذكرنا التلميذين يعقوب بن زبدي ويوحنا أخاه واللذين يعتبران من الثلاثة

المقربين من السيد المسيح؛ وقد بشَّر يعقوب الرسول فى إسبانيا واستُشهِد بيد هيرودس الملك ليصبح أول من استُشهِد من التلاميذ؛ بينما ظل يوحنا الحبيب فى أورشليم حتى نياحة السيدة العذراء، ثم بشَّر فى أفسس إلى أن نُفِى فى جزيرة بطمس حتى تنيَّح.
فيلبس الرسول
فيلبس اسم يونانى الأصل ومعناه محب الخيل أو صديق الخيل؛ وقد دعاه السيد المسيح ليتبعه: فِى الْغَدِ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجَلِيلِ، فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ:
اتْبَعْنِى(يو1: 43). هو من مدينة بيت صيدا كما ذكر الكتاب: وَكَانَ فِيلُبُّسُ مِنْ بَيْتِ صَيْدَا، مِنْ مَدِينَةِ أَنْدَرَاوُسَ وَبُطْرُسَ (يو1: 44). درس فيلبس الرسول التوراة وكان من الذين
ينتظرون مجىء المسيا، وهو من دعا نثنائيل ليلتقى مع السيد المسيح؛ وهو أيضًا من قدَّم اليهود اليونانيين الذين أرادوا رؤية السيد المسيح مع أندراوس إلى السيد المسيح. بشَّر فى إيران وتركيا
والشيشان، واستُشهِد فى تركيا مصلوبًا مُنكَّس الرأس فى 18 هاتور (27 نوڤمبر)؛ ويُذكَر أنه فى وقت استشهاده حدث زلزال عظيم وهرب صالبوه، فأراد المؤمنون أن ينقذوه من الموت، إلا أنه رفض وأراد الاستشهاد على اسم السيد المسيح.
برثلماوس الرسول
برثلماوس هو نثنائيل؛ نثنائيل هو الاسم الشخصى للتلميذ، بينما برثلماوس هو لقب العائلة. نثنائيل اسم عبرى ويعنى هبة الله أو الله أعطى. وكما ذكرنا، فإن فيلبس هو من دعا نثنائيل ليرى السيد المسيح: فِيلُبُّسُ
وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: وَجَدْنَا الَّذِى كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِى النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِى مِنَ النَّاصِرَةِ. فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: أَمِنَ
النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟ قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: تَعَالَ وَانْظُرْ. وَرَأَى يَسُوعُ نَثَنَائِيلَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ عَنْهُ: هُوَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ حَقًّا لاَ غِشَّ
فِيهِ. قَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُنِى؟ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: قَبْلَ أَنْ دَعَاكَ فِيلُبُّسُ وَأَنْتَ تَحْتَ التِّينَةِ، رَأَيْتُكَ. أَجَابَ نَثَنَائِيلُ وَقَالَ لَهُ: يَا
مُعَلِّمُ، أَنْتَ ابْنُ اللهِ! أَنْتَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ! أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: هَلْ آمَنْتَ لأَنِّى قُلْتُ لَكَ إِنِّى رَأَيْتُكَ تَحْتَ التِّينَةِ؟ سَوْفَ تَرَى أَعْظَمَ مِنْ هذَا!(يو1: 45 - 50).
ونثنائيل من مدينة قانا وتعلَّم حرفة الصيد. بشَّر نثنائيل التلميذ فى اليمن؛ وقد ذكر بعض المؤرخين أن القديس بشَّر فى الهند؛ كما بشَّر فى أرمينيا وخدمها قرابة 16 عامًا. ويُعتَبَر شفيع البلاد هناك، وقد استُشهِد بها فى 1 توت (11 سبتمبر).
توما الرسول
توما هو اسم يعنى توأم باللغة الآرامية: أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِى يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ(يو20: 24)؛ وهو مشتق من الاسم توماس. وُلِد توما بالجليل وكان يعمل فى حرفة الصيد. وقد اختاره السيد
المسيح ليكون من ضمن تلاميذه الاثنى عشر. وقد أظهر محبته لـالسيد المسيح حين أراد السيد المسيح أن يذهب ليقيم لعازر من الموت، وكان التلاميذ يعلمون أن اليهود يعدون العدة لقتل السيد المسيح فقال توما: لِنَذْهَبْ
نَحْنُ أَيْضًا لِكَيْ نَمُوتَ مَعَهُ!(يو11: 16). وبعد القيامة، ظهر السيد المسيح لتلاميذه ولم يكن توما معهم؛ وحين أخبروه قال إنه لن يؤمن إن لم يبصر أثر المسامير ويضع يده فى جنبه، فظهر لهم السيد المسيح مرة ثانية
وكان توما معهم: ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَىّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِى جَنْبِى، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا. أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: رَبِّى
وَإِلهِى! قَالَ لَهُ يَسُوعُ: لأَنَّكَ رَأَيْتَنِى يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا (يو20: 27 - 29)، كما رأى توما جسد السيدة العذراء مريم والملائكة تحمله إلى السماء بعد نياحتها، وأخبر التلاميذ بذلك.
بشَّر القديس توما فى اليهودية والعراق وفى بلاد الحبشة وفى الهند؛ حيث قضى بها وقتًا طويلاً، ويُعتَبَر توما الرسول هو شفيع الهند؛ حيث استُشهِد بها فى 26 بشنس (3 يونيو).
وللحديث بقية. والحديث فى مصر الحلوة لا ينتهى!
* الأسقف العام
رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى