القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

انتصار أكتوبر.. عبقرية مصرية.. براعة الجندى .. بقلم الأنبا إرميا

بقلم الأنبا إرميا

أهنئ المِصريين جميعًا بالعيد التاسع والأربعين لانتصارات أكتوبر المجيد، الذى تمر بنا ذكراه غدًا. ونصلى إلى الله أن يحفظ بلادنا مِصر بكل أمن وسلام، ويبارك شعبها الأصيل بكل الخير والبركات، ويحفظ العالم فى أمن وسلام.

انتصار أكتوبر.. عبقرية مصرية.. براعة الجندى .. بقلم  الأنبا إرميا

لقد كانت حرب أكتوبر علامة فارقة، لا على صفحات التاريخ المِصرى فقط، بل العالمى، فقد ذكر السياسى الفرنسى Pierre Messmer الذى شغل منصب رئيس الوزراء فى 1972 م: دخل العالم، نتيجة حرب أكتوبر، فى مرحلة اقتصادية جديدة، ولن تعود أحوال العالم إلى

سابق عهدها قبل هذه الحرب. لقد أظهرت حرب أكتوبر براعة الفكر المِصرى فى قدرته على تخطى الصعاب والمستحيل، وبسالة الجندى المِصرى فى دفاعه عن وطنه، وصمود المواطن المِصرى وعمله الدؤوب فى الوقوف خلف قياداته وجيشه العظيم من أجل تحرير الوطن.

اقرأ المزيد ..

عبقرية مصرية

يقول المؤرخ العسكرى الأمريكى Trevor N. Dupuy، رئيس مؤسسة هيرو للتقييم العلمى للمعارك التاريخية بواشنطن: إن كفاءة الاحتراف فى التخطيط والأداء، التى كانت بها عملية العبور، لم يكُن

ممكنًا لأى جيش آخر فى العالم أن يفعل ما هو أفضل منها. ولقد كانت نتيجة هذا العمل الدقيق من جانب أركان الحرب، وبالأخص عنصر المفاجأة التى تحققت، هى ذلك النجاح الملاحظ فى عبور قناة

السويس على جبهة عريضة. لقد كان الفكر المِصرى العسكرى - كعادته - على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه. ووضع الجميع إمكاناتهم ومواهبهم من أجل تحقيق النصر، فنجد براعة التخطيط المِصرى،

وأبطالا استطاعوا أن يحطموا بالفكر والعمل أسطورة خط بارليف الذى لا يُقهر والجيش الذى لا يُهزم، حتى شهِد له الجانب الإسرائيلى، فيقول موشى ديان: لقد كانت لى نظرية: هى أن إقامة الجسور

ستستغرق منهم طوال الليل، وأننا نستطيع منع هذا بمدرعاتنا، لكن تبين لنا أن منعهم ليس مسألة سهلة، وقد كلفَنا جهدُنا لإرسال الدبابات إلى جبهة القتال ثمنًا غاليًا جدًّا، ولم نتوقع ذلك مطلقًا.

بسالة مِصرية

لم تتوقف الملحمة المِصرية عند خطوة التخطيط فقط، بل جاءت دقة العمل مع براعة الجندى المِصرى وبسالته التى بَهَرت العالم بأسره حتى الأعداء! فأذكر كلمات شلومو بنائى قائد سرية

مدرعات عندما وصف: مساء السبت السادس من أكتوبر، وصلنا إلى القنطرة وواجهنا قوات من سلاح المشاة المِصرى، وبدأنا المعركة، وتفرقت الكتيبة وأصبحنا أزواجًا وفُرادى، وتقلص عدد

الدبابات بدرجة كبيرة حيث إن الكتيبة التى ذهبت إلى الحرب ترافقها 44 دبابة لم يبقَ منها إلا 14 دبابة!!.. إن حرب أكتوبر أكبر حرب وأخطر حرب شاركت فيها. أما القائد العسكرى الإسرائيلى

شموئيل غونين فيقول: الجندى المِصرى يتقدم فى موجات تلو موجات، وكنا نطلق عليه النار وهو يتقدم! ونُحيل ما حوله إلى جحيم ويظل يتقدم!! وكان لون القناة قانيًا بلون الدم!!! ورغم ذلك ظل يتقدم!!!.

أما القوات الجوية فقد قيل بشأنها: إن القوات الجوية المِصرية قد ظهرت على مستوى عالٍ بصورة لم تكن متوقعة على الإطلاق.. حيث أظهر الطيارون المِصريون أنهم لا يفتقرون إلى الجسارة والإقدام، كما أظهرت الأطقم الأرضية العربية قدرتها العليا على

التشغيل والإدارة لأسراب طيران حديثة مثل ميج- 21 تحت ظروف القتال الصعبة. ومما لا شك فيه أن البطولات المِصرية التى شهِد لها العالم نبعت من محبة المِصريين لبلادهم، هذه المحبة التى تتجلى على مر العصور حتى اليوم ونحن نبنى الجمهورية الجديدة.

اقرأ أيضا..

عزيمة مِصرية

لقد تجلى فى حرب أكتوبر معنى الالتحام الشعبى بالجيش، الالتحام الذى تحدى كل الصعاب من أجل العبور بالبلاد إلى النصر الذى يعيد لها كرامتها ومكانتها وحرية أراضيها، فمحبة الوطن

جمعت أبناءه من كل صوب وجهة ليتحدوا معًا من أجل رفعته، وهذه هى الحال فى كل أزمة تمر بـمِصر المحروسة على مر تاريخها. لقد وضع جنودنا البواسل وقياداتهم بمساندة الشعب وتأييده

هدفًا واحدًا صوب أعينهم، وظلوا يعملون لتحقيقه سنوات، على أسس علمية دقيقة، بكل أمانة ودقة وإخلاص، وحب لهذا البلد العظيم الأصيل. وهكذا بالفكر والعمل على قلب رجل واحد تحقق النصر.

وفى ذكرى النصر أتقدم بتحية تقدير إلى كل من شارك فى تلك الحرب العظيمة، إلى كل رجال القوات المسلحة فى ذكرى انتصاراتهم، إلى كل أسر شهداء الوطن الأبرار الذين لا يضنون بأرواحهم من أجل سلامة الوطن وأمنه، كما أقدم تهنئتى بذكرى انتصارات أكتوبر إلى كل مِصرى شارك فى تحقيق النصر، إلى كل مِصرى يعمل من أجل بناء الوطن. و... والحديث فى مِصر الحلوة لا ينتهى!.

* الأسقف العام

رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى

الأنبا إرميا - المصرى اليوم
06 اكتوبر 2022 |