القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

دروس فى الحكمة .. بقلم حمدي رزق

بقلم حمدي رزق

سلسلة عظات البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، تحت عنوان: دروس فى الحكمة، والتى تحتضنها كنيسة التجلى بمركز لوجوس بالمقر البابوى بدير القديس الأنبا بيشوى بوادى النطرون، دون حضور شعبى، جديرة بالحضور، لولا متحورات كورونا المهيمنة على الأجواء.

دروس فى الحكمة  .. بقلم حمدي رزق

وجديرة بالتوقُّف والتبيُّن، توقفًا أمام دروس قداسته التى قصد بها تثقيف شباب الكنيسة والوطن بما يُمليه الواجب الوطنى عليهم، من إخلاص وتضحية وفداء، دروس (رغم صبغتها الدينية) تفيض بالوطنية الحقة التى لا زيف فيها ولا رياء، جُبِل البابا تواضروس على محبة الوطن، والصلاة من أجل سلامته ورقيه وتقدمه بين الأمم.

البابا مفطور على حب مصر، تسرى مصر فى روحه ودمه، وكلما سنحت الفرصة تغزَّل فى قَسَمات شعبها، يراهم بأعين مبصرة للجمال المستبطن فى دواخلهم، وكما قال الإمام الشافعى: وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ.. وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدى المَساوِيا..، وَعَينُ الرِضا، عين البابا راضية تمامًا.. وحامد وشاكر فى السرّاء والضرّاء وحين البأس.

وتبيُّنًا لمغزى درسه الأخير، يقول فى موجز: لدينا مَن يقولون على الشر خير والظلمة نور، وهكذا يعكسون الحقائق ويعيشون فى دائرة الشر بكل صوره، لذلك الإنسان لا يمكن أن يكون ناطقًا بالحق إذا عاش بهذه الأساسيات.

مَسَّ قداسته عَرَضًا مرضيًا مزمنًا استولى على البعض فى غيابة الجُبّ النفسى، فطفقوا يعمهون فى الشر، وانحرفوا وانجرفوا عن الطريق القويم، فصاروا صُمًّا بُكْمًا

عُمْيًا فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ إلى الحق، ويدورون فى دائرة الشر، فصاروا أشرارًا يعكسون الحقائق، يقولون على الشر خيرًا، فى خلط وتخليط، وعلى الظلمة الحالكة نورًا، وهم

لا يرون أكُفَّهم من فرط ظلمة أنفسهم، ولكنهم يفترون، ويمعنون فى الشر، وكم من ديك صدّق أن الشمس تشرق بصياحه، والعبارة من مأثورات الروائى والشاعر الألمانى الشهير تيودور فونتانى.

حكمة البابا فى درس الأربعاء الماضى أن ما يمكن أن نسميه قلب الحقائق وتغييب الوعى والضلال والإضلال والتضليل، الذى بات مرضًا اجتماعيًا عضالًا، يستوجب التعاطى معه بالحقائق حتى لا يستشرى شره بين الناس، وكما قال الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه: سيأتى عليكم من بعدى زمان، ليس فيه شىء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب.

هذا ما نعيشه الآن، ووقف عليه البابا تواضروس محذرًا، مثل هؤلاء الضلالية المُضِلِّين (من الضلال).. اجتنبوهم بقدر الإمكان، وتجنبوهم فى طرقات الحياة تمامًا.

نعم، مثل هذا الضلالى لا يمكن أن يكون ناطقًا بالحق، إذ عاش ينكر الحق ويوسد الباطل، مثله كمثل مَن خصهم سبحانه فى آياته ناهيًا: وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (البقرة: 42).

دائرة الشر التى يتحدث عنها البابا فى عظته تتسع، وهى فى قرارها عميقة وتلفها دوامات غريقة، مَن دخلها ضاع، ابتلعته الظلمة، فطفق يتخبط فى حوائط الشيطان، ولن يخرج أبدًا سليمًا، فأعرِضوا عن أهل الشر..

وفى هذا نقرأ فى الإنجيل وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ أَنْ تُلَاحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ، خِلَافًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِى تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ. (رومية 17:16).

حمدي رزق - المصرى اليوم
05 ديسمبر 2021 |