القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

القانون لا يعرف الاغتصاب الزوجى (1) .. بقلم سحر الجعارة

بقلم سحر الجعارة

أحياناً يُفضل الكاتب ألا يبوح برأيه فى جدل يشغل المجتمع إلا بعدما يستعرض بعض الآراء المهمة، خاصة إذا كانت القضية المثيرة للجدل تقف على أرضية دينية، إنها قضية الاغتصاب الزوجى أو

القانون لا يعرف الاغتصاب الزوجى (1) .. بقلم سحر الجعارة

المعركة الحامية الدائرة بين عدد من الدعاة المعروفين على السوشيال ميديا وصفحات الجرائد يتراشقون فيها باتهامات وفتاوى وأحكام شرعية.. يقول فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ

الأزهر، إن عقد الزواج فى الإسلام عقد شرعى، وليس عقداً مدنياً.. ويترتب عليه عدة حقوق منها حقوق مشتركة بين الزوجين، مثل حق حل العشرة الزوجية، أو ما يسميه الفقهاء حل الاستمتاع، وحق العشرة الحسنة.

وأوضح شيخ الأزهر أن العادات والتقاليد الخاطئة أصبحت تُقصر حق الاستمتاع على الزوج متى ما أراد، وتحرم الزوجة من هذا الحق، لكن الشرع كما أعطى هذا الحق للرجل وكلف المرأة بتلبيته، أعطاه أيضاً للزوجة وعلى الزوج تلبيته، ويكون ذلك فى دائرة الاستطاعة أو القدرة البشرية، وهذا معنى قوله تعالى هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ.

كلام شيخ الأزهر واضح أن تلبية رغبة الزوج أو الزوجة فى المعاشرة الزوجية مرهونة بـالاستطاعة والقدرة البشرية.. لم يقل لنا الإمام الأكبر إن الاستمتاع مقصور على الزوج ومن حقه أن يأخذه عنوة!.. ولا قال إن الشرع يسمح بسوء المعاشرة تحت أى بند.

فى المقابل يقول عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، وعضو هيئة الفتوى المعين بقرار من شيخ الأزهر: من التجنى على شريعتنا وثقافتنا التسوية بين المعاشرة تحت مظلة عقد مدنى لا تعرفه شريعتنا ولا تعترف به، وبين

المعاشرة التى يضمنها عقد الزواج فى شريعتنا، وهى (مقصود أساسى من مقاصده)، لما فيه من تعطيل لأثر من آثار عقد الزواج فى شريعتنا الذى بنى على المودة والرحمة، ولذا ذكرنا الخالق عند الإقدام عليه بهذه المعانى

الراقية حيث قال: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

وقال إن المودة والرحمة لا يناسبهما اعتبار فعل من أثر عقدهما جريمة من الجرائم، وكيف يوصف الفعل المباح بالعقد الذى هو أحد مقاصده بوصف مجرّم فى شريعتنا قبل القانون؟ ألم يقل ربنا فى كتابه: (أُحِلَّ

لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)؟.. فهل ورد فى الآية اشتراط الرضا لتحقق اللباس حتى يكون من دونه اغتصاباً؟.. هكذا ألغى

شومان شرط الاستطاعة والقدرة البشرية الذى وضعه الطيب، وانتزع إرادة المرأة أو رغبتها أو قدرتها لأن إتيانها عنوة ولو بأقصى درجات العنف أو حتى ممارسة السادية الجنسية عليها هو حق مطلق للذكر ولا يُعد جريمة.

ويزيدنا شومان من القهر بيتاً قائلاً: لست أدرى موقف هؤلاء من قوله تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا

أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ

فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِياً كَبِيراً؟ وهل علموا أن النشوز منه إعراض الزوجة عن

زوجها أو لا؟ ويستشهد بالحديث النبوى: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ؟..

وكأنه يهددنا بالنشوز واللعنة والضرب والسحل حتى تتحول الزوجة إلى جارية كل دورها فى الحياة أن ترضى سيدها ومولاها الذى أنعم عليها بـعقد شرعى يمكنها أن تفسخه بالطلاق خلعاً بالشرع وبالقانون!.

من أين يأتى التناقض بين رأى شيخ الأزهر والرجل الذى عمل وكيلاً له سنوات طويلة واختاره بنفسه ليعود إلى الأزهر فى لجنة الفتوى؟.. يأتى من الاطلاع على حقوق الإنسان وهى

بدعة غربية، تماماً كجريمة الاغتصاب الزوجى، يأتى من تأمل المشهد من حولنا ودولة مثل السعودية سبقتنا بخطوات واسعة نحو تجديد الخطاب الدينى.. هذا التناقض يحدد مستقبل

المؤسسة الدينية الرسمية هل تستمر وتبسط سطوتها ونفوذها على المجتمع بقوانينه أيضاً بدبلوماسية حذرة.. أم تتصلب شرايينها بفعل الفتاوى الرجعية لتصبح مجرد نصب تذكارى؟.

المقال القادم: اعترافات زوجة مغتصبة.

سحر الجعارة - الوطن
23 يونيو 2021 |