القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

الانتحار في المسيحية .. قتل وتعد على سلطة الله.. ولماذا لا تصلى الكنيسة علي المنتحر؟

شكل الانتحار ظاهرة كبيرة تستحق الدراسة في الآونة الأخيرة، وسط تباين الأسباب والدوافع من اقتصادية ونفسية، والأخيرة هي أكثر الأسباب من وجهة نظر علمية وطبية وراء الانتحار، ومن وجهة نظر دينية، فالإسلام يحرم الأمر، وبشأن المسيحية، فتوضح الدستور في التقرير التالي وفق آراء بعض المختصين مصير المنتحر والصلاة عليه داخل الكنائس.

الانتحار في المسيحية .. قتل وتعد على سلطة الله.. ولماذا لا تصلى الكنيسة علي المنتحر؟

لما لا تصلي الكنيسة على المنتحر؟

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترفض الصلاة على المُنتحرين، وهو ما كان أكده علانية عضو المجلس الملي الراحل القمص صليب متى ساويروس، في تصريحات صحفية، أدلى بها قبيل رحيله.

البعض يتسائل حول حُجة الكنيسة في رفضها الصلاة على المُنتحرين، وهو ما أجابت عنه كنيسة القديس العظيم تكلا هيمانوت الحبشي للأقباط الأرثوذكس بحي الإبراهيمية بمحافظة

الإسكندرية، من خلال موقعها الرسمي، وأوضحت من خلاله أن الانتحار هو ارتكاب الإنسان خطية جثيمة وهي "القتل"، والتي لم يقم بالتوبة عنها بسبب نهاية حياته؛ لأن توبة الإنسان

تتم خلال حياته، وبالتالي فنصيب المنتحر هو نصيب المتورطين في قضايا القتل في السماء، والذين لم يتوبوا عنها، لأنه ربما يتورط أحد في خطية القتال ويتوب قبل أن ينال عقابه الدنيوي بالإعدام.

سامي منصور، باحث كنسي، قال أيضًا في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إن القديس أغسطينوس وهو أشهر الفلاسفة المسيحيين وقديسي الكنيسة في شمال أفريقيا خلال القرن الخامس الميلادي، أشار في مخطوطات وعظات تركها إلى أن الانتحار هو تعدي على سُلطة الله العلي، في وهب النفس والسؤال عنها، إضافة إلى أن أنه كسر صريح للوصية الواردة ضمن وصايا الله العشر الممنوحة لموسى "لاَ تَقْتُلْ".

متى تصلي الكنيسة على المنتحر؟

بولس حنا، خادم بإيبارشية المحلة الكبرى، وحاصل على بكالوريوس الكلية الإكليريكية، المؤهل لنوال مرتبة القسيسية، قال في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إن قوانين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تسمح بالصلاة على المُنتحر، إذ كان يعاني من أي أمراض ذهنية أو عقلية او جنون وأيضًا بعض الأمراض النفسية الشديدة.

ما هو مصير المنتحر في السماء؟

مصير الأفراد في السماء لا يمكن لأحد الاطلاع عليه أو معرفته، لأن من يُقرره هو الله فقط، القس فيلبس ماهر، مُدرس علم اللاهوت بمراكز تدريب وتأهيل الشباب للخدمة الكنسية، قال تلك الكلمات عندما سألته "الدستور" عن مصير المنتحرين في السماء إذ ما كان الجحيم أم الفردوس.

وأوضح "ماهر"، أن الواضح أن المنتحر يموت متورطًا في خطية القتل دون إعلان توبة، إلا أن الله له حيثياته وهو يعلم خفايا الأمور بأكملها، وهذا ليس مُبررًا للانتحار، إنما هو مجرد تخمين لأنه كما سبق وتم التأكيد على أن مصائر كافة البشر في يد خالقهم وهو أعلم بمكنونات صدورهم.

المنتحر مُجدف على الله

من ناحية أخرى، أشار الأب فيلبس في حديثه مع الدستور، إلى أن المنتحر في شكله العام يعتبر مُجدفًا على الله؛ لأن العقيدة المسيحية تنص على أن الله يحيا معنا في كل حين، وفكرة أن المنتحر قد ضاقت به الحال لدرجة أنه يقرر أن

يقتل نفسه، فهو لا يرى وجود لله في حياته، وهو ما يعني أنه لم يكن مؤمنًا حقيقيًا كما يرى أن الله غير قادر على العبور به من الحال العسر إلى الحال الرحب واليسر، وهو ما يجعله واقعًا في طائفة المُجدفين على عمل الله والرجاء به.

أشهر منتحر في الإنجيل

بالعودة إلى الإكليريكي بولس حنا، فنجده يؤكد أن أشهر مُنتحر في الإنجيل، إن لم يكن الوحيدن كان من تلاميذ المسيح، وهو يهوذا الذي باعه بثمن بخس قدره 30 قطعة من الفضة وهي قيمة شراء عبد في سوق حينها- بحسب العقيدة المسيحية- مما نتج عنه صلب المسيح وموته قبيل أن يقوم من الأموات بحسب نفس العقيدة.

وأشار حنا إلى أن الكنيسة تتعمد ان تُقارن بين يهوذا وبطرس تلميذي المسيح، في حديثها عن قصة انتحار يهوذا للنشئ، فيهوذا انتحر إحساسا منه بالذنب على بيعه للمسيح، بينما بطرس أنكره ولعن وشتم وسب ولكنه لم ينتحر رجاءً منه أن يقبل توبته الله، وهو ما قد تم فعليًا والدليل على ذلك هو أن المسيح سأله 3 مرات بعد القيامة أتحبني .. إذن إرعى خرافي، ردًا منه له إلى مكانته الأولى كراعي وتلميذ ورسول.

بينما يهوذا لم يُحاول أن يطلب العفو والتوبة على تلك الخطيئة، بل استسهل الأمر وانتحر هربًا من عذاب الضمير.

ماذا عن محاولي الانتحار دون إتمامه؟

بالعودة للقس فيلبس ماهر، نجده يقول إن مُحاول الانتحار التي لم تنجح، لصاحبها أن يتمم توبة على خطيئته وفقدان رجاءه، وإن كان الله لم يسمح بموته، إذن نستنتج أنه ما يزال في حياته مساحة لتقديم التوبة.

الدستور
17 يونيو 2021 |