القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

طلبوا حراسًا لجثمانه فكانوا لقيامته شهودًا

بقلم مدحت بشاى

ما أن لاح الصباح يوم الجمعة العظيمة حتى سيق يسوع أمام الوالي الروماني بيلاطس البنطي بصحبة حنانيا وقيافا وبقية أعضاء السنهدريم ( مجمع السبعين عضوًا وهو أعلي سلطة تشريعية تنفيذية بين اليهود ) مع جمهور غفير. وكان يسوع يسير صامتاً في شوارع المدينة حتى بلغوا به قصر هيرودس القديم حيث كان يقيم الوالي الروماني.

طلبوا حراسًا لجثمانه فكانوا لقيامته شهودًا

أصغى بيلاطس إلى شكاوى أعضاء السنهدريم، إلا أن الوالي المتغطرس الذي اعتاد أن يحتقر هذا الشعب لكذبه وريائه، لم يذعن لدعواهم بأن المتهم مشاغب يفتن الشعب، فقد وجده هادئاً لا يتكلم، ولم يصدق أنه يدعي الملوكية بعد ما صرح السيد المسيح بأن ملكه ليس من هذا العالم.

فتخلصاً من هذه المسئولية وتزلفاً إلى هيرودس الذي كان ناقماً على بيلاطس أرسل المسيح إليه. وعندما لم يلق هيرودس جوابًا من المسيح على طلباته الفضولية، ألبسه ثوباً أبيض وأعاده إلى محكمة بيلاطس.

كان يخشى ثورة تحدث في اليهودية فيقع تحت سخط قيصر. فرأى من مصلحته أن يسلم البريء إلى الموت بعد ما دفعه إلى الجلادين إرضاءً للمشتكين. وظن أن غسل يديه يكفيه تهدئة لضميره المضطرب، وأن انصياعه لليهود يحفظ له مركزه المدني. إلا أن

ضميره ظل يؤنبه مدى الحياة. أخيراً وجد بيلاطس وسيلة أخرى لإنقاذ البريء من أيدي خصومه، خاصة وأن امرأته أرسلت تعيذه من جريمة القضاء على البار. وكانت العادة عند اليهود أن يعتقوا سجيناً في عيد الفصح تذكاراً لإنعتاقهم من عبودية مصر.

اليوم الجمعة العظيمة و يوم الأحد القادم هو الاحتفال بيوم القيامة لأن البكر قام فيه من بين الأموات ليرفع جنس أمه إلى مكان الأب ...بالأمس كان الكتبة يستهزئون به ، واليوم دحرج الملائكة الحجر ووقفوا على الباب

بالأمس الرمح والخل والمر والصليب ، واليوم التمجيد والملائكة تسبح رب الأرباب.

بالأمس وضع نفسه في يدي أبيه ، واليوم أخذها بسلطان كسيد مُهاب.

بالأمس أنكره سمعان واليوم أسرع لينظر قبره وقيامته في دهشة وإعجاب.

ويقول في مجال تلك التأملات الروحية القمص أيوب مسيجة :

جاءت مريم حيث الظلام ونظرت الحجر مدحرجاً والقبر مفتوح الباب.

أسرعت إلى التلاميذ قائلة أخذوا سيدي ولا أعلم أين وضعوه وها هي الثياب.

أيتها الطوباوية من يستطيع أن يسرق النور ومن يستر البحر العباب ؟

من يسرق الشمس في حضنه ولا ينظره أحد ، ومن يحمل اللهب ويختفي وراء الحجاب.

الندماء دخلوا موضع العريس ونظروا سرير نومه فارغاً لأنه تركه وغاب .

نظروا اللفائف بين الأموات لأنها لم تعد بعد القيامة صالحة للاستعمال.

فقد لبس المجد داخل القبر وترك عنه أثواب الأموات والسربال.

لا يقوم أحد في العالم الجديد بأكفان الموتى لأنهم يلبسون غير هذه الأسمال.

ثياب المجد محفوظة للقيامة تعطي للذين يبلغون حد الكمال .

لم يضطرب لما خرج من الظلام لأنه طوى ثيابه بهدوء وتركها في غير اختلال .

خلع رداء الموت ولفه ووضعه هناك ليبقى بين الأموات على أحسن حال .

مشى المسيح في الهاوية ثلاثة أيام كما مشى يونان في نينوى حيث كرز وجال .

ابتلعه الموت كما ابتلع الحوت يونان وفي اليوم الثالث قام بغير فساد أو انحلال .

من الآكل خرج المأكول ومن المرارة خرجت الحلاوة كما ذكر الكتاب وقال .

أخطأوا إذ حرسوا قبره لأن الغبار لا يقدر أن يحبس ريح الشمال .

طلبوا من الحاكم حراسًا فكانوا لقيامته الحقيقية شهودًا لا يتسرب إليهم الضلال .

وكل عام ومصرنا و شعبنا الطيب بكل خير وسعادة وإيمان بخالق الكون ..

medhatbe@gmail.com

مدحت بشاى - الدستور
28 ابريل 2021 |