القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

القس سهيل سعود يكتب : سمعان القيرواني حامل الصليب عن المسيح

"فسخّروا رجلاً مجتازًا كان آتيًا من الحقل وهو سمعان القيرواني، ليحمل صليبه"

القس سهيل سعود يكتب :  سمعان القيرواني حامل الصليب عن المسيح

(مرقس15: 21)

من الشخصيات التي تقفز من صفحات الأناجيل، عندما نتأمّل في مراحل درب الصليب، شخصية سمعان القيرواني. يخبرنا البشير مرقس، في الاصحاح الخامس عشر من انجيله، أنه بعد أن حكم الحاكم الروماني بيلاطس على المسيح

بالصلب، أمر بتجريده من ملابسه، وجلده، والباسه أرجوانا، ووضع اكليل من شوك على رأسه. وبعدها أحمل يسوع صليبًا وسار به نحو طريق الجلجثة. وإذ رأى الجنود الرومان ان جسد يسوع، صار ضعيفًا جدا بسبب جلده تسعة

وثلاثين جلدة إلاّ واحدة، وبسبب الارهاق الذي أصابه من حمل صليب خشبي ثقيل، وخشية من أن يموت على الطريق، ولا يرى في العار والخزي معلّقًا على الصليب، نظروا الى جانب الطربق، فاذ بهم يروا رجلا قيروانيا آتيا

من حقله، فطلبوا منه أن يحمل الصليب عن المسيح. تذكر الآية الوحيدة المذكورة عن القيرواني، ما يلي: "فسخّروا رجلاً مجتازًا كان آتيًا من الحقل وهو سمعان القيرواني، أبو اليكساندرس وروفس ليحمل صليبه" (مرقس15: 21).

سمعان القيرواني هو من مدينة يونانية هي القيروان في نواحي ليبية. تهجّر اليها في القرن الثالث قبل الميلاد، حوالي 100،000 من اليهود، لكنهم رجعوا الى اسرائيل وبنوا مجمعا لهم، هو مجمع الليبرتينيين. يذكر اعمال

الرسل اسم المجمع، "فنهض قوم من المجمع الذي يقال له مجمع الليبرتينيين، والقيروانيين والإسكندريين" (أعمال6: 9). يعتقد بعض المفسرين، أن القيرواني، كان افريقيا، ذي بشرة سوداء، أتى الى اورشليم مع أولاده

للاحتفال بعيد الفصح. يذكر مفسّرون أن سمعان القيرواني، تعاطف مع المسيح المتألّم وقد ظهرت سمات تعاطفه ورغبته في مساعدته على وجهه، مما جعل الجنود الرومان يطلبون منه حمل الصليب عنه. ويتمسّك مفسّرون آخرون

بحرفية النص الذي يذكر أنهم "سخّروه" دون خياره ليحمل الصليب عن المسيح. يرى مفسّرون، أن سمعان القيرواني، ربما كان من ضمن القيروانيين الذين حلّ عليهم الروح القدس في يوم الخمسين. يعدّد البشير لوقا كاتب

سفر أعمال الرسل، جنسيات الذين تواجدوا في يوم الخمسين، فيقول، "فريجيّة، وبمفيليّة، ومصر، ونواحي ليبية التي نحو القيروان، والرومانيون المستوطنون، يهود ودخلاء" (أعمال الرسل2: 10). كا يعتقد مفسرون أن

سمعان القيرواني، كان من ضمن القيروانيين الذين وعظوا بالانجيل لليونانيين. يذكر سفر أعمال الرسل، "ولكن كان منهم قوم، وهم رجال قبرسيّون وقيروانيون، الذين لمّا دخلوا انطاكية، كانوا يخاطبون اليونانيين

مبشرين بالرب يسوع. وكانت يد الرب معهم، فآمن عدد كبير ورجعوا الى الرب" (اعمال الرسل11: 20-21). يذكر التقليد الكنسي، أن سمعان القيرواني، كان الاسقف الأول الذي استشهد مصلوبًا، لأجل ايمانه بالمسيح وذلك حوالي عام 100، ميلاديا.

أيضا يرى مفسّرون ان ذكر ولديّ سمعان القيرواني: اليكساندرس وروفس، له دلالة روحية. يذكر الرسول بولس، اسم "روفس" على انه كان من ضمن اعضاء كنيسة رومية، وكان بولس في علاقة قريبة مع عائلته، اذ اعتبر أ روفس أّمه. قال بولس، "سلّموا على روفس المختار من الرب، وعلى أمه أمي" (روميه16: 13). إذ يذكر التقليد انهما اصبحا مرسلان مسيحيين ولعبا دورًا في الكنيسة الاولى.

إن ما فعله سمعان القيرواني، هو من أهم الأمور الرمزية المذكورة في قصة درب الصليب. لأنه كان الشخص الوحيد، الذي تسنّت له الفرصة، أن يمدّ يده ويساعد المسيح في وقت آلامه. في كثير من الأوقات نبدو عاجزين عن فعل أي شيء، أمام آلام

وصلبان المتألمين، لكن القيرواني حصل على امتياز لم يحصل عليه أحد بين الناس، هو حمل الصليب عن المسيح، الذي حمل خطاياه وخطايا العالم على خشبة الصليب. لهذا يبقى لما قام به رمزية تتحدّث عنها الأجيال في كل مرة يسردون قصة درب الصليب.

القس سهيل سعود- البوابة
26 ابريل 2021 |