القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

مبنقولش عنده كورونا.. حكايات الأطباء في عزل الأطفال «لعب وتأهيل نفسي»

رضيع غادر حضن أمه كرها، وصغير حرم من اللعب قبل أن يخطو خطواته الأولى، ومراهق لم يتجاوز عامه العاشر معزولا عن أشقائه، تاركا غرفة نومه مجبرًا، استفاقوا جميعا على كابوس داهم أجسادهم بغتة كضيف ثقيل اقتحم المنزل دون موعد مسبق، لم يعرفوا عنه شيئا من قبل سوى أنّ اسمه فيروس كورونا، تغيرت معه ملامح يومهم وارتعشت أجساد أمهاتهم خوفا عليهم، وطرقوا أبواب العيادات والمستشفيات بحثًا عن علاج لهم.

مبنقولش عنده كورونا.. حكايات الأطباء في عزل الأطفال «لعب وتأهيل نفسي»

بات الأطفال ضمن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا في الموجة الثانية من الوباء، حيث ارتفع عدد الأطفال المصابين بالفيروس في الأونة الأخيرة بشكل ملحوظ، مقارنة بالموجة الأولى، حسب ما أشار الأطباء وتقارير وزارة الصحة، وداخل مستشفيات العزل.

ثمة مشاهد صعبة للمصابين وذويهم، تزداد تعقيدًا إذا كان المصاب طفلًا صغيرا، هنا أم تنهار بكاءً لحظة سماع التشخيص الطبي لصغيرها، وأخرى تحاول إنكار الأمر وسط محاولات من رجال الجيش الأبيض في طمأنتهن بمساعدة طواقم التمريض.

إصابات فيروس كورونا للأطفال دائما ما تكون حدتها أقل وطأة من الكبار البالغين، تتمثل الأعراض في نزلات معوية ومشاكل تنفسية: ممكن الأم تيجي تشتكي إن ابنها بيرجع كتير وبيتعمل ليه مسحة ونكتشف إصابته

بكورونا، يقول الدكتور إسلام الديب، أخصائي الأطفال ومكافحة العدوى بأحد مستشفيات العزل والفرز التابعة لوزارة الصحة، في بداية حديثه لـالوطن، عن استهداف فيروس كورونا للأطفال في الموجة الثانية من الوباء.

بكاء الأطفال في مستشفيات العزل من رهبة البالطو الأبيض والحقنة

كورونا والمسحة، والعزل.. مصطلحات جديدة على الجميع وأكثر غرابة على مسامع طفل لم يتجاوز عامه الخامس، البالطو الأبيض دائما يسبب رعبا في نفوس الأطفال كافة، فكيف لصغير يحرمه المرض من حضن والديه: الطفل أصلا مش عارف يعني إيه كوفيد، لكن ممكن اللي فوق 5 سنين جايين عارفين إن في كورونا بس مش مستوعبين الوضع في العزل، بحسب وصف الديب.

البكاء في عيادات الأطباء سمة الأطفال باختلاف أعمارهم، إما رهبة من ألم الحقنة أو رفضًا لمرارة دواء يدخل جوفهم، يزداد الأمر صعوبة في العزل: الطفل طبيعي بيعيط وهو

بياخد الدوا ودايما خايف من الحقن وكمان عشان بيسمعوا إن كوفيد 19 ممكن يموت، مبنقولش قدامه إنه عنده كورونا.. هكذا يتعامل الطبيب الثلاثيني داخل العزل مع الأطفال

المصابين بفيروس كورونا، ثم يبدأ بنبرة صوت هادئة وابتسامة ضاحكة يشرح للصغير سبب وجوده في المستشفى، واصفا الأمر بأنّه مجرد نزلة برد شديد شوية وهناخد دوا ليها، حسب وصفه.

من باب الرأفة والرحمة، قد يتم السماح للأم بمرافقة صغيرها في الأقسام الداخلية بالعزل، في إطار التعليمات الصادرة عن إداره كل مستشفى، بينما يمنع ذلك في العنايات المركزة للحالات الخطيرة، تتلقى الأم تعليمات عدة حول

طرق التعامل مع صغيرها وتهيئته نفسيا مع التشديد على التزامها بالإجراءات الاحترازية لوقايتها من العدوى: الحالة النفسية للطفل مهمة عشان يتقبل العلاج ووجود الأم معاه بيفرق نفسيا، محاولا دوما مصاحبة الأطفال فترة علاجهم.

حالات ذهول وإنكار من بعض الأهالي

أعراض الإصابة بفيروس كورونا عند الأطفال، خاصة حديثي الولادة، قد تختلف عن الأعراض التي يشكو منها الكبار، وقد لا يشكو الطفل من النهجان الشديد أو تكسير الجسم وليس بالضرورة أن تكون أعراض تنفسية، وقد تتمثل في أعراض معوية مثل

القيء والإسهال، حسب قول الدكتور مرسي النجار، أخصائي عناية مركزة أطفال بمستشفى الأحرار التعليمي بالزقازيق، في بداية حديثه لـالوطن بحكم تخصصه الطبي واستقباله حالات مختلفة من الأطفال المصابين بفيروس كورونا في الآونة الأخيرة.

رغم اعتياده رؤية مشاهد الأطفال النائمة على أسرة الرعاية المركزة بحكم تخصصه، تبقى لحظة إبلاغ الأم بحقيقة إصابة طفلها بفيروس كورونا الأصعب على نفس الطبيب الثلاثيني، يحاول تبسيط الأمر عليهم قدر استطاعته، منهم من

يتلقى الخبر بصمت شديد من الذهول وآخرون ينكرون وسط محاولات لإقناعه بإعادة الكشف على الصغير: في ناس بتنكر وتحاول تعمل أي حاجة عشان تصدق إن طفلهم مش مصاب كورونا وأحيانا بيقرروا يكشفوا عند دكتور تاني عشان يتأكدوا إنه مش مصاب.

بكاء الأمهات على باب الرعاية المركزة في العزل

مصارحة الأم بحقيقة إصابة طفلها أمر مهم، خاصة إذا كان رضيعا، لتعويدها على الطريقة الأمثل للتعامل معه لوقاية نفسها من العدوى، في الحالات المستقرة التي لا تتطلب احتجاز في الرعاية المركزة، أما في الحالات المتأخرة يحاول

النجار طمأنة الأهل قدر استطاعته مع إطلاعهم على وضع الحالة الصحية لصغيرهم: لازم يعرفوا كل تفاصيل الحالة لإن ممكن الحالة تتدهور والطفل يتوفى، وسط مشاهد بكاء منهمر من الأمهات على باب الرعاية المركزة تترك أثرًا ثقيلا على نفسه.

علاج الأطفال من فيروس كورونا يتم حسب الأعراض الظاهرة عليهم، فإذا كان الطفل يعاني من أعراض معوية يتم علاجه بالأدوية الخاصة بالنزلات المعوية، وحال ارتفاع الحرارة فقط دون أي أعراض أخرى متربطة بفيروس

كورونا يكون الفيصل الوحيد لتشخيصه هنا هو تحاليل الدم: لو ظهر نقص في كرات الدم البيضا وفي التهاب بنشخصه على إنه اشتباه كورونا وبياخد أدوية لتقوية المناعة وخافض حرارة عشان السخونية تنزل، بحسب وصف النجار.

دعم التمريض للأطفال باللعب والغناء في العزل

من مستشفيات العزل بالشمال حتى الجنوب، يبقى مشهد بكاء الأمهات على أطفالهن متصدرًا، منهن من تحاول النهوض والتماسك من بعد سماع الخبر، وآخريات يستسلمن للحزن، هنا يقف الدكتور محمد جاد، أخصائي الأطفال

بمستشفى قها للعزل، حائرًا بين واجبه المهني وواجبه الإنساني: في أمهات لما بتعرف إن طفلهم عنده كورونا بتعيط وتنهار بس بحاول أطمنهم، وبعد ما بيلاحظوا بنفسهم تحسن الطفل بعد يومين أو تلاتة بيهدوا ويطمنوا.

قليلًا ما يحتاج الأطفال المصابون بفيروس كورونا أجهزة التنفس الصناعي في الرعاية المركزة إلا في حالات نادرة، إذا كان يعاني الطفل من ضعف شديد في المناعة أو مرض مزمن

كالفشل الكلوي، وفي الغرف العادية يختلف المشهد، ويلعب التمريض دورًا مهما في العلاج، الطفل الصغير أوي لو سنه 4 سنين مش هيفهم يعني إيه كورونا، والتمريض بيحاولوا يلعبوا

معاهم ويغنوا ليهم عشان يطمنوا والحالة النفسية مهمة، أما الأكبر عمرًا فيدركون حقيقة الأمر، وتحاول أمهاتهن المقيمات معهنش شغل أوقاتهم بالتحدث معهم أو مشاهدة التلفزيون.

مواليد العزل يخضعون للملاحظة في الحضانة للتأكد من سلبية المسحة

إجراءات احترازية مشددة، وتعقيم، يحرص على اتباعها الفريق الطبي المشرف على أي عملية الولادة للأمهات المصابات بفيروس كورونا في مستشفيات العزل، خوفًا على الأطباء من العدوى وخوفًا على المولود، وبحسب رواية الدكتور

أحمد سعيد جعفر، أخصائي الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى عزل كفر الدوار لـالوطن، يتم احتجاز المولود في الحضانة لفترة تحت الملاحظة وبعد ثبوت سلبية المسحة تم تسليمه لوالده على الفور إلى حين خروج الأم المصابة بفيروس كورونا.

وحال ثبوت سلبية مسحة الأم بعد يوم أو يومين من عملية الولادة، يتم السماح لها بالخروج لاستكمال تعافيها في المنزل مع التوعية بالتعامل الأمثل مع رضيعها: بنعرف الأم كل الإجراءات الاحترازية الخاصة بالرضاعة والتعامل مع المولود، بحسب قول الدكتور أحمد جعفر.

الوطن
19 يناير 2021 |