القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

قاطعوا أفكار قاطع الرأس قبل مقاطعة الجبن

بقلم خالد منتصر

هل سألت نفسك يامن تنادي بمقاطعة الجبن والزيت والسكر والفول المدمس الذي تصنعه شركات مصرية ،لمجرد أن لافتة الهيبرماركت فرنسية ، هل تساءلت ،لماذا أصر الشاب اللاجئ الشيشاني الذي لم

قاطعوا أفكار قاطع الرأس قبل مقاطعة الجبن

يبلغ العشرين بعد ، على أن يقطع رأس المعلم الفرنسي ثم يصورها ، برغم أن ذلك يستهلك من مدة الهروب ويصعب الإختفاء ويجعل من عملية قتله أو القبض عليه عملية سهلة ؟!، ببساطة لأن رأسه محشوة

بأفكار لم نفندها أو نعتذر عنها نحن المسلمين بعد، الفكرة سبقت السكين والسيف ، وصرخة الله أكبر سبقت الطعنة وحز الرأس ، أفكار جهاد الطلب ، وعقيدة الولاء والبراء ، وفسطاط الإيمان

وفسطاط الكفر ، وتكفير المختلف ، وإحتكار الجنة ، ودونية الآخرين الذين لاينتمون لفريقنا الناجي ، والغزو والإحتلال الذي مازلنا نعتبره فتحاً .... الخ ، كل تلك الأفكار قد تمكنت من مخ

ووجدان هذا الشاب حتى أوصلته إلى تنفيذ تلك العملية البشعة بشكل إنتحاري وقلب بارد ،وجعلت من قطع الرأس فخراً ، وها نحن نقرأ تعليقات كثير من الشباب الذي يمدح الشاب ويجعل من صورته

بروفايل لصفحته ، بل وينادي بمزيد من البتر والقطع والحز !!، وإذا كان العالم الغربي قد تبنى أفكاراً عنصرية في الماضي ، وخالف حقوق الإنسان في القرون الوسطى ،وطارد العلماء المختلفين مع الكنيسة ،

فإن هذا الغرب نفسه قد إعتذر في عصر التنوير ، وأحس بالعار والخجل ، وكتب وتبنى وثيقة حقوق الإنسان ، وجعل العلماء الحقيقيين ومنهجهم العلمي يحتلون أرفع مكانة في بلادهم ، لكننا لم نعتذر بعد ، ومازلنا في

دائرة التبرير ، ووضع لافتات مزيفة لإنقاذ تراثنا من النقد، تارة برفع راية تلك إسرائيليات ، أو لافتة هذا مسكوت عنه ولتجعل الفتنة نائمة لاتوقظها !!، وكأن نقد التراث بجرأة هو فتنة، وكأن عبد الله بن سبأ الذي

تنسب إليه كل كوارث التاريخ الإسلامي قد تلاعب بكل المسلمين وقتها وكأنه سوبرمان أو كبير المنومين المغناطيسيين !!، هل هذا الإبن سبأ هو الذي علم شمر بن ذى جوشن فصل رأس الحسين عن جسده بـ12 ضربة سيف من

القفا؟!،وهل إبن سبأ هو الذي إنتقم للحسين بقطع رأس عمر بن سعد بن أبى وقاص فى حربه مع المختار الثقفى؟،وهل هو الذي قطع بعدها رأس المختار الثقفى أم مصعب بن الزبير؟،وهل هو الذي قطع كفّه وسُمرها بمسمار إلى جانب المسجد؟،

هل هو الذي قطع رأس مصعب بن الزبير أم زياد بن ظبيان الذي أُرسلها إلى عبدالملك بن مروان، الذى بدوره سجد لله شكراً عندما رآه؟!، هل هو الذي قطع بعدها رأس عبدالله بن الزبير أم الحجاج بن يوسف الثقفى ؟!،السلسلة

طويلة والدائرة متسعة مثل ساقية الدم ،فهناك قطع رأس زيد بن على زين العابدين، حفيد الحسين، فى حربه مع هشام بن عبدالملك، بعد نبش قبره، وإخراج جثته، جزّ رأسه، ثم صلب، ثم حرق، ثم طحنت عظامه،بعد موت هشام بن

عبدالملك قطع رأس الخليفة الوليد بن يزيد الثانى وحمل رأسه إلى دمشق،قطعت جثة عبدالملك بن مروان وهشام بن عبدالملك بعدما أخرجهما أبوالعباس السفاح من القبر، وجلد الجثة ثمانين جلدة، ثم حرقها، ونثر رمادها مع

الريح،وهناك قطع رأس محمد النفس الزكية، حفيد الحسن، والتي أرسلت إلى الخليفة أبوجعفر المنصور، ثم قطع رأس عبدالله الأشتر، الذى واصل معركة النفس الزكية، وأرسل إلى الخليفة نفسه ..الخ، كل تلك الرؤوس المقطوعة

سكنت رأس الشاب الشيشاني وغيره من الشباب ، لماذا؟، لأننا نخشى ونخاف من أن نقيم هؤلاء الخلفاء أو الصحابة أو التابعين تقييماً إنسانياً ، تاريخياً ، بشرياً ، يدين ويشجب ويعتذر ، لأنه ممنوع اللمس والنقد

والمراجعة ، فكانت النتيجة أن ظن البعض أن هذه هي القاعدة ، وبما أن الماضي هو المقدس ، وبما أن خير القرون والأزمان كان زمنهم الذهبي ، إذن فالمسطرة التي سنقيس عليها ، والكتالوج الذي سنصمم تصوراتنا وتصرفاتنا من خلاله ،

هو هذا الماضي وذلك العصر ، لابد أن نكنس ونقاطع أفكار قاطعي الرؤوس من الدواعش قبل أن نقاطع الجبن الفرنسي ، لابد قبل مقاطعة العطور الفرنسية أن تعود كلمة الله أكبر عطراً

للتسامح والمحبة والصفاء والسكينة لا كما هي الآن في أوروبا صرخة يستخدمها الإرهابيون قبل تنفيذ جرائمهم وإنذاراً بالقتل والتفجير ، أما مقاطعة أدوات الماكياج الفرنسية

فالأولى والأهم مقاطعة أدوات الماكياج الفقهية التي يستخدمها بعض رجال الدين للتفسير والتمرير والتبرير ، فلنقاطع إنقطاعنا عن المساهمة الحضارية منذ زمن الأندلس ، ولنقاطع

حجبنا للتيار المناصر للعقل في تراثنا ،ولننظر إلى المستقبل بعين تطل على العلم والتنمية والنهضة ، وعقل ينتفض ليقاطع تخلفه وفقره ومرضه ، وبكل جسارة والمهم بدون رعب من تهمة التكفير .

خالد منتصر - الاهرام
28 اكتوبر 2020 |